«بعضٌ منّي» كتاب يتتبع الدبلوماسية الثقافية بعد مونديال قطر (2 – 3)
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مقالات
48
عبد الرحمن مظهر الهلوش
«بعضٌ منّي» كتاب يتتبع الدبلوماسية الثقافية بعد مونديال قطر (2 – 3)
يعتقد المؤلف أنَّ اعتبار الثقافة قوة ناعمة منذ عقود يسَّر لقوى عظمى امتلاك أدوات الجذب والاقناع بأنماط تفكيرها وعيشها أكثر ممّا وفرته لها القوة الصلبة التي اعتمدت على الآلة العسكرية. ويعلق الباحث السعودي الدكتور ماجد بن عبد العزيز التركي رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية، بقوله: «الثقافة كقوة ناعمة هذا أمر مهم جداً، هناك فرق أن نتحدث عن الثقافة التي نستخدمها في مسارات عملنا، أو الثقافة التي يستخدمها الخصوم في مسارات عملهم؛ في مناطقنا يعني تلقي الثقافة أو إصدار الثقافة، إصدار الثقافة هو قوة ناعمة، لخلق صورة ذهنية حقيقية عن المجتمعات وتصحيح صور ذهنية خاطئة عن المجتمعات». ويضيف في حديثه لصحيفة «الشرق»: «إنَّ القوى العظمى تستخدم القوة الناعمة بأدواتها المختلفة، سواءً الإعلامية أو التعليمية أو المعرفية كقوة، إمّا أن تكون سابقة أو موازية أو بديلة عن القوة العسكرية، وفي الغالب تكون مقدمات للدخول. فنلاحظ بأن المستعمرين الغربيين حتى بعد استقلال الدول بقيت قوة اللغة الأجنبية في قيادة المجتمعات كما في شمال افريقيا العربية، أو في الجنوب الافريقي قوة الحضور الفرنسي، وهذه القوة تفوق أحياناً القوة العسكرية، فهي أقل تكلفة وأعمق تأثيراً». أَمَّا المؤلف فيرى: «نحن كعرب مطالبون باستلهام التجارب الناجحة للقوة الناعمة، والمضي في تفعيلها».
رسائل حضارية
استفادت الشعوب عبر العصور من الاتصال ببعضها البعض وتبادل ثرواتها الرمزية، فقد ظلت الثقافة منبعاً لهذا الاتصال، وشهدت كل أمة تأثيراً متفاوتاً إثر اتصالها بأمم أخرى. حيث انّ الحروب الصليبية (1096-1291م)، لم تقف حائلاً بعد زوالها من اتصال الأوروبيين بالعرب.
ويستشهد المؤلف ببعض رواد الاستشراق الذين أكدوا أنّ نقطة التقائهم بالشرق الأقصى تبدأ من قلب العالم الذي تتوسطه أرض العرب التاريخية بصحاريها وهضابها وواحاتها وأنهارها وبحارها. وينقل المؤلف عن المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون (Gustav Le Bon) قوله: «لم يكد العرب يُتِمُّون فتح إسبانيا حتى بدأوا بالقيام برسالة الحضارة فيها؛ فاستطاعوا في أقلَّ من قرن أن يُحْيُوا مَيت الأرض، ويعمروا خرائب المدن، ويُقيموا فخم المباني، ثمَّ شرعوا بالتفرغ للعلوم والآداب، وترجمة كتب اليونان واللاتين، وإنشاء الجامعات التي ظلت وحدها ملجأً للثقافة في أوروبا زمناً طويلاً». وقد تمنى جوستاف لوبون لو أنَّ المسلمين كانوا قد استولوا على فرنسا؛ لتغدو باريس مثل قرطبة في إسبانيا المسلمة! وقال تعبيراً عن عظمة الحضارة العلمية في الإسلام: «إنَّ أوروبا مدينة للعرب (المسلمين) بحضارتها».
وبحسب د. الكواري، فإنَّ الحضارة العربية تأذت من حركة الاستشراق التي وثقت التراث العربي والإسلامي وحقَّقته، ويستشهد بمقولة للمفكّر الفلسطيني إدوارد سعيد (1935-2003م)، الذي اعتبر أنّ الغرب لا يرى نفسه غير «اليد العليا» التي لها فضل على العرب.
ومن جهته يقول الباحث ماجد التركي «حتى نكون منصفين لا بد أن نذكر بِأنَّ المستشرقين قاموا بأعمال جليلة بالنسبة للتراث العربي والإسلامي منها المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الذي أنجزه مجموعة من الباحثين المستشرقين عام 1936م، كما صدر للمستشرقين فيما يتصل بالحضارة العربية والإسلامية في القرن الماضي أكثر من 60 ألف مؤّلف. ويضيف، التركي: «إنَّ حركة الاستشراق هي جانب من جوانب الاهتمام الغربي بالمشرق العربي والإسلامي حيث يعتبر العالم العربي والإسلامي أحد الخصوم الرئيسيين للحضارة الغربية. والوعي بالخصم ودراسة كافة جوانبه تجعلك في جاهزية كبرى لمواجهة هذا الخصم».
ويستدرك التركي في حديثه: «ليس كل عمل المستشرقين إيجابيا. هناك جوانب إيجابية على الأقل في النواحي الشكلية، وفي النواحي الموضوعية لا يخلو من الدسائس؛ لا يخلو حتى من السرقات العلمية. أَمَّا بالنسبة للحضارة الإسلامية كان فيها الكثير من الدسائس والمظالم العلمية والتدليس وإبراز نقاط الضعف وإخفاء نقاط القوة، ونسبة بعض الابداعات الإسلامية سرقةً إلى منابتهم العلمية، والمستشرقون لم يكونوا مستقلين، بل كانت خلفهم حكومات ومنظمات ودول تعتبرهم مصادر معلومات لها».
مقالات ذات صلة
مساحة إعلانية