الإحسان إلى الوالدين


الإحسان إلى الوالدين

 

أمر الله بإكرامهما غاية الإكرام، وحذَّر من إيذائهما ولو بأدنى كلمة؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36].

 

تأمل كيف قرن الله تعالى برَّ الوالدين بالأمرِ بتوحيده وعبادته، لتعلم ما للوالدين من المنزلة عند الله، وما للبر من مكانة سامية في الشرع!

 

ومما يدلُّ على منزلة الوالدين عند الله أنه تعالى قرن برهما بتوحيده في عدة مواضع؛ تنويهًا بفضلهما، وتنبيهًا على عظيم حقهما، ومن ذلك قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان: 14]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾[الإسراء: 23].

 

لذا رُوي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ثلاث آيات مقرونات بثلاث، ولا تقبل واحدة بغير قرينتها: قوله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [التغابن:12]، فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يُقبل منه، وقوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة:43]، فمن صلى ولم يزكِّ لم يقبل منه، وقوله تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ [لقمان:14]، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.

 

وقرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رضا الله تعالى برضا الوالدين، وسخطه تعالى بسخطهما؛ لعظيم حقهما وسابق فضلهما؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ»[1].

 

وأمر تعالى بإكرامهما غاية الإكرام، وحذَّر سبحانه من إيذائهما ولو بأدنى كلمة، فقال: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].

 

ثم تأمل كيف أمر تعالى بالإحسان إليهما غاية الإحسان، بقوله: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾، ولو كان يجزئ أي إحسان لقال: (وأحسنوا للوالدين)، ولكنه تعالى أراد غاية الإحسان وكماله، ولا يجزئ عند الله غيره، ولا يرضى تعالى من العبد سواه.


[1] رواه الترمذي – أَبْوَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَا جَاءَ مِنَ الفَضْلِ فِي رِضَا الوَالِدَيْنِ، حديث رقم: 1899، بسند صحيح.





Source link

أترك تعليقا
مشاركة
التبرع بمبيعات كتاب "تاريخ المرأة" لصالح النساء والأطفال ضحايا العنف المنزلى – اليوم السابع
توقيع ومناقشة كتاب “تحولات الثقافة فى مصر” بالقنصلية الفرنسية