أسماء أخرى لأهل السنة
أسماء أخرى لأهل السنة [1]
1- أهل السنة، دون إضافة الجماعة:
تعريف أهل السُّنة:
أهلُ الشَّيءِ هُم أخصُّ الناس به، يقال: أهل الرجل: أخصُّ الناس به، وأهل البيت: سُكاَّنه، وأهل الإسلام: مَنْ يدين به، وأهل المذهب: مَن يدين به [2].
ويُفهم من هذا التعريف أنَّ (أهل السَّنة): هم أخصُّ الناس بهذا الوصف وأحقهم به، لأنهم أكثرُهم تعظيمًا وإجلالًا واتِّباعًا للسَّنة واستمساكًا بها.
ونسبتهم للسنة لتمسكهم بالشَّريعة والدين الذي شَرَعَه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: “السُّنَّة هي الشَّريعة، وهي ما شَرَعَه الله ورسوله من الدِّين”[3].
ومما يستدل به على أن السُّنَّة تأتي ويُراد بها الشريعة أو الدِّين؛ ما ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[الجاثية: 18] عن الحسَن البصري وسفيان، قالا: (على السُّنَّة)[4].
قالشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: “ومذهب أهل السُّنَّة مذهب قديم معروف قبل أن يَخلُق اللهُ تعالى أبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد، فإنَّه مذهب الصحابة الذين تلقَّوْه عن نبيِّهم – صلَّى الله عليه وسلَّم”[5].
2- أهل الجماعة:
قالشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: “وسُمُّوا أهلَ الجماعة؛ لأنَّ الجماعة هي الاجتماع، وضِدُّها الفُرقة، وإنْ كان لفظ “الجماعة” قد صار اسْمًا لِنَفس القومِ المُجتمِعين”[6]؛ أي: على الحق.
3- الجماعة:
تعريف مصطلح “الجماعة” في اللغة:
جاء في اللسان أن لفظ “الجماعة” أصله من: جمع، وتجمَّع القوم؛ أي: اجتمعوا من هنا وهنا، وأجمعتُ الشيءَ: جعلتُه جميعًا، ويراد بالجماعة: العدد الكثير من الناس[7].
معنى “الجماعة” الوارد في مصطلح “أهل السُّنة والجماعة”:
ومعنى الجماعة – كما جاء في السُّنة، واصطلاحِ العلماء – يُطلق ويُقصد به أنواعٌ مُتعدِّدة، ومنها [8]: الصحابة – الاجتماع على الحق وعدم الفرقة – أئمة الهدى المُقتدَى بهم في الدِّين – السَّواد الأعظم – أهل الحلِّ والعقد، والعلماء، والأمراء، والقضاة، والأعيان. ولا تعارض بينها البتة؛ لأنَّ “الجماعة” هي وصفٌ لأهل السُّنة بجميع الاعتبارات، وفي ذلك يقول الشاطبي (ت: 790هـ) – رحمه الله -: “فهذه خمسة أقوال دائرة على اعتبار أهل السنة والاتِّباع، وأنهم المُرادون بالأحاديث”[9].
والخلاصة: إنَّ “الجماعة” هم: الصحابة الكرام – رضي الله عنهم – والتابعون لهم بإحسان من العلماء المجتهدين السائرين على منهج الكتاب والسنة، ومَنْ تبعهم في ذلك إلى يوم الدِّين، وإنْ كان لهم إمامُ مسلم فواجب عليهم طاعته، والاجتماع حوله، وإلاَّ فليكن المسلم مع الحق أينما كان، وأينما وُجِد[10].
وأصل هذه التسمية ما ثبت في السنة على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- في وصف الفرقة الناجية في قوله: “إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلاَّ وَاحِدَةً وَهِي: الْجَمَاعَةُ”[11].
ووصفها -صلى الله عليه وسلم- كذلك – في قوله: “مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً“[12].
قال ابن مسعودٍ (ت: 32هـ) – رضي الله عنه -: “إنَّ جمهور الناس فارقوا الجماعةَ، وإنَّ الجماعة ما وافَقَ الحقَّ، وإنْ كنتَ وحدك”[13].
وقال نُعيم بن حماد(ت: 228هـ) – رحمه الله -: “إذا فسدت الجماعةُ؛ فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أنْ تفسد، وإنْ كنتَ وحدك، فإنك أنتَ الجماعةُ حينئذٍ”[14].
وقال أبو شامة المقدسي (ت: 665هـ) – رحمه الله -: “وحيث جاء الأمرُ بلزوم الجماعة، فالمراد به: لزومُ الحقِّ واتِّباعُه، وإنْ كان المُتمسِّكُ بالحق قليلًا، والمخالِفُ كثيرًا؛ لأنَّ الحقَّ الذي كانت عليه الجماعةُ الأُولى من النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابِه – رضي الله عنهم – ولا يُنظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم”[15].
[1] للاستزادة: يُنظر: مجلة البحوث الإسلامية، العدد السادس والسبعون – الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1426هـ، وسطية أهل السنة والجماعة في باب القدر– المبحث الثاني تعريف أهل السنة والجماعة: (ج/76، ص: 180).
[2] تهذيب اللغة، (6/ 220)؛ معجم مقاييس اللغة، (1/ 150).
[3] مجموع الفتاوى، لابن تيمية: (4/ 436).
[4] أصول الاعتقاد، لللالكائي: (1/ 69).
[5] مجموع الفتاوى: (4/ 91).
[6] العقيدة الواسطية: (ص46). العقيدة الواسطية المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728 هـ) الناشر: مكتبة المعارف، الرياض – المملكة العربية السعودية الطبعة: بدون طبعة أو عام نشر عدد الأجزاء: 1.
[7] لسان العرب، لابن منظور: (8/ 53).
[8] يُنظر: منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد، عثمان بن علي حسن (ص38)؛ أهل السنة والجماعة، د. صالح بن عبد الرحمن الدخيل (ص: 46).
[9] الاعتصام، (2/ 265).
[11] رواه ابن ماجه، (2/ 1322)، (ح3993). وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه)، (3/ 308)، (ح3242)، وفي صحيح الجامع: (2042).
[12] رواه البخاري، واللفظ له، (6/ 2588)، (ح6645)؛ ومسلم، (3/ 1477)، (ح1849).
[13] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للالكائي: (1/ 109)؛ الباعث على إنكار البدع، (ص22).
[14] تاريخ مدينة دمشق، (46/ 409)؛ الباعث على إنكار البدع: (ص22).
[15] الباعث على إنكار البدع: (ص: 22). الباعث على إنكار البدع والحوادث المؤلف: أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة (المتوفى: 665هـ) المحقق: عثمان أحمد عنبر الناشر: دار الهدى – القاهرة الطبعة: الأولى، 1398هـ – 1978م- عدد الأجزاء: 1.