جرائم اليهود في المسجد الأقصى


جرائم اليهود في المسجد الأقصى

الحمد لله، الذي وسِعَ كل شيء رحمةً وعلمـًا، وأسبغ على عباده نِعَمـًا لا تُعَدُّ ولا تُحصى، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:

فالمسجد الأقصى الشريف هو أحد المساجد الثلاثة التي لها مكانة عالية في الإسلام، وأقول وبالله سبحانه وتعالى التوفيق:

وقت بناء المسجد الأقصى:

روى مسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: ((قلت: يا رسول الله، أي مسجد وُضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنةً))؛ [مسلم، حديث: 520].

 

اسم الأقصى:

قال الإمام النووي رحمه الله: “سُمِّيَ الأقصى لبُعده من المسجد الحرام بمكة”؛ [صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 9، ص: 168].

 

ويُطلَق على المسجد الأقصى اسم بيت المقدس، وهو الاسم الشائع بعد فتح المسلمين لمدينة القدس، وسُمِّيَ بيت المقدس؛ لأنه قدُس؛ أي: طهُر من الشرك، وأصله من القدس؛ وهي الطهارة والبركة؛ [فضائل الشام والمسجد الأقصى، هشام العارف، ص: 26].

 

الأرض المقدسة هي الأقصى:

قال الله تعالى: ﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾ [الفاتحة: 21].

 

قوله: (المقدسة): أي: المطهَّرة المباركة؛ [تفسير الطبري، ج: 8، ص: 285].

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “الأرض المقدسة هي بيت المقدس”؛ [تفسير ابن كثير، ج: 1، ص: 417، ج: 5، ص: 148].

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “قال تعالى مخبرًا عن تحريض موسى عليه السلام، لبني إسرائيل على الجهاد والدخول إلى بيت المقدس، الذي كان بأيديهم في زمان أبيهم يعقوب، لما ارتحل هو وبنوه وأهله إلى بلاد مصر أيامَ يوسفَ عليه السلام، ثم لم يزالوا بها حتى خرجوا مع موسى عليه السلام، فوجدوا فيها قومًا من العمالقة الجبارين، قد استحوذوا عليها وتملَّكوها، فأمرهم رسول الله موسى عليه السلام بالدخول إليها، وبقتال أعدائهم، وبشَّرهم بالنُّصرة والظَّفَر عليهم، فَنَكَلُوا وعصَوا وخالفوا أمره، فعُوقبوا بالذهاب في التِّيه والتمادي في سيرهم حائرين، لا يدرون كيف يتوجهون فيه إلى مقصد، مدةَ أربعين سنةً؛ عقوبةً لهم على تفريطهم في أمر الله تعالى”؛ [تفسير ابن كثير، ج: 5، ص: 148].

 

حرص زوجة عمران على خدمة الأقصى:

قال تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [آل عمران: 35].

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “﴿ مُحَرَّرًا ﴾؛ أي: خالصًا مفرغًا للعبادة، ولخدمة بيت المقدس”؛ [تفسير ابن كثير، ج: 2، ص: 33].

 

قال عكرمة رحمه الله: “إن امرأة عمران كانت عجوزًا عاقرًا تسمى حنَّة، وكانت لا تلد، فجعلت تغبِط النساء لأولادهن، فقالت: اللهم إن عليَّ نذرًا شكرًا، إن رزقتني ولدًا أن أتصدَّقَ به على بيت المقدس، فيكون من سَدَنَتِهِ وخُدَّامه”؛ [تفسير الطبري، ج: 6، ص: 332].

 

بعض بركات الأقصى:

قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

تعريف البركة: البركة: هي النماء والزيادة؛ [لسان العرب، لابن منظور، ج: 10، ص: 395].

 

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: “قوله: ﴿ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1] يقول تعالى: الذي جعلنا حوله البركة لسكانه في معايشهم وأقواتهم، وحروثهم وغروسهم؛ [تفسير الطبري، ج: 17، ص: 515].

 

قال الإمام مجاهد بن جبر رحمه الله: “سمَّاه مباركًا؛ لأنه مقر الأنبياء، ومهبِط الملائكة والوحي”؛ [تفسير البغوي، ج: 3، ص: 105].

