التحقيق في ملحمة الصديق (1) دلالات وعبر
التحقيق في ملحمة الصدِّيق (1)
دلالات وعِبر
سبحان من تلا على عباده من أنباء الغيب ما هو قائم وحصيد؛ فأما القائم فهو ما ركدت به الريح وغدا إلى الرمس كأن لم يغن بالأمس، حتى بقيت آثارهم جد صامدة وشاهدة عليهم، تُحدِّث بأخبارهم، وتنمُّ عن أسرارهم، ولا يُنبئك مثل خبير؛ وأما الحصيد فهو ما انقلع انقلاع النخل المنقعر، وانقطع به الأثر، وامَّحى رسمهم واندثر، وصار من بعد عينٍ أثرًا؛ فهل ترى لهم من باقية تُنبئ عن أنهم قد أصبحوا وأمسوا وسكنوا البيوت والقصور حتى تهالَكَتْ قبلهم، فعمدوا لجديد بعمر مديد، فسبحان من عنده كل علم، وإليه تُردُّ كل خافية وظاهرة، سبحانه العزيز العليم، ونصلي ونُسلِّم على خير مَن أُنزِل عليه الكتاب، وحدَّث بالصدق في قرآنه المجيد عن أنباء السابقين، فكشف الظنون، وأزاح عن الحقائق ستائر الكذب والفِرى، فما كان حديثًا يُفترى ولكن تصديقًا وتحقيقًا، وسبحان العزيز العليم، وبعد:
• فقصة يوسف الصدِّيق عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة وأتم التسليم من القصص القرآني العظيم، والتي نزلت جملةً واحدةً بما يعدها المعاصرون شكلًا قَيِّمًا من أشكال الرواية أو القصة الطويلة؛ لاشتمالها على عناصر القصص الطويل التي اتفقوا عليها، غير أنها تسمو سمُوَّ الثُّريَّا على الثرى، وقطر الندى على أفنان الشجر، أو كأوشال المطر على الجبال، فتعم الوديان والسهول، فتربو عن أي شبيه أو نظير، فقصص القرآن أحسن القصص على الإطلاق من كافة الرؤى الحديثة والقديمة، ما اتفق عليه وما اختلف لأجله، ولقد حاولتُ بنظرة طيبة وكُلِّي ترقُّبٌ وإشفاق من معرَّة الإخفاق أو أن أتريَّض فيما لا ينبغي لي التريُّض فيه، فأخطئ المسير في روضات القصة وأكناف بيانها الأسمى، فالمتكلم هو اللهُ ربُّ العالمين، والمخصوص بالخطاب سيد الخلق أجمعين، ولقد عاهدتُ نفسي ومن قبلي القلم الذي سوف أُسْأل عمَّا يخُطُّه وما يستنزفه من أحبار ألا أتجرَّأ بما لا أعلم وإن اجتهدت فبحجَّة دامغة، وحكمة بالغة؛ رجاءَ الوصول بهذا الحديث إلى ما قد يليق، فإن لم يكن كذلك فلا يحيق بي مكرُ أخطائه أن أخوض فيما لا أعرف، والله المستعان؛ ولقد كانت تلك التحقيقات في نقاط أرجو أن تسير بمسارات طيبة وريح ليِّنة لا تعصف بالقلم عصْفَ من ضاعتْ منه أشرعةُ الهُدى، فيذهب المطلوب سُدى، فنسأل اللهَ الهدايةَ والهُدَى.
التحقيق الأول:
• لما وردت قصة يوسف عليه السلام جملةً واحدةً ولم تأتِ متواترةً كباقي قصص القرآن! ولا جرم أن ما تطرقت إليه قد ذهب إليه وآب أعلامٌ وأولو ألبابٍ، منهم المجتهدون، ومنهم مَن تحرَّوا رُشْدًا، كلهم قاصدٌ فتْحَ الكريم والإفاءة عليه بأنوار الحكمة التي لا تتكشف إلا لمَن شاء له اللهُ نورًا بذلك، فأقول اجتهادًا وعلى الله قصد السبيل: فكل تأويل أو تفسير فهو اجتهاد! وللاجتهاد في هذا الاستفسار شِقَّانِ: أحدهما شرعي عقائدي، والآخر بياني بلاغي.
