تكفير الشيعة الإمامية أصحاب رسول الله إلا نفرا يسيرا
ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع
الخامس: تكفير الشيعة الإمامية أصحاب رسول الله إلا نفرا يسيرا
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
المقدمة:
إن الصحابة الكِرام هم حَمَلَةُ رسالة الإسلام ونَقَلَتُه الأوائل، وقد اختارهم الله لصحبة نبيِّه، ونقل علمه، وأمانة دعوته إلى البشرية؛ ولذا، فإن حبَّ الصحابة وتقديرهم واجبٌ على كل مسلم، وهو جزء من عقيدة أهل السنة والجماعة، الذين يَرَون في سبِّ الصحابة والانتقاص منهم ضربًا من الزندقة، وخروجًا عن الإسلام، في المقابل، نجد أن الشيعة الإمامية الجعفرية تتبنَّى عقيدة كراهية الصحابة، وتعتبرهم مرتدِّين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ما عدا قلة قليلة، وفي هذا المقال، نعرض عقيدة أهل الإسلام في الصحابة الكرام، وموقفهم الراسخ في الدفاع عنهم، ونستعرض الأدلة والشواهد من مصادر الشيعة الإمامية التي تبيِّن ضلالهم في هذا الباب.
في هذا المقال، نواصل رحلتنا مع كتاب “لماذا لم أتشيع؟” لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب، الأستاذ بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، كلية التربية، جامعة المنصورة، مصر، الذي قدَّم من خلاله دراسة دقيقة لعقائد الشيعة الإمامية، بعد أن تناول الشيخ حفظه الله عدة انحرافات عقدية في باب توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية، فضلًا عن عقيدتهم في الأنبياء والرسل، والملائكة، وتحريف القرآن، ينتقل بنا الشيخ حفظه الله في هذا الفصل إلى مسألة في غاية الخطورة؛ وهي: موقف الشيعة الإمامية من الصحابة الكرام.
هذه المواقف العدائِيَّة تجاه الصحابة الكرام، كما سيأتي معنا إن شاء الله، ليست مجرد آراء متفرقة، بل هي أساس عقيدتهم، مما يجعلها تُصادِم ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية؛ وكما أخرج الترمذي في جامعه (2167) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لا يجمع أُمَّتي أو قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ إلى النار))، فالطعن في الصحابة هو طعنٌ في الأمة كلِّها، وهو تشكيك في صحة النقل الصحيح للإسلام عبر صحابة وتلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم، الذين نقلوا القرآن والسُّنَّة.
ومن المثير للدهشة أن بعض المسلمين ينخدعون بمثل هذه المعتقدات، ويتعاطفون مع الشيعة في مواقفهم السياسية، ويعتبرون قتلاهم شهداءَ، على الرغم من وضوح فساد معتقداتهم، وإن التحذير من هذه الانحرافات واجب شرعيٌّ، فالتقارب معهم يعني الانسياق وراء عقيدة تتناقض مع أساسات الإسلام، نسأل الله أن يثبِّتنا على الحق، وأن يردَّ ضالَّ الأمة إلى سواء السبيل، إنه سميع مجيب.
قال المصنف حفظه الله: يعتقد أهل الإسلام فضلَ الصحابة الكرام، وشرفهم، وحسن سيرتهم، وبذلَهم للإسلام، وجهادهم في سبيل الله، ونقلهم عِلْمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كافة أهل الأرض… ولذا فإن أهل الإسلام يُوالون الصحابة، ويُحِبُّونهم، وينتصرون لهم، ويُبغضون من همزِهم، ويَرَون سبَّهم والانتقاص منهم زندقةً في الدين، وخروجًا عن سبيل النبي الأمين ومنهج الاستقامة عند أهل الدين؛ إذ الطعن فيهم طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن في الإسلام، ويرى أهل الإسلام أن أفضل الصحابة مقامًا وأعلاهم درجة هم من نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على فضلهم وذكر بالاسم مناقبَهم، لا سيما الخلفاء من بعده، ثم يأتي من بعدهم المبشَّرون بالجنة وأزواجه، ثم يأتي السابقون بالهجرة، ثم السابقون بالنصرة، وهكذا.
أما الشيعة الإمامية الجعفرية، فإن دينهم واعتقادهم في الصحابة اعتقادُ الكارِهِ الحقود، الذي يُبطِن غِلًّا وغيظًا وكُرهًا للإسلام وأهله، مُتستِّرين وراء دعوى حبِّ عليٍّ رضي الله عنه وآل بيته الكِرام، فهؤلاء الإمامية يعتقدون أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ارتدُّوا عن الدين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا النذر اليسير؛ فمن قائل إلا ثلاثة، ومن قائل إلا خمسة، ومن قائل إلا سبعة… ويعتقدون بكفر الخلفاء الثلاثة رضوان الله عليهم، ويتقربون إلى الله بلعنهم، كما يعتقدون بكفر عائشة وحفصة رضي الله عنهما، ويعتقدون بكفر جُلِّ الصحابة، وهذا طرف من أدلتهم، وهو نقطة في بحر لُجِّيٍّ مما قالوه، وسنذكر بعض أقوالهم النجسة عن الأطهار الأبرار:
قال المفيد: عن عمرو بن ثابت قال: سمعت أبا عبدالله يقول: “إن النبي لما قُبِض، ارتدَّ الناس على أعقابهم كفارًا إلا ثلاثة: سلمان، والمقداد، وأبا ذر الغفاري”[1].
وهذا دعاء صَنَمَي قريش – يقصدون أبا بكر وعمر[2] – وهذا الدعاء له شروحات عندهم، وله فضل كبير عندهم لمن قاله، كما جاء ذلك في “بحار الأنوار”: “هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة، ورواه عبدالله بن عباس عن عليٍّ أنه كان يقنُت به، وقال: إن الداعي به كالرامي مع النبي في بدر وأُحُد وحُنينٍ بألف ألف سهم، والدعاء: اللهم العن صَنَمَي قريشٍ وجِبْتَيها، وطاغوتيها وإفكيها، وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك، وجحدا إنعامك، وعَصَيا رسولك، وقلبا دينك، وحرَّفا كتابك، وعطَّلا أحكامك، وأبطلا فرائضك، وألحدا في آياتك، وعاديا أولياءك، وواليا أعداءك، وخربا بلادك، وأفسدا عبادك، اللهم العنهما وأنصارهما، فقد أخربا بيت النبوة، ورَدَما بابه، ونقضا سقفه، وألحقا سماءه بأرضه، وعالیَه بسافله، وظاهره بباطنه، واستأصلا أهله، وأبادا أنصاره”[3].
يكفِّرون أمَّ المؤمنين عائشةَ، وأم المؤمنين حفصة، ويرمون أم المؤمنين عائشة بالزنا؛ كما ورد ذلك في “بحار الأنوار” في تفسير قوله تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التحريم: 10]؛ قال المجلسي: “ولا يخفى على الناقد البصير والفَطِنِ الخبير ما في تلك الآيات من التعريض، بل التصريح بنفاقِ عائشة وحفصة وكفرهما”[4]، ونقل المجلسي تفسير عليِّ بن إبراهيم لهذه الآيات؛ حيث قال: “والله ما عنى بقوله: ﴿ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التحريم: 10] إلا الفاحشة، وليقيمن الحدَّ على فلانة[5] فيما أتت في طريق البصرة، وكان فلان[6] يُحِبُّها، فلما أرادت أن تخرج إلى البصرة، قال لها فلان: لا يحل لكِ أن تخرجين من غير مَحْرَمٍ، فزوَّجت نفسها من فلان”[7].
لقد ظهر جليًّا أن هؤلاء الشيعة الإمامية يكرهون لا أقول الصحابة، وإنما يكرهون الإسلام، وإلا فمن الذي نشر الإسلام في الشام والعراق، ومصر وبلاد فارس؟ ومن الذي نقل علم النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة؟ ثم إن الصحابة تلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم، والطعن في التلاميذ طعن في الأستاذ، وما ذكرت دليلٌ على أن دين الشيعة الرافضة ليس هو دين أهل الإسلام، فانتبه.
خاتمة:
في ختام هذا الفصل من هذا الكتاب المبارك (لماذا لم أتشيع؟) لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب حفظه الله، يتبين لنا بوضوح الفارقُ الجوهريُّ بين عقيدة أهل السنة والجماعة التي تقوم على محبة وتقدير الصحابة الكرام، وبين عقيدة الشيعة الإمامية التي تتبنَّى الطعن فيهم والكفر بهم، إن الطعن في الصحابة ليس مجرد إساءة إلى أشخاصهم، بل هو طعن في الرسالة النبوية والإسلام نفسه، فالصحابة هم الذين نقلوا لنا القرآن والسنة.
إن دفاعنا عن الصحابة هو دفاع عن الإسلام نفسه، وعن المصدر الذي وصلنا من خلاله؛ لذلك، علينا أن نتنبَّه إلى هذه العقيدة الضالة التي تهدف إلى تقويض أسس الدين الإسلامي.
نصل في هذا التَّطواف في المرة القادمة إن شاء الله إلى فصل من أخطر وأهم الفصول في رحلتنا المباركة؛ ألَا وهو اعتقاد الشيعة الإمامية في التَّقِيَّة؛ هذا المعتقد يُعَدُّ ركنًا أساسيًّا في عقيدتهم، وينظر إليه على أنه تسعة أعشار الدين عندهم، كما يَرْوُون عن أئمتهم، نسأل الله أن يثبتنا على الحق، وأن يحفظ علينا ديننا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] المفيد، أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان (ت: 413ه): “الاختصاص” (ص: 18)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان، ط١، 1430هـ = 2009م.
[2] وجاء التصريح بأنهم يقصدون بصنمي قريش أبا بكر وعمر، انظر للمجلسي: “بحار الأنوار” (52/ 473).
[3] المجلسي: “بحار الأنوار” (82/ 413، 414).
[4] المجلسي: “بحار الأنوار” (22/ 403)، عائشة بنت أبي بكر الصديق.
[5] ويقصد الخبيث بفلانة: الطاهرة النقية التقية الصديقة “عائشة بنت أبي بكر الصديق” رضي الله عنها وعن أبيها.
[6] ويقصد الخبيث بفلان: طلحة بن عبيدالله، وهذا كله كلام لا برهان على صحته، بل إنه مخالف لشرع أهل الإسلام؛ إذ لا يحل في الشرع أن ينكح الرجل أمَّه، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم هن أمهات المؤمنين، وهذا كله كلام، مرسَل كذب، فظهر سقوط هذا القول ولا بأس؛ فإن الشيعة الإمامية أهل كذب، وافتراء، وزندقة، وادعاء.
[7] المجلسي: “بحار الأنوار” (22/ 407)، باب: أحوال عائشة وحفصة.