 

حياة السيدة مريم في الأقصى:

قال سبحانه: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37].

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “قال مجاهد بن جبر وغيره: يعني: وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف”؛ [تفسير ابن كثير، ج: 2، ص: 36].

 

تبشير زكريا بابنه يحيى:

قال الله تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 38، 39].

 

قوله: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ﴾؛ قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “لما رأى زكريا عليه السلام أن الله تعالى يرزق مريم عليها السلام فاكهةَ الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، طمِع حينئذٍ في الولد، وكان شيخًا كبيرًا قد ضعُف، ووهن منه العظم، واشتعل رأسه شيبًا، وإن كانت امرأته مع ذلك كبيرةً وعاقرًا، لكنه مع هذا كله سأل ربه وناداه نداءً خفيًّا”.

 

قوله: ﴿ مِنْ لَدُنْكَ ﴾؛ أي: من عندك.

 

قوله: ﴿ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ﴾ [آل عمران: 38] أي: ولدًا صالحًا.

 

قوله: ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ﴾؛ أي: خاطبته الملائكة شفاهًا خطابًا أسمعته، وهو قائم يصلي في محراب عبادته، ومحل خلوته، ومجلس مناجاته، وصلاته.

 

قوله: ﴿ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ﴾ [آل عمران: 39]؛ أي: بولدٍ يوجد لك من صلبك اسمه يحيى؛ قال قتادة: “إنما سُمِّيَ يحيى؛ لأن الله تعالى أحياه بالإيمان”.

 

قوله: ﴿ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ ﴾؛ أي: بعيسى ابن مريم.

 

قوله: ﴿ وَسَيِّدًا ﴾؛ قال قتادة: سيدًا في العلم والعبادة.

 

قوله: ﴿ وَحَصُورًا ﴾؛ أي: معصومًا من الذنوب.

 

قوله: ﴿ وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39]: هذه بشارة ثانية بنبوة يحيى بعد البشارة بولادته، وهي أعلى من الأولى؛ [تفسير ابن كثير، ج: 3، ص: 57:54].

 

نصيحة يحيي لبني إسرائيل في الأقصى:

روى الترمذي عن الحارث الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: ((إن الله أمَرَ يحيى بن زكريا بخمسِ كلماتٍ أن يعمل بها، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كاد أن يُبْطِئَ بها، فقال عيسى: إن الله أمَرَكَ بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم، وإما أنا آمرهم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يُخسَف بي أو أُعذَّب، فجمع الناس في بيت المقدس، فامتلأ المسجد وقعدوا على الشُّرُف، فقال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن؛ أولهن: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وإن مَثَلَ من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق، فقال: هذه داري، وهذا عملي، فاعمل وأدِّ إليَّ، فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا؛ فإن الله يَنْصِبُ وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، وآمركم بالصيام؛ فإن مَثَلَ ذلك كمثل رجل في عِصابة معه صُرَّة فيها مِسْك، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وآمركم بالصدقة؛ فإن مَثَلَ ذلك كمثل رجل أسَرَهُ العدو، فأوثقوا يده إلى عنقه وقدَّموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم، وآمركم أن تذكروا الله؛ فإن مَثَلَ ذلك كمثل رجل خرج العدو في أَثَرِهِ سِراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يُحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 2298].

 

القبلة الأولى للصلاة هي المسجد الأقصى بفلسطين:

روى الإمام البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجَّه إلى الكعبة؛ فأنزل الله: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ﴾ [البقرة: 144]، فتوجَّهَ نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس؛ وهم اليهود: ﴿ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 142]، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل، ثم خرج بعدما صلى، فمرَّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: هو يشهد: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه توجه نحو الكعبة، فتحرَّف القوم، حتى توجَّهوا نحو الكعبة))؛ [البخاري، حديث: 399].

 

قال قتادة بن دعامة رحمه الله: في قول الله: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 115]: “كان المسلمون يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وبعدما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، ثم وجَّه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام، فنسخها الله في آية أخرى: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144]، قال: فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر القبلة”؛ [تفسير الطبري، ج: 2، ص: 452].