فأما العقائدي:
1- أنَّ يُوسُفَ عليه السلام كان نبيًّا ولم يكن رسولًا نبيًّا وكذلك أبوه يعقوب وأخوته أسباط بني إسرائيل، ومعلوم “أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول”، فالرسالة من التكليفات المكتوبة والمنزَّلة على رسل الله من لدن ربهم بواسطة رُوح القدس جبريل عليه السلام؛ كالصُّحُف الأولى لإبراهيم وموسى، والإنجيل لعيسى بن مريم، والزبور على سيدنا داود، والقرآن الفرقان على سيدنا محمد عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام، وأمَّا النبوَّة فهي ما تأتي على فترة من انقطاع الرُّسُل ليُحيُونَ مكارمَ الأخلاق، ويرفعون من ران وركام طام ببحر يعج بالظلمات بعضها تِلْوَ بعض، فتُستحَل الرذائل بعد نبذٍ، والكبائر بعد مَقْتٍ، ويُمسي المعروف منكرًا، والمنكر مألوفًا.
وقد ذهب اجتهاد علماء الأمة لتأويل قوله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]، فالقول في تأويل قوله: ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ كما بيَّنه بوصف النبوة بالمُلك العظيم، “قال أبو جعفر: يعني بذلك جلَّ ثناؤه: أم يحسد هؤلاءِ اليهودُ – الذين وصف صفتهم في هذه الآيات – الناسَ على ما آتاهم الله من فضله، من أجل أنهم ليسوا منهم؟ فكيف لا يحسدون آل إبراهيم، فقد آتيناهم الكتاب = ويعني بقوله: ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ ﴾، فقد أعطينا آل إبراهيم، يعني: أهله وأتباعه على دينه ﴿ الْكِتَابَ ﴾ يعني: كتاب الله الذي أوحاه إليهم، وذلك كصُحُف إبراهيم وموسى والزَّبُور، وسائر ما آتاهم من الكتب = وأما “الحكمة”، فما أوحى إليهم مما لم يكن كتابًا مقروءًا ﴿ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾، واختلف أهل التأويل في معنى “الملك العظيم” الذي عناه الله في هذه الآية، وقال بعضهم: هو النبوَّة؛ تفسير الطبري رحمه الله.
وأيضًا في قوله تعالى: ﴿ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 84] ذكر أبناء الخليل إبراهيم للعرب والعجم، وكذلك ذكر الأسباط الاثني عشر جملةً واحدةً بمن فيهم نبي الله يوسف عليه السلام، وأيضًا في سورة الأنعام يمُنُّ على إبراهيم عليه السلام بنعمه “الإنجاب على كبر وشيخوخة ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأنعام: 84]، جاء في تفسير الميسر “ومننَّا على إبراهيم عليه السلام بأن رزقناه إسحاق ابنًا ويعقوب حفيدًا، ووفَّقنا كلًّا منهما لسبيل الرشاد، وكذلك وفَّقنا للحق نوحًا – من قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب- وكذلك وفَّقنا للحق من ذرية نوح داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون عليهم السلام، وكما جزينا هؤلاء الأنبياء لإحسانهم نجزي كل محسن”؛ تفسير الميسر.
• وآخر موضع بسورة غافر في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ﴾ [غافر: 34]، والخطاب في تلك الآيات كما ذهب تفسير ابن كثير رحمه الله والإعلام “موجه لأهل مصر القبط: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ يعني: أهل مصر، قد بعث الله فيهم رسولًا من قبل موسى، وهو يوسف عليه السلام كان عزيز أهل مصر، وكان رسولًا يدعو إلى الله أمته القبط، فما أطاعوه تلك الساعة إلا لمجرد الوزارة والجاه الدنيوي; ولهذا قال: ﴿ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا ﴾ [غافر: 34]؛ أي: يئستم فقلتم طامعين: ﴿ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا ﴾ وذلك لكفرهم وتكذيبهم ﴿ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ﴾ [غافر: 34]؛ أي: كحالكم هذا.
