البدائل الإسلامية بين التخريج على الفروع والتخريج على القواعد المعاملات المصرفية نموذجا


البدائل الإسلامية بين التخريج على الفروع والتخريج على القواعد

المعاملات المصرفية نموذجًا

 

التخريج في اللغة يدور على معنيين: الأول: النفاذ عن الشيء، والثاني: اختلاف لونين، ومن الأول قولهم: فلان خريج فلان، إذا تعلّم على يديه، فكأنه هو الذي أخرجه من حدّ الجهل،[1] وهذا المعنى من أقرب الدلالات إلى مصطلح التخريج الفقهي، بجامع أن المخرِّج يبحث عن تجلية حكم مسألةٍ مجهولةٍ، بقياسها على مسألةٍ معلومة الحكم، حتى يُخرج الأولى عن حدّ الجهل، ويستنبط لها حكمًا؛ لذا عرّف بعض أهل اللغة الاستخراج بالاستنباط[2].

وأما التخريج في الاصطلاح: فهو تحرير الأصل الذي يوضح حكم المسألة؛ سواء كان فرعًا فقهيًا، أو أصلًا كليًا،[3] فالتخريج قسمان: تخريجٌ على الفروع، وتخريجٌ على الأصول.

 

ومتى اجتهد الفقيه في النظر في معاملةٍ مالية، واختار القول بالتحريم، اتجه ليقترح صيغًا بديلة، مشروعةً في نظره واجتهاده، وغالب ما كُتب من بدائل المعاملات المصرفية لم يأخذ حظه من النظر، فبعد بحثٍ طويلٍ لحكم المعاملة، يكتفي الباحث بعرض بديله المقترح، والتدليل على مشروعيته بكلامٍ يسير، يسلك فيه مسلك التخريج على فرعٍ فقهي موروث، أو على أصولٍ كليةٍ عامّة، فإلى أين اتجه التخريجان السابقان في كتابات الباحثين؟، وما مميزات، وعيوب كل اتجاه؟

 

المطلب الأول: العلاقة بين البدائل والتخريج على الفروع:

دلّ قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾،[4] على مسلك التخـريج على الفروع، قال ابن عبد البر: “وهذا تمثيل الشيء بعدله، ومثله، وشبهه، ونظيره، وهو نفس القياس عند الفقهاء”.[5]

كما شهدت أدلةٌ كثيرةٌ من السنة على هذا النوع من التخريج؛ كالحديث المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت، وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال: “لو كان على أمك دين، أكنت قاضيه عنها؟”، قال: نعم، قال: “فدين الله أحق أن يقضى”،[6] وجرى على اعتبار هذا المسلك دليلًا معتبرًا جلُّ أئمة الفقه، قال عمر الفاروق رضي الله عنه في رسالته المشهورة لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه في القضاء: “واعرف الأشباه والأمثال، ثم قسِ الأمور بعضها ببعضٍ، فانظر أقربها إلى الله، وأشبهها بالحق، فاتبعه، واعمد إليه”[7].

وافترق التخريج على الفروع عن القياس؛ باشتهار الأول بقياس المسائل على الفروع التي قررها أئمة الفقه، دون الرجوع إلى دليلها الأول؛ لقرب هذه المسائل في نظر المخرِّج من مسألته المبحوثة[8].

والتخريج على الفروع في خصوص المعاملات المالية المعاصرة، وبدائلها يُحتاج فيه إلى النظر من عدّة جهات:

أولًا: من جهة الغاية الأساسية من هذا التعاقد، ويوضحها:

1- النظر في بداية نشأة هذا العقد، وأسبابها.

 

2- النظر في التطورات التي مرّ بها، في فترة تطبيقه أو تجربته.

قال ابن الماجِشُون[9]: “كانوا يقولون: لا يكون فقيهًا في الحادث من لم يكن عالمًا بالماضي”.[10]

3- النظر في قصد المتعاقدين منه، من خلال ما سبقت الإشارة إليه في مسلكي الباعث، والمآل.

قال ابن تيمية: “ونكتة هذا: أن القصود والنيات معتبرة في العقود؛ كاعتبارها في العبادات، فإن الأعمال بالنيات”[11].

 

ثانيًا: من جهة شكل التعاقد، وإجراءاته:

1- هل هو تعاقد بين طرفين، أو أكثر؟

 

2- هل تكوّنت هذه المعاملة من عقدٍ منفرد، أو من عدّة عقود؟، وإن كانت الأخيرة؛ فهل تلك العقود مستقلة عن بعضها، أو مركب بعضها على بعض؟

 

3- هل تمت شروط وأحكام كل عقد بصورةٍ شرعية، أو لا؟.

 

4- هل هناك مانع شرعي من هذا التركيب، أو من ذلك الاجتماع؟.

– وإذا ما اختلف التخريج بالمقصد عن التخريج بالشكل، فإن المعتبر هو القصد والغاية، كما سبق تقريره في المبحث الأول، وإذا تزاحم عقدان تشابها مع مقصد الصورة المخرَّج لها؛ فإن العبرة بالتخريج على العقد الذي هو أشدّ شبهًا؛ من حيث توافق أكثر الخصائص المؤثرة في العقد.

 

ثالثًا: من جهة الصورة المخرَّج عليها:

1- هل تطابق العقدان (المخرَّج والمخرَّج عليه) في حقيقتهما، وأركانهما الأساسية؟.

 

2- هل يوافق التكييف القانوني، أو المصرفي لهذه المعاملة على هذا التخريج؟، وذلك للاسترشاد بالعرف السائد حول هذه المعاملة في الحكم عليها؛ إذ دلالة العرف معتبرة في العقود.[12]

قال الشافعي: “لا يحل لفقيهٍ عاقلٍ أن يقول في ثمن درهم، ولا خبرة له بسوقه”.[13]

3- هل الفروق بين العقدين؛ من الشروط الإضافية في العقد، أو الناقصة مؤثرة في الحكم، أو لا؟.

وتمييز الفروق الطردية من الفروق المؤثرة في تغيير حقيقة العقد من الأبواب التي ينبغي أن تضبط ضبطًا بالغ التحرير؛ لأهميته في تخريج المعاملات المعاصرة وبدائلها على العقود الشرعية، سواء تلك الفروق المختصة بحقيقة العقد، أو القصد منه، أو محله، أو أخصّ أحكامه، ومن جهود العلماء في هذا الباب:

‌أ- من جهة حقيقة العقد:

من ذلك تحديدهم حقيقة عقد الاستصناع، قال الكاساني: “لأن الاستصناع طلب الصنع، فما لم يشترط فيه العمل لا يكون استصناعًا”.[14]

‌ب- من جهة القصد والغاية منه:

من ذلك تفريقهم بين المسابقة والجعالة، قال ابن القيم: “المراهن قصده تعجيز خصمه، وألا يوفي عمله، بخلاف الجاعل، فإن قصده حصول العمل المجعول له، وتوفيته إيّاه”.[15]

