أصحاب الأعذار (2)


أصحاب الأعذار (2)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فاستكمالًا للحديث عن أصحاب الأعذار فمن ذلك:

1- المرأة إذا كانت مرضعًا أو حاملًا، فخافت على نفسها أو على الولد من الصوم، فإنها تفطر لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ لِلْمُسَافِرِ الصَّوْمَ ‌وَشَطْرَ ‌الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ»[1].

ويلزمها القضاء بعدد الأيام التي أفطرت حين يتيسَّر لها ذلك، ويزول عنها الخوف كالمريض إذا بَرِئَ.

2- العاجز عن الصيام عجزًا مستمرًّا لا يُرجى زواله، كالكبير والمريض مرضًا لا يُرجى برؤه، فلا يجب عليه الصيام؛ لأنه لا يستطيعه؛ قال تعالى:﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]، وقال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]، لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكينًا، قال ابن عباس رضي الله عنهما في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعما مكان كل يوم مسكينًا[2]، وأطعم أنس رضي الله عنه بعدما كبر عامًا أو عامين كل يوم مسكينًا خبزًا ولحمًا وأفطر[3].

3- من احتاج للفطر لدفع ضرورة غيره؛ كإنقاذ معصوم من غرق أو حريق أو هدم، أو نحو ذلك، فإذا كان لا يمكنه إنقاذه إلا بالتقوي عليه بالأكل والشرب، جاز له الفطر، بل وجب الفطر حينئذ؛ لأن إنقاذ المعصوم من الهلكة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ويلزمه قضاء ما أفطره.

ومثل من احتاج إلى الفطر للتقوِّي به على الجهاد في سبيل الله في قتاله العدو، فإنه يفطر ويقضي ما أفطر، سواء كان ذلك في السفر أو في بلده إذا حضره العدو، وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، فنزلنا منزلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌إِنَّكُمْ ‌قَدْ ‌دَنَوْتُمْ ‌مِنْ ‌عَدُوِّكُمْ، ‌وَالْفِطْرُ ‌أَقْوَى ‌لَكُمْ”، ‌فَكَانَتْ ‌رُخْصَةً، ‌فَمِنَّا ‌مَنْ ‌صَامَ ‌وَمِنَّا ‌مَنْ ‌أَفْطَرَ[4]،[5].

4- الناسي والجاهل والمكره، وقد تقدم الكلام عنهم في كلمة سابقة.

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا، وتولَّ أمرنا وأصلح شأننا كله، يا أرحم الراحمين.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الأسئلة:

1- هل يجوز للمرأة إذا كانت مرضعًا أو حاملًا، وخافت على نفسها أو ولدها أن تفطر؟ مع الدليل.

2- هل يجب الصيام على المريض مرضًا لا يرجى برؤه أو الكبير العاجز عن الصيام؟ مع ذكر الدليل.

3- من احتاج الفطر لدفع ضرر كإنقاذ معصوم من غرق أو حريق، هل يُشرع له الفطر أم لا؟ فصِّل في ذلك.


[1] سنن النسائي برقم (2315)، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح النسائي (2/ 491) برقم (2181).

[2] صحيح البخاري برقم (4505).

[3] صحيح البخاري كتاب التفسير، باب قوله تعالى: ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 184].

[5] مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (ص45-59) بتصرف واختصار.



Source link

Leave a comment

Share
أسرار الصيام
شرح كتاب الدروس المهمة: أركان الإيمان (9) مترجما للغة الإندونيسية