استعانة الملك الصالح بالفرنجة
استعانة الملك الصالح بالفرنجة
لَما استولى الملك الصالح على دمشق استعان بالإفرنج، واصطلح معهم على أن يسعفوه ضد أخيه ملك مصر، ويعطيهم مقابل معونتهم (صيدا) و(قلعة الشقيف)، وغيرها من حصون المسلمين.
ودخل الصليبيون دمشق لشراء السلاح، فاستفظع الشيخ العز بن عبد السلام لذلك، وغُمَّ غمًّا شديدًا، فأفتى بتحريم بيع السلاح للإفرنج، وترك الدعاء للسلطان في خطبة الجمعة، وندَّد بخيانة السلطان للمسلمين، وكان مما دعا به في خطبة: «اللهم أبرم لهذه الأمة أمرَ رشدٍ تُعِزُّ فيه وليَّك، وتُذل به عدوَّك، ويُعمَل فيه بطاعتك، ويُنهى فيه عن معصيتك، والناس يؤمنون على دعائه”، فبمثل لمح البرق بلغ الجواسيس الملك ما فعله قاضى القضاة.
وما أكثر المبلغين والمتوددين والنمَّامين في كل زمان ومكان، فغضب السلطان، وعزل الشيخ عن القضاء، فرحل الشيخ عن دمشق إلى مصر، وبينما هو في الطريق أرسل السلطان في أثره، فأدركته رسل الملك الصالح، وطلبوا منه الرجوع، وقالوا له: إن السلطان عفا عنك وسيردك إلى منصبك على أن تنكسر له وتعتذر، وتقبِّل يده.
فقال لهم الشيخ: أنا ما أرضى أن يقبل يدي، فضلًا عن أن أقبِّل يده، يا قوم أنتم في وادٍ، وأنا في وادٍ، ثم مضى في طريقه حتى وصل مصر، هكذا العلماء الذين لا تأخذهم في الله لومة لائمٍ.
اللهم قوِّنا باليقين، وامنحْنا التوفيق، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.