 

كان المسجد الأقصى هو قبلة المسلمين في الصلاة، لمدة أربعة عشر عامًا تقريبًا منذ نزول الوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في مكة وحتى الشهر السادس عشر أو السابع عشر للهجرة المباركة إلى المدينة.

 

رحلة نبينا إلى المسجد وصلاته إمامًا بجميع الأنبياء:

قال الله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

قال ابن كثير رحمه الله: “يمجِّد تعالى نفسه، ويعظِّم شأنه؛ لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، فلا إله غيره؛ ﴿ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء: 1]؛ يعني: محمدًا صلوات الله وسلامه عليه، ﴿ لَيْلًا ﴾ [الإسراء: 1]؛ أي: في جنح الليل، ﴿ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [الإسراء: 1]؛ وهو مسجد مكة ﴿ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1]؛ وهو بيت المقدس الذي هو إيلياء، معدِن الأنبياء – أي مكان إقامتهم – من لدن إبراهيم الخليل؛ ولهذا جُمعوا له هنالك كلهم، فأمَّهم في مَحَلَّتِهم، ودارهم، فدلَّ على أنه هو الإمام الأعظم، والرئيس المقدم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، وقوله: ﴿ لِنُرِيَهُ ﴾ [الإسراء: 1]؛ أي: محمدًا، ﴿ مِنْ آيَاتِنَا ﴾ [الإسراء: 1]؛ أي: العِظام؛ كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 18]، وقوله: ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]؛ أي: السميع لأقوال عباده؛ مؤمنهم وكافرهم، مصدِّقهم ومكذبهم، البصير بهم، فيعطي كلًّا ما يستحقه في الدنيا والآخرة”؛ [تفسير ابن كثير، ج: 8، ص: 374:373].

 

روى ابن جرير الطبري عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، وهو رجل من قومه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان، إذ سمعت قائلًا يقول: أحد الثلاثة، فأُتيت بطَسْتٍ من ذهب فيها من ماء زمزم، فشُرح صدري إلى كذا وكذا، قال قتادة: قلت: ما يعني به؟ قال: إلى أسفل بطنه، قال: فاستُخرج قلبي فغُسل بماء زمزم، ثم أُعيد مكانه، ثم حُشِيَ إيمانًا وحكمةً، ثم أُتيت بدابة أبيضَ، وفي رواية أخرى: بدابة بيضاء يُقال له البُراق، فوق الحمار ودون البغل، يقع خطوه منتهى طرفه، فحُملت عليه، ثم انطلقنا حتى أتينا إلى بيت المقدس فصليت فيه بالنبيين والمرسلين إمامًا، ثم عُرج بي إلى السماء الدنيا”؛ [حديث صحيح، تفسير الطبري، ج: 17، ص: 493:492، الإسراء والمعراج، للألباني، ص: 92].

 

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن رحلة الإسراء والمعراج: ((قد رأيتُني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضَرْبٌ جَعْدٌ، كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلي، أقرب الناس به شبهًا عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم – يعني نفسه – فحانت الصلاة فَأَمَمْتُهم))؛ [مسلم، حديث: 172].

 

روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُتيتُ بالبراق، وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركِبتُه حتى أُتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي يربِط به الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترتُ اللبن، فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: اخترتَ الفطرة، ثم عرج بنا إلى السماء))؛ [مسلم، حديث: 162].

 

قال علي الهروي رحمه الله: “قوله: (فصليت فيه ركعتين)؛ أي: تحية المسجد، والظاهر أن هذه هي الصلاة التي اقتدى به الأنبياء وصار فيها إمام الأصفياء”؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 8، ص: 3765].

 

ثواب إقامة الصلاة في الأقصى:

روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تشُدُّوا الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى))؛ [مسلم، حديث: 827].

 

قال الإمام النووي رحمه الله: “في هذا الحديث فضيلة هذه المساجد الثلاثة، وفضيلة شد الرحال إليها؛ لأن معناه عند جمهور العلماء لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها”؛ [مسلم بشرح النووي، ج: 9، ص: 168].

