العرب ومعرض فرانكفورت للكتاب
الاثنين / 14 / ربيع الثاني / 1445 هـ – 21:25 – الاثنين 30 أكتوبر 2023 21:25
قدم سلافوي جيجك كلمة بلده سلوفينيا، ضيف شرف المعرض، وهي عادة اتبعها معرض فرانكفورت منذ سنة 1979م لتقديم رؤية شاملة عن الثقافة والفنون والآداب في البلد المستضاف. قبل كلمة جيجك أعلنت عدة دول عربية وإسلامية (منها هيئة الشارقة للكتاب، جمعية الناشرين العرب، ماليزيا، وإندونيسيا) انسحابها من المعرض احتجاجا على تأجيل منح جائزة الكتاب للكاتبة عدنية شبلي، مما يعني أن المعرض يخضع لأجندة سياسية تمظهرت في منع دور النشر الروسية من المشاركة في المعرض منذ الحرب الروسية الأوكرانية وتخصيص منصات للكتّاب الأوكرانيين، بل منح الكاتب الأوكراني سيرجي جادان (47 عاما) جائزة السلام لعام 2022م، وهذا دليل على خضوع المعرض لإدارة السياسة الألمانية، وأن المعرض الذي يقام منذ سنة 1949 ليس مكانا للنشر ولا منصة لحرية الرأي والتعبير، وهذا يقودنا إلى عدة تساؤلات عن القوانين الدولية وحق الرأي والتعبير، فهذه المصطلحات والقيم شاخت ولم تُعد صالحة لراهننا ولا لزماننا بعد انتهاكها من قبل واضعيها والمبشرين بها، مما يعني أن العالم بأسره بحاجة إلى صياغة نظم وقوانين وتشريعات على أسس العدالة والمساواة والشراكة تضع الإنسان وحياته وكرامته وحقوقه فوق أي سياسة وأيديولوجيا.
***
فيما مضى، كانت لي تجربة زيارة لمعرض فرانكفورت للكتاب لا سيما في دورتي (2016- 2017)، واستغربت من الحضور الباهت للدول العربية، إذ يقام المعرض لمدة أربعة أيام -يومان مخصصان للمشاركين ويومان للعامة- ويستقطب حوالي ثلاثمائة ألف زائر، وتصل قيمة تذكرة الدخول للفرد إلى حوالي 30 يورو، أي ما يقارب (13 ريالا عمانيا)، فيصدم الزائر للجناح العربي بقلة الإقبال وكذلك مواد العرض، إذ إن جل المشاركات عبارة عن كتب لدوائر حكومية وصور طبيعية. وبعض الجهات المشاركة تحضر معها ناقشات الحناء ليرسمن على أيادي الزائرات ويقدمن المشغولات اليدوية كالسعفيات والحرف في مكان مخصص للكتاب والعمليات المرتبطة به من الكتابة إلى التسويق إلى الترجمة والتوزيع وغيرها، وحين سألت صديقًا عربيًّا/ ألمانيًّا عن المشاركة العربية في المعرض سنة 2004م (يومها حل العالم العربي ضيف شرف على معرض الكتاب)، قال: «كانت فضيحة بمعنى الكلمة، إذ لم يُقدم العالم الذي اخترع الكتابة والتدوين ما يليق بالثقافة العربية»، بينما يضج المكان المخصص للإيطاليين أو الإيرانيين بالزوار والإصدارات الحديثة.
إن التكاليف التي تتحمّلها الجهات العربية المشاركة في معرض فرانكفورت للكتاب باهظة الثمن ولا تخدم الثقافة العربية؛ لأن المحتوى الثقافي المُقدم لا يُخاطب الزائر الألماني ولا الأوروبي، خاصة أن جل الإصدارات باللغة العربية، وبعض العارضين لا يتحدثون باللغة الألمانية مما يوجِد حاجزا بين المرسل والجمهور، لذا نأمل أن تشهد السنوات القادمة حضورا عربيا قويا في معرض فرانكفورت للكتاب، وأن تتوقف إدارة المعرض عن الاصطفاف السياسي خلف الكيان الصهيوني، وأن تحصل الكلمة الحرة على مساحتها في معارض الكتب.