معنى أن أسماء الله وصفاته كلها توقيفية
معنى أن أسماء الله وصفاته كلها توقيفية
وأهل السنة والجماعة يعتقدون أن أسماء الله وصفاته كلها توقيفية، وإذا كنَّا قد علمنا أن أسماء الله وصفاته كلها توقيفية، فما معنى توقيفية؟
معنى توقيفية: أي: إن مصدرها الوحيد هو النصوص الواردة في وحيي التنزيل – الكتاب والسنة – وأنه لا يمكن الاستدلال عليها أو ثباتها بالعقل، فوجب على أهل الإيمان لزوم الأدب مع الله والوقوف عند حدوده وعدم تعديها، فلا يحل لمخلوق الخوض فيها إلا بالدليل المنصوص عليه في أية محكمة أو سنة صحيحة ثابتة.
وفي نحو ذلك يقول أبو منصورٍ البغداديُّ[1] رحمه الله: “إنَّ مأخَذَ أسماءِ اللهِ تعالى التوقيفُ عليها؛ إمَّا بالقُرآنِ، وإمَّا بالسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، وإمَّا بإجماعِ الأمَّةِ عليه، ولا يجوزُ إطلاقُ اسمٍ عليه من طريقِ القياسِ” [2]، ولهذا فقد حذَّر الله عباده من ذلك، فقال جلَّ في علاه: ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ ﴾ [الإسراء: 36].
وقال ابنُ حَجَرٍ الهيتمي (ت 974هـ) – رحمه الله -:“أسماءُ اللهِ تعالى توقيفيَّةٌ على الأصَحِّ، فلا يجوزُ اختراعُ اسمٍ أو وصفٍ له تعالى إلَّا بقُرآنٍ، أو خبرٍ صحيحٍ وإن لم يتواتَرْ”[3].
قال ابنُ أبي زمنين (ت 399هـ) – رحمه الله -:“اعلَمْ أنَّ أهلَ العِلمِ باللهِ وبما جاءت به أنبياؤُه ورُسُلُه يَرَونَ الجَهلَ بما لم يخبِرْ به تبارك وتعالى عن نَفْسِه عِلمًا، والعَجْزَ عمَّا لم يَدْعُ إيمانًا، وأنَّهم إنما ينتهون من وَصْفِه بصفاتِه وأسمائِه إلى حيثُ انتهى في كتابِه، وعلى لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”[4].
وقال صنعُ اللهِ بن صنعِ اللهِ الحلبي الحنفي المكي (ت 1120هـ) – رحمه الله -:“أسماؤُه تعالى توقيفيَّةٌ؛ أي: لا يجوزُ إطلاقُ اسمٍ عليه تعالى، ما لم يَرِدْ شَرْعًا أنَّه من أسمائِه تعالى”[5].
وأما باب الإخبار فإنه أوسع كما مرَّ معنا بيانه في طيات البحث، وأنه لا يكون إلا بما جاء به الخبر بالوحي المنزل من الكتاب والسنة.
[1] أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمَّد التميمي، البغدادي الشافعي، الفقيه الأصولي النحوي، له تصانيف كثيرة، منها: «تفسير القرآن»، و«فضائح المعتزلة»، «الفَرق بين الفِرق»، و«التحصيل» في أصول الفقه، توفي سنة (429ﻫ).تُنظرترجمته في: «طبقات الشافعية» للسبكي (5/ 136)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (3/ 203)، «فوات الوفيات» للكتبي (2/ 370)، «مرآة الجنان» لليافعي (3/ 520)، «البداية والنهاية» لابن كثير (12/ 44)، «تبيين كذب المفتري» لابن عساكر (253)، «طبقات المفسرين» للداودي (1/ 332)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (17/ 572)، «بغية الوعاة» للسيوطي (310).
[2] الفرق بين الفرق: (ص: 326).
[3] يُنظر: تحفة المحتاج: (1/ 15).
[4] أصول السنة: (ص: 6)؛ المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (ت 241هـ)، الناشر: دار المنار – الخرج – السعودية، الطبعة: الأولى، 1411هـ، عدد الصفحات: 63.
[5] – يُنظر: سيف الله على من كذب على أولياء الله: (ص: 113).