التواصل مع المراهق
التواصل مع المراهق
التواصل هو عملية تبادل الأفكار والمعلومات والمشاعر، سواء كانت لفظية أو غير لفظية مع الآخرين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أُمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرِح في النار))؛ [رواه مسلم].
إن التواصل الإيجابيَّ مع المراهق له أهمية كبرى؛ فهو يساعد على تعليمه أمورَ دينه ودنياه، وبواسطته يتم غرس القيم والأخلاق الحسنة، وتزداد العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، وبه يحصل الترفيه والتحفيز، وبناء الثقة.
يقول خالد: منذ كان عمري 15 سنة، ولا أعرف كيف أبدأ الحديث مع أسرتي، أشعر بالخجل عند التواصل مع زملائي في المدرسة، أريد أن أعبِّرَ عن شعوري واهتماماتي لوالدي ووالدتي، لكني أجد صعوبة كبيرة، حتى إني وصلت إلى مرحلة لا أستطيع الرد على اتهامات الآخرين عن نفسي، ساعدوني، كيف أتواصل مع الآخرين؟
أيها الآباء، وأيتها الأمهات، بعض أولياء الأمور يجد صعوبة في التواصل مع الشباب والفتيات، وسببه التغيُّرُ في سلوكياتهم وردود أفعالهم، والتذبذب في عواطفهم ومشاعرهم؛ ما يجعل العلاقات متوترة مع غيرهم، ولأن الأسرة تلعب دورًا كبيرًا في تنشئة المراهق، وتكوين شخصيته، أنصح أولياء الأمور بالآتي:
• يمر المراهق في هذه المرحلة بتغيرات جسمية وعاطفية ونفسية، قد تَخْفَى على المربِّي؛ لذا علينا فهم هذه المرحلة، وما تتطلبه من أساليب التواصل الإيجابية.
• تعلُّق المراهق بوسائل التواصل الاجتماعي، وإدمانه على الأجهزة الإلكترونية، جعله يتواصل مع العالم الافتراضي أكثر من العالم الواقعي، وهنا تكمن أهمية الجلوس معه، وتخصيص وقت للحوار، والترفيه واللعب، وزيارة الأقارب.
• الشعور بالأمن النفسي عند التواصل مع الآخرين يجعل المراهق ينطلق في حواراته وعلاقاته؛ لأن بعض المراهقين يخشى ردَّات الفعل السلبية من والديه، عندما يتحدث عن اهتماماته أو مشاكله، أو ما يتعرض له من مواقف خارجية.
• احرص على عدم الاستعجال في حكمك على تصرفاته، حتى تسمع منه ماذا يقصد؟ ولماذا؟ وحاول أن تتغاضى وتتغافل عن أخطائه وتعالجها بهدوء، خاصة في الأمور التي ليس فيها ضررٌ عليه، أو على الآخرين.
• كن مهتمًّا باحتياجاته ومهاراته وهواياته، تعرَّف عليها وحاوِرْهُ فيها، كن منفتحًا معه، وإن كانت لا تتناسب معك، اهتمامك سيزيده تواصلًا وانفتاحًا معك.
• احترم خصوصيته، ولا تكسِرِ الحاجز الذي بينكما، ولا تحاول أن تعرف كل صغيرة وكبيرة في حياته، عليك التوجيه والتربية، وعلاج المشاكل التي تتوقع أن يقع فيها.
• امدحه إذا فعل شيئًا إيجابيًّا، وافتخر به أمام الآخرين، هذا سيجعله يتمسك بالسلوك الإيجابي، ويكرره، ويجعله يبتعد عن السلوك السلبي.
• ابتعد عن المشاكل الأسرية، ولا تعالجها أمامه بالصُّراخ والضرب، والشتم والطرد، كلما كانت البيئة التي يعيش فيها المراهق متوازنة، يسودها الحب والاحترام، كان التواصل معه إيجابيًّا.
• أشرِكْهُ في قرارات الأسرة، واستشِرْهُ في القضايا التي يُتقنها، في الدراسة والأجهزة الإلكترونية، ومصاريف البيت، وغيرها.
• هناك بعض القضايا التي لا تنازُلَ فيها؛ مثل: الصلاة، وبر الوالدين، واحترام الآخرين، اجعل في بيتك قوانين تحكم الأسرة فيها، ولا يُمنَع من الحوار والاتفاق عليها مسبقًا.
• انتبه من العقوبات القاسية التي لا تتناسب مع المشكلة، ولا تستعجل بالعقوبة حتى يقتنع المراهق بمشكلته، وتذكَّر أن العفوَ والتسامح أقرب للعلاج.
• لغة الجسد لها أثر كبير عند التواصل، انتبه من الرسائل السلبية التي يرسلها الجسد؛ مثل: رفع اليد، أو التأشير بالأصبع، أو توتر الوجه أو احمراره، جميعها رسائل تدل على أن التواصل سلبي بين الطرفين.
• استمع وأنصت لحديثه، وأعطِهِ الفرصة للتنفيس عن وجهة نظره واحتياجاته.
• اصبر على ردَّات فعله، وعلى بعض ألفاظه، وعلى مشاعره، وتذكر أنه ابنك وفِلذة كبدك، وأن الهدف من التواصل معه تربيته وإصلاحه.
أسأل الله العظيم أن يصلح أولادنا، وأن يجعلهم هداة مهتدين على سيرة حبيبنا وسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم.