تحميل كتاب الخطوط الفاصلة – يوميات القلب المفتوح pdf
في رحلة حياة لا يمكنك تحديد الخطوط الفاصلة في أي شيء، عندما تخطط للسفر من بلد إلى بلد ينتابك العديد من الأحاسيس المتباينة، ليس هناك خط فاصل يبين ما الذي عليك فعله، ما فعله الغيطاني في كتابه هذا هو أنه سود ما شعر به مريض قلب مفتوح، صور ما الذي فكر فيه ومر به قبل إجرائه لعملية توسيع في صمام في القلب.
امتلك من راحة البال وهدوء البيان ما جعله يخط مثل هذا الكتاب، الخطوط الفاصلة أي عنوان “يوميات القلب المفتوح” هو مفتوح فعلًا ولكن ليس بسبب العمليات والدواء وما شابه، لكنه قلب مفتوح على العالم، يستعيد نوستالجيا حياته في شرائط تمر أمامه وأمامنا في كتابه، هذا الكتاب يصف فيه الغيطاني بأدق التفاصيل شوقه لزوجته ولأولاده، وكيف مرت عليه الليالي الأولى دون أصدقاء المساء ورفقاء العمل، كيف انتابته وساوس عدم الرجوع وفشل العملية والانتهاء وتوقف القلب في دولة أبعد ما تكون عن الرفقة والونس.
بالصدفة يحدثك الغيطاني عن طبيب أسنان متميز كان يتعامل معه قبل السفر والحكايات تستدعي بعضها – طبيب الأسنان الشاب هذا وبالصدفة هو علاء الأسواني – وقام بخلع ضرس الغيطاني عام 1996 في وقت لم يكن أحد يسمع عن علاء الأسواني ولا عن يعقوبيان ولا عن عمارته.
يصف بلغة سهلة ممتنعة عن آلاف من كتبوا بالعربية – كيف شعر نحو نجيب محفوظ وباقي الأدباء – بلغة كتب بها من قبله الزمخشري وأبو حيان وابن مسكوية، لغة خط بها الشهرستاني من قبل وتحدث بها الماوردي وناجى بها ابن عربي ربه وعوقب بسببها ابن تيمية، اللغة التي جعلت من كتابه هذا كتابًا حيًا يصف فيه اضطرابات الإنسان الأديب كيف يحيا مأزقًا يتعرض له، كيف يشعر تجاه ربه، ويحكي عن استماعه لسورة “النجم” التي سمعها وكتبها قبل إجرائه للعملية مباشرة، وقد اختار عنوانًا لدفتر من دفاتر التدوين التي يكتبها مسلسلة من سورة النجم وهي “دنا فتدلى”.
ينتقل في جزء آخر فيحدثك عن رفضه للسفر أو تأخيره إياه لحاجته لإنهاء كتاب له يرى أنه مهم أن ينهيه قبل أي شيء وقبل أن يحدث أي شيء لا قدر الله، فأنهى كتابه الموسوعي الجميل – حكايات المؤسسة – والذي قد نعرض له هنا يومًا ما.
قد تنتهي حياته في رحلة مثل تلك الرحلة إلا أنه أصر أن تصاحبه كتبه الأثيرة إلى قلبه والكتب التي لم يكملها صحبته معها في رحلته تلك، كتب لأبي حيان التوحيدي مؤلفه الأثير وبعض العناوين التي شجعني وهو يحتمل أن تكون تلك آخر قراءاته أن أبدأ فيها وأنا خجل من نفسي لأني لم أقرأها حتى الآن.
لهذا الكتاب صنوان آخران أعرف أحدهما وهو أيام الحصر وهو كتاب سجل فيه ملاحظاته عندما أجرى عملية أخرى وسافر لإجرائها وقد نستعرضه هنا أيضًا، أما الكتاب الآخر الذي سمعت عنه دون أن أقرأه هو مقاربة الأبد وهي لمحات وقصص بخصوص ما مر به أثناء الرحلتين. وقام بجمع الكتب الثلاثة في كتاب واحد أسماه كتاب الألم وهو أدق ما يمكن أن يطلق على كتاب محتواه بهذا الشكل.
يكفي أنه لخص هذا العالم كله في بضعة أسطر حينما دلف لغرفة العمليات وانسابت أساريره وارتخى جسده وحلقت روحه حينها شعر أن لكل تلك الحياة معنى واحد فقط هو أن تحافظ عليها لأنها قد تنتزع منك في أقل من غمضة عين وأن تحيا حياة لا تندم عليها على الإطلاق.