إسماعيل بن أبي أويس ومروياته في صحيح البخاري دراسة تطبيقية في كيفية انتقاء البخاري لحديث إسماعيل
ملخص الرسالة
إسماعيل بن أبي أويس ومروياته في صحيح البخاري
دراسة تطبيقية في كيفية انتقاء البخاري لحديث إسماعيل
المقدمة:
الحمد لله أحمده بجميع المحامد على مر الزمان، حمدًا يوافي النعم، وينير الطريق، ويكافىء المزيد.
والصلاة والسلام على نور الظلام، وخير الآنام حبيبنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن استقام؛ أما بعد:
من رحمة الله عز وجل بالخلق أن أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، فما زال الأنبياء يسوسون الناس بالوحي المنزل، حتى ختم الله الرسالات برسالة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وختم الكتب بالقرآن الحكيم.
وعاش النبي – صلى الله عليه وسلم – بين الناس ثلاثة وعشرين عامًا، يعلم الناس سبل الهداية، وينشر بينهم الخير، ويحذرهم من كل فتنة إلى يوم القيامة حتى ثبت دعائم الدين ولم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا وهو يؤكد على الأمة من بعده، تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبدًا كتاب الله وسنتي.
فحمل الصحابة كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – حتى كانوا خير خلف لأشرف نبي، وما زال ميراث النبوة تتوارثه الأجيال كابرًا عن كابر، وصدق الله إذ قال ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
وأبى الله إلا أن تتكسر على صخرة القرآن الكريم جميع مؤامرات الدس والتحريف؛ لأن الله جل وعلا حفظ كتابه في الصدور، وبين الدفاف في السطور، ولما استعصى عليهم القرآن الكريم أن يحرفوه، عملوا على الدس في سنة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وتحريفها عن مقاصدها، وتأييد ما ذهبت إليه أهواؤهم بالافتراء على النبي – صلى الله عليه وسلم – وتقويله ما لم يقله، فالسنة هي المفسرة لنصوص القرآن الكريم المبينة لمبهمه، والمخصصة لعامه، والمقيدة لمطلقه، فما هو إلا أن هيأ الله – عز وجل – لدينه من الرجال الجبال، الذين يذودون عن سنة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – ويدفعون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وزيغ الزائغين، أمثال الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وعلي ابن المديني، وعبد الرحمن بن مهدي، والبخاري، ومسلم.. وغيرهم ممن حفظوا ديوان السنة النبوية ودونوه، وأصلوا لعلم الجرح والتعديل، ونقدوا الرجال، فكانوا صيارفة الرجال كما للنقود صيارفة.
واقتباسًا من بعض طريقتهم، ومشيًا – وإن كان بتعثر – على خطاهم، اخترت الكتابة في هذا الموضوع؛ ليكون محاولة متواضعة للإسهام بشيء وإن كان بسيطًا للذب عن طريقة إمام مثل البخاري في انتقاء أحاديث رجل متكلم فيه مثل إسماعيل بن أبي أويس، وكذلك محاولة مني أنه لا يتوجب أن يرد حديث الرجل جميعه، بكلام فيه، لأن الراوي بشر، والعالم المتكلم فيه بشر، وكل يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم – صلى الله عليه وسلم -، فلم يسلم من كلام فيه مالك – وهو النجم الهادي – ولا الأوزاعي – وهو الثقة الحجة – وربما انفرد ووهم حتى قال فيه أحمد بن حنبل رأي ضعيف وحديث ضعيف، وتكلم في الزهري والفضيل بن عياض وهما إمامان بلا نزاع، وتكلم في الشافعي وهو من هو، ولكن يبقى الحكم لعموم أقوال الأئمة لا لمن شذ [1]، وقد يختلف اجتهاد الواحد منهم في الرجل فيجيب السائل بحسب ما اجتهد من القول في ذلك الوقت.
من أجل هذا انبريت[2] بكف واهية وقلم متعثر وآلة من العلم ضعيفة، طالبًا من الله الإعانة، لما أرجو من الإبانة، وهو حسبي ونعم الوكيل.
فاخترت عنوان بحثي “إسماعيل بن أبي أويس ومروياته في صحيح البخاري دراسة تطبيقية في كيفية انتقاء البخاري لحديث إسماعيل” وقد قسمت بحثي إلى ثلاثة فصول يسبقها تمهيد وتعقبها خاتمة عرضت فيها أهم نتائج البحث، أما الفصول فهي على النحو المذكور أدناه:
• المقدمة.
