إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها


تخريج حديث

إذا توضأ عَرَك عارضيه بعض العَرْك، ثم شبَّك لحيته بأصابعه من تحتها

 

عن ابن عمر، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عَرَك عارضيه بعض العَرْك، ثم شبَّك لحيته بأصابعه من تحتها. (1/ 148) و (1/ 166) و (1/ 187).

ضعيف.

قلت: ورد فيه أحاديث لا تخلو طرقها من ضعف، ومن حسَّنه لغيره فهو محتمل، والله أعلم.

 

أولًا: حديث عثمان رضي الله عنه.

أخرجه عبد الرزاق (125)، وابن أبي شيبة (113) و (36459)، وعبد بن حميد (62)، والدارمي (731)، والترمذي في «الجامع» (31)، وفي «العلل» (19)، وابن ماجه (430)، وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (4415)، والبزار (393)، وابن الجارود (72)، وابن خزيمة (151) و (152) و (167)، وابن المنذر في «الأوسط» (2/ 29)، وابن حبان (1081)، والدارقطني (286) و (287) و (302)، والحاكم (527)، والبيهقي في «الكبير» (246) و (295)، وفي «الصغير» (92)، وفي «معرفة السنن» (711)، وفي «الخلافيات» (128)، والضياء في «المختارة» (343) و (344) و (345) و (346)، عن إسرائيل بن يونس، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُخلِّل لحيته.

وهو عند بعضهم مطول.

 

وعند بعضهم فيه تخليل اللحية ثلاثًا؛ ولفظه: «رأيت عثمان، توضأ فغسل وجهه[1]، واستنشق، ومضمض ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وخلل لحيته ثلاثًا، حين غسل وجهه قبل أن يغسل قدميه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل الذي رأيتموني فعلت».

 

قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

 

وقال في «العلل»: «قال محمد: أصح شيء عندي في التخليل حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا الحديث؟ فقال: هو حسن».

 

وقال الحاكم: «وقد اتفق الشيخان على إخراج طرق لحديث عثمان في دبر وضوئه، ولم يذكرا في رواياتهما تخليل اللحية ثلاثًا، وهذا إسناد صحيح، قد احتجا بجميع رواته غير عامر بن شقيق، ولا أعلم في عامر بن شقيق طعنًا بوجه من الوجوه، وله في تخليل اللحية شاهد صحيح عن عمار بن ياسر، وأنس بن مالك، وعائشة ﭫ» اهـ.

 

وقال ابن المنذر في «الأوسط» (2/ 29): «الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلل لحيته قد تُكلم في أسانيدها، وأحسنها حديث عثمان».

 

وقد ورد عن يحيى بن معين تضعيف هذا الحديث.

 

قال ابن أبي خيثمة في تاريخه» (3/ 187): «سئل يحيى بن معين عن حديث إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا، قال: ضعيف».

 

وورد تضعيفه عن ابن حزم، فقال في «المحلى» (1/ 284): «لا يصح حديث عثمان من طريق إسرائيل، وليس بالقوي، عن عامر بن شقيق، وليس مشهورًا بقوة النقل».

 

وقد أعل ابن التركماني الحديث في «الجوهر النقي» (1/ 54)، فقال: «في سنده عامر بن شقيق، قال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقد اخرج الشيخان حديث عثمان في الوضوء من عدة طرق، ولا ذكر للتخليل في شيء منها» اهـ.

 

قلت: والأمر كما قال، فلو كان التخليل ثابتًا لذكره الثقات الذين رووا حديث عثمان في الوضوء، والله أعلم.

 

وعامر بن شقيق قد طعن فيه الأئمة.

 

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 322): «سئل يحيى بن معين عن عامر بن شقيق، فقال: ضعيف الحديث.

 

سألت أبي عن عامر بن شقيق، فقال: شيخ ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل» اهـ.

 

وفي «العلل ومعرفة الرجال» رواية المروذي (99)، عن أحمد: «وذكر عامر بن شقيق، الذي روى عن أبي وائل، فتكلم فيه بشيء».

 

وقال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (7/ 137): «وفي كتاب الخلال عن أحمد بن حنبل: ليس بثقة».

 

وقال الحافظ في «التقريب»: «لين الحديث».

وقد رُوي الحديث عن عثمان من طريق أخرى، ولكنها لا تفيد.

 

أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6253)، وفي «مسند الشاميين» (2402)، وأبو نعيم في «الحلية» (5/ 206)، من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، قال: حدثنا شعيب بن رزيق، عن عطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب، قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ، فخلل لحيته، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.

 

قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن عطاء الخرساني إلا شعيب بن رزيق».

وقال أبو نعيم: «غريب من حديث عطاء، تفرد به شعيب».

 

محمد بن معاوية النيسابوري.

قال أحمد بن حنبل، كما في «الضعفاء الكبير» (5/ 408): «محمد بن معاوية النيسابوري، كذاب».

 

وقال ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (2/ 689): «سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن معاوية، كذاب».

 

وقال ابن الجنيد في «سؤالاته» (565): «قلت ليحيى: بلغنا موت محمد بن معاوية النيسابوري، فقال: الحمد لله الذي أماته، فإنه كان يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال إبراهيم بن الجنيد: يعني: يكذب من غير تعمد، وكان رجلًا صالحًا، وجاور، وما زال بمكة حتى مات» اهـ.

 

وقال الدارقطني في «سؤالات البرقاني» (456): «يضع الحديث، متروك».

وقال في «الضعفاء والمتروكين» (473): «يكذب».

وقد روي عن المسيب من وجه آخر.

 

قال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/ 14): «سألت أبي عن حديث رواه بقية، عن أبي سفيان الأنماري، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه توضأ وخلل لحيته.

 

فقال: هذا حديث موضوع، وأبو سفيان الأنماري مجهول».

 

قلت: وهذا الحديث له شواهد، وإليك بيانها:

ثانيًا: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

وله عن أنس رضي الله عنه طرق:

الطريق الأول: أخرجه الذهلي في «الزهريات» كما في «الأحكام الوسطى» (1/ 35)، و«بيان الوهم» (5/ 220)، و«التلخيص الحبير» (1/ 149)، قال: حدثنا محمد بن خالد الصفار من أصله، وكان صدوقًا، وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1691)، عن كثير بن عبيد الحذاء، وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (529)، عن محمد بن وهب بن أبي كريمة، ثلاثتهم، عن محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وخلل لحيته بأصابعه من تحتها، وقال: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي».

 

كثير بن عبيد الحذاء، وثقه أبو حاتم.

ومحمد بن خالد الصفار، لم أجد من ترجمه، ولكن الذهلي قال: إنه صدوق.

ومحمد بن وهب بن أبي كريمة، صدوق.

ومحمد بن حرب الخولاني، المعروف بالأبرش، كاتب الزبيدي، ثقة.

والزبيدي؛ هو محمد بن الوليد بن عامر، ثقة ثبت، من كبار أصحاب الزهري.

 

قال ابن الجنيد في «سؤالاته» (147): «سئل يحيى بن معين، وأنا أسمع: من أثبت من روى عن الزهري؟ فقال: مالك بن أنس، ثم معمر، ثم عقيل، ثم يونس، ثم شعيب، والأوزاعي، والزبيدي، وسفيان بن عيينة، وكل هؤلاء ثقات. قلت ليحيى: أيما أثبت: سفيان أو الأوزاعي؟ فقال: «سفيان ليس به بأس، والأوزاعي أثبت منه، والزبيدي أثبت منه؛ يعني: من سفيان بن عيينة» اهـ.

 

قلت: وهذا الطريق هو أقوى طرق الحديث، وهو معل.

فقد رواه يزيد بن عبد ربه، وهو ثقة، عن محمد بن حرب منقطعًا.

ورجح الحافظ ابن حجر الرواية المنقطعة، وأعل الرواية المتصلة بها.

 

قال الحافظ في «التلخيص» (1/ 150): «رجاله ثقات، إلا أنه معلول، قال الذهلي: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، أنه بلغه عن أنس. وصححه الحاكم قبل ابن القطان أيضًا، ولم تقدح هذه العلة عندهما فيه» اهـ.

 

ورجح الرواية المنقطعة أيضًا محمد بن يحيى الذهلي، فقال عقبها كما في «بيان الوهم» (5/ 221): «المحفوظ عندنا حديث يزيد بن عبد ربه، وحديث الصفار واهٍ».

 

ورجحها أيضًا ابن القيم.

 

فقال في «حاشية السنن» (1/ 246): «وتصحيح ابن القطان لحديث أنس من طريق الذهلي فيه نظر؛ فإن الذهلي أعله، فقال في «الزهريات»، وحدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، أنه بلغه عن أنس بن مالك، فذكره، قال الذهلي: هذا هو المحفوظ» اهـ.

 

وأما عبد الحق الإشبيلي فقد رجح الرواية المتصلة.

 

فقال في «الأحكام الوسطى» (1/ 36)، عقب ذكره للرواية المتصلة: «فهذا عندي صحيح، لا تضره رواية من رواه عن محمد بن حرب عن الزبيدي، قال: بلغني عن أنس، فليس من لم يحفظ حجة على من حفظ» اهـ.

 

ورجح الرواية المتصلة أيضًا ابن القطان الفاسي.

 

فقال في «بيان الوهم والإيهام» (5/ 220): «هذا الإسناد صحيح، ولا يضره رواية من رواه عن محمد بن حرب عن الزبيدي أنه بلغه عن أنس؛ فقد يراجع كتابه، فيعرف منه أن الذي حدثه به هو الزهري، فيحدث به، فيأخذه عنه الصفار وغيره» اهـ.