 

روى ابن ماجه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس، سأل الله ثلاثًا: حكمًا يصادف حكمه، ومُلكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وألَّا يأتي هذا المسجدَ أحد لا يريد إلا الصلاة فيه، إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما اثنتان فقد أُعطيهما، وأرجو أن يكون قد أُعطيَ الثالثة))؛ [حديث صحيح، صحيح ابن ماجه للألباني، حديث: 1156].

 

قوله: (حكمًا يصادف حكمه)؛ أي: يوافق حكم الله، والمراد: التوفيق للصواب في الاجتهاد وفصل الخصومات بين الناس.

 

قوله: (وملكًا لا ينبغي)؛ أي: لا يكون.

 

قوله: (ألَّا يأتي هذا المسجد)؛ أي: لا يدخل فيه؛ [حاشية السندي على سنن ابن ماجه، ج: 1، ص: 430].

 

روى الحاكم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: ((تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو مسجد بيت المقدس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولَنِعْمَ الْمُصلَّى، وليوشكن ألَّا يكون للرجل مثل شَطَنِ فَرَسِهِ من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس، خيرٌ له من الدنيا جميعًا، أو قال: خير من الدنيا وما فيها))؛ [حديث صحيح، السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 6، ص: 955].

 

قوله: (شطن فرسه): أي: حبل الفرس.

 

أرض المحشر في الشام هي القدس:

روى أبو جعفر الطحاوي والبيهقي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: الصلاة في مسجدك أفضل أم الصلاة في بيت المقدس؟ فقال: الصلاة في مسجدي مثل أربع صلوات في مسجد بيت المقدس، ولَنِعْمَ الْمُصلَّى هو؛ أرض المحشر، وأرض الْمَنْشَر))؛ [حديث صحيح، السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 6، ص: 954].

 

روى أحمد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت، أو من حضرموت تحشر الناس، قالوا: فبم تأمرنا يا رسول الله؟ قال: عليكم بالشام))؛ [حديث صحيح، مسند أحمد، ج: 9، ص: 145، حديث: 5146].

 

روى أبو الحسن الربعي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشام أرض المحشر والمنشر))؛ [حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، حديث: 3726].

 

قوله: (الشام أرض المحشر والمنشر): أي: البقعة التي يُجمع الناس فيها إلى الحساب ويخرجون من قبورهم ثم يُساقون إليها، وخُصَّت بالشام؛ لأن أكثر الأنبياء بُعثوا منها، فانتشرت في العالم شرائعهم، فناسب كونها أرض المحشر والمنشر؛ [التيسير بشرح الجامع الصغير، عبدالرؤوف المناوي، ج: 2، ص: 81].

 

دخول عمر بن الخطاب القدس:

قال ابن كثير: “لما فرغ أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه من فتح مدينة دمشق، كتب إلى أهل إيلياء (القدس) يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، أو يبذُلون الجزية، أو يُؤذِنون بحرب، فأبَوا أن يجيبوا إلى ما دعاهم إليه، فركب إليهم في جنوده، واستخلف على دمشق سعيد بن زيد رضي الله عنه، ثم حاصر بيت المقدس وضيَّق عليهم حتى أجابوا إلى الصلح بشرط أن يقدَمَ إليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب إليه أبو عبيدة بذلك، فوافق عمر، فلما وصل إلى الشام تلقاه أبو عبيدة ورؤوس الأمراء كخالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، ثم سار حتى صالح نصارى بيت المقدس، كان فتح القدس سنة خمس عشرة من الهجرة (الموافق: 636 ميلادية)”؛ [البداية والنهاية، لابن كثير، ج: 9، ص: 656].

