التنبيه على حديث لا أصل له في فضل صلاة آخر جمعة من رمضان (PDF)
التنبيه على حديث لا أصل له
في فضل صلاة آخر جمعة من رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً وبعد:
فقد عرض علي البعض هذا السؤال:
ما درجة حديث: «من فاته صلاة في عمره ولم يحصها فليقم في آخر جمعة من رمضان ويصلي أربع ركعات بتشهد واحد يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة القدر خمس عشرة مرة، وسورة الكوثر كذلك، ويقول في النية: نويت أصلي أربع ركعات كفارة لما فاتني من الصلاة»؟
وجواباً عن ذلك أقول:
إن هذا الحديث لا أصل له في شيء من كتب السنة النبوية، وهو من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من هذا الحديث فإنه باطل، وقد وجدت عدداً من أهل العلم قد نبهوا على بطلان هذا الحديث ومنهم:
قال علي القاري في كتابه (الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة)[1] وكتابه (المصنوع في معرفة الحديث الموضوع)[2]: («حديث من قضى صلاة من الفرائض في آخر جمعة من شهر رمضان، كان ذلك جابراً لكل صلاة فائتة في عمره إلى سبعين سنة» باطل قطعاً لأنه مناقض للإجماع على أن شيئاً من العبادات لا يقوم مقام فائتة سنوات، ثم لا عبرة بنقل صاحب النهاية ولا ببقية شراح الهداية فإنهم ليسوا من المحدثين ولا أسندوا الحديث إلي أحد من المخرجين.)اهـ.
وقال الشوكاني في كتابه (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة)[3]: (حديث «من صلى في آخر جمعة من رمضان الخمس الصلوات المفروضة في اليوم والليلة قضت عنه ما أخل به من صلاة سنته» هذا موضوع لا إشكال فيه، ولم أجده في شيء من الكتب التي جمع مصنفوها فيها الأحاديث الموضوعة، ولكنه اشتهر عند جماعة من المتفقهة بمدينة صنعاء في عصرنا هذا وصار كثير منهم يفعلون ذلك، ولا أدري من وضعه لهم، فقبح الله الكذابين.)اهـ.
وقد أورده عبد الحي اللكنوي في كتابه (الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة)[4] ونقل كلام علي القاري والشوكاني السابق ثم قال: (وقال العلامة الدهلوي في رسالته (العجالة النافعة) عند ذكر قرائن الوضع الخامس أن يكون مخالفاً لمقتضى العقل وتكذبه القواعد الشرعية مثل القضاء العمري ونحو ذلك انتهى معرباً. قلت: وقد ألفت لإثبات وضع هذا الحديث الذي يوجد في كتب الأوراد والوظائف بألفاظ مختلفة مختصرة ومطولة بالدلائل العقلية والنقلية رسالة مسماة بـ(ردع الإخوان عن محدثات آخر جمعة رمضان) وأدرجت فيها فوائد تنشط بها الأذهان وتصغي إليها الآذان فلتطالع فإنها نفيسة في بابها رفيعة الشأن.)اهـ.
وقد سئل عنه سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله- فقال: (هذا لا أصل له، بل هو موضوع مكذوب، هذا ليس له أصل، بل هو من الكذب والباطل، وإذا فات الإنسان صلاة ولم يذكرها يتحرى، يتحراها ظهراً أو عصراً أو عشاءً أو مغرباً أو فجراً، يتحراها ويعمل بظنه ويصلي ما غلب على ظنه والحمد لله في أي وقت.)[5]اهـ
فالواجب على المسلم ترك العمل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة والتي لا أصل لها حتى لا يقع في البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.