وأوضح منه التفريق بين الصرف نسيئة والقرض، فالأول قُصدت فيه المعاوضة، والثاني قُصد فيه الإرفاق، قال ابن حجر: “النية تؤثر في الفعل، فيصير بها تارةً حرامًا، وتارةً حلالًا، كما يصير العقد بها تارةً صحيحًا، وتارةً فاسدًا… وكذلك صورة القرض في الذمّة، وبيع النقد بمثله إلى أجل، صورتهما واحدة، الأول قربة صحيحة، والثاني معصية باطلة”.[16]

‌ج- من جهة محل العقد:

ومنه التفريق بين الإجارة والجعالة والشركة، قال ابن القيم: ” العمل المقصود به المال على ثلاثة أنواع: أحدها: أن يكون العمل مقصودًا معلومًا مقدورًا على تسليمه، فهذه الإجارة اللازمة، الثاني: أن يكون العمل مقصودًا، لكنه مجهول أو غرر، فهذه الجعالة… وأما النوع الثالث فهو ما لا يقصد فيه العمل، بل المقصود فيه المال، وهو المضاربة”.[17]

التفريق بين المساقاة والمضاربة، فالمساقاة مشاركة على أصولٍ ثابتة، والربح هو كل العائد، والمضاربة مشاركة على أصولٍ متداولة، ومحل الربح ما زاد على رأس المال.

 

ومنه كذلك اختلاف الباذل لمحل العقد؛ كالفرق بين الإجارة والاستصناع، فالإجارة يبذل محل العمل طالب العمل، والاستصناع يبذله العامل، قال الكاساني: ” فإن سلّم إلى حدادٍ حديدًا؛ ليعمل له إناءً معلومًا، بأجرٍ معلومٍ، أو جلدًا إلى خَفّافٍ؛ ليعمل له خفّـًا معلومًا، بأجرٍ معلومٍ؛ فذلك جائز، ولا خيار فيه؛ لأن هذا ليس باستصناع، بل هو استئجار”.[18]

‌د- من جهة أحكام العقد المختصّة به:

ومن ذلك التفريق بين الحوالة والضمان، فالحوالة تنقل الحق من طرف إلى آخر، والضمان لا ينقله، قال الماوردي: “لأن اسم الحوالة والضمان مشتقان من معناهما، فالحوالة مشتقة من تحول الحق، والضمان مشتق من ضمّ ذمّة إلى ذمّة، فاقتضى أن يكون اختلاف أسمائهما من اختلاف معانيهما، موجبًا لاختلاف أحكامهما”.[19]

ومن ذلك كذلك: الفرق بين السلم والاستصناع، قال في المحيط البرهاني: “وأما ما لا تعامل للناس فيه؛ كالاستصناع في الثياب، فإنه ينقلب سلمًا يضرب الأجل؛ بالإجماع هكذا قالوا… وضرب الأجل لا يصح في الأعيان، وإنما يصح في الديون، فضرب الأجل اقتضى أن يكون المبيع دينًا في الذمّة، والمبيع لا يثبت دينًا في الذمّة إلا سلمًا”.[20]

وتجد أن هذا المسلك كثيرًا ما ينبّه عليه الفقهاء، قال في تبيين الحقائق: “الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة، وبالعكس كفالة، والاستصناع عند ضرب الأجل سلمًا”.[21]

والمتعين هو النظر إلى هذه الجهات جميعها؛ لتحديد طبيعة العقد، وعدم الاغترار بشبهه بغيره من بعض الجهات دون الأخرى، وقد أحسن ابن القيم في تفريقه بين المسابقة والهبة، باستيعابه لهذه الجهات كلها، قال – رحمه الله -: “والذي يبطل كونه (أي الرهان) من باب العِدّات، والتبرعات: القصد، والحقيقة، والاسم، والحكم، أما القصد: فإن المراهن ليس غرضه التبرع، وأن يكون مغلوبًا، بل غرضه الكسب، وأن يكون غالبًا، فهو ضد المتبرع، وأما الحقيقة: فإن التبرع والهبة لا تكون على عمل، ومتى كان على عملٍ خرج عن أن يكون هبة، وكان من نوع المعاوضات، وأما الاسم: فإن اسم الرهان، والسبق، والخطر، والجعل غير اسم الهبة، والصدقة، والتبرع، وأما الحكم: فأحكام الهبة مخالفة لأحكام الرهان من كل وجه، وإن جمعهما مجرد إخراج المال إلى الغير على وجهٍ لا يعتاض باذله عنه، فهذا هو القدر المشترك بينه، وبين الهبة والتبرع، ولا تخفى الفروق التي بين هذا العقد، وبين عقد الهبة”.[22]

وقد امتاز هذا المسلك بخصائص، من أهمها:

1- أن تخريج المسألة المعاصرة على مسألةٍ فقهية، مقررة الحكم، شبيهةٍ بها أقرب إلى الضبط من تخريجها على أصولٍ عامة، أو قواعد كلية، وكلّما كانت المسألة من نفس الباب، وكانت أقرب لها في عين مناط الحكم كان التخريج أدقّ.

 

2- أن المسائل المقررة في كتب أهل العلم قُررت – في الغالب – عللها، وضوابطها، والفروق بينها، وبين المسائل المشابهة لها في الصورة، المختلفة عنها في الحكم، فكان هذا أدعى لضبط التخريج عليها.

 

3- أن كثيرًا من فقهاء المذاهب سلكوا هذا المسلك في تخريجهم للمسائل المستجدة أكثر من سلوكهم للمسلك الآخر.

 

وظهرت في تطبيقات سالكيه عيوبٌ، منها:

1- ترك التدقيق في مشابهة المسألة المبحوثة للمسألة المقيسة عليها، والاكتفاء بالنظر إلى صورتها العامة، دون تحديد الأوصاف الطردية من المؤثرة في حكمها، قال الجويني[23]: “لا يستقل بنقل مسائل الفقه من يعتمد الحفظ، ولا يرجع إلى كَيْسٍ وفطنةٍ وفقهِ طبع؛ فإن تصوير مسائلها أولًا، وإيراد صورها على وجوهها ثانيًا، لا يقوم بها إلا فقيه”.[24]

وكمثال لهذا الخطأ يقول الدكتور عبد الستار أبو غدة: “وقد جاء في كلام بعض الفقهاء من الذين يرون أن الأصل في الكفالة الرجوع بما أداه الكفيل – كابن قدامة في المغني –[25] تشبيه الكفالة بالوكالة؛ لأن الكفالة تتضمن إقرارًا بالأداء، فتستتبع حق الرجوع، وهذا ما تعلق به بعض الكتاب لتأييد هذه الدعوى الغريبة التي تجعل الكفالة خالية من المضمون؛ بإدراج معظم تطبيقاتها في الوكالة، بالنسبة لجميع الأطراف، مع أن الغرض من هذا التشبيه – والتشبيه غير الحقيقة – هو اشتمال طلب الكفالة على طلب الأداء، ومن ثمّ على الاستعداد للأداء للكفيل.