 

عمر بن الخطاب يصلي في الأقصى الشريف:

دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه المسجد الأقصى من الباب الذي دخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، فصلى فيه تحية المسجد بمحراب داود صلى الله عليه وسلم، وصلى بالمسلمين فيه صلاة الفجر من الغد، فقرأ في الأولى بسورة (ص) وسجد فيها والمسلمون معه، وفي الثانية بسورة (الإسراء) ثم جاء إلى الصخرة فاستدل على مكانها من كعب الأحبار، وأشار عليه كعب أن يجعل المسجد من ورائه، فقال: ضَاهَيْتَ – شابهتَ – اليهودية، ثم جعل المسجد في قِبْلِيِّ بيت المقدس، وهو العمري اليوم، ثم نقل التراب عن الصخرة في طرف ردائه وقبائه، ونقل المسلمون معه في ذلك، وسخَّر أهل الأردن في نقل بقيتها، وقد كانت الروم جعلوا الصخرة مزبلةً؛ لأنها قبلة اليهود؛ [البداية والنهاية، لابن كثير، ج: 9، ص: 656].

 

الخليفة عمر بن الخطاب يكتب أمانًا لجميع أهل القدس:

(هذا ما أعطى عبدالله عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء (مدينة القدس) من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنتقص منها ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمنٌ على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعدوا عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يُؤخذ منهم شيء حتى يُحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله، وذمة رسوله، وذمة الخلفاء، وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية)، شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبدالرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان؛ [تاريخ ابن جرير الطبري، ج: 2ـ ص: 449].

 

الصليبيون يحتلون القدس:

لقد خرجت الجيوش الصليبية من أوروبا قاصدين احتلال القدس سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة من الهجرة، وهم في نحو ألف ألف (مليون) مقاتل، وحاصروا بيت المقدس بضعًا وأربعين يومًا، ودخلوه في ضحى يوم الجمعة، الثالث والعشرين من شهر شعبان من نفس العام، أخذ الصليبيون يقتلون المسلمين أسبوعًا كاملًا، فقتلوا ما يزيد عن سبعين ألف قتيل من المسلمين، منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين، وعُبَّادهم، وزُهَّادهم، الذين جاوروا المسجد الأقصى الشريف، وغنِم الصليبيون ما لا يقع عليه الحصر، ثم حصروا جميع من في القدس من المسلمين بداخل المسجد الشريف، واشترطوا عليهم إنهم متى تأخروا عن الخروج بعد ثلاثة أيام قتلوهم عن آخرهم، فشرع المسلمون في الإسراع والمبادرة إلى الخروج، ومن شدة ازدحامهم بأبواب المسجد الأقصى قُتل منهم خلق كثير، لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى، أخذ الصليبيون من مسجد قبة الصخرة اثنين وأربعين قنديلًا من الفضة، زنة كل واحد منها ثلاثة آلاف وستمائة درهم، وأخذوا تنُّورًا من فضة، زنته أربعون رطلًا، وثلاثةً وعشرين قنديلًا من الذهب؛ [البداية والنهاية، لابن كثير، ج: 16، ص::166].

 

صلاح الدين الأيوبي يحرر القدس من الصليبيين:

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:

“لما فتح السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله ما حول بيت المقدس، جمع جيوشه وسار نحو بيت المقدس يوم الأحد، في الخامس عشر من رجب، سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة من الهجرة، فنزل غربي بيت المقدس وقد حصَّنت الفرنج (الأوروبيون) الأسوار بالمقاتلة (الجنود)، وكانوا أكثر من ستين ألف مقاتل، بادر السلطان إلى الزاوية الشرقية الشمالية من سور بيت المقدس فأحرقها، فسقط السور، فلما شاهد الفرنج (الأوروبيون) ذلك، ذهب أكابرهم إلى صلاح الدين وطلبوا منه أن يعطيهم الأمان، وبعد مناقشات، وافق السلطان على الصلح، بشرط أن يدفع كل رجل منهم عن نفسه عشرة دنانير، وعن المرأة خمسة دنانير، وعن كل صغير دينارين، ومن عجز عن ذلك كان أسيرًا للمسلمين، وأن تكون الغلات والأسلحة والدور للمسلمين، ويتحولوا منها إلى مأمنهم وهي مدينة صور، فكتب الصلح على ذلك، ومن لا يبذل ما شرط عليه إلى أربعين يومًا فهو أسير، فكان جملة من أُسِرَ بهذا الشرط ستة عشر ألف إنسان، ودخل صلاح الدين بيت المقدس يوم الجمعة قبيل وقت الصلاة بقليل، وذلك يوم السابع والعشرين من رجب، استنقذ صلاح الدين بيت المقدس من أيدي الفرنج (الأوروبيين) بعد اثنتين وتسعين سنةً”؛ [البداية والنهاية، لابن كثير، ج: 9، ص: 587:585].

