ثورة الإبداع.. في «كتاب» الرياض


أصبح كلُّ من معرضي كتاب الرياض وجدة يمثلان مهرجانين للقراءة، واحتفالية دولية بالإبداع والإنتاج الفكري والأدبي، ومكانين تلتقي فيهما بالمبدعين والمفكرين الكبار؛ الأسماء التي تقرأ لها وتتابعها، كذلك تدفقت طاقة الإبداع لدى الشباب والكتاب والمفكرين الكبار.

منذ بدأ الإعلان عن موعد معرض كتاب الرياض، وكل وسائل التواصل الاجتماعي حفلت بالجديد المثير، والمحفز للاقتناء والقراءة، والذي بلغ كماله وتمامه، وسيزهو ويتألق اسم كاتبه على أرفف إحدى دور النشر في معرض الكتاب، أو منصة المؤلف التي استحدثها معرض كتاب الرياض في إحدى دوراته، وأصبحت سنة تتبعها معارض الكتب في مدن ومناطق المملكة.

في 2022م، دعمتني هذه الخدمة الراقية -منصة المؤلف- التي تقدمها وزارة الثقافة للكتاب والمبدعين، الذي يطبعون كتبهم بعيداً عن دور النشر، لا زلت أتذكر تلك المعاملة الراقية في التعامل مع الكاتب خلال استلام الكتب، وعرضها وبيعها، تعامل يؤكد تقدير الوطن للمبدعين والكتاب بمختلف فئاتهم وأطيافهم.

للكاتب العميق والمبدع دور كبير في صياغة وتشكيل وجدان القارئ، لا أحد يدّعي أنه أنتج أدباً أو فكراً من بنات أفكاره، كما ادّعى أحدهم وهو يستجدي الفتيات لاقتناء كتبه ونشرها أيضاً!.

فقد ساهم كبار الكتاب محليين وعرب وغربيين في صياغة وتشكيل وجداننا. لكن كم من الكتاب المبتدئين والحالمين بمنصة التوقيع في معارض الكتب، ورؤية أسمائهم على أغلفة الكتب، يدركون أهمية القراءة العميقة والمتنوعة؟.

مَن منَّا سواء كان كاتباً أو أديباً يعلم وهو يخط أفكاره، همومه ورؤاه على الورق، أو جهاز الحاسوب، أن ما يخطه سيكون له فعل أصابع فنان، يصيغ أجمل ما يملكه الإنسان؛ وجدانه؟.

لذلك يتريث الكاتب الكبير قبل أن يصدر كتابه، يعرف قيمة ما يكتب وأثره وتأثيره على القارئ، الذي أصبح مدمناً قراءته ويتلقف كتبه، بل يسعى للبحث عنها. القارئ الجيد يستطيع التفرقة بين الغث والسمين، يستطيع معرفة الكاتب المبدع والكتاب الجيد.

ما من أديب أو كاتب يتهافت الناس على كتبه، ويمثل اسمه علامة فارقة في المشهد الإبداعي والثقافي، إلا وهو قد قرأ ما لا يحصى من الكتب، وربما بأكثر من لغة.

الأدب شعراً ونثراً ساهم في صياغة وتشكيل وجدان الأجيال التي أثرت المكتبة العربية، كذلك جيلنا تشكل وجدانه بالأدب والأدباء من كل الأجيال والحضارات؛ المنفلوطي، جبران، ابن رشد، نجيب محفوظ، نزار قباني، إحسان عبدالقدوس، المتنبي، وغيرهم.

كنت مرة في ندوة أدبية بها جمع من الأديبات، واكتشفنا أن معظمنا قرأ للمنفلوطي وجبران، ليس هذا فقط، اكتشفنا أن بناتنا أيضاً قرأن لهما.

فالقراءة المتنوعة والعميقة والغزيرة هي التي تُحدث هذا الأثر؛ الصياغة والتشكيل.

قراءة قصيدة أو كتاب، أو القراءة اليومية للصحف وحدها لن يكون لها أثر في صياغة وتشكيل الوجدان.

يقولون: إن الجاحظ كان مولعاً بالقراءة صبياً، وكان ينام في دكاكين الوراقين ليلاً، هل كان سيؤلف ما يقرب عن المائة والخمسين كتاباً لو لم يقرأ أضعاف هذا العدد؟.

كل ما ينتجه الفكر ويبدعه العقل يساهم بشكل عام في صياغة وتشكيل وجدان القارئ، والكتاب الجيد يصل إلى قارئه دون جهد، لكن كثرة الكتب والأعمال الروائية، والدواوين الضعيفة، تسيء إلى الإنتاج الأدبي والفكري، حتى الجوائز التي تمنح مجاملة، أو لاعتبارات أخرى، تضعف قيمة الأعمال المماثلة.

إذا تكلمنا عن الكاتب لا بد من الإشارة إلى دور النشر، التي لها دور مهم، لكن بعضها اتخذ من النشر تجارة، وليس صناعة تصنع الكاتب، بل تطبع وتنشر لمن يدفع، ثم تميت الكتاب في مخازنها.. والله أعلم!.



Source link

أترك تعليقا
مشاركة
منهج القرآن والسنة في التشويق إلى الجنة (خطبة)
ابني خجول ماذا أعمل؟