جريدة الرياض | مهارة عدم القراءة
كنت بدأت قراءة رواية لكاتب لاتيني شهير، أحب أعماله وقرأت له الكثير منها سابقا، لكن هذا العمل بالذات، حاولت أن أتواصل معه، حاولت جاهدة، وعلى قدر اجتهادي ومحاولاتي، لم أكن أستمتع، كنت أفتح الكتاب وأنا أشعر بأني أقوم بواجب ثقيل، لا أعرف ما السبب، الترجمة ربما، المهم في النهاية أنني قررت أن الحياة قصيرة، وأن أفوت كتابا لكاتب مهم، شيء ليس بذات أهمية، الأهم منه ألا أضيع دقيقة زيادة في ممارسة قراءة لا تعود علي بمتعة، وقد تضر باستنزاف وقتي، وتكوين مشاعر مضادة للقراءة، وهو ما لا أريد ولا أتخيل. لذلك أغلقت الكتاب، وقمت بحذفه من كامل التطبيق حتى لا تقع عيناي عليه مرة أخرى وأتورط بمحاولة قراءته مرة جديدة. لن أذكر الكتاب أو الكاتب، لأنني مؤمنة تماما أن استقبالي للكتاب قد يكون شديد الاختلاف عن استقبال قارئ آخر له، وأنا لا أصدر أحكاما بحق الكتب، أنا أعبّر عن رأي شخصي وذائقة شخصية، لذلك، كنت ومازلت لا أصرح برأي عن كتاب لم أتواصل معه، لكني أحرص على التعبير عن فرحي بكتاب استمتعت به.
لكل الأشخاص الذين يعتقدون أنهم لا يحبون القراءة، أو الذين يجربون أن يحبوا القراءة، هذه أولى نصائحي، توقفوا عن قراءة الكتب التي لا تعجبكم، توقف عن قراءة كتاب لم تحبه بعد، دعني أقول عشر صفحات، لا أعرف لماذا اخترت هذا العدد من الصفحات، لكن جرب، خاصة إذا كنت تقرأه بعد توصية من شخص تثق برأيه، تخل عن القراءة بدون شعور بالذنب بعدها، أو إحساس بالارتباك وعدم الفهم لماذا يحدث لك ذلك. لا أطلب من الناس ألا تقرأ كتبا مهمة، أو كتبا حازت على قراءات ومراجعات وتقييمات عالية، أنا فقط أقول، إنه برغم تلك المراجعات، قد لا يكون هذا الكتاب قريبا إلى ذائقتك وما تحبه من أنواع القراءة.
أستطيع أن أهديك نصيحة أخرى، حاول أن تختار كتبا مهمة وحازت على مراجعات مهمة، طوال الوقت، لكن لا تقرأ سوى ما يعجبك منها. إذا كنت لا تقرأ سوى الكتب المطبوعة، ولا تريد أن تخسر نقودك في كتب تشتريها بناء على توصيات الأصدقاء أو الكتاب المهمين، يمكنك وأنت في المكتبة أن تفتح الكتاب وتقرأ عدة صفحات منه قبل أن تتخذ قرارك. هناك طريقة أخرى أن تقرأ من النسخ الإلكترونية المتاحة وتقرر إذا أعجبك الكتاب ومن ثم تشتريه بنسخته المطبوعة، المهم ألا تشتري كتابا، وتشعر أنك ملزم بقراءته كي لا تضيع فلوسك.
مهارة القراءة تعني أيضا أن يكون لديك مهارة عدم القراءة.