 

كان السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله شافعيَّ المذهب، وهو الذي أقام الشافعية بالديار المصرية، ثم ولى منهم القضاة بعد أن كان القضاة بمصر شيعة على مذهب الفاطميين، ولما فتح الله بيت المقدس على يديه أنشأ المدرسة الصلاحية، وجعلها لفقهاء الشافعية، وذلك في سنة 588 هجرية؛ [الأنس الجليل، عبدالرحمن العليمي، ج: 2، ص: 102].

 

اليهود وهيكل سليمان:

هيكل سليمان: هو مسجد كبير جعله سليمان صلى الله عليه وسلم لعبادة الله تعالى في بيت المقدس عام 960 قبل الميلاد تقريبًا.

 

قام الإمبراطور الروماني تيتوس بهدم هيكل سليمان عام 70 ميلادية واضطهد اليهود، فاضطر اليهود إلى ترك فلسطين وهاجروا إلى الجزيرة العربية، وسكنوا المدينة؛ لأنهم كانوا يعلمون من كُتُبهم أنه قد اقترب زمان ظهور نبي في الجزيرة العربية، وكانوا يرجُون أن يكون ذلك النبي من بني إسرائيل، وكان منهم: يهود بني النضير، وبني قريظة، وبني قينقاع؛ [موسوعة اليهود، لعبدالوهاب المسيري، ج: 3، ص: 276].

 

يطلق اليهود على ساحات المسجد الأقصى اسم (جبل الهيكل)؛ نسبةً إلى هيكل سليما نصلى الله عليه وسلم.

يزعم اليهود أن المسجد الأقصى بُني على أنقاض هيكل سليمان؛ من أجل ذلك يحاولون هدمه، ويمكن الرد على هذا الكذب بالأدلة الآتية:

(1) المسجد الأقصى قد تم بناؤه قبل هيكل سليمان بمئات السنين، فكيف يكون الهيكل تحته.

 

(2) لو كان هيكل سليمان موجودًا عقب فتح المسلمين لبيت المقدس عام 15 هجرية، على يد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لأبقاه ولحافظ عليه، كما حافظ على كنائس النصارى ومعابد اليهود الموجودة في مدينة القدس.

 

(3) ثبت بالدليل القاطع، بعد التنقيب الذي قام به اليهود تحت المسجد الأقصى، عقب احتلالهم لمدينة القدس عام 1967م، عدم وجود أي أثر لهيكل سليمان تحت المسجد الأقصى.

 

سبب بكاء اليهود عند حائط الْمَبْكى:

حائط المبكى: هو جدار في المسجد الأقصى يبلغ طوله حوالي خمسين مترًا، وارتفاعه حوالي عشرين مترًا، يقف اليهود أمامه يبكون على خراب الهيكل، ويدعون الله تعالى أن ييسر لهم بناء هيكل سليمان مرة ثانية، ويعتَبِر اليهود حائط المبكى هو الأثر الباقي من هيكل سليمان؛ [معارك العرب، أحمد الشقيري، ص: 289: 306].

 

المسجد الأقصى يتعرض لجرائم اليهود:

إن الأقصى قد تعرض إلى الكثير من الاعتداءات اليهودية منذ أن قام اليهود باحتلال بيت القدس قبل خمسين عامًا.

 

ومن هذه الجرائم اليهودية الأمور الآتية:

(1) في 11/6/1967 بدأت الحكومة اليهودية بعمل حفريات أسفل المسجد الأقصى وفي منطقته.

 

(2) في 15/8/ 1967دخل الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي وخمسون من أتباعه ساحة المسجد الأقصى، وقاموا بأداء صلاتهم فيه.

