آداب طلب العلم (خطبة)
آداب طلب العلم
إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:
فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان:«آداب طلب العلم».
واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.
أيها الإخوة المؤمنون، ينبغي لطالب العلم أن يتأدب بهذه الآداب:
الأدب الأول: أن يقصد بعلمه وجه الله:
قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].
ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ وهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّمَا الأعمَال بالنِّيَّاتِ، وإِنَّما لِكُلِّ امرئ ما نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُها، أو امرأةٍ يَنْكِحُهَا فهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إليهِ»[1].
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ؛ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ؛ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ؛ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ»[2].
ومن الإخلاص أن تنوي بطلب العلم:
• رفع الجهل عن نفسك.
• عبادة الله على بصيرة.
• التقرب إلى الله بطلب العلم لأن طلبه جهاد.
• التعبد لله بطلب العلم لأن مدارسته عبادة.
• أن تزداد به خشية ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28].
• أن ترتفع به عند الله درجات ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].
ورَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عز وجل لَا يَتَعَلَّمُهُ إلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا[3] لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي رِيحَهَا[4].
الأدب الثاني: الرحلة في طلب العلم:
ينبغي لطالب العلم أن يأخذ العلم عن علماء بلده، ثم يرحل إلى علماء البلدان الأخرى.
رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ: ابنُ عَبْدِ اللهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَنِي، وَاعْتَنَقْتُهُ، فَقُلْتُ: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الْقِصَاصِ، فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ، أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً غُرْلًا[5] بُهْمًا[6]»، قَالَ: قُلْنَا: مَا بُهْمًا؟ قَالَ: «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ: أَنَا المَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ[7]، وَلَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ»، قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ؟ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي الله عز وجل عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا، قَالَ: «بِالحَسَنَاتِ، وَالسَّيِّئَاتِ»[8].
فهذا جابر رضي الله عنه اشترى بعيرًا، وسافر شهرًا؛ ليأخذ حديثًا واحدًا عن أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
الأدب الثالث: عدم الجلوس وسْطَ الحلْقة:
رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ وَسْطَ حَلْقَةٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: «لَعَنَ اللهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ ه مَنْ قَعَدَ وَسْطَ الحَلْقَةِ»[9].
الأدب الرابع: عدم الشبع:
رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ الْمِقْدَام بْن مَعْدِ يكَرِبَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الْآدَمِيِّ[10] لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ»[11].
الأدب الخامس: التثبت في الفتيا:
رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ، وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ»[12].
الأدب السادس: الابتعاد عن المعاصي:
قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].
وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].
قَوْلُهُ: ﴿يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾: أي عِلمًا تُفرقون به بين الحق، والباطل.
الأدب السابع: الدعوة إلى الله تعالى؛ لتنصلح حياة الناس، ولمنع فساد الجاهلين:
رَوَى البُخَارِيُّ عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ[13]، وَالوَاقِعِ فِيهَا[14]، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا[15] عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ[16] نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا»[17].
أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي، ولكم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:
فإن الناس كلهم في خسارة، وضلال إلا من تعلم، وعَمِلَ، ودعا إلى الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ 1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 – 3].
والدعوة إلى الله تعالى سبب من أسباب استجابة الدعاء.
روى الترمذي، وحَسَّنه عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ، فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ»[18].
والدعوة إلى الله تعالى من مكفِّرات الذنوب والخطايا.
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ[19] فِي أَهْلِهِ[20] وَمَالِهِ[21] وَوَلَدِهِ[22] وَجَارِهِ[23]، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ، وَالصَّوْمُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ، وَالنَّهْيُ»[24].
والدعوة إلى الله تعالى خير من أنفس، وأغلى الأموال.
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ يَوْمَ خَيْبَرَ: «وَاللهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ[25]»[26].
والدعوة إلى الله تعالى تَكْفُل لأهلها أجر ما دعوا إليه من الطاعات.
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»[27].
ورَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَسْتَحْمِلُهُ، فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُهُ، فَدَلَّهُ عَلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»[28].
الدعـاء…
اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفَّنا على ملته، وأعذنا من مضلات الفتن.
اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبِنا.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم إنا نسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.
اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.
[1] متفق عليه: رواه البخاري (1)، ومسلم (3530).
[2] صحيح: مسلم(1905).
[3] عَرَضًا مِنِ الدُّنْيَا: أي متاعًا من الدنيا.
[4] حسن: رواه أبوداود (3664)، وابن ماجه (252) بسند حسن.
[5] غرلا: أي غير مختونين.
[6] بهما: أي ليس لهم من حطام الدنيا شيء.
[7] أَنَا الدَّيَّانُ: أي المحاسب المجازي الذي لا يضيع عمل عامل.
[8] حسن: رواه أحمد (16042) بسند لا بأس به، وصححه الحاكم والذهبي (8715)، وله شواهد صحيحة.
[9] صحيح: رواه الترمذي (2753)، وقال: «حسن صحيح».
[10] حَسْبُ الْآدَمِيِّ: أي يكفيه.
[11] حسن: رواه الترمذي (2380)، وصححه، وابن ماجه (3349)، واللفظ له.
[12] حسن: رواه أبو داود (3657) بسند حسن، وحسنه الألباني.
[13] مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ: أي المستقيم على ما منع الله تعالى من مجاوزتها، وقيل: القائم بأمر الله معناه: الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر؛ [انظر: «عمدة القاري» (13/ 56)].
[14] الوَاقِعِ فِيهَا: أي في الحدود، أي: التارك للمعروف المرتكب للمنكر؛ [انظر: «عمدة القاري» (13/ 57)].
[15] اسْتَهَمُوا: أي اتخذ كل واحد منهم سهمًا، أي: نصيبًا من السفينة بالقرعة؛ [انظر: «عمدة القاري» (13/ 57)].
[16] أخذوا على أيديهم: أي منعوهم من خرق السفينة.
[17] صحيح: رواه البخاري (2493).
[18] حسن: رواه الترمذي (2169)، وحسنه، وأحمد (23312)، وحسنه الألباني.
[19] فتنة الرجل: أي ضلاله، ومعصيته، أو ما يعرض له من الشر؛ [انظر: «التيسير بشرح الجامع الصغير» (2/ 167)].
[20] وأهله: بأن يفعل لأجلهم ما لا يحل؛ [انظر: «التيسير بشرح الجامع الصغير» (2/ 167)].
[21] وماله: بأن يأخذه من غير حله ويصرفه في غير وجهه؛ [انظر: «التيسير بشرح الجامع الصغير» (2/ 167)].
[22] وولده: بنحو فرط محبته، والشغل به عن المطلوبات الشرعية؛ [انظر: «التيسير بشرح الجامع الصغير» (2/ 167)].
[23] وجاره: بنحو حسدٍ، وفخرٍ، ومزاحمة في حقٍّ، وإهمال تعهُّدٍ؛ [انظر: «التيسير بشرح الجامع الصغير» (2/ 167)].
[24] متفق عليه: رواه البخاري (525)، ومسلم (144).
[25] حُمْر النَّعم: هي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وأنه ليس هناك أعظم منه. [انظر: «شرح صحيح مسلم» (15/ 178)].
[26] متفق عليه: رواه البخاري (2942)، ومسلم (2406).
[27] صحيح: رواه مسلم (2674).
[28] صحيح: رواه أبو داود (5129)، عن أبي مسعود ﭬ، والترمذي (2670)، واللفظ له، وصححه الألباني.