وبرغم التصريح باسم نبي الله “يوسف” في ثلاث سور قرآنية أكثرها ذكرًا سورة يوسف ذاتها ثم الأنعام، وذكر إنعام الله على نبيِّه إبراهيم عليه السلام بالذراري الصالحة رحمة من عنده سبحانه، وكذلك في سورة غافر وهو يبكت بني إسرائيل في عهد موسى بنبوة يوسف من قبله ودعوته للتوحيد وارتيابهم من بعد ما رأوا الآيات ألا يبعث الله من بعد يوسف نبيًّا آخر فيهم، فتتالى انبعاثهم من بني إسرائيل، فلما جاء من العرب (محمد الخاتم صلى الله عليه وسلم) كذبتموه! وبرغم هذا التصريح والتلميح والإشارة لنبي الله يوسف في قوله تعالى: ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]، فنبوة يوسف أرسلته للملك ولحكم مصر ولتمكين بني إسرائيل في الأرض؛ لكن لم يتطرق القرآن لذكر حدث واحد من أحداث القصة سواء مرحلة صباه والصغر والرؤيا التي تحققت في رشده وكبره ولا مكر إخوته به، ولا مراودة امرأة العزيز له، ولا مرحلة الجُبِّ ولا السجن؛ بل ذكر فقط في تتالي الأنبياء على بني إسرائيل، وكأنه يدعو الناس للالتفاف حول تلك القصة في نورانية واحدة من أنوار القصص القرآني العظيم.
2- ومثل قصة نبي الله يوسف عليه السلام في القرآن قصة ابني آدم هابيل وقابيل والتي وردت مرةً واحدةً ولم يتحدَّث عنها القرآن الكريم بعدها أبدًا، مع العلم أن تلك القصة ليست لنبي يقتله أخوه؛ لكنه ولدٌ من ولدي آدم عليه السلام، والقضية في القصتين تكاد تكون متشابهة إلى حدٍّ كبيرٍ فيما يطفئ من وهج الأخوة والدفء العائلي الكريم؛ فجُرم قابيل ناتج عن غِلٍّ وحسَدٍ أفضيا إلى وقوع أول جريمة أرضية، وقد ندم جراء فعلته التي فعلها، وكذلك أخوة يوسف من نفس المنظور المغرور بتروا كل ذي ظل من شجرة عائلة يعقوب، وقد ظنُّوا أنهم بإبعاد يوسف سوف يجمعهم من حوله يعقوب؛ لكن ما حدث أركسهم في شقيقة وتندَّم أكثر من نيف وأربعين سنة وإلى يوم أن قال لهم يوسف الكريم: ﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92].
3- وكذلك مما يجعل أن قصة يوسف عليه السلام لم يتم التذكير بأحداثها مرة أخرى لسبب آخر وهو – والله تعالى أعلى وأعلم – أن نبي الله يوسف عليه السلام لم يجد كثيرًا من المصاعب في نشر عقيدة التوحيد بأهل مصر مثلما هو الحال مع سيدنا موسى عليه السلام فيما بعد، فقصة نبي الله موسى عليه السلام قد ذكرت في مواضع كثيرة بالقرآن الكريم، وبأحداث متواترة، والحدث الواحد ورد بأكثر من صيغة بيانية وبلاغية تبيانًا وتحقيقًا لمراد الله من كل واحدة منها بسور ذكرًا وليس حصرًا (القصص وطه – الشعراء – الأعراف – يونس – النمل النازعات المؤمنون هود إبراهيم… فدعوة يوسف عليه السلام قد وجدت قبولًا بمصر لما لمسوه فيه من صدق في التنبُّؤ بما يرون وما يدخرون وما يحطاطون له مخافة الجوع والمخمصة والآيات التي تحققت بالسبع العجاف والسبع الفياضة بعطاءات السماء للخصب والنماء، فضلًا عن مراقبة أخلاقه وأفعاله ونبوغه وحضوره، وكما ذكرنا بعاليه أن الله تعالى وبَّخ اليهود في عهد موسى بتصديق القبط ليوسف لا لأجل الملك والوزارة مثلكم، ولقد كان الأمر على أفئدة المصريين كنسائم الصيف الناعمة التي تخلو من قهر السلطة وإرغام العبودية والتسخير، والله تعالى أعلى، وقد أحاط بكل شيء علمًا!