• التمهيد.
الفصل الأول: إسماعيل بن أبي أويس، فيه:
المبحث الأول: اسمه ونسبه.
المبحث الثاني: مولده ونشأته الأولى.
المبحث الثالث: مكانته ومناقبه وأقوال العلماء فيه.
المبحث الرابع: مناقشة أقوال العلماء فيه.
المبحث الخامس: شيوخه وتلاميذه، وفيه:
المطلب الأول: شيوخه.
المطلب الثاني: تلاميذه.
المبحث السادس: وفاته.
الفصل الثاني: الأحاديث التي تناولها البحث بالتطبيق، وفيه:
المبحث الأول: الأحاديث التي انفرد باخراجها البخاري، وفيه:
المطلب الأول: الأحاديث التي خالف فيها إسماعيل.
المطلب الثاني: الأحاديث التي توبع عليها إسماعيل.
المطلب الثالث: الأحاديث التي انفرد فيها إسماعيل.
المبحث الثاني: الأحاديث التي شارك البخاري في إخراجها أصحاب السنن الأربعة أو بعضهم، وفيه:
المطلب الأول: الأحاديث التي خالف فيها إسماعيل.
المطلب الثاني: الأحاديث التي توبع فيها إسماعيل.
المبحث الثالث: الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم.
المبحث الرابع: الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم وشاركهما أصحاب السنن الأربعة أو بعضهم، وفيه:
المطلب الأول: الأحاديث التي خالف فيها إسماعيل.
المطلب الثاني: الأحاديث التي توبع فيها إسماعيل.
الفصل الثالث: انتقاء البخاري لأحاديث إسماعيل بن أبي أويس.
المبحث الأول: تجنب البخاري ما انفرد فيه إسماعيل من الرواية.
المبحث الثاني: تجنب البخاري ما رواه إسماعيل من حفظه.
الصعوبات:
إن طالب العلم حتى يجيد، عليه أن يتفرغ، ومن مأثور القول “من اشتغل ببصلة فاتته مسألة”، وقد عز الفراغ لكثرة الواجبات التي ضاقت عن أدائها الأوقات، خاصة في بلدنا الجريح، وفي مثل هذه الحقبة من تاريخه.
وإن الكلام عن الصعوبات في زماننا هذا الذي ماجت فيه الفتن موجًا، حتى عصفت بكل موازين الحق والعدل، هو في ذاته صعب، وطويل كطول عد المباحات، فاقتصر سبحانه وتعالى على عد المحرمات لقلتها فقال: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 33]، أذكر ذلك فأقول عد السهل أسهل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن أعظم ما واجهني صعوبة الالتقاء بالاساتذة والشيوخ الأفاضل، وكذلك صعوبة الوصول إلى المكتبات، فإن وصلت فما هي إلا لحظات، ويتوجب علي العودة حذرًا مما يحف الطريق بين المحافظات من مخاطر أمست حديث المجالس.
وهذا جهد المقل أضعه بين أيديكم، أنتم الأساتذة العلماء، وأنا طالب علم اجتهدت في الوصول إلى ما رجوته، فإن قاربت فمن الله وحده، ثم بتسديدكم، وإلا فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه براء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الخاتمة:
في الختام توصلت إلى نتائج يمكن أن أوجزها بما يأتي:
1- يعتبر إسماعيل بن أبي أويس من رواة الحديث النبوي، ولقد كان لقرابته من الإمام مالك رحمه الله تعالى بكونه ابن اخته الأثر الكبير في تلقيه الحديث النبوي فقد سمع من الإمام مالك ما لم يسمع منه غيره.
2- أنه لا يمكن بحال من الأحوال رد أحاديث كل من تكلم فيه، فالعبرة بعموم أقوال الأئمة لا بمن شذّ، ولم يسلم من الكلام أحد، ولذلك فإن البخاري أخرج لإسماعيل بن أبي أويس هذا الكم من الأحاديث بعد النظر فيها واطمئنانه إليها.
