تنظيم النقاش بين المتعلمين في إطار التعليم التعاوني
تنظيم النقاش بين المتعلمين في إطار التعليم التعاوني
يعتبر التعلُّم التعاوني طريقةً تربوية يتم من خلالها تكوينُ مجموعاتٍ من المتعلِّمين تعمل على تحقيق هدفٍ تعليميٍّ تعلُّميٍّ مُعيَّن ومشترك، من خلال التفاعل وتعلم بعضهم من بعض، مما يساعدهم على تطوير وتنمية مهارات الاتصال والتواصل، وحل المشكلات والتفكير النقدي.
وهذه المناقشة التي تتم في إطار التعلم التعاوني داخل الفصول الدراسية ينبغي أن تكون محاطة بقواعدَ حتى تكون منظَّمة، وحتى يكون التعلم التعاونيُّ فعَّالًا ومُجديًا، وإلا فإن القدرات والمهارات المعرفية والاجتماعية المستهدفة بالتطوير والتنمية لن تتحقق، لا بالطريقة المطلوبة، ولا بالنسبة المرجوَّة.
وعليه؛ فنحن في حاجة إلى نقاط أساسية ينبغي أخذها بعين الاعتبار من أجل أن يكون هذا النوع من المناقشة فعَّالًا ومُجديًا ومُثمرًا؛ وهذه بعضها:
1- يجب أن يتحدث متعلِّمٌ واحد، بينما يستمع الآخرون؛ لهذا السبب ينبغي تجنب انخراط بعضهم في محادثات ثنائية أو جانبية خلال ذلك.
في نفس الوقت من الضروري إشراك الجميع، في المدرسة الابتدائية أو الإعدادية يمكن استعمال “كرة المتحدث “la balle de parole بحيث تُدحرَج على الأرض، فإذا كانت الكرة أمامك فأنت المتحدِّث، وإلا فأنت مستمع، ومثل هذه التقنيات لمثل هذه الوضعيات كثيرة.
الالتزام بهذه النقطة تجعل المتعلم نشطًا في الاستماع، وليس في التحدث فقط.
2- من المفترض أن يتجنَّب المتعلمون عادةَ التحدث المستمر مع المدرس بدلًا من زملائهم؛ لأنها في الحقيقة من السلوكيات المعوِّقة للتعلُّم.
قد يكون من الصعب كسر هذه العادة المتأصِّلة لدى المتعلمين، ومع ذلك فمن المهم القيام بذلك؛ لأن التعلم التعاونيَّ ينبني على التواصل المباشر بين المتعلمين، وتقدير وجهات نظر الآخرين.
3- تذكير المتعلمين بضرورة إعطاء فرصة للآخرين للتحدث، نعم يمكن أن يكون المتحدث الثَّرثارُ مفيدًا في المراحل الأولى للحصة، لكن ينبغي ألَّا يُسمح له بالاستحواذ على النقاش؛ لأنه في حال إذا ما سيطرت مجموعة صغيرة من المتعلمين على الفصل، فَسَيَحْرِمُ ذلك المتعلمين الآخَرين من فرص التعلم.
4- لا يُسمح للمتعلمين برفع أيديهم أثناء تناول زميل لهم للحديث؛ لأن هذا يعني أن المتعلم الرافع ليده يفكر فيما يريد قوله، ولا يستمع بنشاط للآخرين، وهذا قد يسبِّب نوعًا من الإزعاج للمتحدث الحالي، يمكن اعتماد تقنية معينة يشير بها المتحدث إلى أنه أنهى كلامه، كأن يرفع يده عن “كرة المتحدث” مثلًا.
5- النقاش ليس سلسلةً من العبارات والمداخلات غير المترابطة فيما بينها، النقاش ليس مجرد تبادل للآراء، بمعنى أنه يُستحسن أن يكون هناك تقدُّمٌ محرز وملموس في هذا النقاش؛ لأن هذه المناقشة ليست مجرد مسألة إبداء الرأي، بغض النظر عن صلته بالآراء الأخرى المطروحة خلال هذا النقاش، يتوجب تدريب المتعلمين على الاستفادة في بناء أفكارهم من الأفكار الأخرى.
6- أي مناقشة جوهرية من المرجَّح أن تعطي الفرصة لإبراز آراءٍ وأفكار مختلفة أو متناقضة، ومع ذلك فهناك فرق بين التعبير عن اختلافك في الرأي مع ما قاله متعلم ما، والهجوم عليه، طريقة سهلة يمكن اعتمادها مع المتعلمين لتوضيح هذه النقطة؛ وهي تجنب الإهانات كيفما كانت.
7- المناقشة استقصاء واستكشاف للأفكار قصد البحث عن الحقيقة والمعنى، فالنقاش في نهاية المطاف شكلٌ تعاونيٌّ لا يهدف بتاتًا إلى أن يكون هناك فائز وخاسر في النقاش والجدال؛ وعليه ينبغي تدريب المتعلم على أن يكون مستعدًّا لتغيير رأيه على أساس العقل والدليل.
ومما سبق، فمن الضروري أن تكون عند المتعلمين قواعدُ للمناقشة، بغض النظر عن طريقة تقديمها والتعاقد عليها؛ هذه مجموعة بسيطة من هذه القواعد:
1- متعلم واحد فقط يتحدث في وقت واحد.
2- انتبهوا للمتعلم الذي يتحدث.
3- تحدثوا مع المتعلمين الآخرين بدل توجيه الحديث للمدرس.
4- امنحوا فرصة التحدث للآخرين.
5- ابْنِ أفكارَك على أفكار غيرك.
6- الإهانات ممنوعة.
وختامًا، فهناك طرائق عملية عديدة تجعل النقاش فعَّالًا بنَّاءً على هذه القواعد؛ منها:
1- جَعْلُ هذه القواعد مرئية من خلال عرضها في ملصقات في ركن من أركان الفصل الدراسي.
2- التدخُّل المباشر للمدرس عند وجود انحرافات وتجاوزات في النقاش.
3- يمكن تكليف بعض المتعلمين بتسيير النقاش، وهذا له طرق عدة؛ منها أنه يمكن تكليف متعلم متعثِّر من أجل أن يشعر أنه مشارك وليس مجرد متفرج، تكليفه بتوجيه النقاش من خلال بطاقة تُعطى له يُكتب عليها: “شخص واحد يتحدث”، يرفعها في حال حدوث انتهاك لهذه القاعدة.