العج والثج في أيام الحج (خلاصة خطبة جمعة)


العَجُّ والثَّجُّ في أيام الحج

خلاصة خطبة جمعة

 

فضل الحج كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

أنا لستُ في الحُجَّاج يا ربَّ الورى

لكن قلبي بالمحبة كبَّرا

لبيك ما نبض الفؤاد وما دعا

داعٍ وما دمعٌ بعين قد جرى

لبيك أعلنها بكل تذلُّلٍ

لبيك ما امتلأت بها أم القُرى

لبيك يا ذا الجُود ما قلبٌ هفا

للعفو منك وبالخشوع تدثَّرا

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حجَّ لله، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه))؛ [متفق عليه].

 

وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يوم أكثر أن يُعتِقَ الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة، إنه لَيدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))؛ [رواه مسلم].

 

الحج ركن من أركان الإسلام العِظام، وهو فرض على من استطاع إليه سبيلًا، وفي أدائه ثواب وجزاء كبير؛ فهو يكفِّر الخطايا، ويمحو الذنوب، ويُخرج العبد منه كيوم ولدته أمُّه.

 

أفضل أعمال الحج كما ورد في الحديث:

وفي هذا الحديث يروي أبو بكر الصديق رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: أيُّ الحَجِّ أفضلُ؟ بمعنى: ما أفضل أعمال الحج بعد تحقيق أركانه وشروطه وواجباته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((العَجُّ))؛ وهو أن يجهر الْمُلبِّي بالتلبية، ويرفع بها صوته؛ وهي: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك”، وهي تعني إجابة الملبي لنداء الله بعد إجابة، وتتضمن المحبة الكاملة بالتزام الطاعة والإقامة عليها، “إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، وفي هذا اعتراف لله بأنه مالك الملك، وأنه هو الواحد الأحد لا شريك له، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والثَّجُّ))؛ وهو ذبح الهَدْيِ والأضاحيِّ، وإراقة دمائها وسيلانها، وقيل: إنه يريد بذلك كل أفعال الحج من أولها إلى منتهاها؛ لأنها تبدأ بالذكر والتلبية، وتنتهي بالذبح والهدي؛ فذكر الحدَّين ليشمل ما بينهما من أعمال، كأن كل أعمال الحج عظيمة وجليلة وينبغي إتمامها.

 

معنى العَجِّ وما ورد في التلبية:

العج هو التلبية ورفع الصوت بها، وقد ورد في فضل التلبية أجر عظيم:

– سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الحج أفضل؟ قال: ((العج والثج))؛ [رواه الترمذي]، ويقول الإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني حول هذا: “ومعنى العج: رفع الصوت بالتلبية… والثج: إسالة الدماء بالذبح والنحر…”.

 

– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يلبِّي إلا لبَّى مَن عن يمينه، أو عن شماله، من حَجَرٍ أو شَجَرٍ أو مَدَرٍ، حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا))؛ [رواه الترمذي].

 

– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكْثِروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد))؛ [رواه أحمد].

 

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل، فأمرني أن آمُرَ أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية))؛ [رواه الترمذي].

 

– وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أهلَّ مُهِلٌّ قطُّ، ولا كبَّر مُكبِّر قط، إلا بُشِّر، قيل: يا رسول الله، بالجنة؟ قال: نعم))؛ [رواه الطبراني].

 

من كلام الإمام ابن القيم حول التلبية، وقال: “أنها تتضمن الخضوع والذل؛ أي: خضوعًا بعد خضوع، أنا مُلبٍّ بين يديك، أي: خاضع ذليل”.

 

وقال: “أنها مشتملة على الحمد لله، الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله، وأول من يُدعى إلى الجنة أهلُه، وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها”.

 

وقال: “أنها مشتملة على الاعتراف بأن الملك كله لله وحده، فلا ملك على الحقيقة لغيره”.

 

تعريف التلبية وشرح ألفاظها باختصار:

التلبية لغةً: إجابة المنادي، وتطلق على الإقامة على الطاعة.

 

التلبية اصطلاحًا: هي قول الْمُحْرِم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

 

معنى (لبيك اللهم لبيك): أي: نجيبك يا ألله إجابةً بعد إجابة، بمعنى السمع والطاعة، والإقامة على طاعة الله، كما يُقال: لبَّى بالمكان بمعنى أقام فيه، وتكون جوابًا للنداء، فإذا ناديت وقلت: يا زيد، فإنه يقول: لبيك، أي: سمعتُ وأطعتُ، وأنا مقيم ومستديم على طاعتك.

 

معنى (لبيك لا شريك لك): أي: لا شريك لك في الألوهية والعبادة، كما أنه لا شريك لك في الملك ولا في الربوبية.

 

وقول: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك): هذا هو التوحيد، وهو بمعنى: لا إله إلا الله.

 

معنى (إن الحمد والنعمة لك والملك): أي: إن جميع أنواع المحامد لله ملكًا واستحقاقًا، وكذلك النعمة بيده سبحانه، وكذا الملك هو ملك الله سبحانه وحده لا شريك له.

 

الحمد هو الثناء على المحمود لكمال ذاته، لا بشيء يصدر منه إلى الحامد، والحمد ثناء على المحمود لكمال ذاته، ولو لم يصِلْك منه شيء، وكمال الذات ليس إلا لله سبحانه وحده، وليس في الكون ولا في المخلوقات من هو كامل لذاته.

 

والنعمة هي كل ما أنعم الله به على الإنسان، وكل ما في الوجود من نعمة، فهي من الله؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، وقال: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18]، فإذا جاء الإنسان ونظر في شخصه فقط، وفيما أنعم الله عليه في ذاته، وفي تكوينه؛ من بَصَرٍ وسمع، وتذوق وحركة، فلن يستطيع أن يُحصِيَ هذه الفضائل والنعم، التي أنعم الله تعالى بها عليه.

 

وأما الشكر، فيكون في مقابل ما يصل إليك ممن تشكره، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، فتشكر الله على نعمة العافية، ونعمة الرزق، ونعمة العلم، ونعمة التوفيق، وعلى كل ما جاءك من الله من النعم، فقَولُ: (إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)؛ أي: إن كمال الذات لا يساويك – يا رب – فيه أحدٌ، ولا شريك لك في ذلك، وكذلك في نعمك على خلقك ليس هناك من هو شريك لك في الإنعام، فالحمد والنعمة لك، والملك لك تتصرف فيه كيف شئت، لا شريك لك.

 

والثَّجُّ هو ذبح الهَدْيِ من الحُجَّاج.

 

ما يتعلق بالضحية:

حكمها: سُنَّة مؤكَّدة، ولها شروط؛ منها بلوغها السن المعتبر، وأن تكون من بهيمة الأنعام، وخلوها من العيوب التي تنقص من قيمتها، وتُذبَح بعد صلاة العيد، وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.

 

أيضًا لا تنسَ – أخي الكريم – صيامَ يوم عرفة، وتذكير الناس بصيامه، ولا ننسى إخواننا في غزة.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
تحديد ساعة الإجابة
خطبة: بين النفس والعقل (3) تزكية النفس – باللغة البنغالية