المصنفات السبتية في السيرة النبوية (2) – بريس تطوان


وقد ألف الزفي كتابه الموسوم ب”الدر المنظم في مولد النبي المعظم” وذكر فيه الدوافع والحوافز التي جعلته يؤلف كتابه، ودعوته إلى هذا الاحتفال، قال في مقدمة كتابه: “وإن تعجب أيها الناصح لنفسه، فعجب من إحصائهم لتواريخها – يعني تواريخ أعياد النصارى والاعتناء بمواقيتها، فكثيرا ما يتساءلون عن ميلاد عيسى على نبينا وعليه السلام، وعن ” ينير” سابع ولادته، فما أعانهم التوفيق، القرين المرشد ولا الرفيق، أن يكون سؤالهم عن ميلاد نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم..”.

و من خلال ما تقدم، نخلص إلى أن للسبتيين دورا فعالا ورئيسا في الدعوة إلى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فمنذ عصر أبي العباس العزفي، وهي الدعوة الأولى والنواة المؤسسة لهذا الاحتفال، نلاحظ توارث هذه السنة من جيل إلى جيل، بدءا بأبي العباس العزة، إلى ابنه أبي القاسم، ومن جاء بعدهما من السبتيين الدعاة لهذا الأمر، سواء بالقول أو التأليف، وسيتجلى ذلك جيدا من خلال سرد مؤلفات ودواوين وقصائد أهل سبتة في سيرة ومدح خير البرية صلى الله عليه وسلم.

– المؤلفات السبتية في المولد النبوي:

أما علماء سبتة فقد ضربوا بنصيب وافر في مجال التأليف في المولد الشريف، وكتبهم تعد العمدة في هذا النوع من التأليف لا تضاهيها مؤلفات غيرهم من حيث ابتكارها وقيمتها واعتماد من جاء بعدهم عليها، فهي الأصل في مشروعية القائلين بالاحتفال بالمولد النبوي، استند عليها جميع من قال باستحباب الاحتفال بالمولد، وأشهر مؤلفات السبتيين في هذا الباب، بل أشهر كتب المولد النبوي شرقا وغربا على الإطلاق كتاب الدر المنظم في مولد النبي المعظم للإمام أبي العباس العزي، وكتاب التنويري مولد السراج المنير لابن دحية.

• الدر المنظم في مولد النبي المعظم للإمام أبي العباس العزفي، وتكملة ابنه أبي القاسم:

التعريف بالكتاب:

من خلال عنوان الكتاب . الدر المنظم في مولد النبي المعظم . يتضح لنا جليا مضمونه ،فكان للكتاب ارتباط وثيق بحركة التأليف السائدة في عصر العزي فقد نبغ أهل سبتة في علوم شتى، وقد ذكرناها في فصل الحركة العلمية بالمدينة، وقد عني السبتيون عناية كبيرة بسيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وألفوا في هذا الباب مؤلفات عدة ستذكر في موضعها.

أما كتاب الدر المنظم فهو كتاب فريد من نوعه ألفه الإمام العزي لأسباب عدة سنذكرها في موضعها.

وقد ألف الإمام كتابه هذا في مسألة المولد لكن المنية عاجلته قبل إكماله وتتميمه، فأكمله ولده أبو القاسم.

اسم الكتاب:

لقد اشتهر كتاب الدر المنظم في مولد النبي المعظم للإمام العزي في الأوساط المغربية والأندلسية، وحتى في المشرق شهرة كبيرة بين الخاص والعام وتحتفظ الخزانات المغربية والمشرقية بنسخ كثيرة منه، إذ يعتبر من أكبر الموالد وأوسعها رواية وإفادة، وقد اشتهر هذا الكتاب باسم “الدر المنظم في مولد النبي المعظم “وتواترت الأخبار على هذا الإسم حتى أصبح معروفا به بين الخاص والعام .