 

ولو فتحنا الباب لهذا التعلق الضعيف لأدنى ملابسة، لأضعنا التميز القائم بين العقود المسمّاة، فنطلق على البيع أنه إجارة؛ لأن فيه بيعًا للمنفعة، باعتبار أنه بيع للذات، وهي العين والمنفعة معًا، وهكذا”.[26]

ولتحقيق هذا التدقيق في مشابهة المسألة المبحوثة للمسألة المقيسة عليها يحتاج المخرِّج لمعرفة العلل، والضوابط، والجمع، والفرق، والنظر في المسائل التي خرّجها من سبقه على مسألته التي سيُخرج عليها؛ لينضبط له الفهم، ويتأكد من صحة التخريج، قال ابن خلدون[27] في مقدمته: “وصار ذلك كله يحتاج إلى ملكةٍ راسخة، يقتدر بها على ذلك النوع من التنظير، أو التفرقة، واتباع مذهب إمامهم فيهما ما استطاعوا “[28]. [29]

2- ضعف استحضار المسائل المشابهة من كلام أهل العلم لما هو محل البحث، وعدم تمييز ما هو أقربها إليه، والرضا بما قاربه مما سنح به بادئ الرأي، أو أول البحث؛ مما يولّد الخطأ، ويوقع في ضعف التخريج.[30]

3- تفكيك المعاملة المصرفية إلى خطوات، وإلباس كل خطوة منها تخريجًا يقارب صورتها، والغفلة عمّا يحدثه التركيب، واجتماع العقود من أحكام، بل وإهمال غاية المتعاقدين من هذه المنظومة التعاقدية في جملتها.[31]

4- بناء الحكم على مسألةٍ ضعف دليلها، أو وجهٍ وهى ترجيحه، فيبني على الحكم الضعيف دون تحرٍ، قال الزركشي[32]: ” وإنما ينتفع بذلك إذا تمكن من معرفة الصحيح من تلك الأقوال من فاسدها، ومما يعينه على ذلك أن تكون له قوةٌ على تحليل ما في الكتاب، ورده إلى الحجج، فما وافق منها التأليف الصواب فهو صواب، وما خرج عن ذلك فهو فاسد، وما أشكل أمره توقف فيه”[33].[34]

وقد سلك جمعٌ من الباحثين المعاصرين مسلك التخير من المذاهب على جهة التشهي، دون أن ينضبط اختياره بمسلكٍ معتبر، وفي أمثال هؤلاء يقول ابن القيم: “لا يجوز للمفتي أن يعمل بما يشاء من الأقوال والوجوه من غير نظرٍ من الترجيح، ولا يعتدّ به، بل يكتفي في العمل بمجرد كون ذلك قولًا قاله إمام، أو وجهًا ذهب إليه جماعة، فيعمل بما يشاء من الوجوه والأقوال، حيث رأى القول وفق إرادته، وغرضه عمل به، فإرادته وغرضه هو المعيار، وبها الترجيح، وهذا حرامٌ باتفاق الأمّة”.[35]

5- استبعاد التخريج الأقرب إذا كان لا يؤدي إلى النتيجة المقصودة للباحث من حلٍّ أو حرمة، وفي هذا تحكمٌ لا يخفى، وأترك المجال لتوضيح هذه الجزئية للدكتور مبارك آل سليمان من خلال هذا المثال، يقول عند سياق الحديث عن تخريج خصم الورقة التجارية: “على أن الدكتور سامي حمود اعترض على حمل الخصم على الحوالة أو البيع من وجه آخر، فقال: (أما القول بأن عملية الخصم ]هي[ عبارة عن حوالة حق، أو بيع للدين الثابت في الورقة المخصومة، فإن أيًا من هذين التفريعين لا يستقيم مع الشروط والقواعد الضابطة لحوالة الحق، أو بيع الدين لغير من هو عليه، خاصة وأن هذا البيع موضوعه بيع نقد آجل بنقد عاجل أقل منه، مما يجعله عرضة للقول فيه بالربا بنوعيه الفضل والنساء).[36]

وهذا الاعتراض – في نظري – غير وجيه؛ ذلك أن انتفاء الشروط لا يدل على انتفاء الماهية؛ أيّ أن عدم توفر الشروط وإن كان يؤثر في صحة العقد، إلا أنه لا يؤثر في حقيقته، فإذا صح أن الخصم حوالة أو بيع نُظر بعد ذلك في شروطه؛ فإن توفرت حُكم عليه بالصحة، وإن لم تتوفر – كما هو الحال في خصم الكمبيالات – حُكم عليه بالبطلان.

 

كما أن كون حمل الخصم على البيع يجعل الخصم عرضة للحكم بعدم جوازه؛ لما فيه من الربا بنوعيه (الفضل والنساء) ليس وجهًا صحيحًا في ردّ هذا التخريج؛ لأنه لا يصح أن يحكم الباحث على العقد مسبقًا بحلّ أو حرمة، ثم يستبعد أيّ تخريج لا يوصل إلى هذا الحكم المسبق، وإنما الواجب أن يتجرد الباحث للحق، فيجتهد في إعطاء العقد المستجد الوصف الفقهي المناسب، من حيث إلحاقه بأحد العقود المعروفة إن أمكن ذلك، ثم يحكم عليه بمقتضى ذلك تخريجًا عليه، بصرف النظر عمّا ينتج عن ذلك من حلٍ، أو حرمة”.[37]

6- ما يلجأ إليه بعض المخرِّجين المعاصرين من سلوك مسلك التلفيق بين عدّة مسائل، من مذاهب مختلفة، وباعتباراتٍ متباينة، فيجمع ملحظًا من كل مسألة؛ ليخرج بصورةٍ جديدة، يُقربها من مسألته المبحوثة، فيقع الخطأ باختيار حكمٍ خارجٍ عن تقرير جميع من نقل عنهم.

 

وقد اختلف أهل العلم في حكم التلفيق بين المذاهب:

صورة المسألة:

التلفيق كلمةٌ في أصلها تدل على ملاءمة الأمر،[38] مأخوذةٌ من لفق الثوب: إذا ضمّ شقةً إلى أخرى، فخاطهما،[39] ومنه أُخذ التلفيق في المسائل.[40]

والتلفيق في الاصطلاح: هو أن يأخذ بقول مجتهدٍ في مسألة، وبقول غيره في أخرى.[41]

تخريج المسألة:

محل البحث هنا في حكم التلفيق بالنسبة للمجتهدين لا المقلدين، وتخرَّج هذه المسألة على اختلاف الأصوليين في مسألة: إذا اختلف الصحابة y في مسألتين على قولين؛ مثبتٍ في كلا المسألتين، ونافٍ فيهما، هل يجوز لمن بعدهم التفرقة بينهما؟.

وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أربعة أقوال:

القول الأول: جواز موافقة طائفةٍ في مسألة، وآخرين في غيرها.[42]

واستدلوا بأربعة أدلة:

الدليل الأول: أنه فعل الصحابة y؛ إذ لم يقل واحدٌ منهم: تجب مراعاة أحكام مذهبٍ واحدٍ في كل بابٍ أو مسألة؛ لئلا تلفق في عبادتك، أو معاملتك بين مذهبين، أو أكثر.[43]

الدليل الثاني: أنه قد وقع ذلك، فتخيّر التابعون من خلاف الصحابة y في المسائل، فوافقوا في بعضها بعضهم، ووافقوا في غيرها البعض الآخر.[44]

الدليل الثالث: أنه لو صح عدم جواز التفرقة، للزم أن من وافق إمامًا في مسألةٍ أن يوافقه في سائر المسائل، والأمّة مجمعة على خلافه.[45]

ونوقش: أن التفرقة ستؤدي إلى تخطئة كل الأمّة؛ إذ يلزم خطأ شطرهم في حكم المسألة الأولى، وخطأ الشطر الآخر في حكم المسألة الثانية، وهذا خطأ لا تجتمع عليه الأمّة.[46]

وأجيب: أن الخطأ المحال ليس هو وقوع الخطأ في الأمّة، وإنما هو الخطأ الذي يضيع الحق؛ حتى لا تقوم به طائفة.[47]

الدليل الرابع: أن اختلافهم على عدّة أقوال دليلٌ منهم على تسويغ الاجتهاد في هذه المسألة، والقول الملفق جاء أيضًا عن اجتهاد.[48]

ونوقش: أن الاجتهاد الذي يسوغ مع اختلافهم هو طلب الحق من هذه الأقوال، وليس إحداث قولٍ جديدٍ ملفق.[49]

القول الثاني: المنع من موافقة طائفةٍ في مسألة، وآخرين في غيرها.[50]

واستدلوا بدليلين:

الدليل الأول: أن الأمّة إذا قال نصفها بالحرمة في المسألتين، وقال نصفها الآخر بالحل فيهما، فقد اتفقوا على اتحاد الحكم في المسألتين، وأنه لا فصل بينهما؛ فيكون الفصل ردًا للإجماع.

ونوقش: أنه لا يلزم من عدم التعرض لتحريم التفصيل الحكم بتحريمه، وتعين اتحاد الحكم في المسألتين.[51]

الدليل الثاني: أن في هذه التفرقة إحداثًا لقولٍ ثالثٍ لم يقل به أحد، وخرمًا للإجماع.

ونوقش من وجهين:

الأول: أن المجتهد الآخذ بالتلفيق لم يخرم الإجماع؛ لأنه وافق في كل واحدةٍ من المسألتين فريقًا من أهل العلم.[52]

والثاني: أن الممتنع إنما هو تخطئة كل الأمّة فيما اتفقت عليه، أما ما لم تتفق عليه؛ بأن تخطئ فرقة في مسألة، وأخرى في غيرها، فلا يمتنع.[53]

القول الثالث: التفصيل؛ فإن صرحوا بتسوية الحكم بين المسألتين لم يجز التفريق، وإلا جاز.[54]

واستدلوا: أنهم إن صرحوا بالتسوية كانت التفرقة إحداثًا لقولٍ ثالث، وهو بمنـزلة مخالفة القول الواحد المجمع عليه.[55]

ونوقش: أن الإجماع منهم لم يحصل على حكمٍ واحد؛ فهو كالاختلاف.[56]

ويمكن أن يجاب: أنهم أجمعوا على التسوية بين المسألتين، وهذا حكمٌ شرعي.

القول الرابع: التفصيل؛ فإن صرحوا بتسوية الحكم بين المسألتين لم يجز التفريق، وكذلك إن كان مسلك المسألتين واحدًا، وإلا جاز.[57]

واستدلوا – إضافة لما سبق-: أنه إن ظهر أنّ مسلك المسألتين واحد؛ فالتفريق بينهما في الحكم خلاف اتفاقهم على أنهما سواء؛ كمن قال: لا ترث العمّة والخالة، ومن قال: ترثان، فلا يجوز التفرقة بينهما في الحكم؛ لأن الكل متفق أنهما سواء في الإرث أو عدمه؛ بجامع المحرمية والقرابة.[58]

سبب الخلاف في المسألة:

هل إحداث الفصل بين المسألتين كإحداث قولٍ ثالثٍ فيهما، أو ليس كذلك؟.

وهل يلزم من هذا الفصل نسبة الخطأ إلى جميع الأمة؛ فيكون خرقًا للإجماع، أو لا؟.[59]

القول المختـار:

القول الرابع هو الأقوى اعتبارًا لأمور:

(1) أن الصحابة الكرام y اجتهدوا في المسائل بحسب الأدلة، ولم يلزموا أحدًا بالتزام مذهبٍ معين.

(2) أن الذي عليه المحققون، وقوي دليله جواز إحداث قول ثالثٍ في مسألةٍ، لا يخرج عن القولين السابقين، ومن باب أولى جواز اختيار قول لهؤلاء في مسألة، ولأولئك في أخرى.[60]

(3) أن هذا المسلك يضبط الاجتهادات أن لا تخرج عن الإجماعات المنقولة، والمسالك المعتبرة عند أهل العلم، دون أن يضيق دائرة الاجتهاد.

 

واعتبار اختيار هذا القول مقيدٌ بأمرين:[61]

أولها: أنه خاصٌ بمن توفرت فيهم آلة الاجتهاد، والنظر الصحيح.[62]

وثانيها: أن يختار القول الذي يعتقد رجحانه؛ لقوة دليله، لا للتشهي، أو تتبع الرخص.[63]

 

المطلب الثاني: العلاقة بين البدائل والتخريج على القواعد:

بُنيت الأحكام الفرعية على أصولٍ وقواعد كلية، كان الاقتراب منها اقترابًا من مصادر الأدلة المحكمة، ونهلًا من المعين الأصلي للشريعة الإسلامية، وبالأخذ بها تنضبط العلل، ويحقق التخريج، وتسري تطبيقات المقاصد الشرعية، وفي معنى ذلك يقول ابن عبد البر: “هذا يوضح لك أن الاجتهاد لا يكون إلا على أصولٍ، يضاف إليها التحليل والتحريم، وأنه لا يجتهد إلا عالمٌ بها، ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف، ولم يجز له أن يحيل على الله قولًا في دينه لا نظير له من أصلٍ، ولا هو في معنى أصل، وهذا الذي لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار، قديمًا وحديثًا، فتدبره”.[64]

لكن كثيرًا من تلك القواعد والضوابط – وفي أبواب المعاملات المالية المصرفية على جهة الخصوص- ينبغي تحريرها، والاعتناء بفقهها؛ إذ أطلقها الشارع، ولم يبين حدّها الشرعي، ولم تُظهر اللغة حدود معناها تمامًا، ثم اختلف فيها العرف بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال، فوجب البحث في تحرير ذلك من خلال تطبيقات الشرع، وأصول المعنى اللغوي للمدلولات، ثم محاولة ضبط ذلك بمعنى جامع يعم تصرفات العاقدين، واختلاف الأعراف، وبلفظٍ مانعٍ من تسلل ما قد يرتبط بها، وهو أجنبيٌ عنها.