 

وقد تعقبه ابن القيم في «حاشية السنن» (1/ 246)، بقوله: «وهذه التجويزات لا يلتفت إليها أئمة الحديث، وأطباء علله، ويعلمون أن الحديث معلول بإرسال الزبيدي له، ولهم ذوق لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات» اهـ.

 

الطريق الثاني: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (452)، ومن طريقه الضياء (2096)، قال: حدثنا أحمد بن خليد، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم خلل لحيته.

 

قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن حميد إلا إسماعيل بن جعفر، تفرد به إسحاق بن عبد الله».

 

قلت: هذا إسناد ضعيف؛ لأجل إسحاق بن عبد الله، وهو أبو يعقوب التميمي الأذني، فقد ترجمه ابن حبان في «الثقات» (8/ 120)، ولم يُعرف بجرح ولا تعديل.

 

وفي الإسناد أيضًا عنعنة حميد الطويل.

 

وأحمد بن خليد.

ترجمه ابن حبان في «الثقات» (8/ 53)، وترجمه الذهبي في «السير» (13/ 489)، وقال: «كان صاحب رحلة ومعرفة، ما علمت به بأسًا».

 

وإسماعيل بن جعفر، ثقة ثبت.

الطريق الثالث: أخرجه ابن أبي شيبة (106)، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا الحسن بن صالح، عن موسى بن أبي عائشة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ يخلل لحيته.

 

قلت: هذا الإسناد فيه علتان:

العلة الأولى: الانقطاع بين موسى بن أبي عائشة ويزيد الرقاشي، فموسى بن أبي عائشة، ثقة، ولكنه يرسل، وقد عنعن هنا، وقد أدخل في بعض الطرق رجلًا بينه وبين يزيد الرقاشي.

 

العلة الثانية: يزيد بن أبان الرقاشي، فقد أجمع الأئمة على ضعفه، لا سيما في حديث أنس رضي الله عنه.

 

قال أحمد كما في «الجرح والتعديل» (9/ 252): «كان منكر الحديث، وكان شعبة يحمل عليه، وكان قاصًّا».

 

وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 252): «كان واعظًا، بكاء، كثير الرواية عن أنس بما فيه نظر، صاحب عبادة، وفي حديثه صنعة».

 

ومعنى في حديثه صنعة: أنه يتصرف فيه، ولا يأتي به على الوجه.

 

وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين»: «متروك».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 448): «ممن غفل عن صناعة الحديث، وحفظها، واشتغل بالعبادة وأسبابها، حتى كان يقلب كلام الحسن فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم، فلما كثر في روايته ما ليس من حديث أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاج به، فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة التعجب، وكان قاصًّا يقص بالبصرة ويبكي الناس، وكان شعبة يتكلم فيه بالعظائم» اهـ.

 

وأخرجه ابن أبي شيبة (36465)، وابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 526)، وأبو جعفر بن البختري (549)، من طريق الحسن بن صالح، عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن يزيد الرقاشي، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم خلل لحيته.

 

فأدخل هنا موسى بن أبي عائشة رجلًا بينه وبين يزيد الرقاشي.

 

وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (3/ 80)، من طريق أبي الأشهب جعفر بن الحارث، عن موسى بن أبي عائشة، عن زيد بن أبي أنيسة الجزري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته، فقلت: لم تفعل هذا يا نبي الله؟ قال: «أَمَرَنِي بِهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

 

فسُمي في هذا الطريق الرجل الذي بين موسى بن أبي عائشة، وبين يزيد الرقاشي، وهو زيد بن أبي أنيسة الجزري، وهو ثقة له أفراد، ولكن هذا الطريق لا يثبت؛ لأجل أبي الأشهب جعفر بن الحارث.

 

قال ابن معين في «رواية الدوري» (3/ 487): «أبو الأشهب الكوفي؛ هو جعفر بن الحارث، ليس حديثه بشيء».

وقال مرة: «ليس بثقة».

 

وقال العقيلي في «الضعفاء» (1/ 506): «حدثني آدم بن موسى، قال: سمعت البخاري، قال: جعفر بن الحارث الواسطي، أبو الأشهب، عن منصور، في حفظه شيء، يكتب حديثه. وقال في موضع آخر: جعفر بن الحارث، أبو الأشهب الواسطي، منكر الحديث» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 250): «كان يخطئ في الشيء بعد الشيء، ولم يكثر خطؤه حتى يصير من المجروحين في الحقيقة، ولكنه لا يحتج به إذا انفرد، وهو من الثقات يقرب، وهو ممن أستخير الله فيه» اهـ.

 

قلت: وقد انفرد بذكر زيد بن أبي أنيسة في هذا الحديث.

 

وأخرجه الحاكم (530)، من طريق موسى بن أبي عائشة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل لحيته، وقال: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي».

فسقط رجلان من الإسناد.

 

قال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 525- 527): «سألت أبي عن حديث رواه مروان الطاطري، عن أبي إسحاق الفزاري، عن موسى بن أبي عائشة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه توضأ وخلل لحيته، وقال: بهذا أمرني ربي عز وجل؟ فقال أبي: هذا غير محفوظ.

 

وحدثنا أحمد بن يونس، عن الحسن بن صالح، عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبي: هذا الصحيح، وكنا نظن أن ذاك غريب، ثم تبين لنا علته: تَرَك من الإسناد نفسين؛ وجعل: موسى عن أنس» اهـ.

 

ورُوي هذا الحديث عن يزيد الرقاشي من طرق أخرى.

 

فقد أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (1/ 386)، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا خلاد الصفار، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته، وقال: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي»، وأدخل عبيد الله يده اليمنى تحت ذقنه كأنه يرفع لحيته إلى السماء.

 

عبيد الله بن موسى؛ هو العبسي، ثقة.

وخلاد الصفار؛ هو ابن عيسى، لا بأس به.

 

وأخرجه ابن أبي شيبة (114) و (36466)، وابن عدي في «الكامل» (10/ 319)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (1671)، عن وكيع، عن الهيثم بن جَمَّاز، عن يزيد بن أبان، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ لِحْيَتَكَ».

والهيثم بن جماز، متروك.

 

وأخرجه ابن ماجه (431)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد بن أنس بن مالك، قال: حدثنا يحيى بن كثير أبو النضر صاحب البصري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته، وفرج أصابعه مرتين.

 

محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد بن أنس بن مالك، صدوق.

 

يحيى بن كثير أبو النضر صاحب البصري، ضعيف.

 

وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (520)، وابن جميع الصيداوي في «معجم الشيوخ» (ص279)، من طريق شجاع بن الوليد أبي بدر، قال: أخبرنا الرحيل بن معاوية، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته.

 

قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن الرحيل إلا شجاع بن الوليد».

 

شجاع بن الوليد أبو بدر، صدوق، له أوهام.

والرحيل بن معاوية، ليس به بأس.

 

وأخرجه ابن حبان في «الثقات» (8/ 304)، من طريق يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوضأ ثلاثًا، وخلل لحيته مرتين، وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي».

 

قال ابن حبان: «الحديث باطل، ويزيد الرقاشي قد تبرأنا من عهدته».

 

قلت: جميع هذه الطرق مدارها على يزيد بن أبان الرقاشي، وقد تقدم الكلام فيه، لا سيما في روايته عن أنس.

وتوبع يزيد الرقاشي، تابعه قتادة.

 

فقد أخرجه الدارقطني في «سننه» (557)، من طريق المعمري، قال: أخبرنا داود بن رشيد، قال: أخبرنا عبد الله بن كثير بن ميمون، عن الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، قال: حدثني قتادة، ويزيد الرقاشي، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ عَرَك عارضيه بعض العَرْك، وشبك لحيته بأصابعه.

 

قلت: وهذه المتابعة لا تثبت.

والمعمري؛ هو الحسن بن علي بن شبيب أبو علي المعمري.

 

قال ابن عدي في «الكامل» (3/ 545- 547): «رفع أحاديث وهي موقوفة، وزاد في المتون أشياء ليس فيها.

 

سمعت ابن سعيد يقول: سألت عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن المعمري، فقال: لا يتعمد الكذب، ولكن أحسب أنه صحب قومًا يوصلون الحديث.

 

وأما ما ذُكر عنه أنه رفع أحاديث وزاد في المتون، فإن هذا موجود في البغداديين خاصة، وفي حديثهم وفي حديث ثقاتهم، فإنهم يرفعون الموقوف ويوصلون المرسل ويزيدون في الأسانيد، ولولا التطويل لذكرت شيئًا من ذلك.

 

والمعمري كما قال عبد الله بن أحمد لا يتعمد الكذب، ولكن صحب قومًا من البغداديين يزيدون ويوصلون. والله أعلم» اهـ.

 

وعبد الواحد بن قيس.

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 23): «أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: أخبرنا علي بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد، وذُكِر عنده عبد الواحد بن قيس الذي روى عنه الاوزاعي، فقال: كان شبه لا شيء، قلت ليحيى: كيف كان؟ قال كان الحسن ابن ذكوان يحدث عنه بعجائب.

 

سمعت أبي يقول: لا يعجبني حديثه» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 138): «ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج بما يخالف الثقات، وإن اعتبر معتبر بحديثه الذي لم يخالف الأثبات فيه، فحسن» اهـ.

 

وأخرجه الدارقطني (558) و (559)، من طريقين، عن الأوزاعي، قال: حدثني عبد الواحد بن قيس، عن قتادة، ويزيد الرقاشي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ، مثله، مرسلًا.

 

قال الدارقطني: «والمرسل هو الصواب».

 

قلت: وقد رُوي الحديث عن عبد الواحد بن قيس، من مسند ابن عمر رضي الله عنهما، كما سيأتي.

