أصل الأعمال قائم على النية الخالصة


أصلُ الأعمال قائمٌ على النِّيَّةِ الخالصة

 

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلماتِ والنورَ، ثم الذين كفروا بربهم يعدِلون، وأستعينه استعانةَ مَن لا حول له ولا قوة إلا به، وأستهديه بهُداه الذي لا يضِلُّ من أنعم به عليه، وأستغفره لِما أزلفتُ وأخَّرت استغفارَ مَن يُقِرُّ بعبوديته، ويعلم أنه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، فصلَّى الله على محمد وعلى آل محمد، كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم، إنه حميد مجيد؛ أما بعد:

فأصل الأعمال قائم على النية الخالصة التي لا يختلط بها شيء من الدنيا أبدًا: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، فخطورة عدم تصحيح النية، هو حبوط العمل بالكامل؛ فعن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((… ورجل تعلَّم العلم، وعلَّمه وقرأ القرآن، فأُتِيَ به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: تعلَّمت العلم، وعلَّمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليُقال: عالم، وقرأت القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقِيَ في النار))، وعن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يُصِيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)).

 

فالحذرَ الحذرَ، وعليكم بسرعة التوبة؛ قال عز وجل: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وقال عز وجل: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25].

 

ولنعلم أن بداية أي علمٍ هو تعلُّم القرآن:

لذا؛ فهناك أمور خمس لمتعلِّم القرآن، يجب عليه أن يعرفها قبل ذلك:

1- فأول الأمر سماعُه بإنصات: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].

 

2- ثم تلاوته على الوجه الصحيح: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29].

 

3- ثم فَهم آيات القرآن وتدبره على قدر الاستطاعة: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].

 

4- ثم حفظه على الوجه الصحيح؛ كي لا يحفظه من غير إتقان، ثم يصعُب على الطالب تصحيح تلاوته بعد حفظه؛ لذا قال عز وجل: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 49].

 

5- ثم العمل به: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 – 3].

 

وفي الختام:

أسأل الله الإعانة والتسديد في القول والعمل، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

 

فإن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان، وإن كان من صواب فمن الله وحده.

 

والحمد لله رب العالمين.







Source link

Leave a comment

Share
درر مختصرة من أقوال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
ما حكم إضافة الإجارة إلى زمن مستقبل؟