التستر على سارق للصدقات
♦ الملخص:
سائل يسأل عن حكم التستر على أحد السُّرَّاق الذين يسرقون صدقات المحتاجين.
♦ التفاصيل:
هل الستر على السارق فرضٌ؟ وإذا كان هذا الشخص يسرق، ولم ينتهِ عن السرقة بعد النصيحة، فهل يجب عليَّ سترُه؟ إذا لم أبلِّغ الناس عنه، فسوف يسرق ويؤذي المسلمين؛ ذلك أنه يسرق صدقات المسلمين المخصصة للأيتام والأطفال، والعائلات والمحتاجين.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فالجواب عن سؤالك واضح جدًّا، وهو: من الذي قال لك: إنه يجب الستر عليه؟ بل هذا يجب فضحه، والتحذير منه، ورفع أمره للجهات المختصة لتتولى تأديبه بما يستحق؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2]، ولقوله عز وجل: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110]، وللحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرًا فلْيُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛ [رواه مسلم]، وهذا الإنسان ليس ظلمه لنفسه فقط، وليس متسترًا بذنبه حتى يُقال: يُناصح ويُستر عليه، بل هذا يظلم عباد الله المساكين، ومستمرٌّ على ذلك، دون خوف من الله عز وجل، فبادِرْ إلى فضحه، والتحذير منه، ورفع أمره للجهات المختصة؛ حتى تبرأ ذمتك أمام الله عز وجل.
ولا بد أن يتأكد أمر السرقة لك، وألَّا يكون كلامًا مجردًا سمعته من غيرك، بل أمرًا تأكد لديك؛ حتى لا تقع في ظلم أحد بمجرد أخبار مكذوبة؛ لقوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]، وأيضًا في حال التأكد والرفع للجهات القضائية، لا بد من وجود الإثبات عندك؛ حتى لا ترجع القضية عليك؛ لأن المحاكم الشرعية والوضعية تشترط وجود الإثبات في صحة الدعاوى، وأما إن تأكدت لك سرقاته دون وجود إثبات عندك، فتكتفي بإخبار مدير الجهة المختصة بأموال اليتامى؛ ليتولى بنفسه المتابعة والتثبُّت، واتخاذ الإجراء المناسب.
زادك الله حرصًا وتوفيقًا.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.