 

وتبيَّن أن هذا الطريق برمته لا يثبت؛ لما فيه من ضعف شديد، واضطراب.

 

الطريق الرابع: أخرجه أبو يعلى (3487)، ومن طريقه ابن عدي (4/ 38)، قال: حدثنا عمرو بن حصين، قال: حدثنا حسان بن سياه، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته.

 

قال ابن عدي بعدما ذكر لابن سياه عدة أحاديث، وذكر هذا منها: «حسان بن سياه له أحاديث غير ما ذكرته، وعامتها لا يتابعه غيره عليه، والضعف يتبين على رواياته وحديثه» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 330): «حسان بن سياه، منكر الحديث جدًّا، يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد؛ لما ظهر من خطئه في روايته على ظهور الصلاح منه» اهـ.

 

قلت: وعمرو بن حصين، متروك، كما قال الدارقطني، وابن حجر.

 

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 229): «عمرو بن حصين البصري العقيلي، سمع منه أبي، وقال: تركت الرواية عنه، ولم يحدثنا بحديثه، وقال: هو ذاهب الحديث ليس بشيء، أخرج أول شيء أحاديث مشبهة حسانًا، ثم أخرج بعد لابن علاثة أحاديث موضوعة، فأفسد علينا ما كتبنا عنه، فتركنا حديثه.

 

وسئل أبو زرعة عنه عندما امتنع من التحديث عنه، فقال: ليس هو في موضع يحدَّث عنه، هو واهي الحديث» اهـ.

 

وقال ابن عدي في «الكامل» (8/ 6): «عمرو بن الحصين الكلابي، بصري، حدث بغير حديث عن الثقات، منكر»، ثم ذكر له عدة أحاديث، ثم قال: «وهذه الأحاديث لا يرويها بأسانيدها غير عمرو بن الحصين، وهو مظلم الحديث، ويروي عن قوم معروفين، وله غير ما ذكرت من الحديث، وعامة حديثه كما ذكرته» اهـ.

 

الطريق الخامس: أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (313)، وأبو يعلى (4269)، وتمام في «فوائده» (725)، والبيهقي في «الكبير» (247)، والضياء في «المختارة» (2708)، من طريق أبي المليح الرقي، عن الوليد بن زروان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما غسل وجهه أخذ كفًّا من ماء، فخلل لحيته بها من باطنها، وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى».

 

أبو المَليح الرقي؛ هو الحسن بن عمر، أو عمرو بن يحيى، ثقة.

والوليد بن زروان، مجهول الحال، ولم يتبيَّن سماعه من أنس.

 

فقد ترجمه البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 144)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 4)، والمزي في «التهذيب» (31/ 12)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

 

وقال ابن حجر في «التلخيص» (1/ 149): «مجهول الحال».

 

وقال الآجري في «سؤالاته» (1796): «سألت أبا داود عن الوليد بن زروان، حدث عن أنس؟ قال: جزري، لا ندري سمع من أنس أم لا؟».

 

الطريق السادس: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (2976) و (5127)، وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (1/ 257)، من طريق عتاب بن محمد بن شوذب، عن عيسى الأزرق، عن مطر الوراق، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدخل يده تحت حنكه، فخلل لحيته، فقلت: ما هذا؟ قال: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

 

قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن مطر الوراق إلا عيسى الأزرق، ولا عن عيسى إلا عتاب بن محمد، تفرد به داود بن حماد».

 

عتاب بن محمد بن شوذب.

ذكره ابن حبان في «الثقات» (7/ 295)، وقال: «مستقيم الحديث».

 

وعيسى الأزرق؛ هو ابن موسى البخاري، لقبه غُنْجار، صدوق ربما أخطأ، وربما دلس.

ومطر بن طهمان الوراق، صدوق كثير الخطأ، روايته عن أنس مرسلة.

 

قال أبو زرعة في «الجرح والتعديل» (8/ 287): «روايته عن أنس مرسل، لم يسمع مطر بن أنس شيئًا».

 

الطريق السابع: أخرجه أبو بكر الدينوري في «المجالسة» (949)، والطبراني في «الأوسط» (4465)، والعقيلي في «الضعفاء» (4/ 134)، من طريق عمر أبي حفص العبدي، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فخلل لحيته من تحت حنكه، وقال: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

 

قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا عمر أبو حفص العبدي».

 

وقال العقيلي: «حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن أبي حفص العبدي، فقال: تركنا حديثه وحرقناه».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 55): «عمر بن حفص، أبو حفص العبدي، كان ممن يشتري الكتب ويحدث بها من غير سماع، ويجيب فيما يُسأل وإن لم يكن مما حدث به، وهو الذي روى عن ثابت، عن أنس، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يخلل لحيته بالماء بأصابعه…» اهـ.

 

قلت: وقد توبع عمر بن حفص على هذا الحديث.

 

فقد أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (4/ 137)، من طريق عمر بن ذؤيب، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من وضوئه، أدخل يده فخلل لحيته، وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي».

 

قال العقيلي: «عمر بن ذؤيب، عن ثابت، مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولعله عمر بن حفص بن ذؤيب».

 

قلت: فيكون هو هو العبدي، ويؤيده قول الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا عمر أبو حفص العبدي».

 

الطريق الثامن: أخرجه البيهقي في «الكبير» (248)، من طريق معاذ بن أسد، قال: حدثنا الفضل بن موسى، قال: حدثنا السكري يعني أبا حمزة، عن إبراهيم الصائغ، عن أبي خالد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلل لحيته، وعنفقته بالأصابع، وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

 

معاذ بن أسد، كاتب ابن المبارك، ثقة، من رجال البخاري.

والفضل بن موسى السِّيناني، ثقة، من رجال الشيخين.

وأبو حمزة السكري، ثقة.

وإبراهيم الصائغ؛ هو ابن ميمون، صدوق.

وأبو خالد؛ هو محمد بن خالد الضبي.

 

قال الإمام أبو داود في «مسائله» (2035): «قلت لأحمد: محمد بن خالد، عن أنس في تخليل اللحية؛ أعني عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما أرى سمع من أنس شيئًا».

 

الطريق التاسع: أخرجه البزار (6671)، وابن عدي في «الكامل» (2/ 215)، والدارقطني في «سننه» (370)، وأبو الشيخ في «الطبقات» (4/ 214)، والضياء في «المختارة» (1866)، من طريق معلى بن أسد، عن أيوب بن عبد الله، عن الحسن، عن أنس رضي الله عنه، أنه قيل له: صف لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بطست، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، وخلل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ.

 

قال البزار: «هذا الحديث لا نعلم رواه عن الحسن، عن أنس إلا أيوب بن عبد الله، وهو رجل من أهل البصرة لا نعلم حدث عنه إلا معلى بن أسد، ولا روى عن الحسن، عن أنس، إلا هذا الحديث» اهـ.

 

وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 215): «أيوب بن عبد الله هذا لم أجد له من الحديث غير هذا الحديث الواحد، وهو من هذا الطريق، لا يتابع عليه» اهـ.

وفيه أيضًا عنعنة الحسن.

 

الطريق العاشر: أخرجه إسماعيل الصفار (608)، وابن عدي في «الكامل» (10/ 350)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (2/ 525)، من طريق شاذ بن فياض، قال: حدثنا هاشم بن سعيد، عن محمد بن زياد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته بأصابع كفيه، ويقول: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي جَلَّ وَعَزَّ».

 

قال ابن عدي بعدما ذكر لهاشم عدة أحاديث: «وهاشم بن سعيد له من الحديث غير ما ذكرت، ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه».

 

وفي ترجمته في «الجرح والتعديل»: (9/ 105): قال أحمد: «ما أعرفه».

 

وقال ابن معين: «ليس بشيء».

وقال أبو حاتم: «ضعيف الحديث».

 

وقال أبو زرعة في «سؤالات البرذعي» (195): «هاشم الكوفي، شيخ، حدث عن محمد بن زياد بحديثين منكرين».

 

وشاذ بن فياض، واسمه هلال.

قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 78): «صدوق ثقة».

ومحمد بن زياد؛ هو الجمحي، ثقة.

 

الطريق الحادي عشر: أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (2/ 10)، من طريق عبد الله بن الحسين بن جابر البغدادي، عن محمد بن المبارك الصوري، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.

 

قال ابن حبان: «عبد الله بن الحسين بن جابر البغدادي، سكن المصيصة، يقلب الأخبار، ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد».

 

الطريق الثاني عشر: أخرجه ابن عدي في «الكامل» (5/ 85) و (5/ 312)، من طريق سلام الطويل، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم، فخلل لحيته، ثم قال: «بِهَذَا – أو – هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

 

قال ابن عدي: «وهذا الحديث ليس البلاء فيه من زيد العمي، البلاء من الراوي عنه سلام الطويل، ولعله أضعف منه».

 

سلام الطويل.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 133): «تركوه».

وقال ابن معين في «سؤالات ابن الجنيد» (871): «ليس بشيء».

وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (4/ 260): «تركوه».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 426): «يروي عن الثقات الموضوعات، كأنه كان المتعمد لها».

 

وقال ابن حجر في «التقريب»: «متروك».

وزيد بن الحواري أبو الحواري العمي البصري.

 

جاء في «الجرح والتعديل» (3/ 560، 561): «قيل لأحمد بن حنبل: زيد العمي؟ قال: صالح، روى عنه سفيان وشعبة، وهو فوق يزيد الرقاشي، وفوق فضل بن عيسى.

 

سمعت أبي يقول: زيد العمي ضعيف الحديث، يُكتب حديثه ولا يُحتج به، كان شعبة لا يحمد حفظه.

