تطبيق شرائع الإسلام صمام أمان للناس كافة
تطبيق شرائع الإسلام صمام أمان للناس كافة
إن نظام الإسلام العادل الرحيم، خير وبركة ورحمة للإنسانية في معاشها ومعادها، حتى حينما يأمر بإقامة الحدود على المجرمين الخارجين على نظامه؛ فهو أيضًا رحيم بالمجتمع؛ حيث إن للمجتمع حقوقًا يجب المحافظة عليها، ولأبناء المجتمع حرمة يجب مراعاتها، فالحدود التي شرعها الإسلام ما هي إلا محافظة على حقوق المجتمع، ومراعاة لحرمة أبنائه، سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين، فعندما يعتدى أحدٌ على حرمة الأبناء أو حقوق المجتمع؛ فيُعَاقب، ففي هذه حماية للمجتمع ولأبنائه.
قال تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، فالهدف من القصاص- أي إقامة الحدود- ليس الانتقام ولا إرواء الأحقاد، ولا الرغبة في سفك الدماء، وقطع الأيدي، وجز الأعناق، ولا أن تصير الأرض في المجتمع الإسلامي مجزرة رهيبة، كما يُصَوِّر ذلك دعاةُ العلمانية والشيوعيون والمُتَخَوِّفُون من تطبيق الشريعة الإسلامية.
فنقول لهؤلاء: إن الهدف من تطبيق شرائع الإسلام، ليس هو قطع الأيدي ولا جز الأعناق ولا رجم الزاني، بل هدف الإسلام أَجَلُّ وأسمى من هذا كله، إنه من أجل الحياة نفسها، من أجل تقديس الحرمات والحفاظ على الحقوق، وعدم الاعتداء على الآمنين.
فنقول لمَن يرفض شرائع الإسلام: “ماذا لو تُرِكَ المجتمع للفجار والعصاة يعيثون فيه فسادًا؟!
الجواب: أن الحياة ستصبح ميادين واسعة للفتك والغدر والقتل والسرقة والفجور، وتصبح الحياة كالغابة لا يأمن فيها أحدٌ على حال أو عرض أو حياة.
• أليس من العدل أن يُعَاقَب الجاني على جنايته؟ أيكون هذا العقاب العادل قسوة عليه؟ كيف؟ وهو الذي روَّع الآمنين، وسلبهم أموالهم وحياتهم، واعتدى على أعراضهم؟! فالرحمة في الإسلام تقتضي أن يُقْتَلَ القاتل، أو أن يُرْجَمَ الزاني المحصن، أو أن تُقْطَعَ يد السارق، إنها رحمة الإسلام التي لا تعدلها رحمة في أي تشريع آخر، فإقامة الحد ليس هدفًا في ذاته، وإنما هو من وسائل عديدة لتحقيق غاية نبيلة هي أمن المجتمع ورخاؤه.
ولو أُصِيبَ أحدٌ في يده بالأكلة، فقام الطبيب بقطعها، لقوبل بالشكر والإحسان؛ لأنه أنقذ باقي الجسد أن يصل إليه العطب، وهكذا حال السارق، فهو كسرطان يجري في جسد المجتمع، ويعيث فيه الفساد، ولو فصل هذا الجزء الفاسد لنجا الجسد.
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله – في كتابه “الدرة المختصرة في محاسن الدين الإسلامي ص 17”: “ما جاءت به الشريعة الإسلامية من الحدود وتنوُّعها بحسب الجرائم، وهذا لأن الجرائم والتعدي على حقوق الله وحقوق عباده، من أعظم الظلم الذي يخل بالنظام، ويختل به الدين والدنيا، فوضع الشارع للجرائم والتجرُّؤات حدودًا تردع عن مواقعتها، وتخفِّف من وطئتها من القتل، والقطع، والجلد، وأنواع التعزيرات.
وكلها فيها من المنافع والمصالح الخاصة والعامة، ما يعرف به العاقل حُسْنَ الشريعة، وأن الشرور لا يمكن أن تقاوم وتدفع دفعًا كاملًا إلا بالحدود الشرعية التي رتبها الشارع بحسب الجرائم قله وكثرة، وشدة وضعفًا”.