تصنيف اللغات العربية في سياقيها اللغوي والجغرافي

تصنيف اللغات العربية في سياقيها اللغوي والجغرافي – دراسة وتحليل

إن الحديث عن “العربية الجنوبية“، و”العربية الشمالية“، و”العربية الشرقية“، و”العربية الغربية” يعكس تصنيفًا لغويًّا وجغرافيًّا للغات واللهجات التي كانت منتشرة في شبه الجزيرة العربية القديمة.

العربية الجنوبية:

تشير العربية الجنوبية إلى اللغات واللهجات التي كانت سائدة في جنوب شبه الجزيرة العربية، وخاصة في اليمن وعُمان، هذه اللغات تُعرف بـ”اللغات السامية الجنوبية”؛ مثل:

• السَّبئية.

• الحِمْيَرية.

• الْمَعِينية.

• القتبانية.

تتميز هذه اللغات بنقوشها القديمة (المسندية)، وبنظام كتابتها الخاص، كانت العربية الجنوبية متأثرة بالبيئة الزراعية والتجارية للمنطقة.

جنوب شبه الجزيرة العربية:

يقع جنوب شبه الجزيرة العربية في المناطق التي تشمل اليمن حاليًّا وأجزاء من سلطنة عمان.

الموقع الجغرافي:

يمتد موقعه الجغرافي جنوبًا حتى بحر العرب وخليج عدن، ويشمل المرتفعات الجبلية اليمنية، والهِضابَ العمانية.

العربية الشمالية:

تشير العربية الشمالية إلى اللهجات واللغات المنتشرة في شمال شبه الجزيرة العربية، وهي قريبة من اللغة العربية الفصحى، وهي تشمل الكثير من اللهجات، وأشهرها ما يأتي:

• الثمودية.

• الصفوية.

• اللحيانية.

هذه اللغات تمثِّل تطوُّرًا نحو العربية الفصحى التي نعرفها اليوم، النقوش الشمالية قامت بدور قويٍّ في دراسة اللغة العربية وتاريخها.

شمال شبه الجزيرة العربية:

يشمل شمال شبه الجزيرة المناطقَ التي تغطيها الآن الأردنُ، وشمال السعودية، والعراق، وأجزاء من سوريا.

الموقع الجغرافي:

يمتد شمال شبه الجزيرة شمالًا حتى بلاد الشام وبلاد الرافدين (المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات)، ويشمل صحراء النفود (النفود الكبير)، ومناطق جبال الشام الشرقية.

العربية الشرقية:

تشمل العربية الشرقية اللهجاتِ السائدة واللغات المنتشرة في شرق الجزيرة العربية؛ مثل: لهجات منطقة الخليج العربي، والنقوش المكتشفة في مناطق البحرين (دلمون)، والمناطق الساحلية.

تتميز هذه اللهجات بصلتها باللغات الآرامية واللغات الأكادية؛ من أجل العلاقات التجارِيَّة مع بلاد الرافدين.

شرق شبه الجزيرة العربية:

يقع شرق شبه الجزيرة العربية على طول ساحل الخليج العربي، ويشمل ما يعرف الآن بالبحرين، وقطر، والكويت، والمنطقة الشرقية من السعودية.

الموقع الجغرافي:

يمتد موقعه من الخليج العربي شرقًا إلى الهضاب الداخلية، ويشمل السواحل المطِلَّة على الخليج.

العربية الغربية:

تشير العربية الغربية إلى اللهجات المنتشرة في غرب شبه الجزيرة العربية؛ مثل: لهجات مكة والمدينة وما حولهما، هذه اللهجات باتت أساسًا لتطوُّر اللغة العربية الفصحى التي دُوِّن بها القرآن الكريم.

غرب شبه الجزيرة العربية:

يشمل غرب شبه الجزيرة العربية مِنْطَقةَ الحجاز الحالية، التي تضم مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأجزاءً من تِهامة.

الموقع الجغرافي:

يمتد موقعه غربًا حتى البحر الأحمر، ويشمل المناطق الساحلية والجبلية.

المناطق الخمسة الكبرى لشبه الجزيرة العربية:

شبه الجزيرة العربية تنقسم أساسًا إلى خمس مناطق كبرى؛ وهي اليمن، وتهامة، والحجاز، ونجد، والعَرُوض، ففيما يلي أقوم بشرح مختصر لها في سياق التصنيف الآتي لشبه الجزيرة العربية القديمة؛ وهي جنوب شبه الجزيرة العربية وشمالها، وشرقها وغربها.

اليمن (جنوب شبه الجزيرة العربية):

تقع اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية الذي يشمل مناطق المرتفعات الجنوبية والهضاب الداخلية، وصولًا إلى الساحل الجنوبي المطِلِّ على بحر العرب وخليج عدن.