 

سمعت أبا زرعة يقول: زيد العمي ليس بقوي، واهي الحديث، ضعيف» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 386، 387): «يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصل لها، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وكان يحيى مَرَّض القول فيه، وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره، ولا كتابة حديثه، إلا للاعتبار، سمعت الحنبلي، يقول: سمعت أَحمد بن زهير، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: لا يجوز حديث زيد العمي، وكان أميل من يزيد الرقاشي» اهـ.

 

ثالثًا: حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

أخرجه ابن ماجه (432)، وابن عدي في «الكامل» (8/ 350)، والدارقطني في «سننه» (374) و (555)، والبيهقي في «الكبير» (249)، وابن عساكر في «تاريخه» (37/ 261)، من طريق عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرَك عارضيه بعض العرْك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها.

 

عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، كاتب الأوزاعي، وُثِّق، ولكن فيه كلام.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 45): «ربما يخالف في حديثه».

وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (398): «ليس بالقوي».

 

وقال ابن عدي في «الكامل» (8/ 412): «تفرد عن الأوزاعي بغير حديث لا يرويه غيره، وهو ممن يكتب حديثه».

 

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 11): «أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إليَّ، قال: قال أبي: كان بالشام رجل من اصحاب الأوزاعي، يقال له: ابن أبي العشرين، وكان ثقة، وكان أبو مسهر يرضاه.

 

أخبرنا أبي، قال: سألت دحيمًا، قلت: ابن أبي العشرين أحب إليك أو الوليد بن مزيد؟ فقال ابن أبي العشرين كاتب الأوزاعي أحب إليَّ، قلت: ابن أبي العشرين كان صاحب حديث؟ فأومأ برأسه؛ أي: لا.

 

سألت أبي عن ابن أبي العشرين، ثقة هو؟ قال: كان كاتب ديوان، لم يكن صاحب حديث.

 

سئل أبو زرعة عن عبد الحميد بن حبيب، فقال: دمشقي ثقة، حديثه مستقيم، وهو من المعدودين في أصحاب الأوزاعي» اهـ.

 

وعبد الواحد بن قيس، قد تقدم كلام الأئمة فيه.

 

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 23): «أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: أخبرنا علي بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد، وذُكِر عنده عبد الواحد بن قيس الذي روى عنه الاوزاعي، فقال: كان شبه لا شيء، قلت ليحيى: كيف كان؟ قال كان الحسن ابن ذكوان يحدث عنه بعجائب.

 

سمعت أبي يقول: لا يعجبني حديثه» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 138): «ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج بما يخالف الثقات، وإن اعتبر معتبر بحديثه الذي لم يخالف الأثبات فيه، فحسن» اهـ.

 

وغير ابن أبي العشرين روى هذا الحديث من طريق عبد الواحد بن قيس، فجعله من مسند أنس رضي الله عنه، كما تقدم.

 

قال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 484، 485): «سألت أبي عن حديث رواه ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن عبدالواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ، عرك عارضيه، وشبك بين لحييه؟

 

قال أبي: روى هذا الحديث الوليد، عن الأوزاعي، عن عبد الواحد، عن يزيد الرقاشي وقتادة؛ قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم [مرسلًا] وهو أشبه [بالصواب]» اهـ.

 

وقد نقل كلام ابن أبي حاتم الدارقطني والبيهقي في «سننيهما» عقب الحديث.

 

وحاصل هذا الطريق أنه معل بأربع علل:

العلة الأولى: ضعف عبد الواحد بن قيس.

العلة الثانية: ضعف ابن أبي العشرين عند بعضهم.

العلة الثالثة: الخلاف في جعله من مسند أنس، أو مسند ابن عمر.

العلة الرابعة: الخلاف في وصله وإرساله.

وهناك علة خامسة: وهي أنه رُوِي موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما.

 

فقد أخرجه الدارقطني في «سننه» (375)، ومن طريقه البيهقي في «الكبير» (251)، من طريق أبي المغيرة، عن الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن نافع، أن ابن عمر كان إذا توضأ يعرك عارضيه، ويشبك لحيته بأصابعه أحيانًا ويترك أحيانًا.

 

قال الدارقطني: «لم يرفعه، وهو الصواب».

 

وأيده عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (1/ 173)، فقال: «والصحيح أنه من فعل ابن عمر غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم».

 

قلت: إن كان قصد الإشبيلي أنه صحيح من فعل ابن عمر من غير هذا الطريق، فهو صواب، وإن كان قصد أنه صحيح من نفس هذا الطريق، فهو خطأ؛ لأن هذا الطريق فيه عبد الواحد بن قيس، وهو ضعيف؛ والدارقطني لم يقل في الموقوف: صحيح؛ وإنما قال: إن رواية أبي المغيرة بوقفه هي الصواب، فاعلم ذلك.

 

قلت: وما ذهب إليه الدارقطني والإشبيلي في ترجيح الرواية الموقوفة، هو الصواب؛ فأبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وهو أوثق من ابن أبي العشرين، وقد احتج به الشيخان.

 

وأما ابن القطان فذهب إلى أن الرواية الموقوفة لا تعل الرواية المرفوعة، وتعقب في ذلك عبد الحق الإشبيلي، فقال في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 364): «وقد يظن أن تعليله إياه هو ما ذكر من وقفه ورفعه، وليس ذلك بصحيح؛ فإنه إنما كان يصح أن يكون هذا علة، لو كان رافعه ضعيفًا، وواقفه ثقة؛ ففي مثل هذا الحال كان يصدق قوله: الصحيح موقوف من فعل ابن عمر.

 

أما إذا كان رافعه ثقة، وواقفه ثقة، فهذا لا يضره، ولا هو علة فيه؛ وهذا حال هذا الحديث؛ فإن رافعه عن الأوزاعي، هو عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين كاتبه، وواقفه عنه، هو أبو المغيرة، وكلاهما ثقة، فالقضاء للواقف على الرافع يكون خطأ؛ وبعد هذا، فعلة الخبر هي غير ذلك، وهي ضعف عبد الواحد بن قيس، راويه عن نافع عن ابن عمر» اهـ.

 

وقد تعقب ابن دقيق العيد ابن القطان بكلام جيد متين.

 

قال ابن دقيق العيد في «الإمام» (1/ 499): «وقول ابن القطان: «إنما كان يصح أن يكون هذا علة، لو كان رافعه ضعيفًا، وواقفه ثقة»؛ في هذا الحصر نظر، فقد يأخذون ذلك من كثرة الواقفين، أو تقديم مرتبة الواقف على الرافع، ولعل هذا منه عند من قال ذلك، فإن أبا المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، احتج به الشيخان، وعبد الحميد روى له الترمذي وابن ماجه، ووثقه الرازي، وقال ابن معين: «ليس به بأس»، وقال العجلي قريبًا منه، وقال النسائي: «ليس بالقوي»، وقال البخاري: «ربما يخالف في حديثه»، وقدمه هشام بن عمار على أصحاب الأوزاعي، فقال في حكاية: «أوثق أصحابه كاتبه عبد الحميد»؛ ولعل أبا الحسن ابن القطان أراد: إنما يصح ذلك في النظر الصحيح عنده» اهـ.

 

قلت: أي: في النظر الصحيح عنده أن ابن العشرين يتساوى مع أبي المغيرة.

 

وهذا ما ذهب إليه ابن سيد الناس: أن ابن أبي العشرين يتساوى مع أبي المغيرة في الأوزاعي؛ لأن لابن أبي العشرين اختصاصًا بالأوزاعي.

 

قال ابن سيد الناس في «النفح الشذي» (1/ 322/ 323): «أما ما ذكره ابن القطان، فليس بعيدًا من حيث النظر إذا استويا في مرتبة الثقة والعدالة، أو تقاربا؛ كما هو ها هنا؛ لأن الرفع زيادة على الوقف، وقد جاء عن ثقة، فسبيله القبول، وهذا هو الذي زعمه ابن الصلاح، فإن كان نظرًا منه، فهو نظر صحيح، وإن كان نقلًا عن من تقدم، فليس للناس في ذلك عمل مطرد.

 

وأبو المغيرة هو: عبد القدوس بن الحجاج الشامي، احتج به الشيخان. وابن أبي العشرين: روى له الترمذي، وابن ماجه؛ فإن كان عبد القدوس مرجحًا على عبد الحميد، فإن لعبد الحميد اختصاصًا بالأوزاعي يوجب له مزية فيما يروي عنه: كان كاتبه، وقدمه هشام بن عمار على أصحاب الأوزاعي، فقال في حكاية: «أوثق أصحابه كاتبه عبد الحميد»، وعُرف عن يحيى بن معين أن قوله: «ليس به بأس»؛ يعني به: الثقة.

 

فليس بمقصر في الأوزاعي عن درجة أبي المغيرة، وإن احتمل أن يقصر عنه في غيره» اهـ.

 

قلت: فإذا انتفت هذه العلة، فتبقى العلل الأربع الأخرى.

وقد روي هذا الحديث عن ابن عمر من طريق أخرى.

 

فقد أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1363)، من طريق مؤمل بن إسماعيل، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا توضأ خلل لحيته، وأصابع رجليه، ويزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

 

قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن عمر إلا مؤمل».

 

مؤمل بن إسماعيل، صدوق سيئ الحفظ.

عبد الله بن عمر العمري.

 

قال الإمام أحمد كما في «الضعفاء» للعقيلي (3/ 282): «كان يزيد في الأسانيد، ويخالف، وكان رجلًا صالحًا».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 498): «كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار، وجودة الحفظ للآثار، فوقع المناكير في روايته، فلما فحش خطؤه استحق الترك، وهو الذي روى عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته» اهـ.