4- أن كل نبي أو رسول يأتي وله معجزات مؤيدات له تدعمه بين قومه، وتأتي تلك المعجزات أو الآيات بما فاق فيه القوم وتميَّزوا، أو أن تأتي لتُذهب عنهم البلاء أو تُخفِّف من وطأة المصاعب الإنسانية والاجتماعية، وهذا ما كان من آيات نبي الله يوسف عليه السلام في تأويل الرؤيا والإعلام المسبق بإذن الله عما سوف يقع، فضلًا عن تفسير رؤيا الملك والتي لم تكن تخصُّه لذاته؛ إذ هو رمز لبلاده ولم يكن اختصاص الله له بتلك الرؤيا إلا لعمله أنه أمين على شعب مصر، ولو لم يكن كذلك لبعث بها من حوله، وربما كان علم تفسير الأحلام والرؤى والتنبُّؤ بما سوف يحدث من الغيبيات والتي لم يرد الله لعباده أن يتَّبعوا كثيرًا ممن يدعون ذلك أخذًا بأسباب العلم والعمل، وها نحن نرى من مهازل وانحدار لمنازل تافهة ممن يُنبئ بالغيب ويدَّعي كذبًا بما لا يطيق، والله تعالى أعلى وأعلم!
5- وآخر اجتهاد نسأل الله ألا نخفق في استنباطه أو أن نسام من ألسنة النقد سهام الفقد لمحبة الاطلاع على ما يمُنُّ به الله علينا هو أن “علم تأويل الأحاديث” وكذلك تفسير الرؤى ليس سهلًا ليُتَّخذ سبيلًا! ولقد بيَّن المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف ما يتوجب على المؤمن اتِّباعه إذا رأى في منامه ما يفزعه وما يستبشر به رجاء تحققه؛ لكن معجزات العصا والحية والآيات السبع لبني إسرائيل مع نبي الله موسى آيات مبينات لجرم اليهود وبغيهم وبطرهم على إنعام الله وإكرامه، وهذا لا يقلل أبدًا وحاشانا أن نقصد ذلك في شأن تأويل الرؤيا، وسوف نتطرق لما أفاء به الله على أنبياء ورسل برؤيا كانت ولا تزال مضاربَ للحكمة والموعظة الحسنة، والله تعالى أعلى وأعلم.