 

وهو ما سعى لتحريره كثيرٌ من متقدمي الفقهاء، وثلة من المعاصرين، وما زال هذا الباب بحاجةٍ إلى مزيد اعتناء وتمحيص، ومن المهمّ من ذلك:

1- تحديد معنى بعض المصطلحات المالية: كمصطلح القبض، يقول الخطابي: “القبوض تختلف في الأشياء حسب اختلافها في أنفسها، وحسب اختلاف عادات الناس فيها”،[65] ومن أحسن ما حُرر به معنى القبض قول الكاساني: “معنى القبض هو التمكين، والتخلي، وارتفاع الموانع عرفًا، وعادةً حقيقة”،[66] والمراد بالتمكين هنا التمكن من التصرف، وارتفاع ما يمنع منه، وقد نبّه على هذا في موضع آخر، فقال: “معنى القبض هو التخلية الممكنة من التصرف”،[67] فكل ما تحقق فيه هذا المعنى بحسب أعراف الناس المتجددة حُكم بأنه قبض صحيح.[68]

وهكذا الحاجة ماسّة لتحرير كثير من المصطلحات الفقهية المالية؛ كالغرر والربا.[69]

2- تحديد المقصود ببعض القواعد المالية المهمّة: كقاعدة: الخراج بالضمان،[70] وهي معنى قاعدة الغنم بالغرم، وبمعنى حديث النهي عن ربح ما لم يضمن،[71] فالغنم هو الربح، وقد عُرّف الربح بأنه: “زائد ثمن مبيع تُجِرَ على الثمن الأول؛ ذهبًا أو فضة”،[72] ويحصل الربح في التجارة بتقليب رأس المال، وزيادة قيمة البيع عن قيمة الشراء،[73] وفي المضاربة بمجموع بدن العامل، ومنفعة رأس المال،[74] وفي الإجارة ببدل المنافع،[75] ويستحق بالمال، أو العمل، أو الضمان التابع لهما؛[76] فمتى دخلت السلعة في ضمانه وتحمل تبعة هلاكها، وتعيبها،[77] كانت زيادتها، وغلتها، وربحها من حقه.[78]

وعلى قدر ضمانه ومخاطرته يكون عادة ربحه،[79] يقول ابن خلدون: “وكذلك نقل السلع من البلد البعيد المسافة، أو في شدة الخطر في الطرقات، يكون أكثر فائدة للتجار، وأعظم أرباحًا، وأكفل بحوالة الأسواق؛ لأن السلع المنقولة حينئذٍ تكون قليلة معوزة؛ لبعد مكانها، أو شدة الغرر في طريقها، فيقل حاملوها، ويعزّ وجودها، وإذا قلّت، وعزّت غلت أثمانها”.[80]

وقد اختلف المعاصرون – مع ظهور صور عصرية للربح – في معنى الخطر الذي يستحق عليه البائع ربحًا على اتجاهات:

الاتجاه المضيق: أن ما يُستحق عليه الربح هو البيع الذي يقدم منفعةً اقتصادية مضافة للمجتمع.[81]

ويستدل لهم: بالفرق بين بيع العينة والتورق، فبيع العينة ترجع السلعة لبائعها الأول، فلا تتحرك به البضائع في الأسواق؛ بخلاف التورق.[82]

ويناقش: أن بعض البيوع لا تؤدي هذه الخدمة مباشرة؛ كبيع الأسهم والأوراق المالية في السوق الثانوية، وإن كانت تؤثر بطريق غير مباشر في دعم وتشجيع الشركات المساهمة النافعة للمجتمع؛ إذ المساهمين فيها يثقون بها إذا علموا إمكانية بيعهم لأسهمهم في أي وقت بسعر جيد.

الاتجاه المتوسط: أن ما يُستحق عليه الربح هو البيع الذي يتوفر فيه عنصر المخاطرة؛ لتعرضه لاحتمال الربح والخسارة، واحتماله للخطر المعتاد في التجارة؛ كإمكان تغير الأسعار، أو تلف البضاعة، أو ظهور عيوب فيها، إلى آخر الأسباب.[83]

واستدلوا: بقاعدة الخراج بالضمان.[84]

وقد يناقش: بأن كثيرًا من البيوع قد لا توجد فيها هذه الصفة؛ كبيع الأراضي التي لا تقبل التلف والتعيّب؛ إلا نادرًا.

ويجاب: أن أسعار الأراضي قابلة للصعود والهبوط، وهذا من محل الخطر المقتضي للربح.

الاتجاه المتوسع: أن ما يُستحق عليه الربح مبني على ذات البيع، وحقيقته، وهو تحويل المال، وتقليبه من صورةٍ إلى أخرى؛ بحيث يدور المال دورته في المجتمع؛ بخلاف الربا.[85]

واستدلوا: بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقصة بلال رضي الله عنه وبيعه التمر الرديء، وفيه: “فبع التمر ببيعٍ آخر، ثم اشتره”،[86] فبمجرد انتقال السلعة من يد إلى يد فإن ذلك كافٍ في الحكم باستحقاق الربح، وإن لم تكن مخاطرة، أو تنتج من ذلك قيمة مضافة للاقتصاد.

ويناقش: أن في بيع بلال رضي الله عنه للتمر بحسب توجيه النبي صلى الله عليه وسلم تحملًا لمخاطر البيع، ثم مخاطر الشراء؛ إذ هذه المخاطرة تابعة أصلًا للملكية الحقيقية، لا تنفك عنها.

 

والقول المخـتار:

هو الاتجاه المتوسط؛ لما فيه من ضبط معيار البيع الصحيح من البيع الصوري؛ الذي يكتفي بتحويل المال من صورةٍ إلى أخرى، دون تحمل تبعات المسؤولية اللازمة للملكية الحقيقية للمال، وأما تحقيق القيم المضافة للاقتصاد فذاك من المواصفات التحسينية لعقد البيع، وليست من شروط صحـته، وهي – في ذات الأمر – مما يُشترط في البيع باعتبار الكل، لا الجزء.

 

ومسلك التخريج على القواعد والأصول اعتنى به جمعٌ كبيرٌ من الفقهاء السابقين، وسعوا لحصر قواعده،[87] وأيده جمعٌ من المعاصرين،[88] وقد امتاز هذا النوع من التخريج بمميزات، منها:

1- أنه أقرب إلى الدليل، وضبط المسائل المعاصرة تحت قواعد ثابتة، والنأي بها عن التناقض، وكثرة الاختلاف، قال القرافي: “ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات؛ لاندراجها في الكليات، واتحدَّ عنده ما تناقض عند غيره، وتناسب”.[89]

2- أنه أبعد عن الخوض في خلافات الفقهاء في الفروع، وتحرير مسائل لا صلة لها بمسألة البحث.

 

3- أنه أكثر ارتباطًا بمقاصد الأحكام الشرعية، وأظهر بيانًا لعلل المنع إن وجدت.

