التفسير التحليلي لسورة الأعراف للآيات (46


التفسير التحليلي لسورة الأعراف للآيات (46-50)

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: مقارنة بين أهل الجنة والنار.

المطلب الثاني: يوم الأذان والمناظرة.

المطلب الثالث: أصحاب الأعراف وصرف أبصارهم.

التفسير التحليلي لسورة الأعراف للآيات (46-50)

قال تعالى: ﴿ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ [الأعراف: 46 – 50].

 

أولًا: التحليل اللغوي:

(الأعراف): (عَرَفَ) العين والراء والفاء أصلان صحيحان؛ يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلًا بعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة.

 

فالأول: عُرْفُ الفرس، وسُمِّي بذلك لتتابع الشَّعر عليه.

الثاني: العُرْفَة وجمعها عُرَفٌ؛ وهي أرض منقادة مرتفعة بين سَهلَينِ تُنْبِتُ كأنها عرف فرس[1]، (وعرف)؛ وهو المكان العالي المشرف، وقيل: هو كل عالٍ مرتفع؛ لأنه بظهوره أعرف من المنخفض[2].

 

(سِيماهم): (وَسَمَ) الواو والسين والميم أصل يدل أثر ومَعْلَمٍ[3]، ووَسَمَ الشيء: كواه فأثَّر فيه بعلامة يُعرَف بها، ووسم فلانًا بوِسام: ميَّزه، والمتوسِّم: المتفرِّس والمفكِّر الذي يعرف الأمور بسماتها؛ أي: علاماتها[4].

 

ثانيًا: مناسبة الآيات لما قبلها:

لما بيَّن الله جل وعلا أحوال التكاليف، وأن لكل أمة أجلًا معينًا، بيَّن أنهم بعد الموت إن كانوا في طاعة الله، فلا خوف عليهم ولا حزن، وإن كانوا متمردين، وقعوا في أشدِّ العذاب، ثم جاءت الآيات بعدها لتوضيح عاقبة الذين كذبوا بآيات الله، والذين استكبروا عن قبولها، ثم ذكرت الآيات في طيَّاتها أن أشنعَ ظلمًا، وأعظم بَغْيًا من يتقوَّل على الله ما لم يقُلْه أو يكذِّب ما قاله، والأول هو الحكم بوجود ما لم يوجد؛ كإثبات الشريك لله من أصنام أو بنات أو ينسُب الأحكام الباطلة إلى الله تعالى، والثاني: يدخل فيه قول من أنكر كون القرآن العظيم كتابًا نازلًا من عند الله تعالى، وقول من أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فحَكَمَ بإنكار ما وُجد، ثم أخذت الآيات في شرح وَعْدِ الكفار، وثواب أهل الجنة، والمناظرات التي تدور بين هذين الفريقين[5].

 

ثالثًا: المعنى الإجمالي:

بيان مآل الصالحين وأحوالهم:

لما ذكر الله جل شأنه حال الأشقياء وجزاءهم، عطف عليه بيان حال السعداء وجزاءهم؛ ليتميز المؤمن عن الكافر، والْمُحِقُّ من المبطل؛ فقال عز من قائل: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا… ﴾ [الأعراف: 42]؛ أي: والذين آمنتقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم هم أهل الجنة دون سواهم، وهم المخلَّدون فيها أبدًا[6].

ثم أوضح الله تعالى بأسلوب معجِز السمةَ الكبرى التي تتميز بها الشريعة الإسلامية؛ فهي شريعة سَمْحَة مُيَسَّرة، لا حرجَ فيها ولا عُسْرَ، تتفق مع فطرة الإنسان وتلائم إمكاناته وقدراته؛ ففي أثناء الحديث عن ثواب المؤمنين الصالحين، أخبر سبحانه وتعالى عن سماحة الشريعة الإسلامية، وسهولة تكاليفها، بجملة معترضة بين المبتدأ وخبره بصيغة الفعل: ﴿ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [الأعراف: 42]؛ أي: لا نكلف العباد إلا بما يدخل تحت وُسْعِهم، ويقدرون عليه، ولا نكلفهم ما لا يدخل تحت وسعهم[7].

