النهي عن الإسراف والتبذير (1)


النهي عن الإسراف والتبذير (1)

 

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:

فمن الصفات المذمومة التي نهى الشارع عنها: (الإِسراف).

قال الراغب: هو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإِنسان وإِن كان ذلك في الإِنفاق أشهَرَ[1].

وقال سفيان بن عيينة: ما أنفقت في غير طاعة الله سرف وإِن كان ذلك قليلًا [2].

والإِسراف يتناول المال وغيره؛ قال تعالى محذرًا عباده من الإِسراف: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31].

قال بعض السلف: جمع الله الطب في نصف آية:﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا[3].

وقال تعالى: ﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141].

قال عطاء بن أبي رباح: نُهُوْا عن الإِسراف في كل شيء[4]؛ قال ابن كثير: «أي: لا تسرفوا في الأكل لِما فيه من مضرة العقل والبدن»[5]؛ روى النسائي في سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ[6]»[7].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ»[8].

وروى الترمذي في سننه من حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ – (وفي رواية: «لُقَيمَات»[9] – يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ»[10].

وفرَّقَ بعض العلماء بين التبذير والإِسراف الذي جاء النهي عنه في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء: 27]، فقالوا: «إن التبذير هو صرف الأموال في غير حقها؛ إما في الحرام وإما في غير فائدة لعبًا وتساهلًا بالأموال، أما الإِسراف فهو الزيادة عن الحاجة في الطعام والشراب واللباس وغير ذلك».

اللهم ارزقنا رزقًا طيبًا مباركًا فيه، واجعَل ما أعطيتنا قوةً لنا على طاعتك، وبارك لنا في أموالنا وأولادنا وسائر شؤوننا.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الأسئلة:

1- ما تعريف الإسراف؟

2- اذكر بعضًا من النصوص الشرعية التي تنهى عن الإسراف.

3- ما الآية التي قال بعض السلف عنها أنها جمعت الطب؟

4- ما الفرق بين الإسراف والتبذير؟


[1] المفردات في غريب القرآن ص (407).

[2] بصائر ذوي التمييز (3 /216).

[3] تفسير ابن كثير (6 /288).

[4] تفسير ابن كثير (6 /190).

[5] تفسير ابن كثير (6 /190)

[6] مخيلة: هي العجب والكبر

[7] رواه النسائي برقم (2559)، ورواه البخاري معلقًا مجزومًا به (ص1132) كتاب اللباس رقم (77).

[8] رواه البخاري معلقًا مجزومًا به كتاب اللباس، باب قول الله تعالى: ﴿ ‌قُلْ ‌مَنْ ‌حَرَّمَ ‌زِينَةَ ‌اللَّهِ ‌الَّتِي ‌أَخْرَجَ ‌لِعِبَادِهِ ﴾ [الأعراف: 32]

[9] سنن ابن ماجه برقم (3349).

[10] سنن الترمذي برقم (2380) وقال: حديث حسن صحيح، وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9 /528).



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
الطريق الصحيح للاستئذان المشروع
الصدقة بسبعمائة ضعف