 

4- أن الفروع الفقهية المستجدة في هذا العصر تغيرت صورها، وحقائقها، واحتاجت إلى نَفَس فقيهٍ، ينظر بذهنٍ ثاقب في ردها للأصول، التي بنى الفقهاء السابقون عليها الأحكام، ويُخرِج لها لبوسها من الأحكام الفقهية، قال ابن رشد: “وبهذه الرتبة يسمى فقيهًا، لا بحفظ مسائل الفقه، ولو بلغت في العدد أقصى ما يمكن أن يحفظه إنسان؛ كما نجد متفقهة زماننا يظنون أن الأفقه هو الذي حفظ مسائل أكثر، وهؤلاء عرض لهم شبيه ما يعرض لمن ظنّ أن الخَفّاف هو الذي عنده خِفاف كثيرة، لا الذي يقدر على عملها، وهو بينٌ أن الذي عنده خِفاف كثيرة، سيأتيه إنسانٌ بقدمٍ، لا يجد في خِفافه ما يصلح لقدمه، فيلجأ إلى صانع الخِفاف ضرورةً، وهو الذي يصنع لكل قدمٍ خفًا يوافقه، فهذا هو مثال أكثر المتفقهة في هذا الوقت”.[90]

وتعاب على هذا المسلك أمور، منها:

1- أن تنـزيل القواعد على المسائل المستجدة، يفتقر إلى نوع تخريجٍ للأخيرة على الفروع الفقهية، وتوضح ذلك الأمثلة الآتية:

‌أ- قد يتمكن الناظر من ضبط الغرر المؤثر في منع المعاملة، لكن حكمه سيختلف بحسب تحرير المسألة المبحوثة؛ هل هي من المعاوضات، أو المشاركات، أو التبرعات؟؛ إذ درجة الغرر المحتمل فيها مختلفة.

 

‌ب- وقد يحتاج لمعرفة كون المسألة تخرّج على عقد القرض أو لا؛ ليمنع التفاضل، ويختبرها بقاعدة: كل قرضٍ جرَّ نفعًا؛ فهو ربا.

 

2- عدم التنبه إلى أن المعاملة وإن كانت من جنس المعاوضات إلا إنها قد تقرب في بعض أحكامها الفرعية من التبرعات، والعكس، وعلى سبيل المثال:[91]

أ‌- فهبة الثواب من المعاوضات، لكنها تقرب من التبرعات، ووجهه: “أن هبة الثواب – وإن دخلها العوض – فمقصودها أيضًا المكارمة والوداد، فلم تتمحض للمعاوضة والمكايسة، والعرف يشهد لذلك، فلذلك جاز فيها مثل هذه الجهالة والغرر؛ كما جوز الشرع الذهب والفضة والطعام لا يدًا بيد في القرض؛ لأن قصده المعروف، فظهر الفرق”.[92]

ب‌- والقرض من التبرعات، لكنه يقرب من المعاوضات، ووجهه أن: “القرض ليس بتبرع مطلق؛ لأنه وإن كان في الحال تبرعًا؛ لأنه لا يقابله عوض للحال، فهو تمليك المال بعوض في الثاني، ألا ترى أن الواجب فيه رد المثل لا رد العين؟، فلم يكن تبرعًا من كل وجه، فلا يعمل فيه الشيوع، بخلاف الهبة فإنها تبرع محض فعمل الشيوع فيها “.[93]

3- أن احتمال الخطأ في التخريج على الأصول أكثر منه في التخريج على الصورة المعيّنة؛[94] فالأول من القياس المقاصدي، والثاني من القياس الجزئي، والأخير أدقّ، وعلله أوضح.

 

ثم إن ضبط الأصل المخرَّج عليه قد يعسر على الناظر؛ لتردده، والاختلاف في إلحاق المسألة المخرَّجة به، أو عدم إلحاقها، يقول ابن العربي[95] بعد حصره لأسباب النهي في المعاملات المالية: “وهذه المناهي تتداخل، ويفصلها المعنى، ومنها أيضًا ما يدخل في الربا والتجارة ظاهرًا، ومنها ما يخرج عنها ظاهرًا؛ ومنها ما يدخل فيها باحتمال، ومنها ما ينهى عنها مصلحةً للخلق، وتألفًا بينهم؛ لما في التدابر من المفسدة”.[96]

وما يدخل في الممنوع أو المباح باحتمال هو محل الإشكال الذي يصعب ضبطه؛ لأن منه ما هو بينَ بين، ومنه ما تتفاوت فيه الأنظار، قال القرافي: “الغرر والجهالة ثلاثة أقسام: كثيرٌ ممتنعٌ إجماعًا؛ كالطير في الهواء، وقليلٌ جائزٌ إجماعًا؛ كأساس الدار، وقطن الجبة،[97] ومتوسطٌ اختلف فيه، هل يلحق بالأول أو الثاني؟ فلارتفاعه عن القليل ألحق بالكثير، ولانحطاطه عن الكثير ألحق بالقليل، وهذا هو سبب اختلاف العلماء في فروع الغرر والجهالة”.[98]

وفي النقل السابق، والذي قبله ما يشير إلى أن أهم أصلين تنبني عليهما أحكام المعاملات المالية؛ هما: منع الربا، والغرر، وسيأتينا – إن شاء الله – مزيد تحريرٍ لهذين الأصلين في الفصل القادم.

 

2- أن كثيرًا من الصور المعاصرة للقبض، والخطر، والغرر، والضمان، والربح، والقرض، ونفعه الربوي تحتاج إلى مزيد تحريرٍ في ضوء استعراض الصور التي أفرزها الواقع الميداني للعمل المصرفي.

 

وثمة مشكلة في عدم وجود اتفاقٍ على معايير هذه الضوابط المالية للمصرفية الإسلامية، وإن كانت هناك محاولات جادّة من بعض الجهات المهتمّة بهذا الجانب؛ كهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين، لوضع بعض المعايير المتفق عليها. [99]

والحق بين المسلكين – التخريج على الفروع وعلى الأصول -، فنحتاج أن نوازن بين النظر إلى الكلي والنظر إلى الجزئي، وإن كنا بحاجةٍ لتحرير الأصول والقواعد المالية أكثر من حاجتنا لتتبع الفروع الفقهية، وحفظها، ولعلي بحاجة للتأكيد على هذه النتيجة من كلام فقيهين من أهل العلم:

‌أ- ففي التأكيد على الحاجة إلى الأصول، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “ونحن نذكر قاعدةً جامعةً في هذا الباب، لهم ولسائر الأمّة، فنقول: لا بدّ أن يكون مع الإنسان أصول كلية، يرد إليها الجزئيات؛ ليتكلم بعلمٍ وعدل، ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذبٍ وجهلٍ في الجزئيات، وجهلٍ وظلمٍ في الكليات، فيتولدٌ فساد عظيم”.[100]

‌ب-  وفي التأكيد على الموازنة بين التخريجين، يقول تقي الدين السبكي[101]: “والفقيه يعلم أن الشيئين المتساويين في الحقيقة، وأصل المعنى، قد تعرض لكل منهما عوارض تفارقه عن صاحبه، وإن لم تغير حقيقته الأصلية؛ فالفقيه الحاذق يحتاج إلى تيقن القاعدة الكلية في كل باب، ثم ينظر نظرًا خاصًا في كل مسألة، ولا يقطع شوقه عن تلك القاعدة حتى يعلم؛ هل تلك المسألة يجب سحب القاعدة عليها، أو تمتاز بما ثبت له تخصيص حكمٍ في زيادة أو نقص؟، وفي هذا تتفاوت رتب الفقهاء؛ فكم من واحدٍ متمسك بالقواعد، قليل الممارسة للفروع، ومآخذها يزل في أدنى المسائل، وكم من آخر مستكثر في الفروع، ومداركها قد أفرغ جمام[102] ذهنه فيها، غفل عن قاعدة كلية، فتخبطت عليه تلك المدارك، وصار حيران، ومن وفقه الله بمزيدٍ من العناية جمع له بين الأمرين؛ فيرى الأمر رأي العين”.[103]


[1] ينظر: مقاييس اللغة، لابن فارس، (2/ 175-176).