 

رابعًا: حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما.

أخرجه الطيالسي (680)، والحميدي (146)، وأبو عبيد في «الطهور» (310)، وابن أبي شيبة (98) و (36458)، والترمذي (29)، وابن ماجه (429)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 696)، وأبو يعلى (1604)، والطوسي في «مستخرجه» (27)، والحاكم (528)، والبيهقي في «معرفة السنن» (715)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (49/ 59)، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية، عن حسان بن بلال، قال: رأيت عمارًا توضأ، وخلل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

 

وأخرجه الحميدي (147)، والترمذي (30)، وابن ماجه (429)، والطبراني في «الأوسط» (2395)، والحاكم (528)، وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 317)، والبيهقي في «معرفة السنن» (716)، عن سفيان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.

 

قال الترمذي: «سمعت إسحاق بن منصور يقول: قال أحمد بن حنبل: قال ابن عيينة: لم يسمع عبد الكريم من حسان بن بلال حديث التخليل» اهـ.

 

وقال الحاكم كما في «إتحاف المهرة» (11/ 719): «صحيح».

 

ووقع عند الحاكم: «عبد الكريم الجزري» بدل: «عبد الكريم بن أبي المخارق»، فتعقبه ابن حجر في «إتحاف المهرة بقوله: «قوله: إنه صحيح غير صحيح؛ بل هو معلول، وما وقع عنده في نسب عبد الكريم، وهَمٌ، وإنما هو أبو أمية، وقد ضعفه الجمهور».

 

قلت: والظاهر أن الحاكم نسبه مِن عنده اجتهادًا منه وليس رواية، وهو يقع منه ذلك في مواضع.

 

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/31): «وروى ابن عيينة، عن عبد الكريم: قال حسان بن بلال، عن عمار: خلل النبي صلى الله عليه وسلم لحيته، ولم يسمع عبد الكريم من حسان. وقال ابن عيينة مرة: عن سعيد، عن قتادة، عن حسان، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح حديث سعيد» اهـ.

 

وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 487، 488): «سألت أبي عن حديث رواه ابن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في تخليل اللحية؟

 

قال أبي: لم يحدِّث بهذا أحد سوى ابن عيينة، عن ابن أبي عروبة.

 

قلت: هو صحيح؟

قال: لو كان صحيحًا، لكان في مصنفات ابن أبي عروبة، ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث الخبر؛ وهذا أيضًا مما يوهنه» اهـ.

 

وقال ابن دقيق العيد في «الإمام» (1/ 491، 492) بعد ذكره لكلام ابن أبي حاتم: «وفهمت من المكتوب هاهنا ما معناه: أن ابن عيينة لم يذكر في هذا الحديث السماع، أو الخبر، أو ما يقارب هذا، قال: «وهذا أيضًا مما يوهنه». قلت: أما كونه ليس في كتب ابن أبي عروبة، فليس بالعلة القوية بانفراده، ولكن لعله يضمه إلى ما يقع لسفيان من تدليس أحيانًا، مع كونه لم يذكر السماع» اهـ.

 

وقال الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (11/ 719): «قال ابن دقيق العيد: ليس هذا بعلة قوية. قلت: قد بيَّن ابن المديني علة هذا الحديث، فقال: لم يسمعه قتادة إلا من عبد الكريم. والله أعلم».

 

وقال في «التلخيص» (1/ 149): «وأما حديث عمار، فرواه الترمذي، وابن ماجه، وهو معلول، أحسن طرقه ما رواه الترمذي، وابن ماجه، عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عنه، وحسان ثقة، لكن لم يسمعه ابن عيينة من سعيد، ولا قتادة من حسان» اهـ.

 

خامسًا: حديث أبي أيوب رضي الله عنه.

أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (312)، وابن ماجه (433)، والعقيلي في «الضعفاء» (6/ 237)، وابن عدي في «الكامل» (10/ 288)، عن محمد بن ربيعة الكلابي، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.

 

ومحمد بن ربيعة الكلابي، صدوق، وقد توبع على هذا الحديث.

 

فقد أخرجه أحمد (23541)، وعبد بن حميد (218)، والشاشي في «مسنده» (1137)، والترمذي في «العلل» (20)، وابن سَمُّويه في «فوائده» (25)، عن محمد بن عبيد، قال: حدثنا واصل الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ تمضمض، ومسح لحيته من تحتها بالماء.

 

وأخرجه الطبراني في «الكبير» (4/ 178) (4068)، من طريق سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدثني أبي، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ، استنشق ثلاثًا، وتمضمض، وأدخل إصبعيه في فمه، وكان يبلغ براحتيه إذا غسل وجهه ما أقبل من أذنيه، وإذا مسح رأسه مسح بإصبعيه ما أدبر من أذنيه مع رأسه، وخلل لحيته.

 

قال الترمذي: «سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هذا لا شيء، فقلت: أبو سورة ما اسمه؟ فقال: لا أدري ما يصنع به، عنده مناكير، ولا يعرف له سماع من أبي أيوب» اهـ.

 

وواصل بن السائب الرقاشي.

 

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 173): «منكر الحديث».

وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 31): «منكر الحديث».

وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (600): «متروك الحديث».

وقال ابن عدي في «الكامل» (10/ 289): «أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 429): «كان ممن يروي عن عطاء ما ليس من حديثه، وعن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، فسقط الاحتجاج به لما ظهر ذلك منه» اهـ.

 

سادسًا: حديث عائشة رضي الله عنها.

أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (314)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (1371)، وأحمد (25970) و (25971)، والحاكم (531)، والخطيب في «تاريخه» (14/ 392)، وابن عساكر في «تاريخه» (25/ 126) و (49/ 70)، من طريق عمر بن أبي وهب النصري، قال: حدثني موسى بن ثروان العجلي، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته بالماء.

 

قال الهيثمي في «المجمع» (1/ 235): «رواه أحمد، ورجاله موثقون».

وقال الحافظ في «التلخيص» (1/ 150): «إسناده حسن».

قلت: بل هو إسناد مرسل معلول.

 

قال الدارقطني في «سؤالات البرقاني» (504): «موسى بن ثروان، ويقال: ابن سروان، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، عن عائشة رضي الله عنها، إسناد مجهول، حمله الناس».

 

وقال الذهبي في «الكاشف» (1/ 514): «طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي، أبو المطرف، عن أبي الدرداء، وعائشة، مرسل».

 

وقد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى.

 

فقد أخرجه ابن المظفر في «غرائب مالك» (25)، ومن طريقه أبو طاهر السلفي في «الطيوريات» (857)، من طريق محمد بن مرداس، عن أبي خلف عبد الله بن عيسى، عن يونس بن عبيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا اغتسل خلل لحيته ورأسه بالماء.

قلت: وهذا منكر.

 

محمد بن مرداس، الأنصاري، البصري.

قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 97): «مجهول».

وترجمه البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 248)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وقال ابن حبان في «الثقات» (9/ 107): «مستقيم الحديث».

 

وأبو خلف عبد الله بن عيسى.

قال أبو زرعة في «الجرح والتعديل» (5/ 127): «منكر الحديث».

 

وقال العقيلي في «الضعفاء» (3/ 295): «عبد الله بن عيسى الخزاز، أبو خلف، عن يونس بن عبيد، لا يتابع على أكثر حديثه».

 

وقال ابن عدي في «الكامل» (7/ 68- 73): «يروي عن يونس بن عبيد، وداود بن أبي هند، بما لا يوافقه عليه الثقات»، ثم ذكر له عدة أحاديث، ثم قال: «وعبد الله بن عيسي له غير ما ذكرت من الحديث، وهو مضطرب الحديث، وأحاديثه أفرادات كلها، ويختلف عليه لاختلافه في رواياته، ألا ترى أنه قال مرة: عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة، وقال مرة: عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، في الحديث الذي ذكر فيه «جعلني الله فداك»، وقد أمليت الروايتين جميعًا، وليس هو ممن يحتج بحديثه» اهـ.

 

سابعًا: حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.

أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (82) و (311)، عن مروان بن معاوية، عن أبي الورقاء العبدي، عن عبد الله بن أبي أوفى، أنه توضأ، فخلل لحيته في غسل وجهه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هكذا.

 

أبو الورقاء العبدي؛ هو فائد بن عبد الرحمن الكوفي.

قال أحمد في «مسائل ابن هانئ» (2243): «متروك الحديث».

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (7/ 132): «منكر الحديث».

وقال ابن معين كما في «الجرح والتعديل» (7/ 83): «ليس بثقة، وليس بشيء».

 

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (7/ 84): «سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: فائد أبو الورقاء، لا يُشتغل به، سمعت أبي يقول: فائد ذاهب الحديث، لا يكتب حديثه، وكان عند مسلم بن إبراهيم عنه، فكان لا يحدِّث عنه، وكنا لا نسأله عنه، وأحاديثه عن ابن أبي أوفى بواطيل، لا تكاد ترى لها أصلًا؛ كأنه لا يشبه حديث ابن أبي أوفى، ولو أن رجلًا حلف أن عامة حديثه كذب لم يحنث» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 203): «كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عن ابن أبي أوفى بالمعضلات، لا يجوز الاحتجاج به» اهـ.

 

وقال ابن حجر في «التقريب»: «متروك اتهموه».

 

ثامنًا: حديث أبي أمامة رضي الله عنه.

أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (317)، وابن أبي شيبة (112)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 160)، والطبراني في «الكبير» (8/ 278) (8070)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (1214)، عن زيد بن الحباب، عن عمر بن سليم الباهلي، عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته.