وبعد هذه السمة الكبرى جاءت آياتٌ أُخَرُ موضِّحة العلاقة بين أهل الجنة، فهي على النقيض تمامًا مما هي عليه بين أهل النار؛ فلا خصام بين أهل الجنة ولا تحاسد ولا تباغض؛ لأنه عز وجل هذَّب نفوسهم وجمَّلها قبل أن يكرمهم بدخول الجنة: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ﴾ [الأعراف: 43]؛ أي: مَن كان في قلبه غلٌّ على أخيه في الدنيا، نُزِع منه، ولم يكن بينهم إلا المودة والمحبة[8]؛ وبذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((يخلُص المؤمنون من النار فيُحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقتَصُّ لبعضهم من بعض مظالمُ كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا، أُذِنَ لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا))[9].

ثم إن منازل أهل الجنة عاليةٌ ومُشْرِفة على أنهار الجنة؛ وبذلك قالوا: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43]؛ أي: إن الحمد لله الذي وفَّقناوأرشدنا، وبيَّن لنا طريق الهداية، حتى وصلنا إلى هذا النعيم العظيم، ولولاه لَما وصلنا إليه[10].

وبذلك لا يرى أهل الجنة لأنفسهم أيَّ فضل، ولا لعملهم أي قيمة، بجانب فضل الله تعالى وتوفيقه، ثم تحقَّق الوعد الصادق الذي جاءت به رسل الله: ﴿ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]، قالوا: هذا لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الجزاء العظيم، اعتصامًا بما صاروا فيه بسبب ما تقدم منهم من تصديق الرسل، وظهور صدق ما أخبروهم به في الدنيا، من أن جزاء الإيمان والعمل الصالح هو هذا الذي صاروا فيه.

 

وبعد أن أقرَّ أهلُ الجنة بفضل الله تعالى، ولم يَرَوا لأنفسهم وأعمالهم أيَّ فضل في دخول الجنة، جاء نداء الله تعالى يكرمهم فيه ومنوِّهًا بأن لأعمالهم الصالحة أثرًا: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]؛ أي: ونادى منادٍ هؤلاء الذين وصف الله صفتهم، وأخبر عما أعدَّ لهم من كرامته أنْ: يا هؤلاء، هذه الجنة التي كانت رسلي في الدنيا تخبركم عنها، أُعْطِيتموها بسبب أعمالكم الصالحة، فشَمِلَتْكُم الرحمة، وأُدْخِلْتُم الجنة[11]، وهكذا عاد بنو آدم الذين أطاعوا الله وعصَوا الشيطان إلى الجنة التي أخرجهم الشيطان منها، وهم في صلب أبيهم آدم عليه السلام.

 

المطلب الأول: مقارنة بين أهل الجنة وأهل النار:

أهل الجنة

أهل النار

1-  تجري من تحتهم الأنهار.

1- لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواشٍ.

2- فرحهم بنعيم الجنة وإيمانهم بمصدره الذي أنعم عليهم به، معترفين له بالحمد والثناء.

2- يعترفون على أنفسهم بالكفر ﴿ وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾ [الأنعام: 130].

3- أُورِثوا الجنة بعملهم الصالح.

3- ورثوا النار بما كانوا يكسبون من السيئات والأعمال الطالحة.

4- يُرفَع المؤمنون بأعمالهم ويُكرَمون بذكرها واحتسابها له.

4- يخفض الكافرون بأعمالهم ويهانون ويقرون باحتسابها، وأذاقتهم العذاب بسببها.

