صبر معاذ بن جبل رضي الله عنه
صبر معاذ بن جبل رضي الله عنه
وجاء في سير أعلام النبلاء للذهبي رحمه الله أن عمرو رضي الله عنه خطب في الناس يوم وقع الطاعون بأرض الشام، فقال: إن هذا الطاعون رجز، ففروا منه بالأودية والشِّعاب، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه، فغضب وجاء يجر ثوبه، ونعلاه في يده قائلًا: لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسمعوا، الطاعون رحمة ربكم ودعوة نبيكم، يستشهد الله به أنفسكم ويزكِّي أعمالكم، فبلغ ذلك معاذًا رضي الله عنه وهو يتوق للشهادة، فقال: اللهم اجعل نصيب أهل بيت معاذ الأوفر منه؛ لأنه يعلم أن مَن أُصيب به له مثلُ أجر الشهيد، فتصاب ابنتاه الاثنتان وتموتان، فدفنهما بقبرٍ واحد، وحمد الله واسترجع، ثم أُصيب ابنه عبدالرحمن وهو من أعز أبنائه، فقال معاذًا لابنه: كيف تجدك؟ قال: أبتاه، الحق من ربك فلا تكن من الممترين، فقال معاذ رضي الله عنه: ستجدني إن شاء الله من الصابرين، ثم توفي رحمه الله، ثم أصاب الطاعون كف معاذ – رضي الله عنه وأرضاه – فجعل يقبِّلها ويقول: لهي أحبُّ إلى من حُمر النعم، ثم يُغشي عليه، فإذا سرِّي عنه، قال: يا رب غمَّ غمَّك، واخنق خنقَك، فوعزتك إنك لتعلم أني لأُحبك، ثم لقي الله عز وجل بعد أن احتسب أهل بيته جميعًا، فما كان إلا الرضا والتسليم بقضائه وقدره.