بداية فكرة التسجيل الصوتي للقرآن الكريم كاملا (المصحف المرتل)


بداية فكرة التسجيل الصوتي للقرآن الكريم كاملًا (المصحف المرتل)

 


وفيه مطلبان:

المطلب الأول: أول من قام بفكرة الجمع الصوتي للقرآن:

إن أول من قام بهذه الفكرة هو الدكتور النبيل/ لبيب السعيد رحمه الله تعالى، وندع المجال للدكتور/ لبيب السعيد رحمه الله، ليحدث بنفسه عن بداية مشروعه العملاق حيث يقول: وأعود إلى ما قبل إعلاني عن مشروع المصحف المرتل ببضع سنين لا أستطيع تحديدها بدقة، منذ يومئذ وأنا أحس أن جمعًا صوتيًّا بكل قراءاته المتواترة والمشهورة أمرٌ يجب أن ينهض به أهل هذا الزمان، وكنت أُتابع في المقارئ الكبرى بالقاهرة المتميزين من علماء القراءات، وكان يؤلمني أنه كان إذا مات منهم أستاذٌ حاذقٌ خَلَفَه أحيانًا مَنْ لا يَعدِله أستاذيةً وحذقًا، وضاعت على المسلمين إلى الأبد مواهب الميِّت؛ لأنها لم تُسجَّلْ.

 

ما كان أعظم شعوري بالخسارة الفادحة المستمرة على مدى الزمن في القرَّاء الذين يَموتون! ذلك أن إنتاجهم – بطبيعته – غير إنتاج غيرهم من أصحاب العلوم والفنون، فهؤلاء يستطيع الواحد منهم بفضل الكتابة أن يواصل بعد موته الحياة في إنتاجه، أما أصحاب التراث الصوتي، وفي مقدمتهم القُرَّاء، فكان تراثهم يَفنَى بفنائهم؛ لأن العلم لم يكن اهتدى بعدُ إلى طرائق تسجيل هذا التراث[1]. وحتى بعد الاهتداء، تأخر تسجيل المصحف أمدًا غير قصير[2].

 

وهذا الكلام النفيس ينبئ ظاهره لنا عن مكنون الرجل وحُسن طويته، وشغل عقله ونفسه وقلبه بهذا الأمر الجليل العظيم، ولا نتألَّى على الله في ذلك، ولكن كما قال الله تعالى في الإخبار عن إخوة يوسف عليه السلام: ﴿ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ﴾[يوسف: 81].

 

المطلب الثاني: العرض الأول لفكرة مشروع الجمع الصوتي للقرآن وبداية أولى الخطوات العملية:

في شهر شعبان من عام 1378هـ الموافق نهاية شهر فبراير، أو أوائل شهر مارس من عام 1959م اتَّخذ الدكتور لبيب السعيد أول الخطوات العملية لبداية مشروعه العملاق، فتقدم إلى مجلس إدارة الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم – والتي كان يترأس مجلس إدارتها وقتئذ – بمذكرة واقتراح، قال في مضمونه: اقتراح مقدَّم إلى مجلس إدارة الجمعية من رئيسها لبيب السعيد بشأن تسجيل القرآن الكريم صوتيًّا بكل رواياته المتواترة والمشهورة وغير الشاذة.

 

“كما تضمنت المذكرة حيثيات فكرته، وهي أنَّ أهم وسيلة لنقل القرآن الكريم عبر الدهور، كانت وما زالت روايته وتلقينه مباشرة ومشافهةً بين الشيخ المقرئ والتلميذ المتعلم، وهذا هو المعتمد عند علماء القراءة؛ لأنَّ في القراءة ما لا يُمكن إحكامه إلا عن طريق السماع والمشافهة”[3].


[1] نسبة هذه التسمية لكلام الله ولو كان مسجلًا مما ينبغي الترفع عنه إجلالًا لكلام الله تعالى؛ الباحث.

[2] الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم، لبيب السعيد (ص:101)؛ بتصرف يسير بتعديل بعض الألفاظ.

[3] للاستزادة يُنظر: مذكرات أحمد عبد الله طعيمة، وزير الأوقاف، الموسومة بـ”صراع السلطة”، ويُنظر: موقع الهيئة العالمية للقرآن الكريم.





Source link

Leave a comment

Share
الشعر نثرا
حديث الإصلاح (2)