 

المطلب الثاني: يوم الأذان والمناظرة:

بعد أن ذكرت الآياتُ مآلَ الأشقياء والفُجَّار، ومصير المتقين الأبرار، واطمأنَّ أصحاب الجنة إلى دارهم، واستيقن أصحاب النار إلى مصيرهم – جاءت آيات تحدثنا عن مناظرة دارت بين فريق أهل الجنة وفريق أهل النار، وذلك بعد أن استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وإنه لَمشهدٌ من مشاهد يوم القيامة يتحدث عنه القرآن بأسلوبه المعجز، وبيانه المنير، مشهدٌ سوف يشهده العالم يوم البعث والجزاء على الحقيقة، دون تمثيل ولا تخييل، يتحلى فيه ما يكون من شماتة أهل الحق بالمبطلين من أصحاب النار، وينطلق صوت علويٌّ قُدُسيٌّ، يسجِّل على الكفار الخزيَ واللعنةَ والدَّمار[12]: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44]؛ أي: ونادى أهلُ الجنة أهلَ النار بعد دخولهما: يا أهل النار، قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا في الدنيا على ألْسُنِ الرسل؛ من الثواب على الإيمان به وبهم، وعلى طاعته، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم على ألسنتهم على الكفر به وعلى معاصيه، فأجاب أهل النار: نعم[13]، نادى منادٍ وأعلن معلن بين الفريقين: ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44]، وهكذا ينتهي هذا الحوار بين أهل الجنة وأهل النار بهذا النداء العلوي؛ فازداد أهل الجنة فرحًا وسرورًا، وأهل النار كَمَدًا وحسرة بلعنة خالدة باقية متجددة لا تنتهي، كما أفادته (أنْ) الدالة على الابتداء.

 

وبذلك يبين الله تعالى المراد من الظالمين؛ فقال عز من قائل: ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [الأعراف: 45]؛ أي: إنهم هم الذين يمنعون الناس عن سلوك سبيل الله الموصِّلة إلى مرضاته وثوابه، وينفِّرون الناس عنها، ويقدحون في استقامتها بقولهم: إنها غير حق، والحق ما هم فيه[14]، وبغيُ الظالمين وطلبهم اعوجاجَ السبيل يأتي على ضروب شتَّى[15]:

الأول: تتمتع أنفسهم بالظلم العظيم؛ وهو الشرك، فيشوِّهون التوحيد بشوائب الوثنية في العبادة والدعاء، ويشركون مع الله غيره على أن له شفيعًا ووسيلة، وقد نهى الله عنه بقوله عز وجل: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

 

الثاني: ظلمهم للنفس بالابتداع؛ إذ يبغونها عوجًا بما يزيدون في الدين من البدع والمحدَثات، التي لم يَرِدْ بها كتاب ولا سُنَّة، ومستندهم في ذلك تأويلات جدلية، ومحاولات للتوفيق بين الدين والفلسفة في الاعتقادات، وزيادة في العبادات والشعائر.

 

الثالث: ظلمهم لها بالزندقة والنفاق؛ إذ يبغونها عوجًا بالتشكيك فيها بضروب من التأويل يُقصَد بها بطلان الثقة بها والصد عنها.

 

الرابع: ظلمهم للنفس في الأحكام؛ فيبغونها عوجًا بترك الحق، وإقامة ميزان العدل والمساواة بين الناس بالقسط.

 

الخامس: ظلمهم لها باللغو فيها؛ بجعل يُسْرَها وسَعَتَها ضيقًا، بزيادتهم على ما شرعه الله من أحكام العبادات والمحظورات والمباحات مما نزل في كتابه، وصح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم[16].

 

الأعراف وأصحابها:

تتابعت الآيات الكريمات موضحة لنا صورة كاملة عن تلك المحاورة والمناظرة التي ستكون بين أهل الجنة وأهل النار، وكأننا نعيشها ونلمسها، وقد ضُرِبَ بين الفريقين بسور شاهق صمم؛ ليمنع وصول أحد الفريقين إلى الآخر، وسماه لنا رب العزة بـ(الأعراف)، وعلى أعالي هذا السور رجالٌ قد وقفوا عليه، يعرفون كلًّا من أهل الجنة وأهل النار بعلاماتهم التي ميَّزهم الله بها.

