اللغة العربية.. وضرورات صيانتها من المسخ والتشويه


اللغة العربية … وضرورات صيانتها من الْمَسْخِ والتَّشويهِ

 

لا تزال اللغة العربية من أبرز عناصر هُوِيَّةِ الأُمَّة، وبإهمال الارتقاء بها، وتدنِّي مستوى حضورها في الاستخدام الفصيح في الحياة اليومية، وفي الكتابة، وفي الإعلام، بل وفي الأروقة العلمية، إنما يعرِّضها للتنحِّي، وتراجُع أهميتها بين اللغات، بالإضافة إلى مسخ أصالة الهوية وطمسِها.

 

ولعل انتشار ظاهرة لغة ما بات البعض يصطلح على تسميته بـ(العربيزي)، أو (الفرانكو عربية)، بين الجيل الجديد من الشباب، وشيوعها بينهم في الاستعمال اليومي، في وسائط التواصل الاجتماعي، من خلال الفضاء الرقمي المفتوح في كل الاتجاهات بلا قيود – إنما يهدد فصاحة اللغة العربية بالرَّطانة، ويشوِّهها بالعُجمة؛ حيث باتت الدردشة والمراسلات عبر الإنترنت، والهواتف الذكية، تجري من قِبَلِ أجيال الشباب باللغة الإنجليزية أو الفرنسية بالفرانكو عربية؛ وهي الدردشة المهجَّنة ببعض مفردات اللغة الإنجليزية، المقحمة بالمفردة العربية؛ حيث شاع هذا النمط من التواصل في الاستخدام اليومي للأجيال العربية الشابة، على أوسع نطاق.

 

وهكذا باتت اللغة العربية الأم تواجه تحديات كبيرة لمسخها؛ بسبب هيمنة الثقافة الرقمية في التواصل، التي تتمثل بطبيعة تقنيتها الأجنبية المتمركزة في هيمنة مفردات اللغة الإنجليزية، وسيادة مصطلحاتها وأيقوناتها، بدلالاتها التعبيرية باللغة الأجنبية، التي باتت شائعة الاستخدام في الساحة العربية، حتى جرت بعض ألفاظ اللغة الإنجليزية على الألسنة في المحادثات، والدردشات اليومية، بصورة تلقائية؛ إذ اعتاد البعض أن يبادرك بالترحاب بكلمة (هالو)، ويودعك بالسلامة، بكلمة (كود باي)، دون أي حرج.

 

لذلك يتطلب الأمر من الجميع الانتباه بجدية إلى خطورة الحال بانعكاساته السلبية، في مسخ اللغة العربية، وطمس الهوية، والاهتمام التام باللغة العربية، وحث الجيل على إتقانها، وتداولها بالفصحى في كتاباتهم، ودردشاتهم، ورفع مستوى تلقيهم لعلومها، دون إهمال الإلمام باللغات العالمية الأجنبية الأخرى، باعتبارها نافذة الإطلال على ثقافة، وعلوم، وتقنيات الآخرين.

 

ولا بد من الإشارة في هذا المجال إلى أن نهج مسخ اللغة العربية من خلال إشاعة وهيمنة استخدام مفردات اللغة الأجنبية، والتساهل في استخدام العامية الركيكة، يصب في أهداف إستراتيجية العولمة الرقمية، بشيوع استخدام اللغات الأجنبية – والإنجليزية خصوصًا – في الفضاء الرقمي، وبكل أبعادها الثقافية والحضارية، التي بدأت تعبث باللغة العربية في كل مجالات الاستخدام؛ مثل: حالة الاعتياد على كتابة لوحات أسماء المعارض، والمحلات التجارية، باللغة الإنجليزية، ونشر الإعلانات التجارية بها، ناهيك عن كونها لغة تدريس العلوم في المعاهد والجامعات، إضافة إلى عولمة استخدامها في البرمجيات، وشبكة الإنترنت، والمواقع العنكبوتية، والقنوات والفضائيات، وغيرها من وسائل الاتصال الاجتماعي، والفضاء المعلوماتي، مما يزيد الطين بلة، ويضاعف تداعيات المسخ والتشويه.

 

وإذا كان الأمر في ضوء تلك التحديات يتطلب الانتباه إلى مخاطر تداعيات استخدام اللهجة العامية، والحذر من التأثيرات السلبية لوسائل العولمة المفتوحة على لغتنا العربية، التي تتجسد في فَرْنَجة مقرِفة، ورطانة لاحنة تؤثر في سلامة اللغة، وتهدد فصاحتها بالمسخ والتشويه، فلا بد – إذًا – من اعتماد خطة عربية شاملة، تستهدف التوسع في دراسات علوم اللغة العربية، ونشر كليات اللغة العربية، ومعاهد تعليمها، وتشجيع الدارسين فيها، والعمل على وضع إستراتيجية عربية مكمِّلة لها في نفس الوقت، لتعريب الدراسة في الجامعات العربية، والتوسع في إنشاء المواقع الحاسوبية الخادمة للغة العربية، وإدخال مفرداتها في الاستخدام في التقنيات الرقمية، مع نظيرتها في اللغة الإنجليزية.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
أخطاء في الصلاة (1)
Prince Hassan bin Talal calls for forging a new knowledge strategy – Reviews – Books – Ahram Online