ترجمة موجزة ‌عن المفكر (وحيد الدين خان)، وذكر شيء من سيرته، وبعض الملامح العامة عن عصره


ترجمة موجزة ‌عن المفكِّر (وحيد الدين خان)،

وذِكر شيء من سيرته، وبعض الملامح العامة عن عصره

 

الحمد ‌لله، ‌والصلاة ‌والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:

‌ ‌فهذه ‌ترجمة موجزة ‌عن المفكِّر (وحيد الدين خان)، وذِكر شيء من سيرته، وبعض الملامح العامة عن عصره.

 

(أ) اسمه، ونسبه، ومولده:

هو الشيخ الجليل “وحيد الدين بن الشيخ فريد الدين بن الشيخ عبدالحميد، وُلِد وحيد الدين خان في مدينة أعظم كره، بالهند، في أول يناير عام 1925م”[1].

 

(ب) طلبه للعلم:

تلقَّى وحيد الدين خان “تعليمه الأول في معهد جامعة الإصلاح العربية الإسلامية، حفِظَ القرآن الكريم، ونال قدرًا مهمًّا من الثقافة الإسلامية، ثم توجه لتعلُّم اللغة الإنجليزية حتى أتقنها، وصارت هذه عائلته يرصُدُ من خلالها توجُّهات العلوم، وسَيْرَ ثقافات العصر”[2].

 

من خلال كتب ورسائل المفكِّر وحيد الدين خان، يتضح لنا أن هذا الكاتب يعتمد في كل ما يصدُرُ عنه على موضوعية علمية، افتقدتها الدعوة الإسلامية طويلًا، ويسقط من حسابها كل الانفعالات والتشنُّجات، والخطابة الجوفاء، والكلام الجاف، وتناول القشور دون اللُّباب، وقد اقتضت هذه الموضوعية العلمية أن يكون الكاتب مثقَّفًا ثقافة إسلامية واعية وجيدة، ويهتم اهتمامًا بالغًا بتتبُّع ما يُثار حول الفكر الإسلامي في كل أنحاء الأرض، وما يرتبط بهذا الفكر من ظواهر اجتماعية وثقافية، واقتصادية وسياسية، وغيرها، وقد أكْمَلَ هذه الموضوعية العلمية بأن نظر إلى ما يجري داخل العالم الإسلامي بمعنى نظره في حياة المسلمين وواقعهم، ثم انتقد السلبيات محاولًا أن يبرز تصوره عن مستقبل الإسلام والمسلمين”[3].

 

وقد أسس المركز الإسلامي في نيودلهي عام 1970، الذي عمِل على إصدار مجلة (الرسالة) بالأردية عام 1976، ثم بالإنجليزية والهندية أعوام 1984 و1990؛ وذلك لنشر فِكْرِه ورؤيته عن روح السلام في الإسلام، والمسؤولية الاجتماعية للمسلمين، وللترويج للفكر والعمل الإيجابي، وفي عام 1992، وعندما واجه المجتمع الهنديُّ حالةَ انقسامٍ دينيٍّ حادةً؛ بسبب أزمة المسجد البابري، شعر بضرورة أن يقنع الناس بالحاجة إلى استعادة السلام والوئام من أجل أن تسير البلاد مرة أخرى على طريق التقدم، ومن ثَمَّ شرع في (مسيرة سلام) مع قيادات الطوائف الهندية، جابت 35 منطقة هندية[4].

 

(ج) شيوخه:

وحيد الدين خان كرديف “المودودي[5]إرادة العلم عن قرينة العبادة، فلم يحفِلْ بتحصيل الألقاب، بل ظل سنوات عديدة يكتب ويحاضر، ويشارك في الندوات العلمية؛ لإبلاغ الناس رسالةَ الإسلام على أحسن وجه”[6].

 

فقد تأثَّر المفكِّر وحيد الدين خان في أول أمره بأبي الأعلى المودودي، وأبي الحسن الندوي[7]، ثم خالفهم، ونَقَدَ كتابات المودودي.