 

وبعدُ، فرُبَّ سائلٍ يسأل: من هم أصحاب الأعراف؟

إن لأهل العلم والرأي أقوالًا متعددة وآراءً مختلفة في أصحاب الأعراف، نوجزها بشيء من التفصيل:

القول الأول: أنهم عدول الأمم يوم القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم، وهم في كل أمة، واختار هذا القول النحاس؛ وقال: “هو أحسن ما قيل فيهم، فهم على السور بين الجنة والنار، وهم على طمع في دخول الجنة، وهم داخلون”[17].

 

القول الثاني: أن أصحاب الأعراف أقوامٌ يكونون في الدرجة النازلة من أهل الثواب، وأنهم أقوام تساوت حسناهم وسيئاتهم، فأوقفهم الله تعالى على الأعراف؛ لكونها درجة متوسطة بين الجنة والنار، ثم يدخلهم الله الجنة بفضله ورحمته؛ وهذا قول حذيفة وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم[18].

 

القول الثالث: أنهم أقوام خرجوا إلى الغزو بغير إذن آبائهم، فاستُشهدوا، فحُبِسوا بين الجنة والنار؛ لأن معصيتهم ساوت طاعاتهم بالجهاد[19]، وهذا القول فيه نظر؛ لأن المجاهد لا يحتاج إلى الاستئذان، خاصة إذا كان الجهاد فرضَ عَين؛ وأيضًا كما قال صلى الله عليه وسلم: ((يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ))[20].

 

القول الرابع: أن أصحاب الأعراف هم الدعاة الذين بلغوا رسالات الأنبياء، وقادوا الأمم إلى الخير، وفي الآخرة يخصهم الله تعالى بمراقبة الناس في ساحة الحساب، ويلقَون بالتحية أهلَ الجنة، وبالشماتة أهل النار.

 

واحتجوا على ذلك بأن حديث القرآن عنهم يرجِّح هذا الفهمَ، وذلك من خلال إلقائهم التحيةَ على المؤمنين، وتوبيخهم المذنبين على ما اقترفوا، ويستعيذون بالله من مصيرهم، ومن المستعبد أن يكون ذلك الموقف لقوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، لا يدرون أين يُذهَب بهم[21].

 

الرأي الراجح:

هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني: أنهم قوم تساوت حسناتهم مع سيئاتهم؛ وذلك لِما رَوَى ابن جرير عن شعبة أن حذيفة رضي الله عنه ذكر أصحاب الأعراف فقال: “أصحاب الأعراف قوم تجاوزت بهم حسناتُهم النارَ، وقصُرت بهم سيئاتُهم عن الجنة، فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار، قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، فبينما هم كذلك إذِ اطَّلع عليهم ربك، قال: قوموا ادخلوا الجنة؛ فإني قد غفرت لكم”[22].

 

المطلب الثالث: أصحاب الأعراف وصرف أبصارهم.

بعد أن علمنا من هم أصحاب الأعراف وأقوال العلماء فيهم، جاءت الآيات تحمل في طياتها حالتهم وهم على الأعراف؛ فقال عز من قائل: ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 47]؛ أي: إن أبصارهم صُرِفت إلى النظر إلى أصحاب النار، على الرغم من أنهم غير راغبين في النظر إلى وجوه المغضوب عليهم، كما دلت عليه كلمة (صُرِفت)، ولكن أبصارهم وقعت عليهم بدون قصد منهم، وهذه النظرة التي وقعت في وجوه أصحاب النار قد أدخلت في قلوبهم الخوفَ حتى دعَوا الله[23].

