تفسير ابن أبي حاتم الرازي تحقيق سيد بيومي


تفسير ابن أبي حاتم الرازي تحقيق سيد بيومي

 

صدر حديثًا كتاب “تفسير القرآن العظيم”، لابن أبي حاتم الرازي، ضبط متنه واعتنى به وخرج آحاديثه وآثاره: الشيخ “أبو صهيب سيد بن بيومي”، في 15 مجلدًا، نشر: “دار اللؤلؤة للنشر والتوزيع”.

تفسير ابن أبي حاتم الرازي تحقيق سيد بيومي

 

وهو تفسير يستحوذ على أغلب الكتاب العزيز، حيث قد جمع أغلبه من مخطوطات، وهناك جزء مفقود يسير من التفسير لم يعثر عليه بعد، وتفسير الإمام العالم عبد الرحمن ابن أبي حاتم أبي محمد الرازي – رحمه الله -، وأبوه هو الإمام أبو حاتم الرازي صاحب كتاب “العلل”.

ويمتاز هذا التفسير عن غيره بعلو إسناده، فهو في طبقة الطبري أو قريبًا من الطبري، وهو تفسير أثري، يهتم بإيراد الآثار عن الصحابة والتابعين في تفسيره للآية، فضلًا عن كونه حوى كمًا من الأحاديث المرفوعة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

وقد اعترى التفسير طائفة من الروايات الإسرائيلية، وهي قليلة بالنسبة لحجم الكتاب، ويتميز التفسير بأن به روايات كثيرة لا توجد لدى غيره وبأسانيده، وانفرد بها، ويدل على هذا أنه من خلال جمع مروياته مثلًا من كتاب “الدر المنثور” للسيوطي نجد أن السيوطي يذكر الرواية ولم ينسبها إلى غير ابن أبى حاتم، وكذلك ابن كثير.

كما حفظ لنا هذا التفسير كثيرًا من التفاسير المفقودة مثل تفسير سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان وغيرهما.

ونجد إن معظم التفاسير تنقل عنه كثيرًا من الآثار والروايات التي أوردها، فهو مصدر أصيل معتمد لدى جمهور علماء التفسير في كل العصور بعده.

كما أنه أخرج التَّفسير المُسْنَد مجردًا عن الحروف والرِّوايات وتنزيل السُّور.

وتقصَّى في تفسير آي القرآن حتى لم يترك حرفًا من القرآن وجد له تفسيرًا إلَّا أخرج ذلك.

كما أخرج تفسير القرآن مختصرًا وحذف الطُّرق والشَّواهد.

 

ونلاحظ منهج ابن أبي حاتم من مقدمة كتابه حيث قال:

“تحريت إخراج التفسير بِأَصَحِّ الْأَخْبَارِ إِسْنَادًا وَأَشْبَهِهَا مَتْنًا، فَإِذَا وَجَدْتُ التفسير عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَذْكُرْ مَعَهُ أَحَدًا مِنَ الصِّحَابَةِ مِمَّنْ أَتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَإِذَا وَجَدْتُهُ عَنِ الصِّحَابَةِ فَإِنْ كانوا متفقين ذكرت أَعْلَاهُمْ دَرَجَةً بِأَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَسَمَّيْتُ مُوَافِقِيهِمْ بِحَذْفِ اْلِإْسَنادِ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ وَذَكَرْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِسْنَادًا، وَسَمَّيْتُ مُوَافِقِيهِمْ بَحَذْفِ الْإِسْنَادِ، فَإِنْ لَمْ أَجِدْ عَنِ الصِّحَابَةِ وَوَجَدْتُهُ عَنِ التَّابِعِينَ عَمِلْتُ فِيمَا أَجِدُ عَنْهُمْ مَا ذكرته من المثال في الصحابة”.

وقد أثنى الكثير من العلماء على هذا التفسير: قال الذهبي في “سير أعلام النبلاء” (13/ 264): “ولابن أبي حاتم تفسير كبير في عدة مجلدات عامته آثار مسندة من أحسن التفاسير”.

وقال الإمام الذَّهبي في “تاريخ الإسلام” (7/ 534): “قلَّ أن يُوجد مثلُّه”.

وقال ابن كثير في “البداية والنهاية” (15/ 113): “وله التفسير الحافل الذي اشتمل على النقل الكامل الذي يربو فيه على تفسير ابن جرير الطبري وغيره من المفسرين إلى زماننا”.

وقال الإمام ابن كثير في “طبقات الفقهاء الشَّافعيين” (1/ 255)، والعلَّامة ابن قاضي شهبة في “طبقات الشَّافعية” (1/ 79) عن ابن أبي حاتم: “صنَّف الكتب المهمة، كالتفسير الجليل المقدار”.

وقال الإمام الزَّرْكَشي في “البرهان في علوم القرآن” (2/ 159): “ثُمَّ إنَّ محمد بن جرير الطَّبري جمع على النَّاس أشتات التَّفاسير وقرَّب البعيد، وكذلك عبد الرَّحمن بن أبي حاتم الرَّازي”.

