النهي عن قول المملوك: ربي وربتي وقول السيد: عبدي وأمتي ونحوهما


النهي عن قول المملوك: ربِّي وربَّتي وقول السيد: عبدي وأمتي ونحوهما

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقولنَّ أحدُكُم عبدي وأمتي؛ كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي»، رواه البخاري برقم (5874)، ومسلم (6011).

 

وعنه رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «لا يقُلْ أحدُكُم أطعِم ربَّك، وضِّئ ربك، اسقِ ربَّك، وليقل سيدي مولاي، ولا يقل أحدُكُم عبدي أمتي، وَلْيقل فتاي وفتاتي وغلامي»؛ رواه البخاري برقم (2552)، ومسلم (5877).

 

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقولنَّ أحدُكُم عبدي؛ فكلكم عبيد الله، ولكن ليقل فتاي، ولا يقل العبد ربي، ولكن ليقل: سيدي»؛ رواه مسلم برقم (5875).

 

وفي لفظٍ لمسلم برقم (6013): «ولا يقُل العبد لسيده: مولاي، فإن مولاكم الله تعالى».

 

وعنه رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «لا يقولنَّ أحدُكم عبدي؛ فكلكم عبد، ولكن ليقل فتاي، ولا يقل ربي؛ فإن ربكم الله، ولكن ليقل سيدي»؛ رواه أحمد برقم (10708)[1].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقولنَّ أحدكم: عبدي وأمتي، ولا يقولنَّ المملوك ربي وربتي، وليقل المالك فتاي وفتاتي، وليقل المملوك سيدي وسيدتي؛ فإنكم المملوكون، والرب الله تعالى»؛ رواه أحمد برقم (9716)، وأبو داود (4977)[2].

 

قال الإمام النووي في «شرح مسلم» (7/432): قال العلماء: مقصود الأحاديث شيئان:

أحدهما: نهي المملوك أن يقول لسيده: ربي؛ لأن الربوبية إنما حقيقتها لله تعالى؛ لأن الرب هو المالك أو القائم بالشيء، ولا تُوجد حقيقة هذا إلا في الله تعالى.

 

الثاني: يُكره للسيد أن يقول لمملوكه: عبدي وأمتي، بل يقول: غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي؛ لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى، ولأن فيها تعظيمًا بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك، فقال: «كلكم عبيد الله»، فنهى عن التطاول في اللفظ، كما نهى عن التطاول في الأفعال، وفي إسبال الإزار وغيره؛ اهـ.

 

وقال في «الأذكار» (ص363): قال العلماء: وإنما كُره للمملوك أن يقول لمالكه: ربي؛ لأنَّ في لفظه مشاركة لله تعالى في الربوبية؛ اهـ.

 

الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقل أحدُكم: عبدي وأمتي، ولا يقول المملوك: ربي وربتي)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وأن تلد الأمة ربَّتها أو ربها) ونحوها.

 

قال الإمام النووي في «شرح مسلم» (7/432): فإن قيل: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة: «أن تلد الأمة رَّبتها أو ربَّها»، فالجواب من وجهين:

أحدهما: أن الحديث الثاني لبيان الجواز، وأن النهي في الأول للأدب، وكراهة التنزيه، لا للتحريم.

 

والثاني: أن المراد النهي عن الإكثار من استعمال هذه اللفظة، واتخاذها عادة شائعة، ولم يُنْهَ عن إطلاقها في نادر من الأحوال، واختار القاضي هذا الجواب.

 

وقال في «الأذكار» (ص363): وأما حديث: (حتى يلقاها ربُّها)، و(ربُّ الصريمة)، وما في معناهما، فإنما استُعمل لأنها غير مكلفة، فهي كالدار والمال، ولا شك أنه لا كراهة في قول: ربُّ الدار، وربُّ المال، وأما قول يوسف عليه السلام: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ [يوسف: 42]، فعنه جوابان:

أحدهما: أنه خاطبه بما يعرفه، وجاز هذا الاستعمال للضرورة؛ كما قال موسى عليه السلام للسامري: ﴿ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ [طه: 97]؛ أي: الذي اتخذته إلهًا.

 

والجواب الثاني: أن هذا شرعُ مَنْ قَبْلنَا، وشرعُ من قبلنا لا يكون شرعًا لنا إذا ورد شرعُنا بخلافه، وهذا لا خلاف فيه؛ اهـ.

 

تتمة في جواز قول العبد لسيده: سيدي ومولاي: وقول السيد لمملوكه: فتاي وفتاتي وغلامي وجاريتي:

قلت: قد ورد في الأحاديث السابق ذكرها في الباب قوله صلى الله عليه وسلم: (وليقل المملوك: سيدي وسيدتي)، وفي لفظ: (وليقل سيدي ومولاي، وليقل المالك: فتاي وفتاتي)، وفي رواية: (وغلامي)، وفي أخرى: (جاريتي).

وقال الإمام النووي في «شرح مسلم» (7/432): ولا نهي في قول المملوك: سيدي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليقل سيدي»؛ لأن لفظة السيد غير مختصة بالله تعالى اختصاص الرب، ولا مستعملة فيه كاستعمالها، حتى نقل القاضي عن مالك أنه كره الدعاء بسيدي، ولم يأت تسمية الله تعالى بالسيد في القرآن، ولا في حديث متواتر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا سيد»، و«قوموا إلى سيدكم» ـ يعني سعد بن معاذ ـ وفي الحديث الآخر: «اسمعوا ما يقول سيدكم» ـ يعني سعد بن عبادة ـ فليس في قول العبد: سيدي إشكال ولا لبس؛ لأنه يستعمله غير العبد والأمة.

 

ولا بأس أيضًا بقول العبد لسيده: مولاي، فإن المولى وقع على ستة عشر معنى – ذكرها ـ ثم قال: قال القاضي: وأما قوله في «كتاب مسلم»، في رواية وكيع، وأبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، رفعه: «ولا يقل العبد لسيده مولاي»، فقد اختلف الرواة عن الأعمش في ذكر هذه اللفظة، فلم يذكرها عنه آخرون، وحَذْفُهَا أصح، والله أعلم…

 

وأمَّا غُلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي، فليست دالة على الملك كدلالة عبدي، مع أنها تطلق على الحر والمملوك، وإنما هي للاختصاص؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ [الكهف:60]، ﴿ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ [يوسف:62]، و﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ [الأنبياء:60]؛ اهـ.


[1] وهو في «مسلم» برقم (5973)، سوى أحرفٍ يسيرة، والله أعلم.

[2] صحيح: راجع: «الصحيحة» برقم (803)، و«تحقيق المسند» (15/267)، والله أعلم.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
مكتبه السلطان – العودة للقراءة – كتب للقضاء علي الملل – روايات للمبتدئين في القراءة
{قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون …}