العولمة والحماية الاجتماعية
العولمة والحماية الاجتماعية
بلغ عددُ أعضاء منظمة التجارة العالمية حتى نهاية شهر سبتمبر 2006م مائةً وتسعًا وأربعين دولة (149)، منها إحدى عشرة دولة عربية، هي: الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وجيبوتي، وتونس، وقطر، وعمان، والكويت، ومصر، والمغرب، وموريتانيا، والمملكة العربية السعودية[1]، ومنها ثمانٍ وثلاثون دولة إسلامية (38)، بما فيها الإحدى عشرة العربية، ولا تزال كلٌّ من الجزائر ولبنان والسودان واليمن تتفاوض بقَبول عضويتها، ضمن ثماني عشرة دولة إسلامية.
إن الانضمامَ لمنظمة التجارة العالمية الذي اكتمل لدول الخليج العربية قبل نهاية النصف الأول من هذا العقد الهجري 1421 – 1425هـ/ الميلادي 2001 – 2005م – سيؤدي – مما يؤدي إليه – إلى الانفتاح الاقتصادي على العالم، واتخاذ الإجراءات والتدابير الإدارية والنظامية (القانونية) لتسهيل هذا الانفتاح[2]، وذلك بمراجعة الإجراءات الإدارية والأنظمة؛ مثل: مشروعات التوطين للقوى البشرية، ونظم (قوانين) العمل والتأمينات الاجتماعية.
هذا ما بدأ بالفعل لثلاثة عقود مضت 1390هـ – 1420هـ/ 1970 – 2000م، بما في ذلك زيادة مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني؛ من كليات تقنية ومعاهد فنية ومراكز تدريب، على المستويين الحكومي والأهلي، ثم اتخاذ الإجراءات والتدابير التي تكفُل مزيدًا من الدَّعمِ لحملة التدريب والتأهيل؛ مثل: صناديق تنمية الموارد البشرية[3]، وتلمُّس مواطن فرص العمل، وتفعيل إجراءات إشغالها وتنظيم إجراءاتها، وأيضًا ما يدخل ضِمنًا في تنمية الموارد البشرية من حملاتٍ صحية أسهمت بإذن الله في مكافحة الأمراض، والارتقاء بمستوى الصحة العامة، وبالتالي زاد معدَّل/ متوسط عمر العامل المتوقَّع إلى 65 سنة، وانخفض معدل وفَيَات الأطفال بما يزيد عن 50%[4].
كل هذا يدخل في مفهوم الالتفات إلى الحماية الاجتماعية، بما في ذلك ما يتعلق بعمل الأطفال دون سنِّ الرُّشد، والنساء والبيئة، ويزيد هذا من وجود أرضية للتفاهم بين أعضاء المنشأة، في ضوء تنامي تأثير منظمة العمل الدولية، التي ارتقت في أدائها، وانصرفت عن البُعدِ الأيديولوجي الذي انطبعت به الحركات العمالية في العالم كافَّة، والعالم الثالث بخاصة.
مع هذا، فإنَّ هناك تخوُّفًا من أن “تنزلق” دولُ منطقة الخليج العربية، والدول العربية والإسلامية، إلى استيراد المعايير الاجتماعية، بما فيها تهيئة الموارد البشرية من بيئات تختلف عنها اجتماعيًّا، مما يؤثِّر على نجاح المعايير المستورَدة، عندئذٍ نعود إلى “الغابة التجارية” التي تسعى منظمةُ التجارة العالمية إلى الخروج منها إلى نظامِ قواعد وشفافية في التبادلات الدولية، كما عبَّر عن ذلك (بيتر استيرلاند) آخر مدير لمنظمة الجات، وأول مدير لمنظمة التجارة العالمية[5].
وخوفٌ آخر هو أن تفرِضَ العولمةُ على الدول والمناطق التخليَ عن مسؤوليات الرفاه الاجتماعي، التي أخذتها الحكوماتُ على عاتقِها على مدى القرن الماضي، “مثل: تقديم مخصَّصات لأجل الإسكان والرعاية الصحية والتعليم والعجز والبطالة”[6]، العجيب أن تستثنيَ منظمةُ التجارة العالمية عنصري الدفاع والأمن من حكم الدعم والإعانات الحكومية[7].
[1] انضمت المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية كآخر دولة في منطقة الخليج العربية في المؤتمر الوزاري السادس الذي عُقد في هونج كونج في المدة من 12 – 17 من ذي القعدة 1426هـ الموافق 13 – 18 ديسمبر 2005م، انظر: فواز عبدالستار العلمي الحسني، مفهوم العولمة بلغة مفهومة – مرجع سابق – ص 48.
[2] انظر: مصباح نعوش، الوطن العربي ومنظمة التجارة العالمية، المستقبل العربي، ع 282 مج 25 (8/ 2002م)، ص 113 – 134.
[3]Abdul Rahman Al Tuwaijrie. The New Economy Vision. The Emirates International/ Forum. Dubai: April 2002
[4] انظر: جلال أمين، العولمة والتنمية العربية، من حملة نابليون إلى جولة الأوروغواي 1798 – 1998م، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ص 122.
[5] انظر: رجب بو دبوس، العولمة بين الأنصار والخصوم – مرجع سابق – ص 103 – 108.
[6] انظر: أليسون جاغار وآخرين، الدرجة صفر للتاريخ أو نهاية العولمة/ ترجمة عدنان حسن، اللاذقية: دار الحوار، 2004، ص 11.
[7] يؤكد فواز عبدالستار العلمي أن انطلاقة منظمة التجارة العالمية كانت من مؤتمر باريس للسلام الذي عُقد بعد الحرب العالمية الأولى في يوم السبت 15 ربيع الثاني 1337هـ الموافق 18 يناير 1919م، مرورًا باتفاقية الجات (1366هـ/ 1947م) وتحولها إلى منظمة التجارة العالمية سنة 1415/ 1995م، انظر: فواز عبدالستار العلمي الحسني، مفهوم العولمة بلغة مفهومة – مرجع سابق – ص 38 و101.