 

(د) آثاره العلمية ومصنفاته:

يعدُّ المفكر الإسلامي وحيد الدين خان رحمه الله من العلماء الْمُكْثِرين في التأليف والتصنيف، وقد ترجم ابنه ظفر الإسلام خان إلى العربية نحو أربعين كتابًا من كُتُبِهِ، ‌في ‌فنون عديدة؛ ومنها:

المرأة بين شريعة الإسلام والحضارة الغربية؛ للمفكر الهندي وحيد الدين خان [ت: 2021م]، دار الصحوة للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 1414ه، 1994م.

 

‌الإسلام ‌يتحدى؛ وحيد الدين ‌خان، ترجمة: ظفر الإسلام ‌خان، مراجعة وتقديم: د/ عبدالصبور شاهين، المختار الإسلامي بالقاهرة، سنة 1974 م.

 

الدين ‌في ‌مواجهة ‌العلم؛ وحيد الدين خان، ترجمة: ظفر الإسلام خان، الطبعة الأولى، دار الاعتصام، 1392 هـ.

 

الإسلام والعصر الحديث؛ وحيد الدين خان، بدون اسم المترجم، دار المختار الإسلامي، القاهرة، الطبعة الثالثة (د-ت).

 

الإنسان القرآني؛ وحيد الدين خان، ترجمة: د/ سمير عبدالحميد، دار الصحوة، القاهرة، عام 1991م.

 

واقعنا ومستقبلنا؛ وحيد الدين خان، ترجمة: د/ سمير عبدالحميد، دار الصحوة، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1991م.

 

المسلمون بين الحاضر والمستقبل؛ وحيد الدين خان، ترجمة: ظفر الإسلام خان، دار المختار الإسلامي، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1978م.

 

حكمة الدين – تفسير عناصر الدين ومقتضياته؛ وحيد الدين خان، ترجمة: ظفر الإسلام خان، دار المختار الإسلامي، القاهرة، الطبعة الرابعة، عام 1978م.

 

إمكانات جديدة للدعوة – سلسلة إلى الإسلام من جديد؛ وحيد الدين خان، مؤسسة الرسالة للإعلان الدولي، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1992م.

 

التفسير السياسي للدين؛ وحيد الدين خان، مؤسسة الرسالة، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1991م.

 

تاريخ الدعوة إلى الإسلام؛ وحيد الدين خان، سلسلة إلى الإسلام من جديد، مؤسسة الرسالة للإعلان الدولي، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1992م.

 

عليكم بسنتي؛ وحيد الدين خان، سلسلة إلى الإسلام من جديد، مؤسسة الرسالة للإعلان الدولي، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1992م.

 

مأساة كربلاء – الحسن والحسين؛ وحيد الدين خان، مؤسسة الرسالة للإعلان الدولي، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1991م.

 

خطأ في التفسير؛ وحيد الدين خان، مؤسسة الرسالة للإعلان الدولي، القاهرة، (د-ط، د-ت، ‌بدون ‌طبع ولا ‌تاريخ).

 

سقوط الماركسية؛ وحيد الدين خان، ترجمة: ظفر الإسلام خان، دار الصحوة، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1987م.

 

تجديد علوم الدين؛ وحيد الدين خان، ترجمة: ظفر الإسلام خان، دار الصحوة، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1986م.

 

حقيقة الحج؛ وحيد الدين خان، ترجمة: ظفر الإسلام خان، دار الصحوة، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1987م.

 

(ه) ثناء العلماء عليه:

وحيد الدين خان، أحد المفكرين “القلائل الذين جمعوا بين ثقافة العصر في أعمق ظواهرها، وأعقد تشعُّباتها، وبين ثقافة الإسلام الخالدة في أدقِّ خصائصها، وأشمل معطياتها، وهي مَزِيَّة قلما وجدناها في مثقفي هذا العصر؛ فهم أبعد دومًا عن الجمع والتركيب، وأقرب إلى الأحادية، أو البعد الواحد، وأحرص كذلك على الألقاب والشهادات الجامعية”[8].

 

وفي الجزء الثاني من كتاب (موسوعة أعلام المجددين في الإسلام)؛ قال المؤلف في مقدمته: “إن هذا الجزء الذي بين أيدينا، والذي يشتمل على ثلاثة قرون هجرية؛ هي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، تكفي وتزيد للدلالة على أن هناك هجمة كانت على الإسلام من أعداء الإسلام، هجمة يتعرض لها هذا الدين، وفي المقابل نجد هذا الدين قادرًا على مواجهة كل التحديات، وذلك بتفكير أبنائه من المجددين منذ ظهر هذا الدين إلى اليوم… كذلك يستوقفنا ظهور عدد من المجددين في شبه الجزيرة الهندية، ممـن حافظوا بجهودهـم على ثوابت الإسـلام واسـتمراريتها، ويتقدمهم مولانا محيي الدين أحمد بن خير الدين المشهور بلقب أبو الكلام آزاد، والشاعر محمد إقبال، وأبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي، ووحيد الدين خان”[9].

 

ويعتبر وحيد الدين خان “من أبرز الدعاة الإسلاميين على النطاق العالمي في الفترة الراهنة؛ إذ إنه يقوم بمجهود كبير ورائع ومستنير في سبيل الدعوة الإسلامية، محتسبًا هذا الجهدَ في سبيل الله تعالى، وبتواضع شديد، وأدب جمٍّ، محاولًا أن يكون ما قدَّمه مقبولًا قبولًا حسنًا وطيبًا”[10].

 

وفي عصر “اختصار المسافات التي يعيشها العالم الإسلامي، كان لا بد أن يكون هناك رجل من الطراز الأول، أو روَّاد من طراز ثانٍ أمثال محمد عبده… ووحيد الدين خان”[11].

 

(و) أثر العادة والفكر الغربي في توجيه فكر وحيد الدين خان:

لا يمكن الحكم بدقة على أثر العادة والفكر الغربي على توجيه فكر وحيد الدين خان، ولكن يمكن القول بأن تعرُّضه للثقافة الغربية، وتعلُّمه للغة الإنجليزية قد أثَّر في تطلعاته وفِكْرِهِ، فقد ساعدته هذه الثقافة واللغة على التعرُّفِ على مفاهيمَ وأفكار جديدة ومختلفة عن تلك التي كانت متداولة في الهند في ذلك الوقت، مما أثَّر في أعماله وأفكاره ومواقفه العامة.

 

كما أن تعلمه للغة الإنجليزية ساعد على تواصله مع الثقافة الغربية، والتعرف على الأفكار والمعارف الحديثة التي تمثَّلت فيها، وهو ما أثَّر في تطلعاته وفِكْرِه، فقد أتاح له هذا التعلم فرصة التواصل مع العلماء والمفكرين، والمثقفين الغربيين، وقراءة كتبهم ومقالاتهم الفكرية، مما أثر في تطوير فكره، وإغناء معرفته بالأفكار والمعارف الحديثة، التي كانت ممثِّلة للثقافة الغربية، وتمت ترجمة كتبه إلى العديد من اللغات، بما في ذلك العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والأردية وغيرها من اللغات؛ حيث كان يهدف إلى نشر الفكر الإسلامي الذي دافع عنه في أعماله الفكرية.