3- لقد انفرد البخاري من بين أصحاب الكتب الستة بإخراج ستة عشر حديثًا عن إسماعيل بن أبي أويس، ولكن بعد دراسة هذه الأحاديث وتخريجها من كتب السنة وجدت أن لها متابعات وشواهد هناك، فتضاءل هذا العدد إلى حديثين اثنين، انفرد البخاري بإخراجهما عن إسماعيل وهما الحديث الثالث والرابع من الفصل الثاني، ومع ذلك فإن معنى هذين الحديثين قد تآكل في مواضع أخرى من السنة النبوية الصحيحة، فيكون احتجاج البخاري بهذين الحديثين بعد الاطمئنان إلى صحة معانيهما.
4- لقد كان انتقاء البخاري لأحاديث إسماعيل مبنيًا على تجنب نقاط الضعف التي رصدها العلماء في هذا الرجل المحدث والتي أجملتها في أمرين اثنين:
أولًا: تجنب البخاري مواضع انفراد إسماعيل في الرواية فقد اتهم بالضعف.
ثانيًا: تجنب البخاري الرواية عن إسماعيل من حفظه، وذلك لأنه اتهم بخفة في ضبطه إذا روى من صدره.
5- لقد استطاع هذا البحث أن يرسخ في نفسي على ما أثق به من دقة عظيمة بكتب السنة النبوية المعتمدة من خلال سبر بعض طرقهم التي اعتمدوها في تنقية السنة النبوية مما أصابها من شوائب.
6- أنني أوصي نفسي وإخواني من طلبة العلم إلى سلوك طريق أولئك الشيوخ الكرام وتكملة ما انقطع من طرق العلم ومواصلة السير حتى يسلم الراية كل سالف لخلفه.
فهرس الموضوعات
الموضوع | الصفحة |
المقدمة | 1- 5 |
التمهيد | 5 – 10 |
الفصل الأول: إسماعيل بن أبي أويس، فيه: | 10 – 41 |
المبحث الأول: اسمه ونسبه | 11 |
المبحث الثاني: مولده ونشأته الأولى | 14 |
المبحث الثالث: مكانته ومناقبه وأقوال العلماء فيه | 17 |
المبحث الرابع: مناقشة أقوال العلماء فيه. | 23 |
المبحث الخامس: شيوخه وتلاميذه، وفيه: | 28- 39 |
المطلب الأول: شيوخه. | 28 |
المطلب الثاني: تلاميذه | 36 |
المبحث السادس: وفاته | 40 |
الفصل الثاني: الأحاديث التي تناولها البحث بالتطبيق، وفيه: | 42 – 309 |
المبحث الأول: الأحاديث التي انفرد بإخراجها البخاري، وفيه | 42 |
المطلب الأول: الأحاديث التي خالف فيها إسماعيل | 42 |
المطلب الثاني: الأحاديث التي انفرد بها إسماعيل | 50 |
المطلب الثالث: الأحاديث التي توبع عليها إسماعيل | 57 |
المبحث الثاني: الأحاديث التي شارك البخاري في إخراجها أصحاب السنن الأربعة أو بعضهم، وفيه: | 91 |
المطلب الأول: الأحاديث التي خالف فيها إسماعيل | 91 |
المطلب الثاني: الأحاديث التي توبع عليها إسماعيل | 97 |
المبحث الثالث: الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم | 102 |
المبحث الرابع: الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم وشاركهما أصحاب السنن الأربعة أو بعضهم، وفيه: | 184 |
المطلب الأول: الأحاديث التي خالف فيها إسماعيل | 184 |
المطلب الثاني: الأحاديث التي توبع فيها إسماعيل | 170 |
الفصل الثالث: انتقاء البخاري لأحاديث إسماعيل بن أبي أويس | 310 |
المبحث الأول: تجنب البخاري ما انفرد فيه إسماعيل من الرواية | 310 |
المبحث الثاني: تجنب البخاري ما رواه إسماعيل من حفظه | 315 |
الخاتمة | 219 |
ملحق بأرقام الأحاديث التي لم يتم دراستها | 320 |
ثبت المصادر والمراجع | 328 |
[1] مستفاد من أبي عبد الله محمد بن أحمد بن قايماز بن عبد الله الذهبي (ت748هـ) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب رد حديثهم، تحقيق محمد إبراهيم الموصلي، دار البشائر الإسلامية، بيروت – لبنان 1992 ط1 ج1 ص30.
[2] انبريت للأمر عرضت له وتبريت للأمر إذا تعرضت له؛ ينظر: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري (ت711هـ)، لسان العرب، دار صادر – بيروت، ج14 ص72.