لا تنخدعي أيتها الفتاة
لا تنخدعي أيتها الفتاة
يتفنَّن بعض الشباب المراهق المخدوع في خداع كثير من الفتيات بل البعض يخططون لتلك المخادعة ويتفاخرون حينما يَظْفَرون بالفريسة وتلك الفتاة الغافلة تعيش في الوهم العاطفي، والوعد الكاذب بالحب والزواج والارتباط الشرعي، ويصوَّر لها أن القضية فقط تعارف بريء، ومعرفة طِباعٍ، وتخطيط للحياة المستقبلية، ووناسة خالية من أي محذور، ثم تبدأ فصول الملاحقة والمتابعة، بدءًا بالتعارف عن طريق أي وسيلة كانت، وهناك عدة طرق لجذب الأنثى، خاصة من تتهاون في مثل هذا الأمر، ولا تحسب عواقبه؛ ومن تلك الحيل:
1- الجذب بدافع (الحب)، فتهيم الفتاة في عالم الخيال بُغْية فارس الأحلام، دون تفكير في عواقب هذا الاندفاع، وهذا التعلق، ودون معرفة الوجه الآخر لهذا المخادع الذي أخفاه بالكلمات المعسولة، والأبيات الشعرية الغزلية، والصور الرومانسية الجذَّابة، والرسائل المنمَّقة الساحرة في أسلوبها وعباراتها.
حتى إن البعض يصل إلى الميل الشديد في التواصل والعلاقة، حتى يغيب معه التفكير العقلاني في مآل ونهاية المطاف، والأغلب من جانب الفتيات النظر إلى هذه العلاقة بنظرة عاطفية دون تحكيم العقل؛ مما يوقِع الكثير منهن في شراك الاستغلال بعدة طرق خبيثة، تصل إلى ما لا يُحمَد عُقْباه.
2- الوهم الكاذب:
من طبيعة الفتاة أنها رهيفة الإحساس تُغلِّب الجانب العاطفي أمام ذلك الجائع بالإعجاب به، خاصة إذا كان ماهرًا في أسلوب الخداع والكلام المرتَّب الجميل الذي يظهر منه الصدق والشفافية، وما يخفيه في نفسه أعظم وأكبر في خداع الفريسة وجرِّها لمستنقع الرذيلة، بل الكثير من المخادعين الذين انخرطوا في هذا الطريق يتفاخرون ويتحدَّى بعضهم بعضًا في تحقيق أهدافهم، وخُبْثِ مآربهم.
3- الاحتيال والاستغلال:
البعض ممن يمارسون هذا النهج مع الفتيات يصل بهم الحد إلى الاحتيال على الفتاة، باستغلال ما عندها من دعم ماديٍّ، أو تقديم هدايا، أو تنازل عن مبادئ عرفية أو عرضية أو أخلاقية؛ بدافع شدة حبِّه، وقوة تعلقه، وكذب اختبار الحب له من جانبها، وكل ذلك وسائل خدَّاعة لكسب قلبها، وتسييرها كما يحلو له، وهي في سُباتٍ عميق، ووهمٍ كبير، وحُلْمٍ طويل، سرعان ما تنكشف الحقائق، وتذوب لذة الخداع، ويظهر الوجه الحقيقي لهذا الثعلب الماكر.
4- الابتزاز العاطفي:
هذه الوسيلة يستغلها الشاب المخادع بعدة صور وأشكال؛ حيث يتلوَّن حسب ما يراه من طبيعة الفتاة، وميولها وحاجتها؛ فتارة يمثِّل دورَ الطبيب النفسي الذي يعالج هموم وأحزان مَن يرتبط به، وتارة يبيِّن أنه الناصح الأمين الذي يحرص على مصلحتها، ويقدِّم لها الرعاية الصادقة في القول والعمل، وتارة يمثِّل دور العاشق الولهان الذي تأثر بسماع صوتها، أو تميزها الدراسي، أو سمع عن ذكائها وفطنتها، ويعزف على هذا الوتر بتعلقه وحبه الصادق، الذي يعقبه الزواج والاستقرار الأسري والأولاد، وهكذا تنخدع هذه الغافلة، وتسبح في عالم الأمنيات وصِدْقِ تلك الأقوال، وربما استسلمت لرغباته التي تبدأ بالتدرج وتتطور، حتى تسلم نفسها له، ويفعل بها ما يريد، وتبدأ مرحلة احتقاره وإهانته لها بشكل أو بآخر؛ لأنه عرف أنها أصبحت أسيرة يتصرف بها كيف يشاء، خاصة إذا كانت لديه بعض الوثائق من صور أو رسائل، أو محادثات أو لقاءات، ناهيك عما هو أعظم، نسأل الله السلامة والعافية.
