كتاب بمشاركة بترايوس يرصد حروب 75 سنةً ودروسها
شفق نيوز/ قدم موقع “سيفر بريف” الامريكي قراءة في كتاب “صراع: تطور الحرب من 1945 إلى أوكرانيا” الذي شارك في كتابه قائد القوات الأمريكية سابقا في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والمؤرخ البريطاني اندرو روبرتس، والذي يتناول 75 عاما من الحروب، مع التركيز بشكل أساسي على النزاعات التي ساهمت في تطور الحرب ومفاهيمها، بما فيها حروب أميركا في العراق والحرب العراقية-الايرانية.
وذكر الموقع الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ تضمن قراءة للكتاب الصادر حديثا؛ أن الجنرال بترايوس يتعاون مع روبرتس، وهو أيضا عضو مجلس اللوردات البريطاني، على تولي المهمة الشاقة المتمثلة في تجميع الحروب منذ العام 1945 لتقديم رواية وسهلة حولها.
لكن التقرير اشار الى ان بترايوس وروبرتس يدركان حقيقة أن محاولة تفصيل كل نزاع مسلح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سيتطلب مجلدات متعددة، فإنه اختار بدلا من ذلك إعطاء الأولوية “للنزاعات التي ساهمت في تطور الحرب”، وهو خيار يشمل كل الحروب الامريكية الكبرى في هذه الفترة منذ العام 1945، الى جانب ما يسمى حرب الاستقلال الإسرائيلية، وحرب الأيام الستة في العام 1967 بين اسرائيل والعرب، وما يسمى حرب يوم الغفران، أي حرب أكتوبر/تشرين العام 1973، إلى جانب حرب جزر فوكلاند، والحرب الإيرانية العراقية.
كما يتضمن الكتاب دراسة لحروب إنهاء الاستعمار في كشمير والملايو والهند الصينية الفرنسية والجزائر، بالاضافة الى الصراعات القومية في التسعينيات في اوسيتيا ويوغوسلافيا السابقة ورواندا.
واوضح التقرير انه في دراسات كافة النماذج هذه، فإن كتاب “صراع”، يقدم رواية موجزة يصف خلفيات الحرب وكيف جرت ونتائجها. ووصف التقرير الكتاب بأنه “كتاب تمهيدي يغطي 75 عاما من الحرب، وهو يعتبر ناجحا إلى حد كبير، حيث سيتوصل القارئ إلى فهم للكثير من أعمال العنف التي تمارسها أطراف الدولة والأطراف غير الحكومية في الماضي القريب”.
الا ان التقرير لفت إلى أن هذا ليس هو الهدف الرئيسي للكتاب، وأن المؤلفين يحاولان طرح اهداف اكثر طموحا، حيث ان بترايوس وروبرتس يعتبران أن الحرب منذ العام 1945 تكشف عن أربع مهام رئيسية للقادة الاستراتيجيين تتمحور حول “الأفكار الكبيرة” المتعلقة بالحرب، حيث أنه يتحتم على هؤلاء القادة ان يظهروا فهما شاملا للبيئة لتطوير هذه الافكار، وايصالها بشكل فعال، والإشراف على تنفيذها، وتحديد كيفية تحسينها وتكييفها وتعزيزها.
وثانيا، يؤكد المؤلفان على اهمية معنويات الجنود وانضباطهم وتدريبهم.
واخيرا كما يقول التقرير، فإن كتاب “صراع” يؤكد على أن الأموال التي تنفق على الردع تعطي نتائج، موضحا أن تاريخ الحروب الاخيرة يوضح أن الدول غير القادرة على ردع خصومها أو غير المستعدة للحرب، تتحمل تكلفة أعلى بكثير من حيث الارواح والاموال.
ويناقش الكتاب هذه النقطة الثالثة باستفاضة، ويشير إلى أن دراسات النماذج الخاصة بحرب العام 1973 بين العرب واسرائيل، وفشل عمليات حفظ السلام خلال التسعينيات، وحروب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، تظهر مخاطر الإحساس بالرضا عن الذات ونقص الاستثمار في هذا الجانب.