ولكن باستقرائي لبعض المصنفات التي صنفت فيما يتعلق بسيرته صلى الله عليه وسلم وجدت أن للكتاب اسما آخر أطلقه عليه بعض العلماء وهو “أعذب الوارد وأطيب الموالد” وعلى حسب علمي لم أر أحدا من الباحثين تطرق إلى هذا الأمر .

ومن العلماء الذين نسبوا هذا الاسم للدر المنظم :

– ابن ناصر الدين محمد بن عبد الله بن محمد القيسي الدمشقي، ي كتابه الموسوم “توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم.

– أبو حفص عمر بن علي الأنصاري الشهير بابن الملقن في كتابه “غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم “.

– الشيخ عبد الرحمان الثعاليبي المتوفى سنة 875 هـ، في كتابه “الأنواري آيات النبي المختار صلى الله عليه وسلم”.

– الحافظ قطب الدین محمد بن محمد بن عبد الله الخيضري المتوفى سنة894هـ في كتابه “اللفظ المكرم بخصائص النبي صلى الله عليه وسلم”.

ومما قد سلف نستنتج أن كتاب الدر المنظم له اسمان:

الإسم الأول: ما هو متواتر، وهو الدر المنظم في مولد النبي المعظم.

الإسم الثاني: وهو الذي نسبه إليه عدد من العلماء الأجلاء السالف ذكرهم وهو أعذب الموارد وأطيب الموالد.

وقد رجعت إلى من نقل من أعذب الموارد وأطيب الموالد، وقارنت تلك النقولات السالفة الذكر بأصل الكتاب الموسوم بالدر المنظم فوجدت أن الكلام نفسه بالفاصلة والحرف”، ومما يؤكد ما ذكر ما صرح به الشيخ عبد الرحمان الثعالبي في مقدمة كتابه الأنوار في آيات النبي المختار حيث قال :”وحدوت في الترتيب حدو ابن إسحاق في الأغلب ،وما نقلته من كتب الأئمة في هذا التصنيف ،وغيره فنقلي له باللفظ لا بالمعنى،احتياطا لنفسي وعزوت كل كلام لمصنفه وكل حديث لمخرجه “، وهذا دليل على أن الرجل وقف على كتاب الدر المنظم باسم أعذب الموارد وأطيب الموالد وأن الكتاب قد عرف باسمين.

دوافع تأليف الكتاب:

إن السبب الرئيسي، في إقدام الإمام أبي العباس العزي رحمه الله تعالى على تأليف كتابه هذا، ما بينه في مقدمة كتابه “الدر المنظم في مولد النبي المعظم”، وهو جلب القلوب التي مالت إلى نصارى الأندلس في الاحتفال بأعيادهم، وخاصة أعياد: النيروز والعنصرة وميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام، وما يتبع هذا من استعداد، كطهي أزكى الطعام، ولبس أفخر الثياب،وبذل الأموال الطائلة لهذا، ومخالطتهم النصارى وتقليدهم وجوارهم لهم.

وقد فشت هذه العدوى في الأندلس وانتقلت إلى سبتة مسقط رأس صاحب الدر وشاعت بين الناس صغيرهم وكبيرهم؛ فصنعوا صنيع النصارى في أعيادهم من بذل الأموال واختلاط بين الرجال والنساء فكان سببا لميلهم عن دينهم والتفريط فيه فاتبعوا الهوى فكان وبالا عليهم وخطرا على الاسلام والمسلمين.

وهناك أسباب أخرى كثيرة دفعت الإمام العزفي رحمه الله إلى تأليف هذا الكتاب، ذكرها المؤلف في كتابه.

عنوان الكتاب: سبتة العالمة ومدارسها في العلوم الشرعية

الكاتب: ذ. الباحث محمد المجاهد

منشورات المجلس العلمي املحلي لعمالة المضيق الفنيدق

بريس تطوان

يتبع..



Source link

Leave a comment

Share
قراءة في كتاب السماح بالرحيل الطريق نحو التسليم
{فبهداهم اقتده}