الدعاء مطلقا
الدعاء مطلقًا
عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنه ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أُصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئتِ صبرت ولكِ الجنة، وإن شئتِ دعوت الله أن يُعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها؛ رواه البخاري برقم (5328)، ومسلم (2576).
قال الحافظ ابن حجرفي “الفتح” (10/3 14): وفي هذا الحديث: أن علاج الأمراض كلها بالدعاء، والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما يَنجع بأمرين:
أحدهما من جهة العليل: وهو صدق القصد.
والآخر من جهة المداوي: وهو قوة توجُّهه، وقوة قلبه بالتقوى والتوكل، والله أعلم؛ اهـ.
قلت: والأدعية المنصوص على إجابته شرعًا ـ إذا توفَّرتِ فيها الشروط وانتفت الموانع ـ كثيرة، ولستُ في صددها[1]، وأقتصر على ثلاثة أسبابٍ منها:
السبب الأوَّل: دعوة المضطر: قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُون ﴾ [الأنعام: 63ـ 64].
السبب الثاني: الدعاء باسم الله الأعظم: عن بريدة رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول: اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله، الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال: «قد سأل الله باسم الله الأعظم، الذي إذا سُئل به أَعطى، وإذا دُعي به أجاب»، رواه أحمد برقم (23667)، وأبو داود (1495)[2].
السبب الثالث: دعوة ذي النون عليه السلام: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون، إذْ دعا وهو في بطن الحوت: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].
فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيءٍ قط، إلا استجاب اللهُ له؛ رواه أحمد برقم (1462)، والترمذي (3505)[3].