وأما الشق البياني:
أو ما يخص أهل البلاغة وما أعذبها إن أخذت من معينها الذي لا ينضب! ومن بستانها الذي لا يعرفه الخريف! ومن مستقرها ومستودعها الذي يَرِدُه المبدعون أشتاتًا، فمنهم مُحسنٌ محتسب ومكتسب، ومنهم راكب لصهوة الكبر والإلحاد مدعيًا أنه من أبان وأجاد! واستبشر حين يقع في براثن الشيطان وهو لا يدري؛ فيُلقي في أُمنيته “أنَّ ثمةَ أخطاءً في بيان القرآن الكريم في تصريفه وتعريفه أو لإيراده القصص لأمم قد خلت وعروش قد قُوِّضت وأنبياء ورسل أيَّدهم بنصره بآيات ومعجزات، فيتبع سبل الشك والمماراة، ولو أنه تأدَّب حين يرِدُ الحوض وصلى وسلم على أشرف الخلق رسول الحق؛ لعلم أن كلام الله لا تشوبه شائبة، ولا تطاله ناقصة، وأن الله إن أحبَّ عبدًا يفقَّه في الدين، فلا يزال بمواقع نورانية وفيوضات ربانية، وله عقل راشد وقلب مطمئن، ونفس بالخوف تئنُّ من أن تصيب مواضع الخطر ومناقب البطر، فيرجع خاسئ البصر حسيرًا فيخرج من روضة الإفاءة والفتح كخروج آدم من جنة الرحمن قبل، ولعل الجوانب البيانية في ورود القصة كاملة بأحداثها القوية والتي أشار إليها القرآن في تتالي الأحداث والوصول بالعقدة لمنتهاها وجمع كافة خيوطها في نهاية المطاف الغيبيِّ النوراني واتِّكاء القصة على محوريها المعلومين وهما السرد والحوار، وسوف نُحلِّق الآن تحليقًا، ونتخذ من بساط الريح اللينة الطيبة مصاحبًا رفيقًا، نجوب أرض مِصْر الكِنانة ونطوِّف بفلسطين الحرة وكنعان التي شهدت أول ابتلاء لصفي الله يوسف الصديق في أمه “راحيل” التي رحلت وأصبح فؤاد يعقوب النبي موجوعًا على يوسف وأخيه وأكثر إشفاقًا وحبًّا، فصادف في صدور الأسباط حسدًا وحقدًا ومكروا المكر السيئ، فحاق بهم ما حاق، وحلَّق يوسف بعنان السماء بروعة وبهاء الأتقياء، وظل بدرهم يدنو من المحاق، وكذلك نجزي المحسنين.
• ولأن بلغاء العرب كانوا أرباب فصاحة وأصحاب صنعة وديباجة، يقصون القصص في الشعر والسرد والنثر، لا يلزمون الأقلام بمعايير العصر من مقومات القص، ورغم ذلك فقد أجادوا وأفادوا من مستهام القص عبرةً وإرشادًا، فأراد الله وهو أعلى وأعلم أن يشكِّل لهم من بيان القرآن الكريم في إيراد قصصه الأعلى ما يضاعف من عجزهم عن مشابهة إعجازه وإنجازه في قصصه ومجازه، ويجعل من قصص القرآن الكريم هيئات تختلف لتأتلف، فيتعدد إيراد الحدث بحسب مراد الحكمة الشرعية والبلاغية فيها، فمنها ما هو مقصوص بأكثر من بيان، ولكل اختلاف منه تبيان، ومنها ما هو تصريح، ومنها تلميح، ومنها ما هو إشارة وإعارة لأسماع وأفهام حتى كانت قصة يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام ملحمة في الصبر والتقوى، وتمكين في الأرض لأصحاب السرائر الطيبة على من أسروا النجوى مع الشيطان، وجمع لعناصر البناء القصصي دون نقصان أو فقدان، هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
التحقيق الثاني:
• الحروف المقطَّعة: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 1، 2]، خمس سور قرآنية كريمات استهلَّها المولى تباركت أسماؤه بالحروف على القطع لا الوصل “الر” منها ثلاثة متتاليات: “يونس” و”هود” و”يوسف” والرابعة “إبراهيم” و”الحج” يفصلهما “سورة الرعد” وإن كانت تبدأ بـ “المر” أليس في ذلكم الأمر العظيم حكمة عالية وبالغة لمن كانت له قريحة وأذن واعية!