 

ولفظ ابن أبي شيبة، والبخاري: قال أبو غالب: قلت لأبي أمامة: أخبرنا عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوضأ ثلاثًا، وخلل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

 

عمر بن سليم الباهلي، فيه مقال.

قال العقيلي في «الضعفاء» (4/ 185): «يُحدِّث بمناكير».

وقال ابن حجر في «التقريب»: «صدوق له أوهام».

 

وأبو غالب حزور.

قال ابن سعد في «الطبقات» (7/ 238): «كان ضعيفًا، منكر الحديث».

وفي «الجرح والتعديل» (3/ 316): «عن يحيى بن معين، أنه قال: أبو غالب صالح الحديث.

سمعت أبي يقول: أبو غالب الحزور ليس بالقوي».

وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (665): «أبو غالب يروي عن أبي أمامة ضعيف».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 329): «منكر الحديث على قلته، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما يوافق الثقات، وهو صاحب حديث الخوارج».

 

وقال ابن عدي في «الكامل» (4/ 224): «وأبو غالب قد روى عن أبي أمامة حديث الخوارج بطوله، وروى عنه جماعة من الأئمة وغير الأئمة، وهو حديث معروف به، ولأبي غالب غير ما ذكرت من الحديث، ولم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به» اهـ.

 

وهذا الحديث على ضعف إسناده قد اختلف فيه عن أبي غالب.

 

فقد أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 160)، عن هارون، قال: حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن، قال: حدثنا آدم أبو عباد، عن أبي غالب، رأى أبا أمامة رضي الله عنه يخلل لحيته، وكانت رقيقة. هكذا موقوفًا.

 

تاسعًا: حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

أخرجه الطبراني في «الأوسط» (2277)، من طريق شيبان بن فروخ، عن نافع أبي هرمز، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتطهر، وبين يديه إناء قدر المد، وإن زاد فقل ما يزيد، وإن نقص فقل ما ينقص، فغسل يديه، ومضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وخلل لحيته، وغسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه مرتين مرتين، وغسل رجليه حتى أنقاهما، فقلت: يا رسول الله، هكذا التطهر؟ قال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

 

قال الطبراني: «لم يرو هذه اللفظة عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في: تخليل اللحية في الوضوء إلا نافع أبو هرمز، تفرد به شيبان» اهـ.

 

قلت: وهذا منكر؛ لأجل نافع أبي هرمز.

قال ابن معين في «رواية الدارمي» (826): «لا أعرفه».

وقال في «رواية الدوري» (4/ 180): «ليس بشيء».

وقال ابن معين أيضًا كما في «الكامل» (10/ 209): «ليس بثقة، كذاب».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 401): «كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه كأنه أنس آخر، ولا أعلم له منه سماعًا، لا يجوز الاحتجاج به، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار» اهـ.

 

عاشرًا: حديث أم سلمة رضي الله عنها.

أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (2/ 198)، والطبراني في «الكبير» (23/ 298) (664)، من طريق خالد بن إلياس، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، ويخلل لحيته.

 

قلت: وهذا منكر؛ لأجل خالد بن إلياس.

 

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/ 321): «عن أبي طالب، قال: سألت أحمد بن حنبل عن خالد بن إلياس القرشي، فقال: متروك الحديث.

 

قرئ على العباس بن محمد الدوري، عن يحيى بن معين، أنه قال: خالد بن إلياس ليس بشيء.

 

سمعت أبي يقول: خالد بن إلياس، ضعيف الحديث، منكر الحديث، قلت: يُكتب حديثه؟ قال: زحفًا.

 

سئل أبو زرعة عن خالد بن إلياس، فقال: ليس بقوي ضعيف.

 

سمعت أبا نعيم يقول: لا يسوى حديثه، وسكت، وذكر بعدنا: لا يسوى حديثه فلسين» اهـ.

 

وقال البخاري في «الضعفاء الكبير» (2/ 197): «ليس بشيء، منكر الحديث».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 340): «يروي الموضوعات عن الثقات، حتى سبق إلى قلوب المستمعين إليها أنه الواضع لها، لا يجوز أن يكتب حديثه إلا على جهة التعجب» اهـ.

 

وقد توبع خالد بن إلياس على هذا الحديث.

 

فقد أخرجه ابن عدي في «الكامل» (4/ 281)، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سوار، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن خالد بن سلمة، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته.

 

قلت: هذه المتابعة لا تثبت؛ لأجل أبي بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي.

 

ذكر ابن عدي في «الكامل» (9/ 444)، عن إبراهيم الأصبهاني، قال: «أبو بكر الباغندي كذاب».

 

قال ابن عدي: «وللباغندي أشياء أنكرت عليه من الأحاديث، وكان مدلسًا يدلس على ألوان، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب» اهـ.

 

وقال أبو بكر الإسماعيلي كما في «تاريخ بغداد» (4/ 343): «لا أتهمه في قصد الكذب، ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضًا، أو قال: كثير التصحيف» اهـ.

 

قلت: وقد يكون تصحف عليه اسم خالد بن إدريس، إلى خالد بن سلمة.

 

وجاء في «سؤالات السهمي للدارقطني» (343): «سألته عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي؟ فقال: هو مخلط، مدلس، يكتب الحديث عن بعض من حضره من أصحابه، ثم يسقط بينه وبين شيخه ثلاثة، وهو كثير الخطأ، حدثنا عنه عند بعضهم: «حدثنا فلان»، وعند آخر: «ذكر فلان»، وعند آخر: بينه وبين شيخه رجل».

 

وجاء في «سؤالات حمزة للدارقطني» (36): «سألت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ، عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، فحكى عن الوزير أبي الفضل بن حنزابة حكاية، قال حمزة بن يوسف: ثم دخلت مصر، وسألت الوزير أبا الفضل جعفر بن الفضل عن الباغندي هذا، وحكيت له ما كنت سمعت من الدارقطني، فقال لي الوزير: لحقت الباغندي محمد بن محمد بن سليمان وأنا ابن خمس سنين، ولم أكن سمعت منه شيئًا، وكان للوزير الماضي حجرتان، إحداهما للباغندي يجيئه يومًا، ويقرأ له، والأخرى لليزيدي، قال أبو الفضل: سمعت أبي يقول: كنت يومًا مع الباغندي في الحجرة يقرأ لي كتب أبي بكر بن أبي شيبة، فقام الباغندي إلى الطهارة، فمددت يدي إلى جزء من حديث أبي بكر بن أبي شيبة، فإذا على ظهره مكتوب مربع، الباقي محكوك، فرجع الباغندي، ورأى الجزء في يدي، فتغير وجهه، وسألته، فقال: أيش هذا، مربع؟ فغيَّر ذلك، ولم أفطن له؛ لأني أول ما كنت دخلت في مكتبة الحديث، ثم سألت عنه، فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع، سمع من أبي بكر بن أبي شيبة، فحك محمد بن إبراهيم، وبقي مربع، فبرد على قلبي، ولم أخرج عنه شيئًا.

 

وسألت أبا بكر بن عبدان، عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، هل يدخل في الصحيح؟ قال: لو خرجت الصحيح صحيحًا لم أدخله فيه، قيل له: لِمَ، قال: لأنه كان يُخلِّط ويدلِّس، قال: وليس ممن كتبت عنه آثر عندي، ولا أكثر حديثًا منه، إلا أنه شره، قال: والباغندي أحفظ من ابن أبي داود.

 

وسألت الدارقطني، عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: كان كثير التدليس، يحدث بما لم يسمع، وربما سرق بعض الأحاديث، وقال: أشد ما سمعت فيه من الوزير بن حنزابة، سمعت أبا بكر بن عبدان يقول: سمعت أبا عمرو الراسبي يقول، دخلت على الباغندي أنا وابن مظاهر، فأخرج إلينا أصوله، فكتبنا منه ما كتبنا، ثم أخرج إلينا تخريجه، ثم قال له ابن مظاهر: يا أبا بكر، اقبل نصيحتي: ادفع إليَّ تخريجك هذا أعرفه، وأخرج لك ما تصير به أبا بكر بن أبي شيبة.

 

قال ابن الراسبي: قال لي ابن مظاهر: هذا الرجل لا يكذب، ولكن يحمله الشره على أن يقول: «حدثنا»، ووجدت في كتبه في مواضع: «ذَكَرَه فلان»، و«في كتابي عن فلان»، ثم رأيته يقول: أخبرنا» اهـ.

 

وأما الخطيب فكان يقوي حاله؛ حيث قال في «تاريخه» (4/ 343): «كان كثير الحديث، رحل فيه إلى الأمصار البعيدة، وعنى به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، كان فهمًا، حافظًا، عارفًا، وبلغني أن عامة ما حدث به كان يرويه من حفظه، ولم يثبت من أمر ابن الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، ورأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه، ويخرجونه في الصحيح» اهـ.

 

قلت: والمعروف أن المتأخرين كانوا يتساهلون في التصحيح.

 

وقال ابن شاهين في «أسماء الثقات» (1465): «أخبرنا عمران بن الحسن بن علي بن مالك، قال سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن أبي خيثمة يقول، وذكر أبا بكر محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث الباغندي، فقال: ثقة، كثير الحديث، لو كان بالموصل لخرجتم إليه، ولكنه يتطرح عليكم ولا تريدونه» اهـ.

 

وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (4/ 257): «وقال ابن عدي: حدثنا موسى بن القاسم بن موسى بن الأشيب، حدثني أبي، سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر الباغندي كذاب.

 

قلت: بل هو صدوق، من بحور الحديث».

 

قلت: والظاهر أن «صدوق» هنا راجعة على العدالة؛ ردًّا على من اتهمه بالكذب.

