إشكالية الترجمة في باب العطف على المعنى في القرآن الكريم: دراسة ونقد


إشكالية الترجمة في باب العطف على المعنى في القرآن الكريم

دراسة ونقد

 

يهدف هذا الموضوعُ إلى إلقاء الضوء على إشكالية جوهرية في ميدان الدراسات القرآنية والتَّرجمية؛ ألَا وهي “إشكالية الترجمة في باب العطف على المعنى في القرآن الكريم”.

 

إن الغرضَ الأساسيَّ من طرح هذه الفكرة في المجال الأكاديمي يتمثل في لفت انتباه الباحثين والعلماء إلى هذا الموضوع المثير للإعجاب العلمي؛ ليأخذ مكانته المرموقةَ ضمن الحقول التخصصية الدقيقة، والنقدِ العلميِّ الرصينِ، هذا الموضوع لا يُطرح للتناول المبسط؛ إذ إنه قد يستلزم العديد من الصفحات والبحث المعمَّق لإدراك أبعادِه وإبراز دِقَّتِهِ.

 

هذا البحث يُعَدُّ إسهامًا أكاديميًّا مُبتكرًا؛ حيث يجمع بين علوم النحو والبلاغة والترجمة، ويقدِّم نموذجًا تحليليًّا لدراسة بِنية نحويَّة مميَّزة في النصِّ القرآنيِّ؛ تُعرَف بالعطف على المعنى، هذا النوع من العطف يتجاوز القواعد النحوية التقليدية، بحيث يُبنى الربط أو العطف على المعنى الكلي للجملة، بدلًا من العطف القائم على الإعراب النحويِّ المألوف، هنا تبرز الإشكالية التي يواجهها المترجمون في محاولة فهم هذه البنية النحوية القرآنية الفريدة وترجمتها، خصوصًا في ظل تعارضها أحيانًا مع التوجُّه النحوي السائد في اللغات الأخرى.

 

أولًا: التمييز بين العطف على اللفظ، والعطف على المعنى:

إن العطفَ التقليديَّ في اللغة العربية يعتمد على اللفظ أو الإعراب، بَيدَ أنَّ القرآن الكريم يستخدم أحيانًا العطفَ على المعنى؛ حيث يتم الربط بناءً على السياق الكليِّ دون التقيُّد بالإعراب اللفظي، وللعطف على المعنى أثرٌ بلاغيٌّ خاصٌّ في القرآن؛ حيث يُعزِّز المعانيَ ويضفي أبعادًا بلاغيةً وجمالية دقيقة، بَيدَ أنه عند الترجمة قد يواجه المترجِم صعوبةً في نقل هذا البعد البلاغي والتعبيري بشكل فعَّال إلى لغات أخرى؛ إذ قد يُفقَد المعنى، أو يُساء فهمه، في حال عدم انسجامه مع القواعد النحوية في اللغة المستهدَفة.

 

ثانيًا: إشكالية الترجمة بين البنية القرآنية والبنية اللغوية الأخرى:

من القضايا الرئيسة التي يناقشها هذا البحث هي صعوبة ترجمة بنية “العطف على المعنى”، بحيث تحافظ على روح النص القرآني الأصلي؛ فالنقل الحرفيُّ قد يؤدي إلى إضعاف المعنى، في حين أن الترجمة التفسيرية قد تبتعد عن النص الأصلي، وهنا يُطرح التساؤل حول مدى ملاءمة الترجمة الحرفية للنصوص المقدَّسة، وحاجة المترجم إلى التعمُّق في فَهم السياق البلاغي والمعنوي للآية الكريمة؛ لإيجاد صياغاتٍ تلائم دلالاتها المعنوية والبلاغية.

 

ثالثًا: نقد أساليب الترجمة التقليدية:

غالبًا ما تتَّبِع الترجمات التقليدية للنصوص القرآنية بنيةً نحويةً صارمةً تتماشى مع قواعد اللغة المستهدفة، مما قد يؤدي إلى طمس خاصية “العطف على المعنى”، في هذا السياق، يقدِّم البحث نقدًا للترجمات الشائعة، ويقترح بدائلَ تأخذ في الاعتبار النواحيَ البلاغية والدِّلالية للنص القرآني، هذه البدائل تتضمن اقتراحاتٍ للترجمة شبه الحرفية أو التفسيرية المعتمدة على السياق، بحيث يتم الحفاظ على الخصائص الأسلوبية والتعبيرية للنص القرآني بقدر الإمكان.

 

أسئلة للتأمل:

وقبل اختتام هذا البحث، يُطرح السؤال الآتي: هل يمكن التعبير عن مواطن العطف على المعنى في القرآن الكريم؟ وإن كان ذلك ممكنًا، فهل يتنافى مع استحالة ترجمة النص القرآني؟ وإن لم يكن ممكنًا، فكيف تُعالج هذه الإشكالية الترجمية؟ إن معالجة هذا الموضوع قد تثير إعجاب المتلقِّي، وتُلبِّي رغبة من يرغب في فَهم هذا الجانب من الإعجاز البياني في الترجمة القرآنية، فكلما كانت معالجة الترجمة الدقيقة للنص القرآني أعمقَ، كانت الجهودُ المتأنية في الترجمة من أسمى الأعمال عند الله تعالى؛ إذ إنها تتطلب التأمُّل والتدبُّر، والتريُّث والدِّقة، وهذه صفات جوهرية يجب الالتزام بها أثناء التلاوة والترجمة.

 

ومن هنا؛ يمكن القول: إن معالجة هذه الإشكالية في الترجمة القرآنية قد تجعل المترجم يتدبَّر ويتفكر بعمق في كتاب الله تعالى، الذي حثَّ على التفكُّر في شتى الآيات؛ كالآيات التي بدأت بـ”أفلا تعقلون”، وغيرها من الآيات الداعية إلى التأمل.







Source link

أترك تعليقا

مشاركة
إكرام الكبار.. والسلطان
البناء والتأثيث: فقها وقضاء (PDF)