الإعلام والمترجم وعلم الترجمة
الإعلام والمترجم وعلم الترجمة
نتحدث في مقالنا هذا عن ثلاثية نَعُدُّها في غاية الأهمية؛ وهي الإعلام، والمترجِم، وعلم الترجمة، مُبرِزين تماهي الروابط بين هذه العناصر الثلاثة، لنَصِلَ في النهاية إلى نتيجة نَبتغيها.
إن الغاية من الإعلام التواصلُ مع الآخر، بِنقلِ الخبر إليه في صورة آنية، فيَبتغي مُقتفي أثرِ الخبر الحصول على الرسالة المبتغاة منه، سواء أكانت الوسيلة الإعلامية صحافة أو تليفزيونًا أو إذاعة.
أما الترجمة فهي تواصلٌ أيضًا، بنقل الرسالة من النص المصدر المُدوَّن باللغة (العربية مثلًا)، إلى النص الهدف المَكتوب بـاللغة (الفَرنسية مثلًا)، ويتضمن النص معرفة وثقافة وأفكارًا.
لو نظرنا في الجامعات، لوجدنا تخصص الترجمة الإعلامية، والحقيقة تُقال، يُمكن الإبداعُ في هذا التكوين، لنُقسِّم الإعلام إلى ثلاثة أقسام:
1- صحافة (مترجمون صحفيون).
2- تليفزيون (مترجمون إعلاميون).
3- إذاعة (مترجمون إذاعيون).
نركز في النمط الأول على خصائص لغة الصحافة، وكيف نحرِّر النص الصحفي المُتَرْجَمِ، وفي النمط الثاني، فنركز على التلفزيون، بأن تكون نبرة الصوت جميلةً جَهْوَرِيَّةً، والمظهر لائقًا ومحترمًا لجَذب المشاهِد، أما النمط الثالث، فيتأسَّس على الصوت كذلك، وجذبِ حاسة السمع للمُستمع لهضم المادة الإعلامية المُقدَّمة.
ولو نتمعن في الترجمة الشفوية على وسائل الإعلام، سيَّما التليفزيون، نجد المترجم الفوري أو التَّرْجُمان بالتسمية الأدق، يتقمَّص شخصية المُدلي بالتصريح، فَيَنْقُل الرسالة بأمانة، فلا غُموض يشوبها، حتى يضع المشاهِدَ في الصورة، ويُشْعِرَهُ بمضمون الرسالة الإعلامية المُهمَّة.
ولِتَخَصُّصِ الصحافة خصائصه المتميزة، فهو مجالٌ قائمٌ بذاته؛ مثلًا بالنسبة للمقال الصحفي، نَلحظ أن له أسلوبَه المُعتمَدَ في الكِتابةِ، وطريقته الخاصة في سَوْقِ العناوين، وتركيبةَ مضمونه الصحفي، والطريقة المُثلى في عَرْضِ الحقائق على القارئ المتلقِّي المشغوف بالوُصول للخبر.
نأتي في الأخير لنُشدِّد على أن تخصُّصَ الصحافة يندرج في إطار علم الترجمة، فهذا العلم يتميز بـتداخل تخصصاته، فلو نأخذ بين أيدينا النصَّ الصحفيَّ، فسَنتعامل مع الترجمة؛ لأننا من خلال ترجمةِ النص، ننقُلُ الرسالة إلى القارئ، ونتعامل مع اللسانيات، فيتعلق الأمر باللغة حصرًا، وقوانينها وقواعدها وأساليبها، بالأخصِّ لغة الصحافة التي تصطبغُ بـالسلاسة والوضوح والمباشرة، والتخصُّص الصحفي بما يحويه من مبادئ لصيقة بهذا المجال، ومن بينها تحرِّي الاختصار في الخبر وإيصال رسائله في وقتٍ وجيزٍ.
نَلحظ من خلال هذا العرض الأفكارَ الغزيرة التي تتعلق بـالإعلام والمترجِم وعلم الترجمة، فكُلٌّ منها يُقال بخصوصها الكثير، واخترنا هُنا المترجم وسيطًا فاعلًا في الوسيلة الإعلامية، وبحُكم ديناميكية إيصال الخبر للمتلقِّين، قرَّاءً كانوا أو مشاهدين أو مستمعين، تتأثر اللغة العربية التي تهُمُّنا في هذا المَقام، فَتَلِجُ إليها المصطلحات الجديدة، مُسَايِرَةً لسرعة ورود الأخبار الإعلامية، وهذا ملمحٌ عن قابلية اللغة العربية على امتصاص المصطلحات والتعبيرات الأجنبية، بما لها من آليات سلسةٍ ومخزونٍ لغويٍّ في غاية الثَّراء والتنوُّع.