والحروف المقطَّعة بشكل عام عكف عليها جمهور من العلماء عظيمٌ سواء اللغويون وصُنَّاع المعاجم، ومن قبلهم علماء التفسير والتأويل، فلم يُعْطِ واحدٌ منهم رأيًا قاطعًا مانعًا في تفسير الحروف المقطعة في بدايات السور القرآنية بداية من الزهراوين “البقرة، وآل عمران” أو ما كان على نفس المنوال والحواميم أو (ص – ن – ق) غاية ما عَرَّج إليه اجتهادهم المحمود (أنها حروف مُقطَّعة ذات سرٍّ عظيم؛ بل إن أكثرهم قالوا: الله أعلم بمراده) مخافة أن يخوضوا فيما لا يعلمون فيخطئون بالذكر العظيم عن جهالة وضحالة! ولربما كشف الله من أنوار حكمته فيه لعبد من عباده يومًا، والمدهش في الأمر ذلك أنه لم يَرِد على خاطر المشركين بمكة وقريش أن يسألوا عنها وهم مَن كانوا يتربصون بالنص القرآني الدوائر، ويسترقون السمع من الصحابة، ثم يكررونه وهم مندهشون من إعجازه وإن كانوا يخفون ذلك؛ لكنهم يعلمون أنه تمام البيان، وكثيرًا ما نقلت نسخًا تلك القصة المأثورة التي تقول بالحوار الذي دار بين النبي صلى الله عليه وسلم و”قس بن ساعدة” أسَنَّ رجالات العرب حينها، وأعلمهم بالبلاغة ذلك لما وصل النبي زعمٌ منهم بأن القرآن الكريم يأتي بكلماتٍ لا تمت للعربية بذات صلة برغم التأكيد بقوله دائمًا: ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، و ﴿ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: 103]، و﴿ غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ﴾ [الزمر: 28]…… إلى ما شاء الله مما ورد في التأكيد على عربية النص القرآني وشرف العربية بنزول القرآن على حروفها، والقصة معروفة، والكلمات كانت (قسورة – وكبارًا – وعُجاب) وذكره تعالى ﴿ قُرْآنًا ﴾ للتنبيه للقراءة واستماعه من النبي وصَحْبه، والكتاب المبين هو كل مخطوط بيد من عهد الصحابة حتى يومنا هذا، ومتعلم القرآن ملزم بأن يسمع من غيره حتى لا يختلط عليه شأن واستهجاء تلك الحروف المقطعة: (الر – الم – المر – المص – عسق – حم…) إلى آخره من متقطعات حروف القرآن الكريم كما بيَّن العلَّامة الشيخ الشعراوي رحمه الله.
• الشاهد أن العرب التي كانت تتصيَّد وتتربَّص بكلام القرآن الكريم الدوائر لإحداث الشك في عَربيَّته الصميمة حسدًا من عند أنفسهم وغَيْرةً أَن يُنزَّل هذا البيان العظيم على “محمد “وهم الأشراف والأعراف والأنساب والأرباب لم يفكروا ذات مرة أو يخطر ببالهم أن يسألوا عن معانيها؟! ولقد ذهب لهذا الرأي السديد فضيلة “الشيخ الشعراوي رحمه الله” في تفسير ماهية تلك الحروف وهو يفسر اجتهادًا لصدر سورة البقرة ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 1، 2]، فأفاد قائلًا: “لقد استقبلها المؤمنون بسرِّ الله فيها، وعلموا يقينًا أنها بلاغة وبيان من لدن رب العالمين، وضرب مثلًا بأمر الله ليوكابد أم النبي موسى عليه السلام في شأن إنجائه من بطش فرعون ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]، ولو أُخِذ هذا الأمر على محمل العقل والفرض لاختل المطلوب مع المبتغى؛ لكنه أُخِذ على محمل الإيمان والطمأنينة القلبية لمراد الله منه؛ ومجمل قوله أن ما كان من أمر الله ووحيه لا يحتمل المجادلة أو النقاش، وأما ما كان من شأن الشيطان فحريٌّ بنا الريبة والإمعان فيه ببطلانه قبل تصديقه.
• وأؤيده في هذا الرأي تأييدًا، فنبيُّ الله نوح بنى السفينة في الجبال حيث لا بحر يدنو ولا خلجان؛ لكنه اليقين التام من ربِّ العالمين بأنه ناجٍ ومَنْ معه! وأما المشركون فلم يخطر ببال واحد منهم كاره أو حاسد أو ناقم أن يسأل حتى أو يثير في ذلك إشكالية تدابر بين العقل المصدق لجارحة القلب بالإيمان المطلق بكلام القرآن وبين الصلة بين الحروف المقطعة وما يليها.