 

وعندما وقعت أبصارهم على من عُرفوا في الدنيا من زعماء الكفر والإشراك والضلال، نادَوهم موبخين لهم: ﴿ مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الأعراف: 48]، بصفاتهم التي ميَّزتكم عن غيرهم بسواد وجوههم، وكون وجوههم عليها غَبَرة، ترهقها قَتَرة، ثم توجَّه أصحاب الأعراف لتبكيتهم: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الأعراف: 48]؛ أي: ما الذي نفعكم كثرتكم وجمعكم للمال، واستكباركم عن الإيمان؟ وأي فائدة جَنَيْتُموها من وراء إعراضكم عن الحق واستهزائكم بالناس؟ ﴿ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف: 49]، تتمة قولهم للرجال؛ أي: إنهم يقولون لأولئك المجرمين موبخين إياهم: أهؤلاء المؤمنون الضعفاء الذين كنتم تسخرون منهم في الدنيا، وتحلفون أن الله لا يدخلهم الجنة، وتأنَفون من مشاركتهم في الدين لقلة حظوظهم من الدنيا؟[24] وقد قال عز وجل في كتابه على لسانهم: ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ [سبأ: 35].

 

وبعد التوبيخ بالشماتة التي لحِقت بأصحاب النار، جاءت البشرى للمؤمنين الذين استُضعفوا في الحياة الدنيا، وسُخِرَ منهم

 

هذا، فالشأن في الآخرة يختلف عنه في الدنيا؛ فالتقدم في الآخرة بالإيمان والعمل الصالح، لا بالأموال والأولاد؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37].

 

نداء التذلل والاستجداء:

“تمضي الآيات وتتم لنا مشهدًا من مشاهد العذاب الأخروي؛ وهو نداء أهل النار يدافعون فيه عن أنفسهم، ويعتذرون عما سلف منهم في الدنيا، ولكن لا يخفى عن أصحاب العقول النَّيِّرة أن نداء أهل النار فيه تذلُّل واستجداء لأهل الجنة: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]، فيقول أهل النار لأهل الجنة: يا أهل الجنة، أفيضوا علينا من الماء؛ أي: صُبُّوا علينا من الماء، أو مما رزقكم الله، ووسِّعوا علينا من طعام الجنة، فيجيبهم أهل الجنة بقولهم: ﴿ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]، وهذا جواب يفيد الحرمان، وقال بعضهم: لما كانت شهواتهم في الدنيا في لذة الأكل والشرب، عذَّبهم الله في الآخرة بشدة الجوع والعطش، وسألوا ما كانوا يقتادونه في الدنيا في طلب الأكل والشرب”[25].

 

ثم جاء جواب أهل الجنة: ﴿ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]، وكل ذلك كان سببًا في حرمانكم مما نحن فيه من نعيم لا يزول.

 

وفي ختام المشهد يكون جزاءَهم النسيانُ: ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ [الأعراف: 51]؛ أي: نفعل بهم فعل الناسين فنتركهم في نار جهنم[26]، ﴿ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴾ [الواقعة: 55]، ويأكلون الطعام الذي ﴿ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾ [الغاشية: 7]، وهكذا يعاملهم رب العزة معاملة المتروكين؛ لأن كلمة النسيان جاءت بمعنى الترك، لا بمعنى غياب شيء عن الذاكرة؛ لأن الله تعالى لا يتصف بصفات الخلائق؛ ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، وقوله عز وجل: ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴾ [طه: 52].

 

﴿ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ… ﴾ [الأعراف: 51]، أتى على سبيل المقابلة؛ كقوله تعالى: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 126]؛ أي: نتركهم في النار معذَّبين، فلا يجيب الله تعالى دعاءهم، ولا يرحمهم ولا يخفف عنهم العذاب، كما تركوا الإيمان بالله واليوم الآخر، وكذَّبوا آياتنا؛ ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ [الأعراف: 51]؛ أي: يجحدون بآياتنا أنها ليست من الله تعالى، ويُعرِضون عن دينه وشرعه، كانوا في نار جهنم خالدين فيها[27].

 

رابعًا: القراءات القرآنية:

قُرئ (تستكثرون) بتاء مثلثة من الكثرة.

