اعلم أن الله أقدر عليك منك عليها
اعلم أن الله أقدر عليك منك عليها
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34]، تأمل قول الله تعالى: ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾، لتعلم أن الغاية من تشريع الوعظ والهجر والضرب إنما هو التقويم فقط، فإذا استقامت على الجادة فلا معنى للاستمرار على العقاب، واللجاج في الخصومة، واستمراء الضرب والتعدي بالسباب وسوء الألفاظ، ولم يأمرنا الله تعالى بذلك شرعًا عند نشوزهنَّ، فكيف لو رجعت إلى الطاعة وفاءت إلى الشرعِ؟
وتأمل قوله تعالى: ﴿ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾، وما يحمله هذا اللفظ من معانٍ جليلة، ومنها لا تطلبوا سبيلًا لتبرير ظلمكم، ولا تبحثوا عن علة لاستباحة ما حرمه الله تعالى من ظلمهن.
ثم تأمل قَولَه تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾، لترى تحذيرًا شديدًا للأزواج من مغبة الظلم، فالله تعالى أقدر على العباد منهم على من تحت أيديهم، وأكبر من كل كبير مهما تعاظم في نفسه؛ فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ»، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ»[1].
فليعلم كلُّ زوجٍ أن الله تعالى أقدر عليه منه على مَنْ ملكه الله أمرها، إذا جار عليها.
[1] – رواه مسلم- كِتَابُ الْأَيْمَانِ، بَابُ صُحْبَةِ الْمَمَالِيكِ، وَكَفَّارَةِ مَنْ لَطَمَ عَبْدَهُ، حديث رقم: 1659