رأي اجتهادي:
إن المقتفي أنوار وإشراقات القرآن الكريم والتدبُّر بيقين تام يجد أنَّه معين البلاغة ومفيض البيان دون أدنى شك ليجد أن بعد الحروف المقطعة تلك يأتي الحديث غالبًا عن ثلاثة من ثوابت العقيدة؛ وهي:
• عربية القرآن والكتاب المنزَّل، والحديث عن النبي محمد صاحب الرسالة، فأمَّا عربية القرآن فقد وردت بمفتتح سور كثيرة، منها سورة يوسف تلك التي بين أيدينا التحقيق في قصصها العظيم، وأما الكتاب المنزَّل فهو الإحكام بعد التفصيل والهدى، وقطع مجازاة الشك في آياته، وأما عن النبي محمد قوله: ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ ﴾ [يونس: 2] والأمر مع غالب الحروف المقطعة في مفتتح السور القرآنية.
• ولنخلص لمفاد عظيم، وهو أن بعد تلك الحروف المُقَطَّعة ذات السر الرباني العظيم الحديث عن الكتاب وهو القرآن استهلالًا وحسن استقبال، وكأنه يقول لنا: انتبهوا، فهذا الكتاب ليس كأيِّ كتابٍ سبق أن نظرتم فيه، أو آخر لم تنظروا فيه؛ حتى نلتزم بآداب شرعية وخُلُقية حين نعتدل لنقرأ فيه أو نتواضع ونخشع ونقرأ بأعيننا في تدبُّر لتتحرك الجوارح كافة له، وفي سورة يوسف تلك تنبيه عظيم ﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ [يوسف: 1].
• هذا اجتهاد وعند الله جوامع العلم والإحاطة والله المستعان.
التحقيق الثالث: أَحْسَن الْقَصَصِ!
﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [يوسف: 3]، وفي هذا التحقيق وقفة سبق أن وقفنا على أنوارها وأطياف هداها في أربع مقالات شرفتُ بأن تكون” شبكة الألوكة” الطيبة موقع / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / علوم القرآن/ راعيةً لها، وهي المراد الأسمى من القصص الأعلى، وحتى لا نطيل ونكون كما عاهدنا ربنا أن ندحض الأباطيل، فالحديث عن أحسن القصص يسترعي منا وقفة جادة لصد هجمات مضادة لا تضر ولا تنفع، ولا يشفع لها القوانين الوضعية من أدباء العصر أو من سبق، فحينما ينبئ ربنا عزَّ وجلَّ أنه أحسن القصص، فلا يجوز لأحد أن يستنبط أو يستخرج نظرية تخالف المنصوص عليه من رب العباد، ولنطوِّف سريعًا في قوله: ﴿ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ فنقول بعد الحمد لله رب العالمين:
• إن من مقومات القصص هي الفكرة مع الحبك السردي القصصي والحوارية وعناصرها من شخوص وزمان ومكان، وأن المقوم القياسي لإبداع نص قصصي هو اكتمال تلك المقومات وتمَاهي عناصرها في بوتقة السردية، فلا يحدث انفصام أو ما يسمى بالفجوة القصصية بين عناصرها التي تربط على نسق القصة، وهذا من شأن النصوص الأرضية، أما قصص القرآن فله مقومات عليا ربما لا نستطيع لها جمعًا؛ لكننا قد نستدل عليها من كلام ربنا نفسه في قوله تعالى في ختام قصة وملحمة الصبر لنبي الله يوسف أو أبيه يعقوب عليهما السلام: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].
• ومن نسخ للجزء الثاني من رباعية المراد الأسمى من القصص الأعلى فيما يخص خصائص القصص القرآني العليا نقلت هذا القول لي بفضل الله وتوفيقه (ما كان حديثًا يُفتَرَى: – ولنضع تحت تلك المفردة القرآنية الكريمة ألفَ خطٍّ وخط، ونتدبر معًا الفارق الشاسع والبَوْنَ الواسع بين النصوص الأرضية التي يخطُّها بشرٌ يصيب ويخطئ، وتتمايز عنده الأحداث في قيمتها حسب مدركاته، وطبائع مجتمعاته، ومعطيات الثقافة المحدودة عنده – وبين هذا الكلام الفَصْلِ المترفِّع عن كل افتراء وهَزْلٍ، المُمَجَّدِ بلسان الحق، وبالتأكيد لن ترى أية مفاضلة؛ فشتان شتان بين الثرى والثريا!