5- الملجأ الخَطِر:
هذا الملجأ يستخدمه الشاب المخادع مع صِنفٍ من الفتيات وهنَّ الشاكيات؛ فبعض الفتيات تجد في هذا التواصل والعلاقة ملجأً للفضفضة وبثِّ الهموم والأحزان الوهمية التي تشعر بها؛ حيث تسْرُد له همومها ومشاكلها في البيت، أو مع قريباتها أو زميلاتها، والطبيب النفسي لديه مهارة الإنصات والسماع، ثم يعطيها الجرعة المسمومة: أيعقل هذا؟ أنتِ أعلى من هذا الوضع؟ ما عاش مَن يحزنك أو يغضبك؟ وهلمَّ جرًّا.
وترتاح هذه المخدوعة لحسن إنصاته وسماعه، ورفع معنوياتها، وتشعر بأن هذا هو الملجأ الآمن الذي يُحِسُّ بها، ويقدِّر مشاعرها، ويشاركها همومها وأحزانها، ولديه الحلول الناجحة في حل مشاكلها، ثم تبدأ بالميل تجاهه بشعور أو بلا شعور، فإذا عرف أنها خضعت واستسلمت، بدأ بما يريد منها، فتقع في شباك المصيدة.
ولهذا فإنني أوجِّه هذه النصائح لأخواتنا الفتيات:
أ- عليكِ بالتمسك بشرع ربكِ وطاعته، واعلمي أن أي علاقة خارجة عن إطار الشرع، فمصيرها الهلاك والدمار بالفضيحة في الدنيا، والمحاسبة في الآخرة.
ب- اختاري الصديقة الأمينة التي تساعدكِ على طاعة الله، وتحذِّركِ من كل مزْلَقٍ فيه هلاك، وكل فتاة تهوِّن عليكِ هذا الأمر أو تحثُّكِ للمغامرة فيه، فاعلمي أنها ستورطكِ، وربما هي انخدعت وتورطت، وتريد من يتورط مثلها.
ت- حجابكِ عزُّكِ وفخرُكِ، فكلما حافظتِ عليه، زادت رفعتكِ في الدنيا والآخرة، واندحرت الذئاب وولَّت مُدْبِرة، لا تتجرأ على مَسِّ الحِمى؛ لأن صحنه منيع، وبابه وثيق، فلا تصل إليه أيدي العابثين، ولا أمنيات المخادعين.
ث- عرضكِ وشرفكِ، وأدبكِ وأخلاقكِ مرآة عاكسة لأهلكِ وإخوانكِ، وعشيرتكِ وتربيتكِ، وسيرتكِ وسلوككِ؛ فاللهَ اللهَ في الحفاظ عليه، وصيانته، وعدم الخضوع بالقول؛ فيطمع الذي في قلبه مرض.
ج- احذري الدعوات الْمُضلِّلة، والحضارة المزيفة، والرومانسية المشبوهة، والوناسة المحرَّمة؛ فإن الجواهر كلما كانت مصونة محافظًا عليها، زادت رفعتها وقيمتها.
ح- كوني ذكية، ولا تنخدعي بقولٍ أو حبٍّ، أو اهتمام أو مساعدة من طريق غير شرعي؛ فالبيوت تطرق من أبوابها، وخفافيش الظلام سرعان ما ينكشف سترها، وينجلي أمرها، وتظهر حقائقها.
خ- في حالة تعرضك لأي موقف مشبوه نتيجة ضعف لتغلُّبِ عاطفة، أو إغراء من صديقة، أو وسيلة إعلام، أو تحت تهديد، فلا تتمادَي في هذا الطريق، اعرضي الأمر على من تثقين في دينه وأمانته من الأهل، أو الأقارب، أو الصديقات، وسيكون لكِ المساعد الأمين، قد يكون صعبًا بداية، لكنه أسهل من تفاقم المشكلة وزيادتها، والاستسلام للذئاب الضارية.
د- كل مَن وعدكِ بعد هذه العلاقة والتعارف واللقاء بالزواج وتكوين الأسرة، فهو في الحقيقة محتقركِ، ولا يرغب أن تكون زوجته بهذا السلوك المشين، فقط يريد أن يتمتع بكِ ثم يرمي بكِ رَمْيَ الجيف، والأمثلة والشواهد على ذلك ما أكثرها!
ذ- أما أنت أيها الشاب المخدوع فأقول لك: أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟ أترضاه لعمتك أو خالتك؟ والناس لا يرضَونه لأمهاتهم وأخواتهم، كُنْ صاحبَ دينٍ وخُلُقٍ، ورجولة وشهامة وكرامة، ولا تخادع ولا تساير من أغواهم الشيطان؛ فإنك كما تدين تُدان، وليس ببعيدٍ أن يُسلِّط الله على عرضك من يَهْتِكُه، كما سعيت في هتك أعراض الناس، فاطرُقِ البيوت من أبوابها إذا رغِبتَ في الزواج منها، ولا تنخدع بما يُقال لا بد من علاقة كافية قبل الزواج، فهذا كله خداع في خداع؛ لأنه بُنِيَ على سلوك خاطئ مخالف للشرع، وأيضًا يعتريه التمثيل والتصنُّع طوال مدة العلاقة، ولا تظهر أخلاق الطباع إلا بعد الارتباط بالحياة الأسرية.
أصلح الله الجميع، وهدانا الصراط المستقيم.