 

قرأ الحسن وابن سيرين: (أَدْخِلوا الجنة) أمرًا من أَدْخَلَ؛ وفيها تأويلان؛ أحدهما: أن المأمور بالإدخال الملائكة؛ أي: أدخلوا يا ملائكة هؤلاء، ثم خاطب البشر بعد خطاب الملائكة، فقال: لا خوف عليكم، وتكون الجملة من قوله: ﴿ لَا خَوْفٌ ﴾ لا محل لها من الإعراب لاستئنافها، والثاني: أن المأمور بذلك هم أهل الأعراف، والتقدير: أدخلوا أنفسكم، فحذف المفعول في الوجهين[28].

 

خامسًا: وجوه الإعراب وأثرها في توجيه المعاني:

﴿ الَّذِينَ ﴾ [الأعراف: 45]: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة للظالمين، ﴿ عَنْ سَبِيلِ ﴾ [الأعراف: 45] متعلقان بالفعل يصد، ﴿ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: 45] لفظ الجلالة مضاف إليه، وجملة ﴿ يَصُدُّونَ ﴾ [الأعراف: 45] صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

 

﴿ عِوَجًا ﴾ [الأعراف: 45] حال منصوبة والجملة معطوفة.

 

﴿ حِجَابٌ ﴾ [الأعراف: 46] مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، ﴿ وَعَلَى الْأَعْرَافِ ﴾ [الأعراف: 46]، متعلقان بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ (رجال)، والجملة مستأنفة.

 

﴿ لَمْ ﴾ [الأعراف: 46] جازمة ﴿ يَدْخُلُوهَا ﴾ [الأعراف: 46] مضارع مجزوم بحذف النون، والواو فاعل، و(ها) مفعول به والجملة مستأنفة.

 

﴿ وَهُمْ ﴾ [الأعراف: 46] ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ، وجملة ﴿ يَطْمَعُونَ ﴾ [الأعراف: 46] خبر، والجملة الاسمية في محل نصب حال بعد واو الحال[29].

 

﴿ رَبَّنَا ﴾ [الأعراف: 47] منادى مضاف منصوب بالفتحة، و(نا) ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

 

﴿ لَا تَجْعَلْنَا ﴾ [الأعراف: 47] مضارع للدعاء مجزوم، و(نا) ضمير متصل في محل نصب مفعول به، و(لا) ناهية جازمة.

 

﴿ مَعَ الْقَوْمِ ﴾ [الأعراف: 47] متعلقان بـ(تجعلنا) ﴿ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 47] صفة مجرورة بالياء؛ لأنها جمع مذكر سالم، والجملة مفعول به[30].

 

﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الأعراف: 48] فعل ماضٍ ناقص، والتاء اسمها، وما مصدرية، والمصدر المؤول منها ومن الفعل بعدها معطوف على (جمعكم): ما أغنى عنكم جمعكم ولا استكباركم، وجملة (تستكبرون) في محل رفع خبر (كنتم)[31].

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ ﴾ [الأعراف: 50] إن ولفظ الجلالة اسمها، والجملة مقول القول، وجملة ﴿ حَرَّمَهُمَا ﴾ [الأعراف: 50] في محل رفع خبر، ﴿ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]، متعلقان بالفعل قبلهما[32].

 

سادسًا: أساليب البلاغة:

جملة: ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ ﴾ [الأعراف: 47] معطوفة على جملة: ﴿ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾ [الأعراف: 46].

 

والصرف: أمر الحال بمغادرة المكان، والصرف هنا مجاز في الالتفات أو استعارة، وإسناده إلى المجهول هنا جارٍ على المتعارف في أمثاله من الأفعال التي لا يتطلب لها فاعل، وقد تكون لهذا الإسناد هنا فائدة زائدة؛ وهي الإشارة إلى أنهم لا ينظرون إلى أهل النار إلا نظرًا شبيهًا بفعل من يحمله على الفعل حامل، وذلك أن النفس وإن كانت تكره المناظر السيئة، فإن حب الاطلاع يحملها على أن توجه النظر إليها آونة؛ لتحصيل ما هو مجهول لديها[33].

 

سابعًا: الهدايات التي ترشد إليها الآيات الكريمة الكريمة.

    1- صدق الرسل فيما أخبرت به من شأن الغيب وغيره.

    2- وجود اتصال كامل بين الجنة وأهل النار متى أراد أحدهم ذلك، بحيث إذا أراد من في الجنة أن ينظر إلى من في النار ويخاطبه، تمَّ له ذلك.

    3- التنديد بالصد عن سبيل الله، والظلم والكفر بالآخرة، وهي أسباب الشقاء في الدار الآخرة.

    4- تقرير مبدأ ثقل الحسنات ينجِّي وعكسه يُرْدِي[34].


    [1] معجم مقاييس اللغة: 2/ 281، ولسان العرب: 9/ 243، والنهاية: 3/ 216.

    [2] القاموس المحيط، مادة (عرف).

    [3] معجم مقاييس اللغة: 6/ 110، ولسان العرب: 63712، والنهاية: 5/ 184.

    [4] معجم الألفاظ القرآنية: 575.

    [5] انظر: نظم الدرر، البقاعي، اللباب في علوم الكتاب: 9/ 117-121.

    [6] انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 2/ 216، التفسير المنير، لوهبة الزحيلي 4/ 572.

    [7] انظر: فتح القدير للشوكاني: 2/ 205.

    [8] انظر: الكشاف للزمخشري: 2/ 100، التفسير المنير: 4/ 572

    [9] صحيح البخاري: كتاب المظالم، رقم الحديث (6535): 6/ 115

    [10] انظر: الكشف والبيان: أبو إسحاق احمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري تحقيق الإمام محمد بن عاشور، دار إحياء التراث العربي – بيروت ط1، 2002م، 4/ 234.

    [11] انظر: جامع البيان، للطبري: 8/ 158، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، للبيضاوي: 3/ 21، تفسير القرآن الكريم، لمحمود شلتوت، ص: 482.

    [12] انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب: 3/ 225، قبس من نور القرآن، للصابوني: 30.

    [13] انظر: جامع البيان، للطبري: 8/ 186.

    [14] انظر: فتح القدير للشوكاني: 2/ 207.

    [15] تفسير المراغي: 8/ 157- 158.

    [16] تفسير المراغي: 8/ 157-158.

    [17]إعراب القرآن، أبو جعفر النحاس، (1/ 146).

    [18] انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، (3/ 418).

    [19] انظر: مفاتيح الغيب، للرازي، 14/ 74، اللباب في علوم الكتاب، لابن عادل: 9/ 127.

    [20] سنن أبي داود، أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الشهيد يشفع، (2/ 322)، حديث رقم (2524).

    [21] انظر: تفسير موضوعي لسور القرآن، محمد الغزالي، ص111-112.

    [22] المستدرك على الصحيحين، 2/ 320، حديث رقم (3247)، وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

    [23] انظر: تفسير البيضاوي، 1/ 23.

    [24] انظر: قبس من نور القرآن الكريم، للصابوني، (ص: 23).

    [25] تفسير الخازن، 2/ 235.

    [26] انظر: تفسير البيضاوي 1/ 24.

    [27] انظر: بحر العلوم، للسمرقندي 1/ 535.

    [28] انظر: القراءات السبع لابن مجاهد 280، الحجة لابي علي، 4/ 18، وإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر، لأحمد بن محمد البناء الدمياطي، 2/ 42

    [29] إعراب القرآن، للعكبري، 1/ 569.

    [30] انظر: مشكل إعراب القرآن، مكي بن أبي طالب القيسي، 1/ 291.

    [31] انظر: البحر المحيط، لأبي حيان، 5/ 53.

    [32] انظر: مشكل إعراب القرآن، مكي بن أبي طالب القيسي، (1/ 291).

    [33] الجدول في اعراب القرآن، (8/ 411).

    [34] تفسير أيسر التفاسير، للجزائري: (1/ 380-388).





    Source link

    أترك تعليقا
    مشاركة
    تحميل كتاب المدخل إلى علم العلاقات الدولية pdf
    مكتبه السلطان – كتب صوتية مسموعة – مملكة البلاغة – رواية أوبال – حنان لاشين | الجزء الأول