معرض الرياض للكتاب: فرصة العشاق والأصدقاء
الدكتور عبدالله السفياني؛ نموذج مهم وجميل في الثقافة العربية، قابلته أول مرة في ممر بمعرض الرياض قبل سنين. لا أذكر كم بالضبط، لعلها عشرة أعوام، وربما كانت أكثر. عرفت السفياني قبل ذلك من خلال منتديات الساخر، ومنصة أدب، كان السفياني ورفاقه يفتحون للثقافة العربية نافذة أمل، وشرفة تعبير. كم من الأصدقاء الذين كانت الساخر وأدب خلف انطلاقتهم، وكم من المشاريع التي أنجزت عبر أدب. السفياني اليوم يدير مشروعاً ثقافياً حقيقياً، يحتفي بالمعرفة الجادة، وينشر الإبداع. هنا في الرياض، كان صديقي يستقبلني -بعد أن أصبح لقاؤنا عادة جميلة- بابتسامته المشرقة التي لا تخلو من مكر، وبكثير من المشاكسات والمحبة والضحك.
المدينة، الصحيفة.. التي أنشر فيها مقالي هذا، حاضنتي الصحفية الأولى والدائمة؛ كم عملنا في أروقتها على تغطيات معارض الكتاب، ومعرض الرياض من أهمها بالطبع. نطارد الأخبار، ونصطاد المفارقات، لنصنع مادة صحفية ثرية. حين أصادف في ممرات المعرض صديقاً من أصدقاء المدينة، تهب الذكريات تياراً دافئاً من قلب جدة. معرض الرياض موعد ثابت لألتقي أصدقاء المدينة؛ حجي جابر، وعلي طالب، وسمير خميس وآخرين. المعرض الماضي، كنت أتصفح كتاباً عند دار من الدور، حين التصق بي شخص بطريقة غريبة، نظرتُ فإذا به حجي، يشاكسني بابتسامة لا تقل مكراً، ضحكنا، وكان العناق. وسهرنا سوياً، نحن الأربعة، نتذكر رفاق الصحافة، ومشاغبات الثقافة. هذا العام كان اللقاء أيضاً، التقينا في دار حياة للنشر، دار فتية وواعدة، تنبض بالمعرفة والحياة، ويملكها حجي. خرجت من الدار بحزمة كتب، رفض حجي أن أدفع ريالاً، يا له من تاجر عظيم. وعدته أن أقف معه غداً، وأشجع الأهلي وهو يواجه الاتحاد، لا أضمن له فوز الأهلي، ولا أضمن نفسي. يبدو أني تاجر عظيم، مثل صاحبي.
المعرض فرصة للقاءات عوالم مختلفة؛ حنظلة أحد الأصدقاء الذين عرفتهم في منصات التواصل الاجتماعي، قرأت تغريداته وأعجبت بطرحه الساخر.. ثم قدمت عنه دراسة في ملتقى قراءة النص.. سنين ونحن نتراسل، ونتحدث، ونتشاكس في أزقة (X)، تويتر سابقاً، لكنني لم ألتق به، ولم أعرف هويته.
في معرض الرياض عام 2021، كنتُ واقفاً أمام الكاميرا في لقاء مباشر مع إحدى الفضائيات، حين اقترب مني شابٌ وهمسَ بعبارة قصيرة مشاكسة. ضحكت؛ وقلت -وأنا على الهواء-: ما عرفتك! لكنه غادر دون أن يلتفت. بعدها بلحظات قابلته عند دارِ أثَر.. كان شاباً قريباً من عمري، بعارضٍ يشوبه بعض الشيب، دمثَ الأخلاق، بابتسامة حميمية جميلة، أصرّ على دعوتي للعشاء، لكني لم أطاوعه. حاولت جاهداً أن أعرف اسمه، فلم يطاوعني أيضاً، وافترقنا. وفي زحمة المعرض لاحقاً، وصلتني رسالة:
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيّاك الله دكتور عادل
معك حنظلة».
وهكذا أضفتُ للاسم، والحساب، صورةً جديدة؛ صورةً حقيقية هذه المرة. صاحب المثَل: «تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه»، لم يقابل حنظلة… أشكُّ أنه فعل!