وللأسف لم يصلنا الكتاب تامًّا إلى الآن، فقد فُقِدَ منه جزءٌ كبيرٌ، فيه من أول تفسير الآية الثانية عشرة من سورة الرَّعد إلى آخر تفسير سورة الحجِّ، ومن أول تفسير سورة الرُّوم إلى آخر تفسير سورة النَّاس، إضافةً إلى تفسير أول (39) آية من سورة المائدة، وقد قام المحقق بجمع هذا المجموع المتناثر فيما وقف عليه من مخطوطات الكتاب؛ سواء الموجود في دار الكتب العلمية برقم 15 تفسير أو نسخة الظاهرية أو التركية بمكتبة أيا صوفيا، ومخطوطة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة رقم 50 تفسير، وقام بتنقيح هذا المجموع وبيان الفروق بين نسخ المخطوطات، ومراجعة الأسانيد وأسماء الرواة من خلال كتب الجرح والتعديل.

 

 

كما قام بالحكم على الأحاديث والآثار بما تستحقه صحة وضعفًا بعد جمع طرقها من خلال كتب التفسير المسندة وغيرها.

إلى جانب جمع الروايات المسندة عن ابن أبي حاتم في التفسير والتي لم تذكر في المخطوطات من عدة كتب؛ منها تفسير ابن كثير، وتغليق التغليق، وفتح الباري، وغيرهم.

مع تخريج الآثار غير المسندة التي أشار إليها خلال التفسير والحكم عليها.

مع تصليح التصحيفات والأخطاء التي وردت خلال دراسة النص.

كما بين الكاتب أنه اطلع على طبعات الكتاب السابقة كنسخة الباز، ورسائل الدكتوراه حول سور القرآن، وطبعة ابن الجوزي، ووجد بعض المؤاخذات حول هذه الطبعات حاول تلافيها وتنقيح غلطاتها في إخراجه لهذا التفسير في هذه الطبعة.

 

وصاحب التفسير هو أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران التّميمي الحَنْظَلي الرازي. (240 هـ – 327 هـ) الشهير بابن أبي حاتم. أبوه هو أبو حاتم الرازي الإمام المحدّث الحافظ. أما الرازي فهو نسبة إلى الري والزاي للنسبة كما في المروزي نسبة إلى مرو الشاهجان.

وُلد ابن أبي حاتم سنة أربعين ومائتين، ونشأ – بفضل الله تعالى – بين أهل العلم والرِّوايات، وتربَّى بالمذاكرة مع أبيه وأبي زُرْعَة الحافظَيْنِ الكبيرَيْنِ، وكانا يُعنيان به، فاجتمع له مع علوّ همته كثرةُ عنايتهما به، قال علي بن أحمد الخوارزمي: “عبد الرَّحمن بن أبي حاتم إمامٌ ابنُ إمامٍ، قد رُبِّي بين إمامَيْن: أبي حاتم، وأبي زُرْعة؛ إمامَي هُدًى”. وقال عن نفسه: “لم يدعني أبي أشتغل بالحديث حتى قرأتُ القرآن عن الفضل بن شاذان، ثم كتبتُ الحديث”.

ارتحل ابن أبي حاتم مع أبيه؛ فأدرك عُلُوَّ الإسناد وثقات الشُّيوخ بالحجاز والعراق والشَّام والثُّغور، فترعرع في ذلك، ثم كانت رحلته بنفسه بعد تمكن معرفته.

قال علي بن إبراهيم: “كان لعبد الرَّحمن ثلاث رحلاتٍ: رحلة مع أبيه في سنة حجَّ سنة خمسٍ أو ستٍّ وخمسين في رجوعه من الحجِّ، ثُمَّ حجَّ ثانية بنفسه مع مشايخ من أهل العلم من الرّي -محمد بن حماد الطهراني وغيره- في السِّتين ومائتين، والرِّحلة الثَّانية: بنفسه إلى مصر ونواحيها والشَّام ونواحيها في الثِّنتين والسِّتين، والرِّحلة الثَّالثة إلى أصبهان إلى يونس بن حَبِيب وأسيد بن عاصم وغيرهما سنة أربعٍ وستين”.

وشيوخه كثر منهم:

أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي.

أبو زرعة الرازي.

مسلم بن الحجاج.

أحمد بن أصرم.

يونس بن حبيب الأصبهاني.

أحمد بن منصور الرمادي.

وشهد له العلماء بعلو الفضل والثناء، قال مسلمة بن قاسم: “كان ثقةً، جليل القدر، عظيم الذِّكر، إمامًا من أئمة خراسان”.

وقال أبو الوليد الباجي: “عبد الرَّحمن بن أبي حاتم ثقةٌ حافظٌ”.

وقال الخليلي في “الإرشاد” (2/ 683): “كان بَحْرًا في العلوم ومعرفة الرِّجال والحديث الصَّحيح من السَّقيم، ويقال: إن السُّنَّة بالرّي خُتِمتْ به”.

وقال الرَّافعي في “التَّدوين في أخبار قزوين” (154/ 3): “من كبار الدُّنيا علمًا وورعًا”.

كان الإمام ابن أبي حاتم -رحمه الله تعالى- مُسَدَّدًا في التَّصنيف، وألف العديد من الكتب منها:

“تفسير القرآن العظيم”.

“تقدمة الجرح والتعديل”.

وكتابه “الجرح والتعديل” في معرفة الرِّجال.

“علل الحديث” في معرفة علل الرِّوايات.

“المراسيل”.

وكتابه “آداب الشافعي ومناقبه”.

“بيان خطأ البخاري” وهو كالتحقيق لكتاب “التاريخ الكبير” للإمام البخاريِّ، وفيه فوائد كثيرة.

وتُوفي الإمام ابن أبي حاتم إلى رحمة الله سنة سبعٍ وعشرين وثلاثمائة.





Source link

Leave a comment

Share
الكبير المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه
مكتبه السلطان – كتب صوتية للاطفال (مجانا )