• إن من مقومات جودة القصة الحديثة إحداث الإدهاش والتأثير، حتى ولو بشيء من الافتراء، وإقحام وقائع داخل الأعمال القصصية ربما لم يكن لها وجود أصلًا، فضلًا عن الخيال الممزوج بالواقع لأحداث ما سبق الإشارة إليها، وإن النصوص الأرضية التي تُكتَبُ على تنوُّع واختلاف أجناسها يتفنَّن كلُّ سارد أو قاصٍّ أن يعطيَها ملاحةً من الخيال المتوقَّع، أو الخيال نفسه غير محتمل الحدوث؛ لكي يُكسِبَ عناصر القصِّ عنده ما يسمى “بالدراما القوية”، التي هي من مستلزمات القص والمسرحية هذه الأيام، فيزيد على الأحداث بالمبالغة أو الولوج في أعماق إنسانية؛ لجذب الانتباه واستدراك أكبر عدد من المؤيدين لنصوصه[1].
• إذن يمكننا القول إن مقومات القصص القرآني تماهت في عناصره وفي فوائده، فجمعت بين العِبرة من سرده بقوله: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي ﴾ [يوسف: 111]) وأن خصائصه العليا وسماته التي لا يُدانيها قصص آخر هي أنه حديث صادق لا يستند لفرية أبدًا، وأنه تصديق لما سبق من كتب سماوية، والحديث لقريش كما أوضحتْ تفاسير السير، وفي هذا القص حكمة بالغة لمن أراد الاعتبار والزجر لمن لم يَرْعَوِ عن الاستهانة برسالة محمد بن عبدالله الخاتمة الجامعة، وذكره وتفصيل كل شيء ما يقصد به اتباع التعليمات ومناط التكليف وتجنيب المسلم المحرمات والفتن فضلًا عن تفصيل الأحداث التي مارى فيها أرباب الكتب السالفة من ادعاءات وافتراءات كاذبة على أنبياء الله وخلصائه الكرام.
ها هي مقومات القصص القرآني العظيم، فهل من مبارز أو معارض، ومن يتطاول حين يعارض فكأنما يحارب طواحين الهواء فتصفعه ريحها السموم وتصيب عينيه التي تجرَّأت على عظيم القول بالرَّمَد، فإما أن يلج البيان من بابه، وإما أن يطيش في صفحة البلاغة فلا يستطيع استعذابًا لها.
فحاذر أن تشتري الشهرة والصيت بالتطاول على قصص القرآن، فتكون كالذي استهوته شياطين الإنس والجِنة يدعونه الجهبذ الذي استدرك ما لم ما يستنبطه السابقون، وسبحان من هذا كلامه، فقصة نبي الله موسى عليه السلام التي تحدَّث عنها القرآن الكريم في مواضع كثيرة تبدأ من ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ [القصص: 7] ثم تمتد أطراف القصة وتتماهى عناصرها لتصل بنا لإظهار حكمة ربِّ الأرباب أن يعيش ويترعرع بقصر العدو نفسه الذي أمرها الله بأن تبعده عن جنوده باليم ثم خروجه من مصر ومقصده نبي الله شعيبًا، ثم العودة لنجدة بني إسرائيل ثم معجزاته التي أيَّده الله بها، ثم إنجائه وقومه من بطش الجبار فرعون وهلاكه وهمان والجنود كلها تواترت وتشعبت، وفي كل ذكر لحدث من أحداثها تذكرة وذكرى لكل عبد منيب، والله تعالى أعلى وأعلم.
[1] المراد الأسمى من القصص الأعلى (2).