“بوابات الهلع”.. سرد شعري يصور محاكمة افتراضية للذات |
فاطمة حسين
دمشق – تقدم الكاتبة السورية ريم البياتي في إصدارها السادس “بوابات الهلع” عبر سرد شعري جلسة محاكمة مفترضة للإنسان بعد الموت دون إصدار الحكم الذي تركته مع نهاية النص معلّقا بفوهة بندقية مفتوحة على كل الاحتمالات.
وقالت البياتي خلال حديث معها “إن الكتاب بني على حلم لرجل غلبه النعاس لينام لحظات قليلة في أرض المعركة، ليدخله ذلك الحلم في ماورائيات المجهول ليرى ما يحكى وما نسمعه عن صور غيبية لما بعد الموت يسأل فيها الإنسان عما قام به من أفعال في الحياة الدنيا ليستحق الجنة أو النار وفق أعماله تلك”.
وتتابع الكاتبة “فكرة الكتاب خرجت من رحم الحرب على سوريا، وهو نتاج أربع سنوات يحمل رسائل عدة منها تسفيه الأفكار الخاطئة ونفي لأمور تعتبر كذبة تناقض العقل والفكر الإنساني، وكشف ذلك الإنسان الذي يلجأ لتبرير أفعاله الخاطئة وعنجهيته، وما يقوم به من آثام وشرور تحت مسميات زائفة عله يتعظ ويتوقف عنها بعد معركته الحقيقية وهي الصراع مع الذات”.
الكتاب، الذي صدر بالتعاون بين اتحاد الكتاب العرب في سوريا ودار “بنياد أفرا” في إيران، تم تصنيفه نصا دراميا له طابع الملحمة تعمدت الكاتبة تقسيم صفحاته الست والتسعين إلى 12 نشيدا بدلا من فصل أو مقطع كما هو متعارف عليه، لما للنشيد من وقع وحضور أقوى في ذاكرة التاريخ والأدب، وتوافقه مع مضمون النص وعنوانه لتوصيف عبور الشخص من مكان ودخوله مكانا آخر عبر بوابة الموت الذي لا يذهب إليه أحد بملء إرادته.
ووازنت البياتي بين بحور الشعر وشعر التفعيلة بلغة بصرية لافتة تأرجحت ما بين عمق الهدوء وغليان الحركة، مع استخدام ألفاظ قليلة التداول بعض الشيء تتسم بالصعوبة والقسوة للدلالة على مجريات الحدث وتفاصيله كما يجب لتوصيفها.
وترى البياتي أن الحرب بأفكارها ومفرزاتها جعلت الكثيرين يقومون بأفعال القتل والدمار والخراب ظنا منهم أنهم ذاهبون حتما إلى جنة الحوريات ونبع الحياة، متناسين أن ذلك مناف للإنسانية ويقف عائقا أمام تقدم المجتمعات وتطورها الفكري والحضاري لترمز إلى الشخص الخاضع للمحاكمة في كتابها بـ“الملقي” وهو الإنسان المنافق والتاجر الجشع ومن أشعل تلك الحروب فلفظته الأرض وألقته بعيدا، في حين شبهت البذرة النبيلة الحسنة والأمل بالبناء لمستقبل أفضل بـ“الوردان” أو الطفل ببراءته ونقائه من أجل حسن تربيته ونشأته ليكون البناء صالحا.
الأنثى عند البياتي تمثل نقطة البداية والنهاية، الأرض والرابط والأساس لكل شيء فجعلت مفردات نصها ومحوره وصوره على قيد الأنوثة وأعطت الأنثى حق محاكمة ذاك “الملقي” لأنها الخاسر الأكبر من تلك الحروب ويحق لها مقاضاة من أفقدها الأب والأخ والولد والزوج.
وتواظب البياتي على الكتابة منذ سن الثامنة حتى الآن، وترى نفسها ابنة الأرض لذلك تجهد في العمل بزراعة أرضها بالتوازي مع الكتابة والقراءة والاطلاع الدائم بتعمق على الأدب القديم أو الجديد لأن الثقافة عالم واسع لا بد للكاتب من خوض بحره.
وتشير البياتي إلى أن الكتاب حاليا قيد الترجمة والطباعة في أميركا مدعّما بشهادات كبار الكتاب والنقاد عليه، أمثال الأكاديمي محمد جاسم ونان حنا عبود وغيرهما.
يشار إلى أن الكاتبة ريم البياتي من قرية الصفصافة بريف طرطوس، من مواليد 1964 لها مشاركات عديدة، منها مشاركتان في تونس في مهرجان أيام قرطاج الشعرية بدورته الثانية عام 2019 ومهرجان “عليسة” للمبدعات العربيات عام 2022، ولها إضافة إلى “بوابات الهلع” خمسة إصدارات هي “لتلك الوجوه أصلي” الصادر عن اتحاد الكتاب العرب و“مزامير الوجع” الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب و”شوك السنابل” و“هذيان الحطب” الصادران عن دار نيرفانا بدمشق، إضافة إلى “للغرباء والمنفى” الصادر عن دار السرد الروائي في بغداد، لتشكل تلك الإصدارات الستة خلاصة كتاباتها جمعتها وبدأت بإصدارها منذ عشر سنوات.