الكفر وأنواعه
الكفر وأنواعه
الكفر نوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر.
فالكفر الأكبر: هو الموجب للخلود في النار.
والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في أُمتي، هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت))؛ (رواه مسلم)
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض))؛ (رواه البخاري ومسلم)
وأما الكفر الأكبر فخمسة أنواع: كفر تكذيب، وكفر استكبار وإباء مع التصديق، وكفر إعراض، وكفر شك، وكفر نفاق.
1- فأما كفر التكذيب: فهو اعتقاد كذب الرسل، وهذا القسم قليل في الكفار، فإن الله تعالى أيد رسله، وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به الحجة، وأزال به المعذرة، قال الله تعالى عن فرعون وقومه: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل: 14].
وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَإنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33].
وإن سُمي هذا كفر تكذيب أيضًا فصحيح: إذ هو تكذيب باللسان.
2- وأما كفر الإباء والاستكبار: فنحو كفر إبليس – فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار، وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار.
ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم ينقد له إباءً واستكبارًا وهو الغالب على كفر أعداء الرسل، كما قال الله تعالى عن فرعون وقومه: ﴿ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 47].
وقول الأمم لرسلهم: ﴿ إنْ أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا ﴾ [إبراهيم: 10].
وقول الله تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ﴾ [الشمس: 11].
وهو كفرُ اليهود كما قال تعالى عنهم: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ﴾ [البقرة: 89].
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ [البقرة: 146].
وهو كفر أبي طالب أيضًا. فإنه صدقه ولم يشك في صدقه، ولكن أخذته الحمية، وتعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم، ويشهد عليهم بالكفر.
3- وأما كفر الإعراض: كأن يُعرض بسمعه وقلبه عن الرسول، لا يُصدقه ولا يكذبه. ولا يواليه ولا يعاديه. ولا يُصغي إلى ما جاء به البتة.
(وهو كفر الملحدين اليوم من المتسمَّين بأسماء مختلفة: بالعلمانية، والشيوعية، والماسونية، المقلدين للأفرنج من اليهود والنصارى، المنحلين في كل خلق وفضيلة، زاعمين بجاهليتهم وسفههم: أن هذا هو سبيل الرقي والمدنية).
4- وأما كفر الشك: فإنه لا يجزم بصدقه ولا بكذبه، بل يشك في أمره. وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة. فلا يسمعها ولا يلتفت إليها. وأما مع التفاته إليها، ونظره فيها: فإنه لا يبقى معه شك، لأنها مستلزمة للصدق، ولا سيما بمجموعها فإن دلالتها على الصدق كدلالة الشمس على النهار.
5- وأما كفر النفاق: فهو أن يظهر بلسانه الإيمان، وينطوي بقلبه على التكذيب. فهذا هو النفاق الأكبر. فنعوذ بالله منه.