العفو والصفح (1)


العفو والصفح (1)

 

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ.

كان مِسْطَحُ بن أُثاثة رضي الله عنه من فقراء الصحابة ومساكينهم، وكان رضي الله عنه من المهاجرين الذين شهدوا بدرًا، وكان خالُه أبوبكر رضي الله عنه ينفق عليه، فوقع في خطأٍ جعل أبابكر يغضب عليه ويقطع عنه النفقة، فأنزل الله عز وجل في ذلك:﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور: 22]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف: 89].

فلما نزلت هذه الآية التي وردت في سورة النور قال أبو بكر رضي الله عنه: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح نفقته التي كان يُنْفِق عليه، وقال: والله لا أنـزعها منه أبدًا[1].

ومن هذا الحديث يتبين لنا أن العفو والصفح خصلتان عظيمتان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتصف بهما؛ قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة: 13]، وبهذا يتبين أن الصفح أبلغ من العفو؛ إذ يتضمن مزيدًا من الإحسان.

وقد وُصِفَ بها صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة، روى البخاري في صحيحه من حديث عطاء بن يسار قال: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنهما، قُلتُ: أخْبِرْنِي عن صِفَةِ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في التَّوْرَاةِ، قالَ: أجَلْ، واللَّهِ إنَّه لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ ببَعْضِ صِفَتِهِ في القُرْآنِ:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب: 45]، وحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أنت عَبْدِي ورَسولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، ليسَ بفَظٍّ ولَا غَلِيظٍ، ولَا سَخَّابٍ في الأسْوَاقِ، ولَا يَدْفَعُ بالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَغْفِرُ، ولَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حتَّى يُقِيمَ به المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بأَنْ يَقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويَفْتَحُ بهَا أعْيُنًا عُمْيًا، وآذَانًا صُمًّا، وقُلُوبًا غُلْفًا»[2].

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الأسئلة:

1- العفو والصفح سبب لمغفرة الذنوب؛ اذكر الدليل.

2- الذي تجاوز عن المذنب فقد عفا عنه، فإذا زاد عن ذلك فأحسن إليه بأي نوع من أنواع الإحسان معنويًّا أو حسيًّا فقد عفا وصفح، اذكر الدليل على ذلك.

3- صفتان وُصِفَ بهما النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل، فما هما؟


[1] صحيح البخاري رقم: 4757 بمعناه.

[2] صحيح البخاري برقم (2125).



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
أن الله تعالى حرم عليه أن يمسك زوجته التي لم ترغب فيه
شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، في الآيات النازلة في أهل البيت (ع)