الصوم المشروع
الصوم المشروع
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن الصوم المشروع الذي يقبله الله ويرضى به، ويعود على الصائم بالنفع في الدنيا والآخرة – هو ما يلتزم فيه العبد بالأمور التالية:
الأول: أن يقصد بصيامه التعبد لله بذلك، ففي الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: « الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ»[1].
الثاني: أن يجتنب في صيامه المفطرات، وهي على نوعين:
1- الأكل والشرب والجماع، وغيرها من المفطرات المعلومة لعامة المسلمين.
2- اللغو والرفث والجهل وقول الزور، وغيرها من الذنوب؛ روى ابن خزيمة في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ[2]، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ»[3].
وروى ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ»[4].
وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»[5].
وهذا النوع الثاني أشدها خطرًا وأَولى بالاهتمام والعناية.
الثالث: أن يصوم النهار كاملًا من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، ولا يتم له ذلك إلا بأن يبيت النية من الليل؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، وروى الترمذي في سننه من حديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ»[6].
قال النووي رحمه الله: لا يصح صوم رمضان ولا القضاء ولا الكفارة، ولا صوم فدية الحج، وغيرها من الصوم الواجب بنية من النهار بلا خلاف[7]، فمن لم ينوِ الصيام قبل طلوع الفجر، فلا يكون قد صام من أول النهار.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا، وتولَّ أمرنا، وأصلح شأننا كله، يا أرحم الراحمين.
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الأسئلة:
1- هل التعبد لله بالصيام شرط لصحته؟
2- المفطرات على نوعين، اذكرهما.
3- هل تبيت النية من الليل شرط لصحة الصيام الواجب والمسنون؟
4- هل يوجد فرق في تبييت النية بين الصيام الواجب والمسنون؟
[1] جزء من حديث في صحيح البخاري برقم (1904) وصحيح مسلم برقم (1151).
[2] الجماع ومقدماته.
[3] (3/242) برقم (1996)، وقال محققه/د. مصطفى الأعظمي: إسناده صحيح.
[4] سنن ابن ماجه (1690) وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله- في صحيح سنن ابن ماجه (1/282) برقم 1371.
[5] صحيح البخاري برقم (1903).
[6] برقم (730) وقد اختلف في وقفه ورفعه قال ابن القيم رحمه الله: وأكثر أهل الحديث يقولون الوقف أصح. زاد المعاد (1 /70)، وإن كان موقوفًا فإن له حكم الرفع.
[7] المجموع (6 /289).