وتابع التقرير أنه بالنظر الى الدور الذي لعبه الجنرال بترايوس باعتباره القائد الأبرز في هاتين الحربين الحربين، فإن فصول الكتاب المتعلقة بالولايات المتحدة في العراق وافغانستان، تشكل اهمية خاصة، حيث يتحول الصراع غالبا الى صيغة المتكلم لأن بترايوس يكتب من تجربته الشخصية.
وحسب التقرير، فإن المؤلفين يرفضان فكرة أن فترة التسعينات شهدت ثورة في الشؤون العسكرية، ففيما يتعلق بالعراق، فإنهما يقولان إن الولايات المتحدة تعلمت من جديد ان “الصدمة والرعب القائمين على القوات المتمتعة بالتقنية المتطورة ليسا بديلا عن عديد الجنود”.
اما في افغانستان، فان المؤلفين يؤكدان وجود فشل في توفير الموارد مع احتلال الحرب في العراق مركز الاهتمام حتى برغم “توسع أهداف إدارة بوش في أفغانستان”. ويتابع التقرير أن هاتين الحربين اظهرتا إخفاقات هائلة في السياسة والاستراتيجية.
واعتبر التقرير أن مناقشة الكتاب للحرب المستمرة في أوكرانيا هي الاكثر الحاحا من حيث تعزيز اطروحة الكتاب، حيث يظهر بترايوس وروبرتس بشكل فعال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باعتباره “زعيما تشرتشليا حقيقيا، يؤدي كل المهام الرئيسية للزعيم الاستراتيجي بشكل رائع”، بينما يظهر الرئيس فلاديمير بوتين والقيادة الروسية بشكل متناقض، وفشلا في تطوير “فكرة كبيرة” أو تطوير الهيكل التنظيمي اللازم لتنفيذ رؤية استراتيجية تتعلق بالحرب، كما أن “الروح المعنوية والانضباط” من جانب القوات الأوكرانية جعلتهم يتفقون على خصومهم الروس.
لكن التقرير يعتبر أن الكتاب لا يحاول التنبؤ بنتيجة الحرب في أوكرانيا، بل يقتصر تحليله على ما جرى بالفعل.
وفي جانب آخر، فإن بترايوس وروبرتس يطرحان بعض الأفكار حول الاتجاهات التي ستساهم في صياغة شكل الصراع المستقبلي، حيث تظهر اجهزة الاستشعار المتطورة، والذكاء الاصطناعي، ومفاهيم الحرب الهجينة، والمصادر المفتوحة، والإنترنت، ولكن الدروس الحاسمة حول الحرب المستقبلية التي يسعى الكتاب إلى طرحها، لا ترتكز كثيرا على التكنولوجيا الجديدة، وإنما على التاريخ. كما أن الكتاب يطرح بشكل قوي فكرة خطر “الانعزالية” من جانب القوى الكبرى، ويركز على أهمية وجود جيش قادر على التعلم بشكل أسرع.
ولفت التقرير إلى أن هناك بعض الحروب التي تطرح نقاطا مثيرة للاهتمام تعزز رواية الكتاب للأحداث، من بينها ايضا ما يسمى “عملية سلام الجليل” التي تمثلت بالغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، وما تلاها من احتلال للجنوب اللبناني، الى جانب النتائج المأساوية التي أسفرت عنها جهود حفظ السلام الاميركية في بيروت، في حين أن الكتاب سيتناول أيضا الصعوبة التي واجهتها اسرائيل في تطبيق الدروس المستفادة من حرب العام 1973 والرد على عدو يتطور.
واشار التقرير الى ان الكتاب يتناول فكرة أن الدول غالبا ما تنخرط في نزاعات منتظمة وغير منتظمة نفس الوقت، مثلما هو الحال ايضا بالنسبة لإيران، التي دعمت العديد من الجماعات في لبنان خلال حربها التقليدية في الحرب الايرانية—العراقية، والتي يصفها الكتاب بانها حرب تراجع وليست حرب تطور.
ترجمة: وكالة شفق نيوز