الصلاة والطهارة لأهل الأعذار
الصلاة والطهارة لأهل الأعذار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة فيما يجب على المَرضَى في طهارتهم وصلاتهم؛ فإن للمريض أحكامًا تخصُّه في ذلك؛ لما هو عليه من الحال التي اقتضتِ الشريعةُ الإسلامية مراعاتَها؛ فإن الله – تعالى – بعث نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة، المبنيَّة على اليسر والسهولة؛ قال الله – تعالى -: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، وقال – تعالى -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، وقال – تعالى -: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ﴾ [التغابن: 16]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الدين يسر))[1]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتُكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم))[2].
وبناءً على هذه القاعدة الأساسية، خفَّف الله – تعالى – عن أهل الأعذار عباداتهم بحسب أعذارهم؛ ليتمكَّنوا من عبادة الله – تعالى – بدون حرج ولا مشقة، والحمد لله رب العالمين.
الطهارة:
1- يجب على المريض أن يتطهَّر بالماء، فيتوضأ من الحدث الأصغر، ويغتسل من الحدث الأكبر.
2- فإن كان لا يستطيع التطهرَ بالماء؛ لعجزه، أو خوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه، فإنه يتيمم.
3- كيفية التيمم أن يضربَ الأرض الطاهرة بيديه ضربةً واحدة، فيمسح بهما وجهَه، ثم يمسح كفَّيه بعضهما ببعض، فإن لم يستطع أن يتيمم بنفسه يمَّمه شخصٌ آخر، فيضرب الشخص الأرضَ الطاهرة بيديه، ويمسح وجه المريض وكفيه، كما لو كان لا يستطيع أن يتوضأ بنفسه، فيوضِّئه شخصٌ آخر.
4- ويجوز أن يتيمم من الجدار، أو من شيء آخر طاهر له غبار، فإن كان الجدار ممسوحًا بشيء من غير جنس الأرض كالبوية، فلا يتيمم منه إلا أن يكون له غبار.
5- إذا لم يكن جدار ولا شيء غيره له غبار، فلا بأس أن يوضع تراب في منديل أو إناء ويتيمم منه.
6- إذا تيمم لصلاة وبقي على طهارته إلى وقت الصلاة الأخرى، فإنه يصلِّيها بالتيمم الأول ولا يعيد التيمم؛ لأنه لم يزل على طهارته، ولم يوجد ما يبطلها.
7- يجب على المريض أن يطهر بدنَه من النجاسات، فإن كان لا يستطيع صلَّى على حاله، وصلاتُه صحيحة ولا إعادة عليه.
8- يجب على المريض أن يطهِّر ثيابه من النجاسات، أو يخلعها ويلبس ثيابًا طاهرة، فإن لم يستطع، صلَّى على حاله، وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه.
9- يجب على المريض أن يصلي على شيء طاهر، فإن كان على فراش نجس، غسَلَه أو أبدله بفراش طاهر، أو فرش عليه شيئًا طاهرًا، فإن لم يستطع، صلى على ما هو عليه، وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه.
الصلاة:
1- يجب على المريض أن يصلي صلاةَ الفريضة قائمًا، ولو منحنيًا أو معتمدًا على جدار، أو عمودٍ، أو عصا.
2- فإن كان لا يستطيع الصلاة قائمًا، صلى جالسًا، والأفضل أن يكون متربِّعًا في موضع القيام والركوع، ومفترشًا في موضع السجود.
3- فإن كان لا يستطيع الصلاة جالسًا، صلَّى على جنبه متوجِّهًا إلى القبلة، والجنب الأيمن أفضلُ من الجنب الأيسر، فإن لم يتمكن من التوجُّه إلى القبلة، صلى حيث كان اتجاهه ولا إعادة عليه.
4- فإن كان لا يستطيع الصلاة على جنبه، صلى مستلقيًا، رِجلاه إلى القبلة، والأفضل أن يرفع رأسه قليلًا ليتَّجه إلى القبلة، فإن لم يستطع أن تكون رجلاه إلى القبلة، صلى حيث كانت ولا إعادة عليه.
5- يجب على المريض أن يركع ويسجد، فإن لم يستطع أومأ بهما برأسه، ويجعل السجود أخفضَ من الركوع، فإن استطاع الركوع دون السجود، ركع حال الركوع، وأومأ بالسجود، وإن استطاع السجود دون الركوع، سجد حال السجود، وأومأ بالركوع.
6- فإن كان لا يستطيع الإيماء برأسه في الركوع والسجود، أشار بطرْفه – أي: بعينه – فيغمض قليلًا للركوع، ويغمض أكثر للسجود، وأما الإشارة بالإصبع كما يفعله بعض المرضى، فليس بصحيح، ولا أعلم له أصلًا من الكتاب والسنة، ولا من أقوال أهل العلم.
7- فإن كان لا يستطيع الإيماء بالرأس، ولا الإشارة بالعين، صلَّى بقلبِه، فينوي الركوع والسجود والقيام والقعود بقلبه، ولكل امرئ ما نوى.
8- يجب على المريض أن يصلي كلَّ صلاة في وقتها بحسب استطاعته، على ما سبق تفصيله، ولا يجوز أن يؤخِّرها عن وقتها.
9- فإن شقَّ عليه فعلُ كل صلاة في وقتها، فله الجمعُ بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم، أو جمع تأخير حسبما يتيسر له، إن شاء قدَّم العصر مع الظهر، وإن شاء أخَّر الظهر مع العصر، وإن شاء قدم العشاء مع المغرب، وإن شاء أخر المغرب مع العشاء، أما الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا لما بعدها؛ لأن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها؛ قال الله – تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78][3].
كتب ذلك الفقير إلى الله – تعالى – محمد الصالح العثيمين في 14/1/1400هـ.