[2] ينظر: مختار الصحاح، للرازي، ص (196)، القاموس المحيط، للفيروزآبادي، ص (186)، تفسير القرطبي، (5/ 292).

[3] ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، لأحمد مختار، (1/ 627)، معجم لغة الفقهاء، لقلعة جي وقنيبي، ص (104)، منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة، لمسفر القحطاني، ص (354).

[4] [المائدة : 95].

[5] جامع بيان العلم وفضله، (2/ 65).

[6] أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات، وعليه صوم، (3/ 46)، برقم 1953، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، (2/ 804)، برقم 1148، واللفظ له.

[7] أخرجها القاضي وكيع في أخبار القضاة، (1/ 70- 71)، وأخرجها أيضًا بأسانيد متفرقة: الدارقطني، (4/ 206)، وابن حزم في المحلى، (1/ 59)، والبيهقي في الكبرى، (10/ 150)، وانظر: إعلام الموقعين لابن القيم، (1/ 67)، ونصب الراية، للزيلعي، (4/ 81)، وبحث ناصر الطريقي في تحقيق الرسالة، نُشر في مجلة البحوث الإسلامية، العدد السابع عشر، ص (195- 254).

[8] يراجع في تعريف التخريج على الفروع: التكييف الفقهي، لشبير، ص(30)، معجم لغة الفقهاء، لقلعه جي وقنيبي، ص(125)، ونحوه كلام الأصوليين في تعريف تخريج المناط: الإحكام، للآمدي، (3/ 335)، البحر المحيط، للزركشي، (4/ 228)، الموافقات للشاطبي، (4/ 90).

[9] هو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون التيمي بالولاء، أصله من فارس، فقيه مالكي، دارت عليه الفتيا في أيامه بالمدينة، أثنى عليه ابن حبيب، وكان يرفعه على أكثر أصحاب مالك، والماجِشُون: المورد، ويقال: الأبيض الأحمر، وهو لقب يعقوب بن أبي سلمة عم والده، توفي سنة 212 هـ، ينظر: الديباج المذهب، لابن فرحون، ص(153-154)، الأعلام، للزركلي، (4/ 160).

[10] جامع بيان العلم وفضله، (2/ 47).

[11] بيان الدليل على بطلان التحليل، ص(386).

[12] انظر مثالًا: الفتاوى الإسلامية لدار الإفتاء المصرية، (9/ 3342).

[13] الرسالة، ص(511).

[14] بدائع الصنائع، (5/ 2)، وينظر كلامه في الفرق بين الشركة والوكالة، (6/ 57).

[15] الفروسية، ص(346).

[16] فتح الباري، (12/ 328-329).

[17] إعلام الموقعين، (1/ 291).

[18] بدائع الصنائع، (5/ 4).

[19] الحاوي، (6/ 436).

[20] لابن مازه البخاري، (7/ 137).

[22] الفروسية، ص(3488-349).

[23] هو عبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني النيسابوري الشـافعي، المعـروف بإمام الحرمين، ضياء الدين أبو المعالي، فقيه وأصولي ومتكلم، من تصانيفه: نهاية المطلب في دراية المذهب، والبرهان في أصول الفقه، توفي في سنة 478هـ، ينظر: وفيات الأعيان، لابن خلكان، (3/ 167-170)، طبقات الشافعية الكبرى، للأسنوي، (5/ 165-222).

[24] الغياثي، ص(201).

[26] بحث خطاب الضمان، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1107).

[27] هو عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن خلدون الحضرميّ الإشبيلي، وليّ الدين، أبو زيد، الفيلسوف، المؤرخ، العالم الاجتماعي، ولي قضاء المالكية بمصر، واشتهر بكتابه: العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر، المعروف بتاريخ ابن خلدون، ومنه المقدمة المشهورة، ينظر: الضوء اللامع، للسخاوي، (4/ 145-149)، نيل الابتهاج، للتنبكتي، ص(250-252).

[28] مقدمة ابن خلدون، ص(449).

[29] وانظر جملة من الأمثلة في غضون هذه الرسالة، ص(344، 479، 452، 512).

[30] وانظر جملة من الأمثلة، ص(319، 429، 478).

[31] ينظر: الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/ 645)، وانظر جملة من الأمثلة: ص(412، 583) من هذه الرسالة.

[32] هو محمد بن بهادر بن عبد الله التركي الأصل المصري، بدر الدين الزركشي، ولي قضاء الشام، له البحر المحيط في الأصول، والبرهان في علوم القرآن، توفي سنة 794هـ، له ترجمة في الدرر الكامنة، لابن حجر، (3/ 397-398)، هدية العارفين، للبغدادي، (2/ 174-175).

[33] البحر المحيط، (4/ 516).

[34] وانظر مثالًا على ذلك: ص(406) من هذه الرسالة.

[35] إعلام الموقعين، (4/ 162)، وينظر: المستصفى، للغزالي، ص(374)، الموافقات، للشاطبي، (4/ 132).

[36] تطوير الأعمال المصرفية، لسامي حمود، (313-314)، والزيادة من الأصل.

[37] أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة، (1/ 356-357)، وانظر مثالًا آخر: ص(453) من هذه الرسالة.

[38] ينظر: مقاييس اللغة، لابن فارس، (5/ 257).

[39] ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (10/ 330)، القاموس المحيط، للفيروزآبادي، ص(1190).

[40] ينظر: المعجم الوسيط، لإبراهيم مصطفى وآخرون، (2/ 833).

[41] ينظر: عمدة التحقيق في التقـليد والتلفـيق، لمحمد الباني، ص(183)، معجم لغة الفقـهاء، لقلعه جي وقنيبي، ص(124)، التلفيق في الاجتهاد والتقليد، لناصر الميمان، ص(26).

[42] نسبه في المسودة، (1/ 293)، وشرح الكوكب، (2/ 267)، إلى أكثر العلماء، ونسبه في اللمع، ص(94) إلى أبي الطيب الشافعي.

[43] ينظر: عمدة التحقيق، للباني، ص(184).

[44] ينظر: الإبهاج، لعلي السبكي، (2/ 374).

[45] ينظر: المسودة، لآل تيمية، ص(294).

[46] ينظر: الإبهاج، لعلي السبكي، (2/ 373).

[47] ينظر: روضة الناظر، لابن قدامة، ص(150).

[48] ينظر: التلخيص، للجويني، (3/ 91)، روضة الناظر، لابن قدامة، ص(149).

[49] ينظر: قواطع الأدلة، للسمعاني، (1/ 488)، التبصرة، للشيرازي، ص(388).

[50] نسبه الآمدي إلى الأكثر، ينظر: التحبير شرح التحرير، للمرداوي، (4/ 1644)، وذلك أنه لم يفرق بين هذه المسألة، ومسألة: إذا اختلفوا على قولين هل يجوز إحداث قول ثالث؛ فجعلهما سواء، ينظر: الإبهاج، لعلي السبكي، (2/ 372).

[51] ينظر: الإبهاج، لعلي السبكي، (2/ 374).

[52] ينظر: اللمع، للشيرازي، ص(94)، الإحكام، للآمدي، (1/ 332).

[53] ينظر: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، لعبد الوهاب السبكي، (2/ 321).

[54] نسبه أبو الطيب إلى الأكثر، ينظر: المسودة، لآل تيمية، ص(293)، واختاره أبو الخطاب والحلواني، ينظر: شرح الكوكب، للفتوحي، (2/ 268، 269)، والأستاذ أبو منصور، ينظر: البحر المحيط، للزركشي، (3/ 584)، والبرماوي، ينظر: التحرير، للمرداوي، (4/ 1646)، والشيرازي في اللمع، ص(94)، والسمعاني في قواطع الأدلة، (2/ 33)، وابن قدامة في روضة الناظر، ص(150).

[55] ينظر: التبصرة، للشيرازي، ص(390).

[56] ينظر: اللمع، للشيرازي، ص(94)، قواطع الأدلة، للسمعاني، (2/ 33).

[57] اختاره القاضي عبد الوهاب وابن تيمية، ينظر: المسودة، ص(293-294)، والزركشي في البحر المحيط، (3/ 583).

[58] ينظر: البحر المحيط، للزركشي، (3/ 583).

[59] ينظر: المحصول، للرازي، (4/ 128)، البحر المحيط، للزركشي، (3/ 584).

[60] ينظر: الإحكام، للآمدي، (1/ 331)، شرح الكوكب، للفتوحي، (2/ 267)، إرشاد الفحول، للشوكاني، ص(157).

[61] ينظر: قرار مجمع الفقـه الإسلامي بجدة في تعريف التلفـيق في التقـليد وأحكامه، رقم74/ 1/ د8، ضمن مجلة المجمع، الدورة الثامنة، (1/ 640)، الموسوعة الفقهية الكويتية، (13/ 293-294).

[62] ينظر: أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح، ص(125).

[63] ينظر: جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر، (2/ 92).

[64] جامع بيان العلم وفضله، (2/ 57).

[65] معالم السنن، (3/ 136).

[66] بدائع الصنائع، (5/ 148).

[67] المصدر السابق، (6/ 140).

[68] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 16)، مغني المحتاج، للشربيني، (2/ 368)، قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، رقم (53)، الدورة السادسة، ضمن قرارات وتوصيات المجمع، ص(113).

[69] انظر: ما سيأتي في الفصل القادم، ص(247-263).

[70] ينظر: المنثور، للزركشي، (2/ 119)، شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص(429).

[71] سبق تخريجه، ص(154).

[72] شرح مختصر خليل، للخرشي، (2/ 183).

[73] ينظر: تفسير الطبري، (1/ 138)، شرح فتح القدير، لابن الهمام، (2/ 194)، المغني، لابن قدامة، (2/ 54).

[74] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 101).

[75] ينظر: الأموال، للقاسم بن سلام، ص(93)، أحكام القرآن، للجصاص، (2/ 174).

[76] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 62)، المستوعب، للسـامري، (1/ 612)، مجلة الأحكام العدلية، ص(258)، المادة (1347).

[77] ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 245).

[78] ينظر: تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء، لابن تيمية، (2/ 700)، ربح ما لم يضمن، لمساعد الحقيل، ص(52).

[79] ينظر: إدارة المخاطر، لطارق الله خان وحبيب أحمد، ص(33، 142).

[80] مقدمة ابن خلدون، ص(396).

[81] يراجع: إدارة الاستثمارات، لمحمد مطر، ص(63-65).

[82] انظر: ص(161) من هذه الرسالة.

[83] وممن رأى هذا الاتجاه: د. عبد السلام العبادي، ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الخامسة، (2/ 1109و1124)، ود. سامي السويلم، ينظر: التحوط، ص(15)، ود. يوسف الشبيلي، ينظر: الخدمات الاستثمارية، (1/ 394)، وينظر أيضًا: فتوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، فتوى رقم (67)، ضمن موسوعة فتاوى المعاملات المالية، (1-2/ 748).

[84] سبق عزوها، ص(184).

[85] وممن رأى هذا الاتجاه: د. سامي حمود، ينظر: بيع المرابحة للآمر بالشراء، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الخامسة، (2/ 1110).

[86] سبق تخريجه، ص(62).

[87] ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي، (1/ 324)، بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 94)، مجموع فتاوى ابن تيمية، (28/ 385)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (1/ 292-293).

[88] ينظر: فتاوى شرعية في الأعمال المصرفية، لبنك دبي الإسلامي، (1/ 44-45)، المعايير الشرعية، ص(421)، التحوط، للسويلم، ص(116)، التجديد في فقه المعاملات، لريـاض الخَـليفي، ص(41).

[89] الفروق، (1/ 7-8)، وينظر: المنثور في القواعد الفقهية، للزركشي، (1/ 65).

[90] بداية المجتهد، (2/ 147).

[91] انظر جملة من الأمثلة في غضون هذه الرسالة: ص(374، 472، 559).

[92] الذخيرة، للقرافي، (6/ 271).

[93] بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 83)، ومذهب الحنفية أن القرض يصح في المشاع، دون الهبة، ينظر: الموضع السابق.

[94] انظر مثالًا: ص(504) من هذه الرسالة.

[95] هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد، المعروف بابن العربي المعافري، أبو بكر الأشبيلي المالكي، الحافظ المتبحر، من مصنفاته: عارضة الأحوذي على كتاب الترمذي، والعواصم من القواصم، توفي سنة 543هـ، ينظر: الديباج المذهب، لابن فرحون، (281-284)، طبقات المفسرين، للأدنه وي، ص(180-181).

[96] أحكام القرآن، (1/ 324).

[97] الجبة: بضم الجيم، وتشديد الباء، ثوب من المُقطّعات يُلبس، ينظر: تاج العروس، للزبيدي، (2/ 119).

[98] الفروق، (3/ 433-434).

[99] وقد أصدرت أكثر من أربعين معيارًا، ومن ذلك جهود مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا المختص بإصدار معايير الرقابة والإشراف، ينظر: مستقبل علم الاقتصاد، لمحمد شابرا، ص (366)، سياسة الجودة الشرعية في المصرفية الإسلامية، لعبد العزيز بن سطام، ص(291).

[100] منهاج السنة النبوية، (5/ 83).

[101] هو علي بن عبد الكافي بن علي الخزرجي السبكي، تقي الدين، أبو الحسن الشافعي، فقيه مفسر محدث، ولي قضاء دمشق، من تصانيفه: الابتهاج في شرح المنهاج، توفي سنة 756هـ، مترجم له في طبقات الشافعية الكبرى، لولده تاج الدين السبكي، (9/ 124 وما بعدها)، الدرر الكامنة، لابن حجر، (4/ 74-84).

[102] الجمام: الملء، ويقال ماء جمام؛ أي كثير، ينظر: مقاييس اللغة، لابن فارس، (1/ 419)، لسان العرب، لابن منظور، (12/ 105).

[103] الأشباه والنظائر، لتاج الدين السبكي، (1/ 308).



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
خطبة إن شانئك هو الأبتر
تفسير سورة الأنعام الآيات (84: 87)