تقرير مجلس المنافسة يخلص إلى رداءة وضعف جاذبية الكتاب المدرسي المغربي


بعد أن ظل محاطا بـ”سور من الصمت”، سلط مجلس المنافسة الضوء على الاختلالات التي يتخبط فيها سوق الكتاب المدرسي بالمغرب، حيث نبّه إلى أن النموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه هذه السوق “يأتي بنتائج عكسية، حيث يرتكز العرض والطلب المدعومان على نحو مصطنع من الأموال العمومية وشبه العمومية”.

وخلص مجلس المنافسة في رأي حول “سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي”، تم إعداده بعد الاستماع إلى القطاعات الحكومية المعنية وأكاديميات جهوية للتربية والتكوين وناشرين وجمعيات لحماية المستهلك، إلى أن النموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه صناعة الكتاب المدرسي بالمغرب “لا يتماشى مطلقا مع الواقع الاقتصادي للسوق”.

ومن الخلاصات الرئيسية التي جاءت في رأي مجلس المنافسة التأثير السلبي للإنتاج الضخم من الكتب المدرسية على الموارد وعلى الطاقة في المملكة، حيث يتم إنتاج ما بين 25 و30 مليون نسخة من الكراسات مبرمجة ومخصصة “لاستخدامها لمرة واحدة فقط”.

الرقم المذكور، وفق المعطيات التي قدمها مجلس المنافسة، يعني أن معدل الاستهلاك من الكتب لكل تلميذ يصل في المتوسط إلى 3 أو 4 كتب في السنة، معتبرا أن هذا الإنتاج الضخم من الكتب المدرسية يتسبب في “إهدار هائل للموارد والمواد والطاقة لبلادنا”.

وبالرغم من أن المغرب سجل خطوات متقدمة في المجال الرقمي، فإن إنتاج الكتاب المدرسي في المغرب لا يزال “تقليديا”، حيث أشار مجلس المنافسة إلى أن هذا الإنتاج ما زالت تطغى عليه الكراسة الورقية، دون أن تكون مشمولة بالأدوات المساعدة على غرار الأقراص المضغوطة وأجهزة (USB) وغيرها؛ كما لا توجد كراسة مدرسية في السوق مجهـزة بدعامة رقمية تكميلية، خلافا لبلدان أخرى حيث ترفق مجموعة من الوسائط الرقمية بالكراسة.

وتعاني سوق إنتاج الكتاب المدرسي في المغرب من هيمنة واضحة لمجموعة صغيرة من الفاعلين في قطاع النشر منذ أزيد من عشرين سنة، ذلك أن خمس مجموعات للناشرين فقط تتحكم في 63 في المائة من هذه السوق، مع تركيز جغرافي في محوري الدار البيضاء والرباط.

وبالرغم من التطور الكمي الذي سجله الكتاب المدرسي، فإن مجلس المنافسة انتقد إنجاز هذا التطور على حساب جودة شكل ومحتوى الكتاب، واعتبر أن هذه الممارسة جعلت من الكتاب المدرسي “منتوجا تجاريا بسيطا حيث تفوق اعتبارات تكلفة الإنتاج بكثير الاعتبارات المتعلقة بالمحتوى”، مشيرا إلى أن حقوق المؤلف التي تكافئ الإنتاج الفكري لمحتوى هذه الكتب لا تتجاوز 8 في المائة من سعر الكتاب المدرسي”.

وابرز مجلس المنافسة أن أسعار الكتب تم الإبقاء عليها منخفضة “بشكل مصطنع وعلى حساب جودتها المادية ومحتوياتها”، مشيرا إلى “الجودة الرديئة للورق بوزن مقلص بشكل متزايد، متسببا في تحمّل تكاليف الصفحات ورسوم توضيحية لا ترقى إلى المعايير”.

“رداءة” الكتاب المدرسي لا تُفضي إلى تحمّل تكاليف مادية فقط، بل تؤثر سلبا على جودة التعلمات وعلى علاقة التلاميذ بالكتاب، حيث ذكر مجلس المنافسة أن الكتب المدرسية “أضحت أقل جاذبية بالنسبة للتلاميذ، بل بات بعضهم يشمئز منها، مما يحرمهم بالتالي من التعلمات الأساسية التي يفترض أن توفرها هذه الكتب”.



Source link

أترك تعليقا
مشاركة
شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) الدرس الثاني
خشية الملائكة (خطبة)