 

(3) قامت الحكومة اليهودية بتدمير المنطقة الواقعة أمام مربِط البراق – وهو المكان الذي يسميه اليهود: حائط المبكى – وإجلاء سكان الحي عنه.

 

(4) في يوم 21 أغسطس 1969م قام بعض اليهود بإحراق المسجد الأقصى.

 

(5) اقتطعت الحكومة اليهودية جزءًا من جدران المسجد الأقصى؛ وهو حائط البراق، وأطلقوا عليه كذبًا اسم حائط المبكى، ومنعوا المسلمون من الاقتراب منه.

 

(6) في يوم 11/4/1982 اقتحم جندي يهودي مسجد قبة الصخرة، وقتل اثنين من المصلين، وجرح أكثر من ستين فلسطينيًّا.

 

(7) في يوم 10/8/1990 ارتكب اليهود مذبحةً في المسجد الأقصى،ذهب ضحيتها ثلاثة وعشرون فلسطينيًا.

 

(8) في يوم 27 /9/ 1996م دخل اليهود مجمع المسجد الأقصى، بعد أن فتحوا نفقًا تحت المسجد، وقتلوا ثلاثة من المصلين، وجرحوا أكثر من مائة آخرين.

(9) في يوم 28 /9/ 2000م دخل رئيس وزراء إسرائيل شارون، المسجدَ الأقصى؛ مما أدى إلى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

(10) في يوم 8 /2/ 2006م قامت وزارة التربية والتعليم اليهودية وكذلك الوكالة اليهودية بتوزيع آلاف النسخ لخرائط البلدة القديمة في القدس، وضعت فيها صورة لمجسم هيكل سليمان المزعوم مكان مسجد قبة الصخرة.

(11) في يوم 17 /7/ 2017م قامت الحكومة اليهودية بإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين، ومنعوا رفع الأذان، وإقامة الصلاة للمرة الأولى منذ احتلال القدس.

(12) قامت الحكومة اليهودية بفتح باب إلى حائط المبكى المزعوم؛ ليسهُلَ على اليهود المرور فيه.

 

(13) قامت الحكومة اليهودية بمصادرة الكثير من الأراضي العربية داخل مدينة القدس.

 

(14) قامت الحكومة اليهودية بإعادة تعمير الحي اليهودي في القدس.

 

(15) قامت الحكومة اليهودية بإعادة الحياة إلى جبل صهيون، وذلك بإنشاء رموز يهودية عليه، تذكِّر اليهود بأهمية هذا الجبل في العقيدة اليهودية.

 

(16) قامت الحكومة اليهودية بربط جبل صهيون بمدينة القدس عن طريق المباني السكنية.

 

(17) قامت الحكومة اليهودية بإنشاء الجامعة العبرية على جبل صهيون.

 

(18) قامت الحكومة اليهودية بتشجيع بناء المستوطنات اليهودية في مدينة القدس.

 

(19) قامت الحكومة اليهودية ببناء سور ضخم حول مدينة القدس، مع بناء قوس عمراني من المباني العالية، المصممة على أساس اعتبارات دفاعية عسكرية، في المقام الأول، بحيث تصبح المدينة محصنة ضد أي اعتداء عليها.

 

(20) قامت الحكومة اليهودية باستبدال الكثير من أسماء الشوارع والساحات المحيطة بالمسجد الأقصى، بأسماء يهودية.

 

(21) قامت الحكومة اليهودية بإطلاق اسم جبل الهيكل على المكان الموجود عليه المسجد الأقصى ليتجنبوا التسمية الصحيحة، وهي: جبل بيت المقدس؛ [مجلة البحوث الإسلامية، والمسجد الأقصى، عيسى القدومي، ص: 32، وتهويد القدس، للدكتور: مجدي عبده، ص: 21:20].

 

المسلمون يحررون الأقصى من اليهود:

روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((تقاتلكم اليهود فتُسلَّطون – أي: تنتصرون – عليهم، ثم يقول الحجر: يا مسلمُ، هذا يهودي ورائي، فاقتله))؛ [البخاري، حديث: 3593، مسلم حديث: 2921].