تهامة (غرب شبه الجزيرة العربية):

تقع تهامة على طول الساحل الغربي لشبه الجزيرة العربية، وتُصنَّف ضمن غرب شبه الجزيرة العربية.

الحجاز (غرب شبه الجزيرة العربية):

يقع الحجاز شمال تِهامة، ويمتد إلى المرتفعات الجبلية التي تشمل مكة والمدينة والطائف، ويُصنَّف ضمن غرب شبه الجزيرة العربية.

نجد (وسط شبه الجزيرة العربية):

تقع نجد في وسط شبه الجزيرة، لكنها تُعتبر جزءًا من شمال شبه الجزيرة العربية إذا صنَّفناها قديمًا.

العَرُوض (شرق شبه الجزيرة العربية):

تقع العروض في شرق شبه الجزيرة العربية، وتشمل مناطق البحرين، والقطيف، والأحساء، وأجزاءً من الكويت الحالية، وتُصنَّف ضمن شرق شبه الجزيرة العربية.

مختتم المنشور:

تصنيف المناطق الخمس الكبرى لشبه الجزيرة العربية يعكس تنوعًا جغرافيًّا وحضاريًّا، فكل منطقة لها خصوصياتها التي أثرت في تطور اللغات، والتجارة، والثقافة، وكل ذلك مما جعل شبه الجزيرة العربية مركزًا حضاريًّا مهمًّا في العالم القديم.

هذه المنطقة دون أدنى شكٍّ أصبحت منطقة تداخل ثقافي؛ حيث التقت الثقافات واللغات، والنقوشُ المكتشفة في مناطقَ مختلفةٍ توضِّح التنوعَ اللغويَّ الهائل، وتُقدِّم أدلةً على تطور اللغة العربية من ناحية، و”العربيات” الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، فهي تسميات تصنيفية تعكس التنوع اللغوي في شبه الجزيرة العربية القديمة.

المغالطات وحلولها الأكاديمية:

المغالطات التي تُثار في تفسير هذه “العربيات” غالبًا ما تكون نتيجة عدم التمييز بين اللغات واللهجات السامية المختلفة، وبين اللغة العربية الفصحى؛ ومنها:

1- الخلط بين العربية واللهجات السامية القديمة.

2- الافتراض بأن العربية نشأت فجأةً.

3- إغفال التداخل الثقافي.

ينبغي للباحث المهتم بدراسة أحد جوانب فقه اللغة أو اللهجات، أن يختار موضوعًا يُبرز أصالة اللغة وعلاقتها بالتطور التاريخي والثقافي، أو يقوم بتحليل نصوص لغوية قديمة بأساليبَ حديثة؛ مثل: استخدام علم اللغة الحاسوبي، أو يُقارِن بين اللهجات العربية القديمة والحديثة؛ من أجل فَهمِ تأثير التحولات الزمنية، أو يدرس تأثير التداخل اللغوي بين العربية واللغات الأخرى على المستوى الدلالي والصوتي، أو يقدِّم رؤية جديدة لمسائل النحو والصرف في سياق النصوص الدينية والتاريخية.

مواطن تصلح للدراسة والابتكار العلمي:

أولًا: التطور الدلالي للألفاظ:

وفيه ما يأتي:

دراسة التحولات في معاني الألفاظ القرآنية أو الأدبية عبر الزمن.

تحليل أسباب توسع المعنى أو تقلصه بناءً على السياق الثقافي والاجتماعي.

ثانيًا:اللهجات العربية القديمة:

وفيه ما يأتي:

مقارنة بين اللهجات العربية الجنوبية والشمالية لفَهم التشابهات والاختلافات الصوتية والدلالية.

تتبُّع التأثيرات الجغرافية في تشكيل اللهجات.

ثالثًا: العلاقة بين فقه اللغة والنص القرآني:

وفيه ما يأتي:

البحث في “غريب القرآن” وكيفية تطور تفسيره تاريخيًّا.

دراسة تأثير السياق الثقافي واللغوي في فَهمِ النصوص القرآنية.

رابعًا: التداخل بين العربية واللغات السامية:

وفيه ما يأتي:

البحث في المشترك اللغوي بين العربية واللغات السامية الأخرى؛ كالآرامية والأكادية.

تحليل التأثيرات المتبادلة بين هذه اللغات.

خامسًا: الصوتيات وعلم الأصوات العربية:

وفيه ما يأتي:

دراسة التغيرات الصوتية بين العربية القديمة، والعربية الحديثة.

تحليل مخارج الحروف وأثرها في تمييز اللهجات.