أكذب على الفتيات وأستدرجهن
♦ الملخص:
شاب يعرف فتياتٍ على مواقع التواصل، ويَعِدُهُنَّ بالأمانيِّ الكاذبة، والكلام المعسول، ثم يتركهن، ويريد التوبة، ويسأل: هل تكون التوبة بمجرد ترك هذا الفعل، أم لا بد له من طلب الاعتذار ممن وقعن في شباكه؟
♦ التفاصيل:
أنا شابٌّ في السابعة والعشرين من عمري، أصبح الكذب ديدنًا وخصلة لي، مع أنني أعلم أنه من صفات المنافقين، ومن كبائر الذنوب، ما أفعله أنني أعرف فتياتٍ على مواقع التواصل، وأستدرجهن عن طريق الكذب بكلمات معسولة من قبيل: أمْلِك كذا وكذا، وأعدهنَّ بالزواج؛ ليس لشيء إلا للاستمتاع، وذلك الأمر محصور في الهاتف، ولم تكن لديَّ أي نية في مواقعة الحرام معهن، شعرت بأنني شيطان، والآن أريد التوبة، فكيف؟ هل تكون التوبة بالإقلاع عن هذا الفعل والدعوة بالمغفرة فقط، أم لا بد أن أعتذر ممن كذبت عليهن وتعلقن بي بسبب كذبي؟ أرجو توضيح الأمر؛ فأنا في ضيق وتأنيب للضمير لا يعلمه إلا الله، وجزاكم الله خيرًا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الحمد لله أنَّ باب التوبة ما زال مفتوحًا، والحمد لله أنك تشعر بخطورة هذا الذنب العظيم، الذي حذَّر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه في أكثر من آية وحديث، بل عدَّه العلماء من كبائر الذنوب، فما بالك إذا كان يترتب عليه سلب أموال الناس وانتهاك أعراضهم؟ الأمر جِدُّ خطيرٍ: ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [النحل: 105]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((… وإياكم والكذبَ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتَب عند الله كذَّابًا))؛ [رواه البخاري ومسلم]، وفي الحديث: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر))؛ [رواه الشيخان]، وفي رواية لمسلم: ((وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم))، وفي حديث آخر للشيخين: ((أربعٌ مَن كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خَصلةٌ منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يَدَعَها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فَجَرَ)).
وخطورة فِعْلِك – أخي الكريم – ليست فقط مجرد الكذب مع أنه كبيرة كما ذكرت، ولكن ما تبِع ذلك من التساهل مع الأجنبيات عنك، والضحك عليهن لمجرد نزوات ورغبات شيطانية؛ ولذا فإني أوصيك بما يلي:
1- استحضار مراقبة الله لك في السر والعلن: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]؛ قال ابن المبارك رحمه الله لرجل: “راقبِ الله تعالى، فسأله عن تفسيره، فقال: كن أبدًا كأنك ترى الله عز وجل”؛ [إحياء علوم الدين للغزالي، ج: 4، ص: 397]، فأي خاطر للعودة لمثل هذه الأمور، إذا تذكرت مراقبة خالقك لك، فستقلع فورًا بإذن الله.
2- أكْثِرْ من النوافل؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.
3- اقطع علاقتك بأي أجنبية عنك فورًا، وبيِّن لها أن هذا لا يجوز، وأنك غير صادق معهن وإنما كان ذلك للتسلية، ولا تَسْتمرئِ الحديثَ مطلقًا، وكن حازمًا مع نفسك ومعهن.
4- اشغَلْ نفسك بما يفيد، واملأ فراغك دائمًا.
5- استغنِ بالحلال، تزوَّج، وإن لم تستطع، فعليك بالصوم وكثرة العبادة.
6- أكْثِرْ من الدعاء بأن يعصمك الله من هذه القاذورات.
أسأل الله لك الهداية والثبات على الحق، والتوبة النصوح؛ إنه سميع مجيب.