 

قوله: (تقاتلكم اليهود): هذا إنما يكون إذا نزل عيسى ابن مريم عليهما السلام، فإن المسلمين يكونون معه واليهود مع الدجال.

 

هذا الحديث فيه إشارة إلى بقاء شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن عيسى عليه السلام يكون على شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم، وفيه: معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث أخبر بما سيقع عند نزول عيسى عليه السلام، من تكلُّم الجماد والإخبار والأمر بقتل اليهود، وإظهاره إياهم في مواضع اختفائهم؛ [عمدة القاري، بدر الدين العيني، ج: 14، ص: 199].

روى مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهودَ، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلمُ، يا عبدَالله، هذا يهودي خلفي، فتعالَ فاقتله، إلا الغرقدَ؛ فإنه من شجر اليهود))؛ [مسلم، حديث: 2922].

 

قال الإمام النووي رحمه الله: “الغرقد نوع من شجر، ذو شوك، معروف ببلاد بيت المقدس، وهناك يكون قتل الدجال واليهود”؛ [صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 18، ص: 45].

 

روى البخاري عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أَدَمٍ، فقال: اعْدُدْ ستًّا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوتان يأخذ فيكم كقُعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غايةً، تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا))؛ [البخاري، حديث: 3176].

قوله: (من أدم) أي: من جلد.

قوله: (ستًّا)؛ أي: من العلامات الواقعة.

قوله: (بين يدي الساعة)؛ أي: قدامها.

قوله: (موتان)؛ أي: وباء، وهذا كناية عن كثرة الموت.

قوله: (يأخذ فيكم)؛ أي: يتصرف في أبدانكم.

قوله: (كقُعاص الغنم): داء يأخذ الغنم، فلا يلبثها أن تموت.

قوله: (استفاضة المال)؛ أي: كثرته.

قوله: (فيظل)؛ أي: فيصير.

قوله: (ساخطًا)؛ أي: غضبان.

قوله: (بيت من العرب): المراد من بيوت أمته، وإنما خص العرب لشرفها، وقربها منه صلى الله عليه وسلم.

قوله: (فتنة)؛ أي: بلاء عظيم.

قوله: (هدنة)؛ أي: مصالحة.

قوله: (بني الأصفر)؛ أي: الروم.

قوله: (فيغدرون)؛ أي: ينقضون عهد الهدنة.

قوله: (غايةً)؛ أي: رايةً، وهي العَلَم.

قوله: (اثنا عشر ألفًا)؛ أي: ألف فارس؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 8، ص: 3411].

 

المؤمنون يتحصنون في الأقصى من المسيح الدجال:

روى الإمام أحمد عن جنادة بن أبي أمية، قال: ((أتيت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: حدثني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدَّجَّال، ولا تحدثني عن غيرك، وإن كان عندك مصدقًا، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنذرتكم فتنة الدجال، فليس من نبي إلا أنذره قومه أو أمته، وإنه آدم جعد أعور عينه اليسرى، وإنه يمطر ولا ينبت الشجرة، وإنه يُسلَّط على نفس فيقتلها ثم يحييها، ولا يُسلَّط على غيرها، وإنه معه جنة ونار، ونهر وماء، وجبلُ خبز، وإن جنته نار، وناره جنة، وإنه يلبث فيكم أربعين صباحًا، يرِد فيها كل مَنْهَلٍ إلا أربعة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد المدينة، والطور، ومسجد الأقصى، وإن شَكَلَ عليكم أو شبه، فإن الله ليس بأعور))؛ [حديث صحيح، مسند أحمد، ج: 39، ص: 88، حديث: 23684].

 

ختامًا: أسأل الله تعالى بأسمائه الـحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم الكرام، وأرجو كل قارئ كريم أن يدعو الله سبحانه لي بالإخلاص، والتوفيق، والثبات على الحق، وحسن الخاتمة؛ فإن دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة؛ وأختم بقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

 

وآخر دعوانا أن الـحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا مـحمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
ايران تشارك في معرض اسطنبول الدولي الأربعين للكتاب
عملية طوفان الأقصى والحل الأمريكي بعيد المدى | كتاب عمون