الدعاء في رمضان فضله ومكانته (1)


الدعاء في رمضان فضله ومكانته (1)

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186].

قال ابن كثير: وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، وعند كل فطر[1].

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ ‌لَا ‌تُرَدُّ ‌دَعْوَتُهُمْ: ‌الْإِمَامُ ‌الْعَادِلُ، ‌وَالصَّائِمُ ‌حَتَّى ‌يُفْطِرَ، ‌وَدَعْوَةُ ‌الْمَظْلُومِ»[2].

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة أو عن أبي سعيد رضي الله عنهما شك الراوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‌إِنَّ ‌لِلَّهِ ‌عُتَقَاءَ ‌فِي ‌كُلِّ ‌يَوْمٍ ‌وَلَيْلَةٍ، ‌لِكُلِّ ‌عَبْدٍ ‌مِنْهُمْ ‌دَعْوَةٌ ‌مُسْتَجَابَةٌ»[3].

ويجب على الداعي أن يراعي الأمور التالية:

1- الإخلاص لله في الدعاء: روى أبو داود في سننه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‌الدُّعَاءُ ‌هُوَ ‌الْعِبَادَةُ»، وقال تعالى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18].

2- ألا يستعجل في الدعاء، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا» قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: «اللهُ أَكْثَرُ»[4].

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‌يُسْتَجَابُ ‌لِأَحَدِكُمْ ‌مَا ‌لَمْ ‌يَعْجَلْ، ‌يَقُولُ: ‌دَعَوْتُ ‌فَلَمْ ‌يُسْتَجَبْ ‌لِي»[5].

3- ألا يدعو بإثم أو قطيعة رحم، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌لَا ‌يَزَالُ ‌يُسْتَجَابُ ‌لِلْعَبْدِ، ‌مَا ‌لَمْ ‌يَدْعُ ‌بِإِثْمٍ ‌أَوْ ‌قَطِيعَةِ ‌رَحِمٍ»[6].

4- أن يكون حاضر القلب حال الدعاء مقبلًا على ربه عند مناجاته في خشوع وسكينة، موقنًا بالإجابة:

ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «‌أَنَا ‌عِنْدَ ‌ظَنِّ ‌عَبْدِي ‌بِي[7] وفي رواية وَأَنَا ‌مَعَهُ ‌إِذَا ‌دَعَانِي»[8].

قال سفيان بن عيينة: (ألا يَمنعنَّ أحدَكم من الدعاء ما يعلمه من نفسه، فإن الله تعالى أجاب شر المخلوقين إبليس؛ إذ قال: ﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ [الأعراف: 14، 15][9].

اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الأسئلة:

1- هل دعوة الصائم مستجابة؟ مع ذكر الدليل.

2- هل دعاء غير الله شرك أكبر؟ مع ذكر الدليل.

3- هل تكون إجابة دعاء المسلم في الدنيا أم في الآخرة؟ فصل في ذلك مع ذكر الدليل.

4- ذكر المؤلف أن الداعي وهو يدعو لا بد أن يكون حاضر القلب موقنًا بالإجابة حتى يُجاب دعائه، ما الدليل على ذلك؟


[1] تفسير ابن كثير (2/ 193).

[2] مسند الإمام أحمد (13/ 410) برقم (8043) وقال محققوه حديث صحيح بطرقه وشواهده اهـ، أما حديث للصائم عند فطره دعوة لا ترد، ففيه ضعف.

[3] (12/ 420) برقم (7450)، وقال محققوه إسناده صحيح على شرط الشيخين، قال ابن حجر في أطراف المسند (7/ 203) هذا الحديث مقيد بشهر رمضان فقال يعني في رمضان.

[4] مسند الإمام أحمد (17/ 213-214) برقم 11133، وقال محققوه إسناده جيد.

[5] صحيح البخاري برقم (6340)، وصحيح مسلم برقم (2735).

[6] جزء من حديث في صحيح مسلم برقم (2735).

[7] جزء من حديث في صحيح البخاري برقم (7404)، وصحيح مسلم برقم (2751).

[8] مسند الإمام أحمد (20/ 418) برقم 13192، وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم.

[9] الأذكار للنووي ص639.



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
أحكام صيام رمضان (خطبة)
حكم الإكرامية