 

ولو فرضنا أنها راجعة على الضبط أيضًا، ككلام الخطيب؛ فالحقيقة أنه لا اعتبار لكلام من قوى حاله في مقابل الجرح المفسر الذي تقدم.

 

حادي عشر: حديث تميم بن زيد المازني رضي الله عنه.

أخرجه الطبراني في «الكبير» (2/ 60) (1286)، قال: حدثنا هارون بن مَلُّول المصري، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني أبو الأسود، عن عباد بن تميم، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، توضأ، ومسح بالماء على لحيته، ورجليه.

 

أبو الأسود؛ هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، يتيم عروة.

 

قلت: هذا الإسناد جميع رجاله ثقات، سوى هارون بن ملول، فلم أجد من ترجمه سوى ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (8/ 266)، قال: «هارون بن ملول المصري، شيخ للطبراني، واسم ملول: عيسى بن يحيى».

 

ثم وجدت ابن الجوزي ذكر في «المنتظم» (12/ 397)، قال: «هارون بن عيسى بن يحيى، أبو محمد الصيرفي، روى عن أبي عبد الرحمن المقري، وعبد الله بن عبد الحكم، وكان من عقلاء الناس، ثقة في الحديث» اهـ.

فالغالب أنه هو، والله أعلم.

 

قلت: ولكن هذا معل بأمور:

الأمر الأول: أن هارون بن مَلُّول خولف، فروى غيره هذا الحديث بدون هذه اللفظة.

 

فقد أخرجه أحمد (16454)، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا سعيد؛ يعني: ابن أبي أيوب، قال: حدثني أبو الأسود، عن عباد بن تميم المازني، عن أبيه، أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ويمسح بالماء على رجليه.

 

فهذا الإمام أحمد يروي الحديث عن أبي عبد الرحمن المقرئ، دون ذكر هذه اللفظة.

 

وقد تابع الإمام أحمد على عدم ذكر هذه اللفظة ثلاثة أنفس: أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو بشر بكر بن خلف، وأبو زهير عبد المجيد بن إبراهيم المصري.

 

فقد أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2192)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو بشر بكر بن خلف، قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد… بنفس لفظ الإمام أحمد.

 

وأخرجه أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (242)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (1/ 115)، عن أبي بكر بن أبي شيبة وحده.

 

وأخرجه ابن خزيمة (201)، قال: أخبرنا أبو زهير عبد المجيد بن إبراهيم المصري، قال: أخبرنا المقرئ، به.

 

الأمر الثاني: أنه قد ورد الحديث عن هارون بن ملول نفسه بدون هذه اللفظة.

 

فقد أخرجه الطبراني في «الأوسط» (9332)، قال: حدثنا هارون بن ملول، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود، عن عباد بن تميم المازني، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، ويمسح بالماء على رجليه.

 

قلت: وعليه؛ فذكر اللحية في حديث هارون بن مَلُّول، إما أن يكون شذوذًا؛ لمخالفته أربعة نفر لم يذكروها، وإما أن يكون خطأ وتحريفًا في «معجم الطبراني»؛ لورود الحديث عن هارون بن ملول نفسه بدونها.

 

الأمر الثالث: أننا لو فرضنا ثبوت هذه اللفظة، فإنها لا تُعدُّ شاهدًا لتخليل اللحية؛ لأن المسح شيء، والتخليل شيء آخر.

 

ثاني عشر: حديث جابر رضي الله عنه.

أخرجه ابن عدي في «الكامل» (2/ 313)، والخطيب في «تاريخه» (7/ 493)، من طريق أصرم بن غياث الخراساني، عن مقاتل بن حيان، عن الحسن، عن جابر رضي الله عنه، قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثًا، ولا أربعًا، فرأيته يخلل لحيته بأصابعه، كأنها أنياب مشط.

 

قال عبد الله بن أحمد في «العلل» (1612): «سمعت أبي يقول:

شيخ من أهل نيسابور، قدم علينا، فسمعته يحدث عن مقاتل بن حيان، عن الحسن، عن جابر: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فخلل لحيته بأصابعه كأنها أنياب مشط. ثم قال أبي: ما أرى هذا الشيخ كان بشيء، ضعَّفه جدًّا. قال عبد الله: حدثناه بعض المشايخ، قال حدثنا أصرم النيسابوري، ذكر هذا الحديث» اهـ.

 

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 56): «أصرم بن غياث، النيسابوري، أبو غياث، عن مقاتل بن حيان الخراساني، منكر الحديث» اهـ.

 

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 336): «سمعت أبا زرعة يقول: أصرم بن غياث، ليس بقوي.

 

سمعت أبي يقول: أصرم بن غياث، منكر الحديث».

 

وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (65): «متروك الحديث».

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 207): «كان مرجئًا، منكر الحديث، أخرج حديثه عن أهل الرأي، لا يتابع على ما روى» اهـ.

 

وقال ابن عدي عقب الحديث: «وأصرم بن غياث هذا له أحاديث عن مقاتل مناكير، كما قاله البخاري والنسائي، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق، وليس له كبير حديث» اهـ.

 

قلت: ثم إن في الحديث علة أخرى؛ وهي الانقطاع بين الحسن، وجابر رضي الله عنه، فإن الأئمة ذكروا أن الحسن لم يسمع من جابر رضي الله عنه.

 

قال الحافظ في «التلخيص» (1/ 151): «وأصرم متروك الحديث، قاله النسائي، وفي الإسناد انقطاع أيضًا».

 

ثالث عشر: حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.

أخرجه ابن عدي في «الكامل» (2/ 554)، والبيهقي في «الخلافيات» (840)، من طريق تمام بن نجيح، عن الحسن، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فخلل لحيته مرتين، وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

 

قال ابن عدي عقبه: «وهذا الحديث إنما يعرف بتمام عن الحسن، على أنه قد رواه غيره، ولتمام بن نجيح غير ما ذكرت من الروايات شيء يسير، وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه».

 

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 157): «تمام بن نجيح، الأسدي، سمع عون بن عبد الله، روى عنه مبشر بن إسماعيل، فيه نظر» اهـ.

 

وقال العقيلي في «الضعفاء» (1/ 466): «يحدث بمناكير، وقد روى غير حديث منكر لا أصل له».

 

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 445): «سمعت أبي يقول: تمام بن نجيح، منكر الحديث ذاهب.

 

سمعت أبا زرعة يقول: تمام بن نجيح، ليس بقوي، ضعيف.

 

حدثنا حرب بن إسماعيل، فيما كتب إليَّ، قال: سألت أحمد عن تمام بن نجيح، أظنه قال: ما أعرفه. يعني: ما أعرف حقيقة أمره» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 234): «منكر الحديث جدًّا، يروي أشياء موضوعة عن الثقات، كأنه المتعمد لها» اهـ.

 

قلت: وفي الإسناد علة أخرى؛ وهي الانقطاع بين الحسن وأبي الدرداء.

 

قال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (148): «قال أبو زرعة: الحسن عن أبي الدرداء، مرسل».

 

رابع عشر: حديث كعب بن عمرو رضي الله عنه.

أخرجه الطبراني في «الكبير» (19/ 181) (412)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (5832)، عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن أحمد بن مصرف بن عمرو اليامي، عن أبيه مصرف بن عمرو بن السري بن مصرف بن كعب بن عمرو، عن أبيه، عن جده، يبلغ به كعب بن عمرو، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح باطن لحيته، وقفاه.

 

قال عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (1/ 166): «هذا الإسناد لا أعرفه، وكتبته تذكرة، حتى أسأل عنه إن شاء الله تعالى».

 

وقال ابن حجر في «لسان الميزان» (8/ 73): «قال ابن القطان: هو إسناد مجهول، مثبج، ومصرف بن عمرو بن السري وأبوه وجده السري، لا يعرفون».

 

قال في «العين» (6/ 100): «التثبيج: التخليط من كل شيء».

 

خامس عشر: حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

أخرجه البزار في «مسنده» (3687)، قال: حدثنا محمد بن صالح بن العوام، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز، قال: حدثني أبي بكار بن عبد العزيز، قال سمعت أبي عبد العزيز بن أبي بكرة، يحدث عن أبيه رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فغسل يديه ثلاثًا، ومضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل ذراعيه إلى المرفقين، ومسح برأسه، يُقْبِل بيديه من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه، ثم غسل رجليه ثلاثًا، وخلل بين أصابع رجله، وخلل لحيته.

 

قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وبكار بن عبد العزيز ليس به بأس، وعبد الرحمن صالح الحديث، قد تقدم ذكرنا له» اهـ.

 

قلت: شيخ البزار مجهول.

 

قال الهيثمي في «المجمع» (1/ 233): «شيخ البزار محمد بن صالح بن العوام، لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله رجال الصحيح».

وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة.

 

قال الدوري في «روايته» (3269): «سألت يحيى عن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، فقال: ليس حديثه بشيء».

 

وقال يحيى، كما في «الجرح والتعديل» (2/ 408): «صالح».

 

وقال البخاري، كما في «العلل الكبير» (ص393): «مقارب الحديث».

 

وقال الآجري في «سؤالاته» (1099): «سألت أبا داود عن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، فقال: ليس بذلك».

 

وقال يعقوب الفسوي في «تاريخه» (2/ 120): «ضعيف».

وقال البزار في «مسنده» (9/ 133): «ليس به بأس».

وقال مرة: «ضعيف».

 

وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 471): «أرجو أنه لا بأس به، وهو من جملة الضعفاء الذين يُكتب حديثهم».

وقال الحافظ في «التقريب»: «صدوق يهم».

 

سادس عشر: حديث عبد الله بن عكبرة.

قال أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3/ 1744): عبد الله بن عكبرة، قوله: التخليل من السنة، مجهول، ذكره بعض المتأخرين، قوله هذا من حديث أبي أحمد الزبيري، عن حنظلة بن عبد الحميد، عن عبد الكريم البصري، عن مجاهد، عن عبد الله بن عكبرة، ولم يزد عليه.

 

حدثناه أبو محمد بن حيان، قال: حدثنا ابن رستة، قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا علي بن عبد الله العامري، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن عبد الله بن عكبرة، قال: «التخلل من السنة».

 

قلت: وقد قال أبو نعيم بأنه مجهول، وكذا السند المؤدي إليه فيه مجاهيل، وعبد الكريم بن أبي المخارق تقدم الكلام فيه.

 

قال الهيثمي في «المجمع» (1/ 540): «عن عبد الله بن عكبرة، وكانت له صحبة، قال: التخليل سنة. رواه الطبراني في «الأوسط» و«الصغير»، وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف».

 

سابع عشر: حديث جرير رضي الله عنه.

قال ابن الملقن في «البدر المنير» (2/ 191): «وأما حديث جرير، فرواه ابن عدي في «كامله»، من طريق ياسين الزيات، عن ربعي بن حراش، عنه، مرفوعًا، ثم قال: ياسين متروك».

 

وقال الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (1/ 151): «أما حديث جرير، فرواه ابن عدي، وفيه ياسين الزيات، وهو متروك».

 

قلت: حديث ياسين الزيات أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3004)، وابن عدي في «الكامل» (10/ 497)، من طريق ياسين بن معاذ الزيات، عن حماد بن أبي سليمان، عن ربعي بن حراش، قال: سمعت جريرًا يقول: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما نزلت المائدة، فمسح على خفيه.

 

وليس فيه ذكر التخليل، ومع ذلك فياسين الزيات قد أجمع الأئمة على أنه منكر الحديث، متروك.

 

ثامن عشر: حديث وائل بن حجر رضي الله عنه.

أخرجه البزار (4488)، والطبراني في «الكبير» (22/ 49) (118)، من طريق محمد بن حجر بن عبد الجبار بن وائل الحضرمي، قال: حدثني عمي سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه، عن أمه أم يحيى، عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتي بإناء فيه ماء، فأكفأ على يمينه ثلاثًا، ثم غمس يمينه في الإناء، فأفاض بها على اليسرى ثلاثًا، ثم غمس اليمنى في الماء، فحفن حفنة من ماء، فتمضمض بها، واستنشق، واستنثر ثلاثًا، ثم أدخل كفيه في الإناء، فحمل بهما ماء، فغسل وجهه ثلاثًا، وخلل لحيته، ومسح باطن أذنيه، ثم أدخل خنصره في داخل أذنه، ليبلغ الماء، ثم مسح رقبته وباطن لحيته من فضل ماء الوجه، وغسل ذراعه اليمنى ثلاثًا حتى ما وراء المرفق، وغسل اليسرى مثل ذلك باليمنى حتى جاوز المرفق، ثم مسح على رأسه ثلاثًا، ومسح ظاهر أذنيه، ومسح رقبته وباطن لحيته بفضل ماء الرأس، ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثًا، وخلل أصابعها، وجاوز بالماء الكعب، ورفع في الساق الماء، ثم فعل في اليسرى مثل ذلك، ثم أخذ حفنة من ماء بيده اليمنى فوضعه على رأسه حتى تحدر من جوانب رأسه، وقال: «هَذَا تَمَامُ الْوُضُوءِ»، فدخل محرابه… ثم ساق حديثًا طويلًا في صفة الصلاة.

 

قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن وائل بن حجر بهذا الإسناد».

قلت: هذا حديث منكر المتن والإسناد.

 

قال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 284): «محمد بن حجر بن عبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي الكندي؛ يروي عن عمه سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه وائل بن حجر بنسخة منكرة، فيها أشياء لها أصول من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس من حديث وائل بن حجر، ومنها أشياء من حديث وائل بن حجر مختصرة جاء بها على التقصي، وأفرط فيه، ومنها أشياء موضوعة ليس يشبه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يجوز الاحتجاج به» اهـ.

 

وسعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 495): «فيه نظر».

 

تاسع عشر: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

أخرجه الخطيب في «المتفق والمفترق» (588)، من طريق عبد الله بن محمد بن ناجية، قال: حدثني زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي، قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد بن حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: كنت أوضئ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلم يكن يدع نضح غابته ثلاثًا تحت ذقنه. قال حسين: قلت لجعفر: ما الغابة؟ فأشار بيده إلى بطن لحيته.

 

قال ابن حجر في «التلخيص» (1/ 151): «وأما حديث علي، فرواه الطبراني فيما انتقاه عليه ابن مردويه، وإسناده ضعيف ومنقطع» اهـ.

 

قلت: وهو كما قال رحمه الله.

فأغلب الإسناد مجاهيل الحال.

 

وقد ترجم المزي في «التهذيب» (20/ 352) لعلي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، وقال: «روى عن أبيه جعفر بن محمد الصادق، ولا يُدرى سمع منه أم لا»، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

 

عشرون: حديث جبير بن نفير.

قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (1/ 151، 152): «وفي الباب حديث مرسل، أخرجه سعيد بن منصور، عن الوليد، عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل أصابعه ولحيته، وكان أصحابه إذا توضئوا خللوا لحاهم».

 

قلت: هذا مرسل، كما قال الحافظ، وإسناده منكر؛ لأجل سعيد بن سنان؛ وهو أبو مهدي.

قال ابن معين في «سؤالات ابن الجنيد» (512): «ليس بشيء».

وقال مرة: «ليس بثقة».

 

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 477): «سعيد بن سنان، أبو مهدي، الحمصي، الكندي، عن أبي الزاهرية، منكر الحديث» اهـ.

 

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (4/ 28): «سألت أبي عن أبي مهدي سعيد بن سنان الحمصي، فقال: ضعيف الحديث، منكر الحديث، يروي عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من ثلاثين حديثًا أحاديث منكرة.

 

سألت أبا زرعة عن سعيد بن سنان أبي مهدي، فأومأ بيده أنه ضعيف» اهـ.

وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (268): «متروك الحديث».

 

وقال الجوزجاني، كما في «الكامل» (5/ 446): «أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة، لا تشبه أحاديث الناس، وكان أبو اليمان يثني عليه في فضله وعبادته، وقال: كنا نستمطر به، فنظرت في أحاديثه فإذا أحاديثه معضلة، فأخبرت أبا اليمان بذلك، فقال: أما إن يحيى بن معين لم يكتب منها شيئًا، فلما رجعنا إلى العراق ذكرت ليحيى بن معين أبا المهدي، وقلت: ما منعك أن تكتبها؟ قال: من يكتب تلك الأحاديث؟ لعلك كتبت منها يا أبا إسحاق؟ قال: قلت: كتبت منه شيئًا يسيرًا لأعتبر به، قال: تلك لا يعتبر بها، هي بواطل» اهـ.

 

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 404): «منكر الحديث، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد».

 

وقال ابن عدي في «الكامل» (5/ 452) بعدما ذكر له عدة أحاديث: «ولأبي مهدي سعيد بن سنان هذا غير ما ذكرت من الأحاديث، وعامة ما يرويه – وخاصة عن أبي الزاهرية – غير محفوظة، ولو قلت: إنه هو الذي يرويه عن أبي الزاهرية لا غيره، جاز ذلك لي، وكان من صالحي أهل الشام وأفاضلهم، إلا أن في بعض رواياته ما فيه» اهـ.

 

قلت: ولم أر فيما وقفت عليه من آثار عن الصحابة أثرًا يصح إلا عن ابن عمر رضي الله عنهما.

 

وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة (100)، وابن المنذر في «الأوسط» (364)، عن عبد الله بن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يخلل لحيته.

قلت: هذا إسناد صحيح.

 

وأخرج ابن أبي شيبة (115)، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا توضأ خلل لحيته.

 

قلت: هذا إسناد حسن، محمد بن فضيل صدوق.

وورد تخليل اللحية عن غير ابن عمر بأسانيد ضعيفة.

 

وقد ورد تضعيف أحاديث تخليل اللحية عن بعض الأئمة.

 

قال أبو داود في «مسائله» (40): «قلت لأحمد بن حنبل: تخليل اللحية؟ قال: يخللها؛ قد روي فيه أحاديث ليس يثبت فيه حديث؛ يعني: عن النبي صلى الله عليه وسلم».

 

وقال أبو حاتم في «العلل» (1/ 553): «لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية حديث».

 

وقال العقيلي في «الضعفاء الكبير» (6/ 164): «والرواية في تخليل اللحية فيها مقال ولين».

 

وقال ابن حزم في «المحلى» (1/ 284) في أحاديث تخليل اللحية: «وهذا كله لا يصح منه شيء»، ثم ذكر كل ما ورد في هذا الباب، وبيَّن عللها، ثم قال: «فسقط كل ما في هذا الباب».


[1] قال الدارقطني في «السنن» (1/ 148): «وفي هذا الحديث موضع فيه عندنا وهم؛ لأن فيه الابتداء بغسل الوجه قبل المضمضة والاستنشاق، وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل بهذا الإسناد، فبدأ فيه بالمضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه وتابعه أبو غسان مالك بن إسماعيل، عن إسرائيل، فبدأ فيه بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه، وهو الصواب» اهـ.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
تحميل كتاب برامج التثبيت والتكييف الهيكلي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي (محاورها – تحليلها – تأثيرها) pdf
استمتع بلحظات ممتعة وتعلم القيم مع قصصنا الرائعة قبل النوم