 

(ز) أثر الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في توجيه فكر وحيد خان:

إن مما لا شك فيه أن الحياة ‌العلمية تتبع الحياة السياسية، استقرارًا واضطرابًا، وقد تأثَّر فكر وحيد الدين خان بشكل كبير بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشها في عصره؛ فقد شهِد العصر الذي عاش فيه تحولاتٍ اجتماعية وثقافية وسياسية هامة؛ مثل: الاستعمار البريطاني، والحركة الوطنية الهندية للتحرر من الاستعمار، وتأثر فكره بالأفكار الوطنية والدينية والثقافية التي كانت مهمة في تلك الحركة، كما أن الظروف الاقتصادية التي عاشها جعلته يهتم بموضوع العدالة الاجتماعية، والمساواة والعدالة الاقتصادية، وهو ما يتضح من خلال أعماله، وأفكاره، ومواقفه العامة.

 

(ح) وفاته رحمه الله:

تُوفِّيَ المفكر وحيد الدين خان في ‌نيودلهي، ‌في الهند، عن عمر ناهَزَ ستةً وتسعين عامًا؛ بسبب وباء كوفيد 19، يوم 21 إبريل 2021م[12].

 


[1] من رواد البعث الإسلامي الحديث (وحيد الدين خان): محمد بدر الدين بن حسن، ص34، ‌مجلة ‌الأمة: تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة ‌قطر، عدد ذي القعدة: 1405ه.

[2] المصدر السابق ص34.

[3] نموذج معاصر للداعية الإسلامي: حلمي محمد القاعود، ص93، المصدر: الوعي الإسلامي، الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، العدد 141، سبتمبر 1976م.

[5] ‌‌‌أبو ‌الأعلى ‌المودودي: ولد 1903-1979م، في مدينة “أورنك آباد” في ولاية حيدر آباد، وبها نشأ وتعلم … وفي عام 1933ه فاز المودودي بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام؛ فكان أول من حصل على تلك الجائزة؛ تقديرًا لجهوده المخلصة في مجال خدمة الإسلام والمسلمين، وبلغ عدد مؤلفات المودودي (70) مصنفًا ما بين كتاب ورسالة؛ [انظر: المعجم الجامع في تراجم العلماء وطلبة العلم المعاصرين، المؤلف: أعضاء ملتقى أهل الحديث، ص30].

[6] من رواد البعث، محمد بدر الدين، ص34.

[7] ‌‌‌أبو ‌الحسن ‌الندوي، وُلِدَ بقرية تكية، مديرية رائي بريلي، الهند، عام 1332هـ/ 1913م، تعلم في دار العلوم بالهند (ندوة العلماء)، وفاة الندوي يوم الجمعة وفي شهر رمضان عام 1999م؛ [انظر: المعجم الجامع في تراجم العلماء وطلبة العلم المعاصرين، المؤلف: أعضاء ملتقى أهل الحديث، ص31].

[8] موقع إسلام أون لاين: رحيل وحيد الدين خان، علَّامة الهند: https://islamonline.net .

[9] موسوعة أعلام المجددين في الإسلام: سامح كريم، مقدمة الجزء الثاني، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة، الطبعة الأولى، 2010م.

[10] نموذج معاصر للداعية الإسلامي: حلمي محمد القاعود، ص92، المصدر: الوعي الإسلامي، الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، العدد 141، سبتمبر 1976م.

[11] موسوعة أعلام المجددين في الإسلام: سامح كريم، ج3، ص323، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة، الطبعة الأولى، 2010م.

[12] مجلة البلاغ الحضاري، مقال بعنوان: نحو تدوين جديد للعلوم الإسلامية للعلامة الهندي وحيد الدين خان، المصدر: إعداد الطالب الباحث: محمد الشهبي، إشراف الدكتور/ الحسن حمدوشي، ص302، المملكة ‌المغربية، المجلد/ العدد: 11، التاريخ الميلادي: 2021م.





Source link

أترك تعليقا
مشاركة
توفيق الربيعة يوثق لفترة كورونا عبر كتاب “الوقوف على أطراف الأصابع”
مكتبه السلطان – كتب صوتية مسموعة لماذا ننام اكتشف قوة النوم والأحلام . ملخص كتاب صوتي .